هيمنة الثقافة الأميركية في عصر العولمة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
أحمد البغدادي
أصبح من المألوف في عصر العولمة تسمية هذا العصر بعصر "الأمركة". بمعنى أن هيمنة الثقافة الشعبية التي أسسها الأميركيون باقتدار خلال تاريخهم القصير نسبياً على الثقافات الوطنية أو القومية, قد أصبحت نوعاً من القدَر الحتمي الذي لا يمكن تجاهله, الأمر الذي يطرح الكثير من التساؤلات حول مدى قدرة الثقافات الوطنية على الصمود في وجه المتغيرات التي فرضتها متطلبات العولمة. ولا مجال للإنكار بقوة الثقافة الأميركية في مختلف المجتمعات العربية والإسلامية, سواء تجسد ذلك في ملابس الجينز, أو القبعة (الكاب) مع الرموز المختلفة التي تزين واجهتها، واعتياد شرب القهوة السوداء الجاهزة كل صباح, أو مطاعم "الفاست فود" مثل برغر كينج والبيتزا الأميركية (رغم أن البيتزا إيطالية المنشأ) التي تفوق فيها الأميركيون بجدارة, مروراً بدجاج كنتاكي, وأخيرا وليس آخراً, مايكروسوفت وآبل وياهو وغوغل, تضاف إلى هذا كله هيمنة هوليوود بإنتاجها السينمائي الضخم المستند الى قدرات تقنية عالية الحرفية وتنوع فذ قل نظيره لدى الدول الأخرى, حتى قيل إن أوروبا حكمت التاريخ, وأميركا تحكم, بل وتتحكم بالمستقبل.
في ظل هذه الهيمنة المتوحشة الجميلة في آن معاً، أصبح مصطلح "الغزو الثقافي" الذي يطنطن به العرب العاجزون ليل نهار لتبرير تقاعسهم وخمولهم الحضاري, من مخلفات الماضي, لأن الهيمنة الأميركية اجتاحت وبكل ضراوة, الثقافات الأوروبية التي شكلت معظم الثقافات الوطنية, وحتى علم الاستشراق أصبح أميركياً. وغني عن القول إن استبدال القهوة الأميركية بالشاي قد أصبح شائعاً في المملكة المتحدة وقاضياً على "شاي الساعة الخامسة", كما قضت صناعة السينما الأميركية على صناعة الأفلام الأوروبية. بل إن الممثلين الأوروبيين لا يستطيعون تحقيق الشهرة والمال إلا في استوديوهات هوليوود... لقد "تأمركت" الحياة على سطح الكرة الأرضية، وباختيار الشعوب جميعاً.
المؤسف في عالم العرب أن تأثير الثقافة الشعبية الأميركية قد توقف عند الاستمتاع بالمنجزات المادية لهذه الثقافة، والبقاء على السطح دون سعي جاد لتبني الوجه الآخر لهذه الثقافة الأميركية, كالتعليم الجامعي حيث تحتل الجامعات الأميركية قائمة أول مائتي جامعة على مستوى العالم, أو منهجية التفكير. فالعرب يريدون كل شيء على الجاهز. وبالتالي يغدو من الطبيعي أن تنتشر الثقافة الشعبية الأميركية في العالم العربي, لكننا بإزاء نسخة تايوانية غير قادرة على التحمل.
التعليقات
العولمه
saeedrabba@yahoo.com -لمن يريد ان يكون هليودى عليخ التوجه الى دبى بسبب توفر كل الخدمات اللتى تتفوق على هوليود الامريكيهفى كل شيىء
تعليق
عصام -ربما غاب عن بال حضرة الكاتب بند مهم في الحضاره الأمريكيه وهو علوم الطب واستكشاف الفضاء والذي سيوفر للجنس البشري البقاء في المستقبل وخاصة ان كرتنا الأرضيه خلال عقود سيكون من الصعب عليها توفير كل متطلبات البشريه
بغدادي الكويت ؟؟
عبد البا سط البيك -إذا كان كاتب المقال هو الدكتور أحمد البغدادي الكويتي العلماني ...فاقول له صح النوم يا عزيزي ..الآن عرفت ما هي العولمة و ما هدفها ؟ بح صوتنا و نحن نقول بأن أمريكا تريد منا أن نتأمرك في كل شيئ ..في أكلنا و شربنا و نومنا و حياتنا الإجتماعية و الثقافية و الدينية و الأخلاقية . و طبعا في إسلوب تعاملنا السياسي و نظام الحكم الذي يسيير شؤون دولنا ..أولم يرغبوا بتصدير أنظمة ديمقراطية لمنطقتنا ..؟ و بدأوا بالعراق ..ثم إصطدموا بحائط الواقع و مازالوا يعانون مما أصابهم هناك .. أمريكا تريد منا أن نعد لها أنفسنا بشكل كامل و مريح حتى تكون كل أوضاعنا مثل ما يريدون , حتى إذا حضروا لإحتلالنا نكون فاهمين عقليتهم و لا داع لهم بأن يبذلوا أي جهد بتعليمنا و تثقيفنا حسب الطريقة التي تتناسب مع عقليتهم. أمريكا تريد منا أن نكون جاهزين من مجموعه حتى نمشي كما تشاء ...و الله صعبة علينا و عليهم ...أليس كذلك..؟
لمن تكتب يا أحمد
محمود عبدالكريم -أكبر دليل على صدق الكاتب أن بعض القراء لم يفهموا المقال. الأمة العربية أمة إسقاط، فكل مشكلة من مشاكلنا سببها شيء خارجي.الفجوة تكبر ونحن نصرخ... لولا أمريكا... لولا إسرائيل... لولا العولمة!