حشْد مليوني لـ «14 مارس» يعيد «توازن الرعب» مع المعارضة

نصرالله في تشييع مغنية يعلنها "حرباً مفتوحة على الصهاينة"

بيروت - " الراي "

نزل كل "لبنان السياسي" امس، الى الشارع وتوزّع على ساحتيْ الشهداء في وسط بيروت و"مجمع سيّد الشهداء" في ضاحيتها الجنوبية. حشْد مليوني لقوى "14 مارس" جاء الى قلب العاصمة احياءً للذكرى الثالثة لاغتيال رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري، ونجح في إحداث "توازن رعب" مع المعارضة وطالب بانتخاب قائد الجيش العماد ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وحشْد في تشييع "قائد جيش حزب الله" وعقله الامني عماد مغنية في الضاحية التي حضرت اليها ايران، المرجعية والنظام والثورة.
وفي وقت اعلن الامين العام لـ "حزب الله" السيد حسن نصر الله، "الحرب المفتوحة مع الصهاينة" بعدما اعتبر ان اسرائيل "تجاوزت الحدود" باغتيال مغنية، كانت الغالبية النيابية في لبنان تحقق هدفها الاساسي من التعبئة الكبيرة التي أجرتها لاحياء ذكرى اغتيال الحريري، اذ جاءت الحشود المشارِكة في التجمع الضخم الذي ضمته ساحة الشهداء مطابقة تماماً لتقديرات المنظمين وربما فاقتها. فرغم طقس ماطر وظروف سيئة طبيعياً كان يمكن ان تقلص الى حد كبير حجم الحشود، ورغم المحاذير الامنية المتصلة بظروف الازمة السياسية والاجواء المحتقنة، تدفق مئات الآلاف الى ساحة الشهداء في مشهد وفر للغالبية "عرض قوة" من الطراز الاول.
وبدا واضحاً ان عرض القوة هذا لم يتأثر اطلاقاً بشتى المحاذير بما فيها الاجواء التي سادت البلاد في الساعات الاخيرة عقب اغتيال المسؤول العسكري والامني الابرز في "حزب الله" عماد مغنية.
وجاءت مواقف خطباء قوى "14 مارس" لتسجّل ثباتها عند سقوف عالية النبرة ولا سيما منها في كلمات الزعماء الاساسيين، وهم الرئيس امين الجميّل والنائبان سعد الحريري ووليد جنبلاط وسمير جعجع، وهي اتسمت بهجوم لا هوادة فيه على النظام السوري من جهة وعدم مهادنة او ابداء استعداد لتراجعات امام شروط المعارضة في شأن التسوية السياسية، فضلاً عن نقطة جوهرية في صلب هذه المواقف هي التشديد على مبايعة العماد سليمان للرئاسة.
واذا كانت الغالبية حققت ما ارادته من هذا العرض المتمادي واللافت لقدرتها التمثيلية، فان السؤال ما هي انعكاسات ما جرى على مسار الازمة السياسية وتداعياتها الامنية؟
فثمة مخاوف لم تتبدل بعد هذا التطور الذي اضيف اليه تطور اغتيال مغنية كاختراق جديد يمكن ان يلعب دوراً في اذكاء الانفعالات والاحتقانات، ولو ان الغالبية سارعت الى ادانته. لكن في السياق السياسي يلاحَظ ان الوضع يتجه تدريجياً نحو عتبة جديدة من التصعيد مع اقتراب موعد انعقاد قمة دمشق العربية في دمشق اواخر مارس المقبل. واذ قال الحريري بوضوح امام الجماهير ان "لا قيمة لقمة عربية من دون وجود رئيس للجمهورية في لبنان"، ثمة من اعتبر ذلك انه يشكل رسالة من الغالبية ومن محور عربي واسع الى سورية بان القمة قد لا تعقد وقد تخفق حتماً ان لم يسبقها انتخاب العماد سليمان.
وهذا البُعد يعني ان الاسابيع الفاصلة عن موعد القمة قد تُدخل لبنان في متاهة صراع حاد سيكون انعكاساً للصراع العربي - العربي على القمة، فيما يُخشى ان تبلغ الانفعالات الداخلية ذروتها عبر مناوشات مستمرة بين انصار المعارضة والغالبية.
ولم يفت المراقبين مغزى "مجيء" ايران ووزير خارجيتها منوجهر متكي الى الضاحية الجنوبية للمشاركة في تشييع مغنية، اذ شكل حضورها ما يفوق البُعد المباشر للحدث الى المغزى السياسي المتمثل بالحضور الايراني في الازمة اللبنانية.
ففي برقية وجهها الى نصرالله، قال المرجع الاعلى للثورة الاسلامية السيد علي خامنئي: "فليعلم الصهاينة الجناة ان دم الشهداء الاطهار كالشهيد عماد مغنية يصنع مئات آخرين كعماد مغنية، ويضاعفُ المقاومةَ في مواجهة الظلم والفساد والطغيان".
وأشاد الرئيس محمود أحمدي نجاد في رسالة تلاها باسمه متكي خلال مراسم التشييع، بمزايا مغنية، مشيرا إلى أنه "ليس أول ضحية في سبيل الدفاع عن كرامة الشعوب ولن يكون الأخير".
اما نصر الله فاعتبر "ان دماء الشهيد عماد مغنية ستزيل العدو من الوجود". وأكد للاسرائيليين ان "في اي حرب مقبلة لن ينتظركم عماد مغنية واحد، فقد ترك لكم عماد مغنية خلفه عشرات الآلاف من المقاتلين المدربين المجهزين الحاضرين للشهادة"، معلناً انه "اذا كانت اسرائيل تريد حرباً مفتوحة فلتكن كذلك وليسمع ذلك العالم كله".
وفي حين اوحت قوى "14 مارس" على لسان جنبلاط والحريري بـ "تورط النظام في سورية في عملية اغتيال مغنية"، قالت مصادر متابعة لـ "الراي" ان "حزب الله" الذي يُسقط من حسابه تورط الحكم في دمشق في هذه الجريمة ينتظر نتائج تحقيقات حول امكان وجود "خرق ما" في اجهزة الاستخبارات السورية.
الى ذلك (ا ف ب) - اعتبرت الولايات المتحدة، ان كلام نصر الله عن "الحرب المفتوحة"، "يثير القلق". وقال الناطق باسم الخارجية الاميركية شون ماكورماك: "في شكل عام ان تصريحات من هذا النوع تكون مبعث قلق كبير ولا بد ان تنذر الجميع بالخطر"، معتبرا ان للحزب "تاريخا طويلا من العنف والارهاب في كل انحاء العالم".
وتابع: "في كل مرة توجه فيها منظمة ارهابية تهديدا الى ديموقراطية، الى دولة عضو في الامم المتحدة، لا بد ان تكون مبعث قلق لجميع الامم المتمدنة في العالم".