جريدة الجرائد

ماذا ستفعل “إسرائيل” في لبنان؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

سعد محيو

أين موقع ldquo;إسرائيلrdquo; من الأزمة اللبنانية الراهنة؟

لا موقع، سيرد الكثيرون. فالدولة العبرية منهمكة هذه الأيام بمواصلة لعق الجراح العميقة التي أصيبت بها في حربها العام 2006. وتقرير فينوغراد، إضافة إلى الدراسات العديدة الأخرى التي أجريت مؤخراً حول التأثيرات السايكولوجية لهذه الحرب، دليل فاقع على ذلك.

فالتقرير، وبرغم انه لا يُتوقع أن يثير جدلاً سياسياً كبيراً في الداخل ldquo;الإسرائيليrdquo;، يتضمن اتهامات خطيرة للعسكريين ldquo;الإسرائيليينrdquo;، جنوداً وضباطاً، بالخوف، والتردد، ونقص التدريب، وغياب التنسيق، وأيضاً بالفشل في حماية المدنيين ldquo;الإسرائيليينrdquo; من صواريخ حزب الله قصيرة المدى. وهذه اتهامات سيواجهها الجيش ldquo;الإسرائيليrdquo; قريباً بحملة إعلامية تؤكد انه صحح الأخطاء وتعلم من الدروس.

والدراسات، خاصة تلك التي أشرف عليها الدكتور اودي لابل المحاضر في علم النفس السياسي في كليتي سابير وأرييل، تشير إلى أن ldquo;الإسرائيليينrdquo; فقدوا بعد الحرب على لبنان الشعور بالأمن الشخصي. صحيح أن هذا الشعور، كما يقول لابل، لم يرق إلى درجة الاعتقاد الجماعي بوجود خطر على ldquo;إسرائيلrdquo; والصهيونية، إلا انه مع ذلك كان مؤشراً إلى بروز فجوة ثقة كبيرة بين القادة والمواطنين.

أحد ldquo;الإسرائيليينrdquo; الذين طبقت عليهم الدراسة تساءل: ldquo;ماذا لو لم نكن نملك أسلحة نووية؟ ماذا لو كان مفاعل ديمونا ليس أكثر من مصنع أقمشة؟rdquo;. هذا لم يكن سؤالاً تهكمياً، بل هو يعكس المدى الذي وصلت إليه شكوك المدنيين في ضمانات وتطمينات العسكريين في ldquo;إسرائيلrdquo;.

الدولة العبرية ليست، إذاً، في وضع مريح بالفعل بسبب حرب لبنان الثانية. لكن، هل أعاقها هذا، أو سيعوقها، عن التدخل في لبنان؟

كلا، البتة. العكس تماماً قد يكون صحيحاً. وهنا نحن لا نتحدث فقط عن الخطط المكثفة التي تضعها الدولة العبرية الآن للانتقام من حزب الله عسكرياً ولاستعادة هيبة الردع التقليدي ldquo;الإسرائيليrdquo; ربما بعد سنة أو سنتين من الآن (وفق ما يعتقد العلامة محمد حسين فضل الله)، بل أيضاً عن شيء آخر مختلف تماماً: العمل على تدمير حزب الله في/ ومن الداخل اللبناني.

كيف؟ بسيطة: عبر الدفع نحو تفجير الحروب الأهلية اللبنانية مجدداً. وهذا سيمكن ldquo;إسرائيلrdquo; من تحقيق سلة كاملة من الأهداف يمكن إيجازها بثلاثة:

* أولاً، تصفية ظاهرة المقاومة المتمثلة في ldquo;حزب اللهrdquo; عبر دفعه إلى الإيغال في الدم الطائفي- المذهبي، مما سيجرده من قوة هذه الظاهرة ويحوله إلى مجرد ميليشيا أخرى. وبذلك تكون الدولة العبرية حققت بحروب الآخرين ما عجزت هي عن تحقيقه بحربها العسكرية المباشرة.

* ثانياً، الحرب الأهلية قد تسفر هذه المرة عن تفكك الكيان اللبناني نفسه إلى دويلات مسيحية ومذهبية إسلامية. وهذا لن يحقق فحسب أمنية قديمة وعزيزة وضعها قادة ldquo;إسرائيلrdquo; منذ أوائل الخمسينات لإقامة دولتين مسيحية ودرزية موالية لها، بل كذلك سيحشر المقاومة في شريط ضيق يسهل ضربه واستنزافه.

* ثالثاً: الهدف الثاني سيكون مدخلاً لتقسيم سوريا نفسها، استكمالاً للخريطة التفتيتية الجديدة التي ترسم الآن في المنطقة، والتي بات البعض يطلق عليها اسم ldquo;الشرق الأوسط اليهوديrdquo;.

أجل. ldquo;إسرائيلrdquo; تضعضعت بفعل حرب لبنان، وتقرير فينوغراد جاء ليؤكد ذلك. لكن ldquo;إسرائيلrdquo; ليست فقط دولة تحتل أراضي فلسطينية وعربية. إنها القيادة المركزية لنظام يهودي عالمي- غربي رأسمالي يخطط لكل الشرق الاوسط الكبير(انتبهوا الآن لما يجري في باكستان) من ضفاف بحر قزوين في آسيا الوسطى إلى سواحل المحيط الأطلسي في شمال إفريقيا. وبالتالي، إذا ما تلقت دولة تيودور هرتزل لطمة في الوجه في لبنان، فهي ستكون قادرة على القيام بردود فعل واسعة تطال لبنان ومعه المنطقة برمتها.

وحين نضع هذه الحقيقة في الاعتبار، لن نتسَرع كثيراً في الرد على سؤالنا الأولي حول موقع ldquo;إسرائيلrdquo; من الأزمة اللبنانية الراهنة، بل سنتأنى ونفكر ملياً، وبعدها ربما نخرج باستنتاج صارم: ldquo;إسرائيلrdquo; تنشط بالفعل لتفجير الحروب الأهلية اللبنانية. وكل من يعمل على تفجير العصبيات الطائفية والمذهبية في لبنان، يخدم بشكل مباشر أو غير مباشر الكيان الصهيوني.

هذا الأمر يفترض أن يكون واضحاً كعين الشمس، لكل ذي عين تريد ان ترى. أليس كذلك؟!

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تفعل
عبدالرحمن اللهبي -

زي غيرها.