جريدة الجرائد

عاشوراء.. لإخوان الصفا رأيهم!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

رشيد الخيون

الاحتفال في العاشر من عاشوراء ليس ابتكاراً لسلطة بعينها، في أول أمره، بل بدأ شأناً شعبياً. إلا أنه استغل وحُرف عن تلقائيته. وهنا لا بد من النظر في تأدية مراسمه، وعلى الخصوص أنه مكرس لاستذكار الحسين بن علي بن أبي طالب (قُتل 61هـ). وهي مناسبة أشاعها البويهيون رسمياً السنة (352هـ)، ثم أُضيف إليها ما أُضيف! ولعديد من فقهاء المذهب آراء لتهذيبها، أتينا عليها في مناسبات سابقة.

بعدها ظل الطقس يتداول سنوياً، مع استغلاله من سلطة أو معارضة، ومنها السنة (389هـ) لما ظهر الشيعة حزنهم ببغداد، برز السُنَّة "وجعلوا بإزاء يوم عاشوراء يوماً... نسبته إلى مقتل مُصْعَب بن الزبير (72هـ) وزارت قبره بمسكن (حيث الدُجَيل) كما يُزار قبر الحسين" (تاريخ الصابي). مع أنه لا خلاف بين الشخصيتين، حتى يتناكف الأتباع بهما. كان مُصْعَب متزوجاً من سُكينة بنت الحسين (ت 117هـ)، ومن عائشة بنت طلحة (ت 101هـ)، "وجمعهما في داره، وكانتا من أعظم النساء قدراً" (ابن الطقطقي، الفخري). ويُذكر أن الكوفيين تركوا الحسين فريداً، ومن بعده مُصْعَباً! فقالت سُكينة: "يا أهل الكوفة! أيتمتموني صغيرة، وأرملتموني كبيرة" (الشالجي، الكنايات)! وهنا يأخذنا أعجب الأعاجيب من عداوات المتأخرين بغطاء الأولين! فهل للسيدتين الاجتماع تحت سقف واحد في ما إذا توزرتا بوزر ما حدث بين أبويهما بالبصرة (36 هـ)، مثلما يتقابل الأتباع بهما بعد مرور (1400) سنة؟!

ولعل أول تاريخ ذُكرت فيه قصة مقتل الحسين مفصلة هو "تاريخ الأمم والملوك" للطبري (ت 310هـ) نقلاً عن الإخباري أبي مخنف، وهو يتطابق إلى حد ما مع القصة التي تُقرأ في يوم عاشوراء. ولو لم توثق تلك الحادثة في أمهات التواريخ، مثل الكتاب المذكور و"تاريخ اليعقوبي" وسواهما، لقلنا ان مصادفتها العاشر من محرم كانت مبتكرة، وذلك لمنزلة هذا اليوم لدى العديد من الملل والنحل.

لقد كثر تخيل الفأل والشؤم في هذا اليوم: صامه المسلمون، قبل بلوغ الحسين سن الرشد، وقبلهم صامه اليهود عيداً بغرق فرعون ونجاة موسى! وفيه "قُبلت توبة آدم، ورست سفينة نوح، وبردت النار على إبراهيم، وكُشف الضر عن أيوب، وخرج يوسف من الجب". وبالجملة قال القزويني (ت 682هـ): "يوم معظم في جميع الملل... حتى اتفق في هذا اليوم قتل الحسين"(عجائب المخلوقات).

خلا ذلك، سمى الصابئة المندائيون (ديانة عراقية قديمة) مأتمهم على غرقى الطوفان العظيم بالعاشورية. يوماً يقيمون فيه: "الثواب لضحايا طوفان سيدنا نوح" (برنجي، الصابئة المندائيون). ويسمى في لغتهم، الآرامية الشرقية، باللوفاني، أي طعام الرحمة، وهو الهريسة، وهو ما يُعمل في مقتل الإمام الحسين تماماً. وشاع بين العراقيين: "يلطم على الهريسة مو على الحسين"! وللنجفيين قولهم: "على القيمة"، وهو طعام في المناسبة أيضاً!

وبعد الاستفسار من رجل دين مندائي قال: "ارتبطت ظاهراً بضحايا الطوفان، إلا أن حقيقتها هي استذكار الـ 365 رجل دين، قتلهم اليهود في أورشليم، على أساس ألا يُعبد الله فيها إلا بطريقتهم"! وسمي بيوم الثواب، وصادف (18 ديسمبر) من العام الماضي، وكل أربع سنوات ينقص يوماً حسب كبس المندائيين للسنين. والمغزى أنهم لا يريدون تجديد الأحقاد والضغائن، "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، فحُولت المناسبة إلى ما يجمع البشر!".

ولإخوان الصفا البصريين رأيهم في استذكار ملاحم القتل، ومنها عاشوراء، وتبعات خروجها عن المعقول على الأجيال: "ومن الأبيات الموزونة أيضاً ما تثير الأحقاد الكامنة، وتحرك النفوس الساكنة، وتلهب فيها بنيران الغضب، مثل قول القائل: اذكروا مصرع الحسين... فان هذه الأبيات وأخواتها أيضاً أثارت أحقاداً" (رسالة الموسيقى).

وغيرةً على مذهبهم، قال أهل الصفا: "من الناس طائفة قد جعلت التشيع مكسباً لها، مثل الناحة والقصاص! لا يعرفون من التشيع إلا التبري والشتم والطعن واللعنة والبكاء مع الناحة..." (رسالة كيفية الدعوة إلى الله). ولأنهم أهل فلسفة وفكر، وهكذا يرون التشيع مدرسة فكرية وفقهية، لا مدرسة ثأرية، نقلوا قولاً للإمام الحسين يردون به على مستغلي الدين والمذهب: "... جلستم على باب الجنة فلا أنتم تعملون فتستوجبون الجنة، ولا تركتم غيركم يجوزكم فيدخل الجنة" (رسالة الآراء والديانات).

أرى أن تُخرج هذه المناسبة من الدولة، ألا تُعطل البلاد، من دون إعلان، عشرة أيام ثم عشرة ثانية! وأن ارتباطها بشخصية لا خلاف على مكانتها بين الناس، تستوجب السعي إلى تشذيبها. هذا، ويبقى استغراب الإمام علي السجاد (ت 99هـ) بليغاً، وهو يرى البواكي في طرقات الكوفة، حيث مروره والأسرة المنكوبة: "هؤلاء يبكين علينا فمَنْ قتلنا" (تاريخ اليعقوبي)؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الوقوف على التل
الحاج -

لازلت اتساءل ايمكن لكاتب ان يكون بلاموقف من التاريخ لهذا الحد بحيث تلحظ كل كتاباته تقريبا تحاول التملص من الهويه واظهار البراءه امام الاخر والتملق له علما ان الاخر لن يرضى عنه حتى يتبع ملتهلاادري ربما يكون الامر ابسط مما اظن وهو ان المقالات لن تنشر الا بعد جلد الكاتب لذاته والتبرؤ من معتقداته والابتعاد عن بني مذهبه

خرابيط
نزار -

لم أقرأ موضوعا مخربطا في حياتي كما قرأة لهذا الذي يسمى كاتب وحقيقة لا أدري ماذا يريد ان يقول والى ماذا يريد ان يصل وانصحه ان يرتب افكاره قبل الكتابة ويقرأ مقولة امير المؤمنين علي ابن ابي طالب "ان الحياة عقيدة وجهاد" فلتكن لك عقيدة واضحه وجاهد في سبيلها

الى نزار
محمد تالاتي -

الكاتب يعرض واقعة تاريخية لاعلاقةلها بتحرير فلسطين لكي يهتف لها بالروح والدم كمايفعل البعثيون في دمشق قلب الصمود الذي لاينبض وهو لايعرض بطولة حزب الله التي ترقص على الحانها طهران ودمشق كذبا ونفاقا.يحاول الكاتب وهذا واجبه في عرض واقعة تاريخية،عرض المواقف المختلفة لاجل الحقيقة،ومن طريقةعرض الكاتب ومضمونه،يمكن ادراك رأي الكاتب،وهو لايكون بالهتاف والتصفيق الكاذبين او بالشتائم واللعنات.

من جديد
قطيفي -

كما قرأت بالامس القريب الموضوع الانشائي الهزيل عن تفسير خروج الحسين عليه السلام ضد الطاغية يزيد عاد الينا آخر بموضوع ليس اقل منه تهافت في الرأي واختلاف المشرف ورمي الحبال على الغارب من دون خط واضح لمعرفة اتجاه النص المتشعب المكتوب. من المفترض ان تخبرنا ما الغرض وما الهدف من الكلام المكتوب وما الفائدة المرجوة من التمسك بالروايات الرسمية المؤيدة للجهاز الحاكم آن ذاك ثم الهروب منه الى الصابئة ثم خرج علينا الكاتب برأي لا ناقة له ولا جمل فدخل بموضوع التعطيل وفصل المناسبة عن الدولة فلا اعرف ما هذا الكلام المصفوف الذي لا يرتقي لمستوى مقال علمي او ادبي او تاريحي. لن اقدم لك نصيحة كما قدمتها للذي سبقك من انشائيين بان ذكر الحسين لن يمحو ولو اجتمع اهل الارض جميعآ على ذلك.. تحية خاصة لايلاف على نشرهم ردي...

كذب
نور -

ان سكينة توفيت و هي طفلة بعد مقتل ابوها

إلى نور
هيثم -

إن مراجع كثيرة التي تذكر سكينة وبأنها من أجمل النساء ،كما تذكر مجالسها،فالرجاء التأكد من المعلومةقبل نعت الآخرين بالكذب ولن أدخل في تفاصيل المقالة، إلا أنه من المؤكد أن عاشوراء كمفهوم وجدت قبل الإسلام.

الهشاشة
علي الگشاوي -

بعض الردود على الكاتب الإستاذ الخيون تبين هشاشة عقول أصحابها فالرجل يدعو لدراسة التاريخ وإعطاء الحسين حقه والجماعة يدعون الى مزيد من البكاء واللطم وشج الرؤوس بدون أي معرفة بالتاريخ كهذاالذي يقول أن سكينة توفيت وهي صغيرة بينما سكينة كان لها مجلس أدبي يتبارى فيه الشعراء ... للأسف يجري قمع الحقيقة بحجة الثوابت المزيفة والتي يضفي عليها الجهلة والمنتفعون قداسة مزيفة

انسبوني من انا..
الى الحاج و نزار -

ويحكم يا جهال الشيعة اتتعرضون لرشيد الخيون و هو من تتشرف كبريات الصحف العالمية بنشر مقالاته و هو الباحث العالم العارف المنصف. لو انكم تفقهون ما يكتب لما اخرجتم علينا روائحكم الكريحة و اصواتكم ال.... و لكن لا حول و لا قوة الا بالله.

الحسين مثالا
د.عبد الجبار العبيدي -

من يقرأ صفات آل البيت الكرام ،يدرك ان هناك مدرسة أعدت لتعليم صفات المتقين للناس،وأول هذه الصفات تنحصر فيمن حافظ على نقاء الشريعة والذود عن اصالة العقيدة،والعمل على تطبيق مبادىء النص القرآني تطبيقا عمليا وساهم في قيادة الامة على هدى القرآن(وهويهدي للتي هي اقوم).لقد قدم الحسين)(ع) نفسه شهيدا في معركة الطف في كربلاء بعد ان حاول البعض العبث بالاسلام وتحريفه عن مقاصده الشريفة السامية،وفي استشهاده تقف نظرية القوة العادلة في وجه اصول نظرية الاستبدادوالضعف،حين استبدل نظرية الغاية تبرر الوسيلة بنظرية الغالب بالشر مغلوب.نعم انها مناسبة احياؤها يعيد محاسن الاسلام ومنجزاته الحضارية لكن الولوغ في الاحياء لدرجة التطرف يقلل من المناسبة ويمتص رحيقها الرائع.

اكيد كذب
نور -

لم يدعو احد الى المزيد من النواح و شطب الرؤووس و ان كانت تلك العادات هي عادات محض عربية قجطانية تعبر عن الحزن و الاسى على رجل اقل ما هو فيه انه ابن بنت رسول الله (ص) و اما سكينة قد ماتت فهو صحيح ماتت فوق رأس والدها عندما وضعه اللعين يزيد و عبيد الله بن زياد في الطشت و قدمه على انه طعام.اما بالنسبة للتاريخ فالتاريخ يكتبه الاقوياء و اصحاب السلطة و في تلك الحقبة من قتل الحسين كان صاحب السلطة و بالتالي حتى تقرأ التاريخ عليك ان تعرف من كتبه اولا".

وعاظ
NAZAR -

مهما حاول وعاظ السلاطين تشويه حقيقة ثورة الحسين(ع)لكن تبقى هده الثورة نبراسا ينير طريق الثوار ضد الظلمة في كل العصور وعلى مر التاريخ فيستلهموا من ابي الشهداء معنى التضحية والايثار من اجل اعلاء كلمة لا الله الا الله وشكرا لايلاف على النشر

التخبط في الكتابة
ليث عابد -

اتفق مع من طرح ان القصد من الكتابة لم يبدوا واضحاً .. رغم وجودمعلومات مهمة في المقال عن هذا اليوم .. ويبدوا ان تخبط الكاتب جاء لتحاشيه الدخول في مواجهة مع جهة ما، يحسب لها حساب في المستقبل.. ولكن عندي مشكلة مع الكاتب .. اني لا اصدق اي مما يكتب رغم ايراده للمصادر.. لانه كان معروفاً في شبابه بتلفيق اشاعات محبوكة ضد كل من حوله؟؟؟ وكل مع عاش معه في اليمن السعيد يعرف ذلك؟؟؟ لكن اختياره لتخصصه في تراث يعد موفقاً .. لان من يتعب نفسه بالرجوع الى امهات الكتب ليعرف صدق ما يكتب؟؟؟