القرصنة الالكترونية... إلى متى؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
فيصل القاسم
لسنا هنا في صدد سرد فضائل الشبكة العنكبوتية، وهي لا شك كثيرة جداً، فما يعنينا في هذا المقام أن الانترنت تحولت إلى مرتع للقرصنة، إن لم نقل للبلطجة، وقد آن الأوان لوضع حد للقراصنة كي لا يتمادوا أكثر فأكثر في انتهاكاتهم وخروقاتهم المتعددة للممتلكات الفكرية بأشكالها كافة.
من أكبر ضحايا الانترنت على الإطلاق هي حقوق الملكية الفكرية، خاصة في العالم العربي الذي لا يعير تلك الحقوق أي اهتمام يذكر. فبينما يلتزم العالم الغربي المتقدم باحترام إبداعات الآخرين، أدباً كانت أو فناً، أو موسيقى، أو أفكاراً، فإن من أسهل الأمور على الإنسان العربي أن يسرق جهود الآخرين دون أن يرمش له جفن. ففي الغرب، لا تستطيع وسيلة إعلام أن تقتبس أي مقطع موسيقي دون أذن من صاحبه أو الشركة المنتجة، أما وسائل الإعلام العربية فتستطيع أن تذيع أي شيء دون أذن مسبق، وليشرب المعترضون من مياه البحر الأسود. وكثيراً ما تدفع وسائل الإعلام الغربية مبلغاً من المال مقابل بث مقطع موسيقي حتى لو كان طوله ثلاث ثوان. لماذا؟ لأن الغربيين يعتبرون أن الموسيقى جهد فكري ثمين، ناهيك عن أن الموسيقيين يعتاشون عادة من ريع أعمالهم الموسيقية، وإلا لماتوا جوعاً. وتعتبر أمريكا أكثر الدول مكافحة للقرصنة.
صحيح أن بعض وسائل الإعلام العربية تشتري أحياناً حقوق بث بعض الأغاني، إلا أن الموضة في عالمنا التعيس هو الاعتداء على حقول الملكية الفكرية. ومع ظهور الانترنت تعاظمت الاعتداءات، وأصبحت على عينك يا تاجر.
كلنا يعلم أن المطربين والمطربات والموسيقيين والموسيقيات العربيات يبذلن الغالي والرخيص، لا بل يقترضن أحياناً لإنتاج ألبوم غنائي. وقبل أن تتحول الانترنت إلى بلطجي من العيار الثقيل، كان المطربون يحققون إيرادات لا بأس بها من ألبوماتهم الغنائية، لا بل إن بعضهم حقق ثروات كبرى من بيع الأشرطة الغنائية. وهذا طبعاً من حقهم، فما العيب أن يتاجر الفنانون بفنهم، وهو سلعتهم الأساسية؟
لكن ما أن غدت الشبكة العنكبوتية ساحة للتهريب والمهربين والمعتدين على الملكيات الفكرية، حتى ساءت أحوال العديد من الفنانين العرب. تصوروا أن مطربة أو مطرباً عربياً يدفع الذي فوقه والذي تحته كي ينتج ألبوماً، ثم يُفاجأ في اليوم التالي أن ألبومه أصبح متاحاً للقاصي والداني على شبكة الانترنت كي ينزله ويستمتع به دون أن يدفع فلساً واحداً. فبدلاً من أن ينزل معجبو المطرب إلى الاسواق لشراء الألبوم، يقومون بتنزيله من الانترنت بدقائق، وكفى الله المعجبين شر الشراء. ألا تبقى القرصنة صورة مطابقة للسرقة؟
بربكم كيف للمطربة أو المطرب أن يسترجع أتعابه بعد أن يكون اللصوص العنكبوتيون قد سرقوا جهده في وضح النهار؟ ما فائدة أن ينتج الفنان ألبوماً إذا كان جهده سيضيع سدى؟ ألم يبدأ الفنانون بالتفكير ألف مرة قبل الإقدام على إنتاج شريط غنائي؟ ألا تضر هذه البلطجة الفاقعة بالفن والفنانين العرب؟ أليست محاربة صارخة للفن؟ ألا يعاني سوق الكاسيت من أزمات ومشاكل كبرى بسبب سرقة الأغاني على الانترنت وقراصنة الكاسيت الذين يستولون علي أي شريط كاسيت يُطرح بالسوق ويزورونه، ولا توجد جهات تستطيع السيطرة على هذه السرقات؟ ألم يصبح هؤلاء القراصنة مافيا خطرة؟
لنقارن بين مواقع الانترنت العربية والمواقع الغربية، فنرى أن مواقعنا تعج بألوف الأغاني العربية والأجنبية، وهي متاحة للجميع كي ينزلوها مجاناً، بينما قلما تجد موقعاً غربياً يعرض أغاني المطربين والمطربات الغربيات دون ثمن. وإذا وجدنا بعض الأغاني الغربية على الشبكة العنكبوتية، فيكون ذلك بتصريح ومباركة من منتجيها وأصحابها. وعلى العموم يبقى هذا الأمر نادراً. ولا شك أن الفنانين الغربيين سيصابون بصدمة كبرى فيما لو تصفحوا مواقعنا الفنية العربية، فسيجدون فيها معظم أغانيهم وألبوماتهم للتنزيل الفوري "ببلاش، يا بلاش".
وكم شعرت بالاشمئزاز من أحد لصوص الانترنت وهو ينتقد الفنانة العظيمة فيروز لمجرد أن مدير أعمالها طالبه بوقف بث أغانيها على موقعه دون مقابل. أليس من حق فيروز وأمثالها أن يجنوا ثمرة أتعابهم حتى لو مر عليها عشرات السنين؟ أليست الملكية الفكرية دائمة بدوام أصحابها، ثم تؤول لورثتهم بعد رحيلهم؟
إلى متى تبقى الانترنت ساحة للمهربين؟ أليس حرياً بالحكومات والجمعيات والاتحادات الفنية أن تضغط على المشرعين لسن قوانين وتشريعات تحمي الملكية الفكرية للمطربين والمطربات؟ أليس حرياً بمبرمجي الانترنت أن يضعوا الكوابح اللازمة لضبط عمليات القرصنة والبلطجة الانترنتية؟ ما العيب في ملاحقة كل من ينشر أغاني وأعمالاً موسيقية بدون موافقة أصحابها على الانترنت؟ أليس من السهل وضع برامج الكترونية تحول دون تنزيل عمل فني دون دفع ثمنه، خاصة وأن الدفع بالبطاقات الائتمانية سهل للغاية على متن الشبكة؟
قد يقول قائل إن بعض المطربين والمطربات العرب هم من ينشر أعماله الفنية على الانترنت، ويجعلها متاحة لمن يريد تنزيلها والاستمتاع بها، وهو نوع من الترويج. وهذا طبعاً أمر عائد لأولئك المطربين والمطربات. لكن ليس هناك أدنى شك بأن المطرب الذي يجد أن قراصنة الانترنت قد "لطشوا" ألبومه بعد يوم من توزيعه في الأسواق سيصاب بصدمة كبرى، ناهيك عن أن هناك فنانين ليسوا بحاجة للترويج المجاني، وبالتالي فهم يرفضون رفضاً قاطعاً أن يتم استغلال تعبهم الفني دون مقابل. وهذا من حقهم تماماً.
ربما يجد بعض العرب "الغلابة" لذة كبرى في سرقة بضعة أغنيات من الانترنت، وربما اعتبروا ذلك نوعاً من الانتقام لوضعهم المادي البائس، لكن حبذا لو وضعوا أنفسهم مكان مطربة أو مطرب مسكين تتم سرقة أعماله من على الأثير الالكتروني قبل أن يقبض فلساً واحداً من ريعها، فلا شك أنهم سيقدّرون حجم المصيبة.
التعليقات
مجد القاسم
ابو سعيد العنيد -هل سرق أحد شيئا ما للفنان مجد القاسم لا سمح الله؟
البلطجة الفكرية
ابو النور العتامي -هناك ايضا البلطجة الفكرية ونعني بها شفط المقالات وسرقتها والسطو على جهود وأفكار البعض هيك ;عمال على بطال; كما تتفضل أنت دائما بالقول يا دكتونا الفاضل، ولا حول ولا قوة الا بالله، استغفروه. فماذا عنها يا دكتورنا وهل هي شرعية أم حرام، وهل يجوز أن يفعلها الكتاب المحترمون أم لا أسئلة نطرحها على الانترنت، عن سرقة المقالات فستكون نارية ولاهبة أي والله؟ وشكرا لك ولايلاف على النشر
بئس السارقون
شادي السمور -حضرة الدكتور الفاضل :لقد وضعت إصبعك على الجرح ،اننا بالفعل نواجه أزمة كبيرة من لصوص يجلسون في الكواليس ،لا همَّ لهم سوى اقتناص اللحظة المؤاتية لسرقة عمل من هنا ،وشيء آخر من هناك دون معرفة صاحب العلاقة ،الذي يتفاجأ بالامر صدفة .انا أشد على يديك بالدعوة الى حماية الملكية الفكرية والفنية والأدبية من لصوص شبكة شبكة العنكبوت الذين يتفوقون بسرقتهم على قراصنة البحر الاحمر ،او حتى لصوص جزيرة الكنز .
مقال رائع
سمير -مقال رائع ومهم يادكتور فيصل كثر الله من أمثالك
والقرصنة الاخلاقية
وجدي الامين -ما إقترفته ايادي البعث المهزوم وبطل الحفر بحق العراقيين الابرياء. اخطر كل انواع القرصنة.
اشمئزاز
ابو تغريد -وكم أشعر بالاشمئزاز أنا أيضاً يا دكتور من السطو على جهود الناس؟ إنه امر فعلا مثير للاشمئزاز ولا يوجد هناك عمل يمكن أن يوصف مثله ويجب ان يأخذ الجميع موقفا منه
ان ناديت حيا ;
لبناني عتيق -اولا اريد ان اشكر ايلاف لانهم اختارو هذا المقال و هو من اهم ما قرأت من مقالات في ايلاف لانه يتطرق الى الملكية الفكرية و هذه الملكية هي عصارة الحضارات و رقي الشعوب و لكن اين نحن من الرقي (ان ناديت حيا ; فلا حياة ; لمن تنادي )هذا المثل هو النداء الصارخ الذي نطلقه منذ اكثر من 35 سنة و اكثر و لكن ما من يهتم لنا نحن المنتجين منذ ان اخترعو شريط الكاسيت و نحن نعاني من السرقات و كان لبنان اول الدول العربية الذي حافظ على الملكية الفكرية و لكن الحرب اللعينة خربت الانسان و الفكر الى ان اتتنا الشبكات العنقودية فالتفت على رقابنا حتى الموت و لا من يحميك و لا من يسأل ، عزيزي الاستاذ فيصل انت تكتب في مجتمع الانسان باكمله ليس له قيمة فكيف بالحري بملكيته الفكرية ، لا تيأس تابع نضالك للحفاظ على الملكية الفكرية لعلها بعد مئات السنين نتوصل ان نرتقي ونصل الى المحافظة على هذا الانسان و نصون ملكيته لافكاره و منها الفنية ، و لكن اسمح لي ان اضيف لمقالك انه ليس المطرب اكثر المتضررين من القرصنة و في اغلب الاحيان هو المستفيد و لكن المنتج و شركات النشر و التوزيع هم المتضررون الاكبر و سوف نتوقف قريبا ; جدا ; من انتاج الاعمال الفنية عندها فالتفرح الدول العربية لانها قضت على مفكريها ،الويل لامة ليس فيها فكر و ثقافة فهي ولا شك زائلة و شكرا ; لك يا استذ فيصل القاسم و شكرا ; ايلاف... و يرحم امواتكم
تفكير بالمقلوب
عبد الجليل المختار -ولماذا يا دكتور لا يضع الأغنياء أنفسهم بدل الفقراء ويستشعرون بآلامهم وفقرهم ويقدمون لهم مساعدات وأموال أليس هذا أقرب إلى المنطق والحلول الانسانية؟ ألا تعتقد أن كثرة الدراهم تؤثر على تفكير الناس وتجعلهم يفكرون بالمقلوب؟
فيصل القاسم
سحر زيتوني -الموضوع في غاية الجدية ففي الوقت الذي تحفل كل شعوب الدنيا بقوانين تضمن الابداع وتحميه وتكافئه عندنا نحن العرب وفي جميع الدول العربية هناك حرية وحيدة ربما نتمتع بها هي سرقة افكار الغير فلا قوانين للملكية الفكرية وهذا اكثر ما يتجسد في الانترنت، اما بالنسبة للاغاني فاذا نجح فنان صار الجيع يقلده، وكذلك في نواحي الفنون، فسمت يداك يا دكتور على اثارتك لهذه القضية الهامة.
فزلكة
mohannd -كلامك قد يعقتد الكثيرون انه كبير عندما يقرأنه يا فيصل ولكن هل تصدق ان الفنانين يعيشيون على مبيعات البوماتهم وكم يمكن ان يجنون من وراء هذه المبيعات الدنيا كلهاتعرف ان الفنانين يحصولون على الملايين من متعهدي الحفلات لقاء غنائهم لساعة او ساعتين وهذا هو مصدر مالهم الرئيسي وعلى العكس لو لا الترويج المجاني لهذه الاغاني على النت اووكد لك انه لما كان ظهر الكثير من ;المطربين يا سيد فيصل انت تعرف ان الشعب العربي لا يجد ما يأكل حتى يدفع ثمن الموسيقى هل استكثرت عليه ان يستمع الى الاغاني مجانااا الاغاني تطير في الهواء ونسمعها هل تريدنا ان نفع ثمن الهواء فعلا امرك عجيب وتدعي أنك تدافع عن الشعب العربي المسسسكين من هم المستفيدين من القرصنة سوى الشعب ام تريد منهم ان يدفعو بالكريدت كما قلت وخاصة انها مسألة سهلة كما تقول طبعا سهلة بالنسبة لك ولأمثالك الذين يقبضون بالآلاف الدولار ادامها الله عليكم وليس على الشعب الذي لا يجد خبز ليأكله هداك الله وهدانا وشكرا لإيلاف
أنا هو هذا اللص
dr bassam al-khouri -وكم شعرت بالاشمئزاز من أحد لصوص الانترنت وهو ينتقد الفنانة العظيمة فيروز لمجرد أن مدير أعمالها طالبه بوقف بث أغانيها على موقعه دون مقابل. أليس من حق فيروز وأمثالها أن يجنوا ثمرة أتعابهم حتى لو مر عليها عشرات السنين؟ أليست الملكية الفكرية دائمة بدوام أصحابها، ثم تؤول لورثتهم بعد رحيلهم؟ لأخذ العلم فأنا هو هذا اللص الظريف الذي يتكلم عليه القاسم ...بالفعل سأكون لص لو حصلت على منفعة مادية عبر اليوتيوب ....ولكن لو أخذت أغنية من موقع ووضعتها بموقع آخر فأنا لست بلص ...كذلك لنتعلم من الغرب الذكي فهم يبرمون عقود مع اليوتيوب مباشرة ويسمحون للجميع بتنزيل أغانيهم مقابل حصولهم على إيرادات الاعلانات مباشرة ولايحصل واضع الأغنية على قرش واحد
الفقراء العرب
bassam1958 -فيصل القاسم .... يستكثر على الفقراء العرب الاستمتاع بأغنية لفيروز أو أم كلثوم ببلاش ...وكما قال الأخ محمد فواردات المطربين من الحفلات ...ولكل منطقة وشعب ظروفه ....لنقارن أنفسنا بالغرب بالمصداقية الاعلامية التي لايتمتع بها القاسم وليس بحقوق الملكية ...فالموظف العربي لن يشتري dvd ب 20 دولار ...وليتجرأ على الانظمة العربية التي تسمح ببيع cd مسروقة بنصف دولار بشوارع دمشق وبيروت والقاهرة ....
لم
لبناني -القاسم تناسى كل أوجه الاختلاف بيننا وبين الغرب من هدر حقوق انسان وقمع وفساد قضائي وغوغائية اعلامية وفقر وتخلف وأمية ....ويريد أن يساوينا فقط مع الغرب بالحقوق الفكرية ...فهل يستطيع ابن دمشق شراء برنامج كمبيوتر ب 100 دولار أويدفع صحافي القاهرة ثمن كتاب مترجم 40 دولار أومواطن اليمن 20 دولار ل cd موسيقي ...وهو يذرف دموع على المطربين المساكين وعلى المطربات اللواتي أهانهن ...
شكرا عثمان العمير
dr bassam al-khouri -ناشر إيلاف إنسان واعي ولذلك سمح للجميع النقل عن إيلاف بشرط ذكر المصدر وهذا ليس سرقة في ظروف عالمنا العربي المليء بالفوضى ولذلك انتشرت ايلاف بسرعة ...فشكرا عثمان العمير لأنك سمحت بنقل مواضيع إيلاف لمواقع أخرى ولم تعتبر بأن من فعل ذلك هو لص وحرامي وكل مافعله هو عن حسن نية لايصال المعلومة لمن لاتصلهم