جريدة الجرائد

بيت الطاعة «الحزب اللهي» ينتظر اللبنانيين

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

إياد أبو شقرا

ما زال الوقت مبكراً، كما يرى البعض، للتحدث بصراحة عن الصورة الحيّة للانقسام التي رسمها يوم الخميس الماضي "جمهورا" الأزمة السياسية الحادة في لبنان. وأيضاً قد يكون جرح اغتيال الحاج عماد مغنية ساخناً لمخاطبة قيادة "حزب الله" بالمنطق وبصورة مباشرة.. بدلاً من التلميح والتورية.
مع هذا، اعتقد أنه رفقاً بلبنان وأهله أضحى من الواجب تسمية الأمور بأسمائها. وحسناً فعل الزعيم وليد جنبلاط في قول ما يجيش في صدور مئات الألوف من اللبنانين القلقين والمحبَطين إزاء استمرار قوى المعارضة التي يقودها "حزب الله" في ممارسة استكبار غير مسبوق بتعاطيها مع ما يزعم "الحزب" أنهم "شركاء في الوطن". فاللهجة الاستعلائية واللغة التخوينية والشروط التعجيزية التي غدا اللبنانيون معتادين عليها من "حزب الله" لا يمكن أن تحفظ الوطن. وهدر الدم ليس وصفة ناجعة لبناء علاقة تعايش حقيقي مع شركاء متساوين في حقوق المواطنية وواجباتها.. ولو كان بعضهم أقل عديداً وسلاحاً.
"حزب الله"، أولاً، لا يؤمن بمفهوم "الوطن" الذي يؤمن به "الشركاء".. بمن فيهم الشريك "البرتقالي" العوني الذي وقع معه "ورقة التفاهم" إياها. فهو حزب عقيدي ديني يسير على هدى "ولاية الفقيه"، ويعتبر السيد علي خامنئي مرشد الثورة الإسلامية في إيران "نائب المهدي".
وبما أنه حزب عقيدي ديني عالموي الأفق من الطبيعي جداً ألا يعترف بالحدود "القطرية" أو "القومية". وهو إن كان قد تقبل لبنان بحدوده الحالية ورضي مؤقتاً بتأجيل مشروعه الديني ـ السياسي المتكامل، فلإن "الظروف الكفيلة بإنضاجه غير مؤاتية راهناً"، كما ورد ويرد في أدبياته..
مع هذا، لا يقف "الحزب" مكتوف اليدين.. بل يسعى لتسهيل إيجاد تلك الظروف في شتى النواحي تحت ذريعة واحدة يصعب على أي لبناني شريف ووطني الاعتراض عليها.. هي "المقاومة". فباحتكار شعار "المقاومة" واستغلاله في الساحتين الداخلية اللبنانية والخارجية عربياً وإسلامياً، يتسنى لـ"حزب الله" اليوم ما يلي:
يمنع بقوة السلاح، الذي يحتفظ به ويوزّعه على "أدواته"، السلطة الشرعية من إعادة بناء دولة تعبّر عن تطلّعات جميع مكوّنات الشعب اللبناني، علماً بأنه التنظيم الوحيد الذي استثني ـ بذريعة الاحتلال الإسرائيلي للجنوب ـ من بند نزع سلاح التنظيمات المسلحة غير النظامية في "اتفاق الطائف". وهكذا بحجة الحفاظ على السلاح يعطّل عمل مؤسسات الدولة، مانعاً انتخاب رئيس للجمهورية ورافضاً الاعتراف بشرعية البرلمان والحكومة، كما يهدر دم قادة القوى المعارضة له عبر رميهم بتهم "العمالة".. ليس فقط للولايات المتحدة بل لإسرائيل أيضاً!
بفضل سطوة السلاح والتعبئة الشعبية غير المسبوقة يفرض "الحزب" على الطائفة الشيعية هيمنة احتكارية، فيصادر قرارها ويفتح فجوة ثقة هائلة بينها وبين باقي الطوائف اللبنانية، مع أن الشيعة كانوا دائماً ركناً أساسياً من أركان الوطن، والأرض المعطاء التي أعطته نخبة من كبار نوابغه وروّاده وعقوله المستنيرة في شتى مجالات العلم والأدب والفقه والسياسة والفنون.
يشلّ "الحزب" ـ صاحب الموارد المالية الخارجية المضمونة شرعياً ـ الحركة الاقتصادية في لبنان، فيفلّس أعمالها ويهجّر الكفاءات واليد العاملة من الطوائف غير الشيعية مما يسّرع في إنجاز غاية التغيير الديموغرافي في البلاد. وبحجة "منع التقسيم والفدرالية" يعكف منذ مدة على شراء الأراضي في مناطق عدة حساسة من لبنان، قاطعاً وواصلاً بين هذه المنطقة وتلك في ما يتخوّف كثيرون أن يكون مقدّمة لعملية عزل ومن ثم تطهير طائفي. ويبدو أن هذه المسألة كانت في بال السيد حسن نصر الله عندما أعلن في أحد خطبه أنه بادر إلى دعوة العائلات الجنوبية التي هجّرها العدوان الإسرائيلي في صيف 2006 للعودة إلى قراها المدمرة حتى قبل إعادة البناء.. لقطع الطريق على "مؤامرة تهجير الشيعة" من الجنوب تمهيداً لتوطين الفلسطينيين!!
يمارس "الحزب" حملة إعلامية منظّمة بالتنسيق مع حلفائه الإقليميين كباراً وصغاراً لتغطية مشروع هيمنته المطلقة على لبنان. ولديه اليوم "ماكينة" إعلامية داخلية وعربية فعّالة جداً في مهمة التمويه والإرباك والتحريض.. أقوى بكثير وأغنى بكثير من إعلام خصومه السياسيين داخل لبنان.
حتى اللحظة نجح "الحزب" في التمويه على حقيقة مشروعه أمام الجمهور العربي، لكن الوضع يختلف الآن في الداخل اللبناني. ولهذا تجاوب جمهور "14 آذار" الموالي للدولة والشرعية مع ارتفاع نبرة الخطاب السياسي. وتحوّل شعور هذا الجمهور يوم الخميس الفائت من الإحباط وخيبة الأمل.. إلى الغضب والتحدي.
وإذا كان لا بد من كلمة تقال هنا، فهي أن بعض قيادات "14 آذار" أخطأت في تلكؤها عن الرد على التهويل.. بالفضح، وعلى التهديد.. بالتحدي، وعلى التخوين.. بالتخوين المضاد، وعلى التلويح بالهيمنة.. بالتهديد بالطلاق البائن. وهي تخطئ كثيراً بحق نفسها وحق جمهورها وحق البلاد إذا هي لانت.. وعادت إلى عبارات الملاطفة الكاذبة.
إن تقديم التنازل تلو التنازل لفئة ماضية في مشروع يهدف إلى إلغاء الآخرين لا يمكن أن يشبع نهمها.. بل على العكس سيطمّعها أكثر فأكثر.
لقد قال الله تعالى في كتابه العزيز "لا إكراه في الدين"، كما قال "إمساك بمعروف أو تسريح بإحسان" (صدق الله العظيم) في تشريع الطلاق الذي هو عنده ـ عز وجل ـ "أبغض الحلال".. وهو أبغض ما يمكن أن يفكر به اللبنانيون أيضاً، ولكن، ألا يثير الاستغراب إصرار حزب يدّعي أنه "حزب إلهي" على الإكراه والفرض في كل ما يمتّ إلى التعايش بصلة؟!
أليس غريباً الإصرار على "زواج" مهدد يوماً بعد يوم، تحت وطأة التهديد والابتزاز، بفقدان أسس الرضى والتفاهم والاحترام المتبادل.. كي لا نتطرق إلى المشاعر العاطفية والمرتكزات الأخلاقية والمصلحية؟
هل تبنى الأوطان وتغطّى "المقاومة" بجلب الجميع قسراً إلى "بيت الطاعة الحزب اللهي"؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
احتكار المقاومة
مروان -

يتحدث الكاتب عن احتكار حزب الله للمقاومة, سؤالي من الذي منع لبناني ما مثل السنيورة من المقاومة ؟ من الذي وقف في وجه ايتام 14 شباط و منعهم من المقاومة و قال لهم اذهبوا و انهشوا في لحم اهل الجنوب انه يقدم في عوكر على شكل مناقيش ؟ لماذا ذهبت اسلحة جنبلاط لقتل و ذبح المسيحين في الجبل بدلا عن ذبح الصهاينه في الجنوب ؟ لماذا يعتقد اخرق بشري ان موارنه الجنوب يؤمنون بدين غير دين اهل كسروان ولا بأس ان قتلوا جمعا فداءً لمسيحي الارز ؟ اذا كانت اسرائيل قدركم المحتوم فعلينا ان نتحدث و نتقاتل قليلا

من أقوال أمناء الحزب
louis -

من أقوال حسـن نصرالله:لا نؤمن بوطن إسـمه لبنان، بل بالوطن الإسلامي الكبير (النهار في أيلول 1986).إن لبنان وهذه المنطقة هي للإسلام والمسلمين، ويجب أن يحكمها الإسلام والمسـلمون (السـفير في 12 تموز 1987).دعانا الإمام لإقامة الحكومة الإسلامية في أي بلد نعيش فيه وهذا ما يجب أن نعمل له وأن نفهمه تكليفاً شرعياً واضحاً، وان نعمل له في لبنان وفي غير لبنان، لأنه خطاب الله منذ أن خلق آدم ("العهد" 23 حزيران 1989).أن كلامه يتطابق مع كلام حسـين شريعتمداري رئيس تحرير صحيفة "كيهان" الإيرانية والمقرب من خامنئي في آب 2006 (يعني في زمن الحرب الإسرائيلية) الذي قال:إن حزب الله لا يقاتل من أجل السـجناء ولا من أجل مزارع شـبعا أو حتى القضايا العربية أياً كانت وفي أي وقت، وإنما من أجل إيران في صراعها لمنع الولايات المتحدة من إقامة شرق أوسط أميركي.لبنان هو الوطن الذي لا يؤمنون به ومسـتعدون للتضحية بكل شيء (حتى به؟) في سبيل أن تبقى الثورة الإسلامية في إيران متماسك.

الجواب..!!
louis -

على العهد باقين, لمستقبل لبنان وحماية وجوده وكيانهمسيحييون ومسلمون, كبار وضغار, 6000 سنة حضارة, صدرنا الحرف وليس الحرب, إننا بلد التعايش وليس التخاذل, نفتخر بوجودنا وبهويتنا, لبنان بلد عربي فنيقي الجدّ, أبحرنا وجلنا واكتشفنا العالم, والآن على الأمانة سنحافظ لننشر حضارتنا وثقافتنا الحياتية لنغني العالم من جديد, فالعالم يزول ولبنان يبقى الثورات المهلهلة تزول ونبض لبنان الناطق بلغة الحياة مستمر. فأزلام الفتوحات والحروب المفتوحة هم من التاريخ وإلى هنالك رجعوا, أما تاريخنا قاعدة حاضرنا ومستقبلنا وتطورنا الإنساني والإجتماعي.

حوار أم إنتحار؟
FARESS LOBNAN -

عندما تكون الرؤى والثقافات والمشاريع مختلفة، لا بل متناقضة، فهذا قد يكون الحد الأدنى من الأداء المنتظر من بعض الأطراف الأساسية التي تتصدر مشروع التخريب، وتقوم بتمويله وتنظيمه ومتابعة تفاصيله الدقيقة. لقد دل أداء المعارضة خلال الأشهر الماضية على النمط الذي تود أن تدير (أو لا تدير) البلاد في حال إستلامها الحكم أو الثلث المعطل لهذا الحكم (النتيجة واحدة). ويبنى هذا الاستنتاج على ما قامت به المعارضة من تعطيل وإحراق دواليب وقطع طرقات وحماية مطلوبين للعدالة وإقفال مناطق وشراء عقارات، فيا ليته كان يبنى على ورقة سياسية قابلة للنقاش الهادىء. نقاش هادىء؟ كيف يمكن القيام بنقاش من هذا النوع مع عشرين ألف صاروخ ومع إمكانيات مالية ضخمة يتم ضخها للتسليح والتدريب، ومع أبواق لا تنفك تهدد وتتوعد يميناً ويسارا.. أنهم لا يريدون الحوار، بل يريدون الانتحار (ربما على الطريقة السورية اي جعل الخصم ينتحر بقرار ذاتي منه!).نحن لا نريد الانتحار على طريقهم، بل نريد العيش على طريقتنا.

يا للعبث
نادر -

يعني يريد كاتب هذا المقال بان يحجب الشمس باصبعه. يريد بان يقنع القراء بان حزب الله غير وطني وغير لبناني. فقط في لبنان يطلع علينا زعيم سياسي كوليد جنبلاط يتحدث ويكذب ينتقل من اليمين الى اليسار ثم يعود الى اليمين يتحالف مع قاتل والده (حسب زعمه) طوال 25 عاما ورغم ذلك تجد اشخاص يتسمعون له كمثل كاتب هذا المقال. انه العبث بعينه. ة.

الحزب الاسود
المنصف -

هذا الحزب سيسبب خراب لبنان ونشوب حروب اهلية وسوف يحرق الاخضر واليابس , كما فعلت ميليشيا جيش المهدي .هذه الاحزاب الدينية الطارئة على المنطقة سببت وتسبب التفسخ المجتمعي والطائفي والقومي , وهي حتى لو وصلت السلطة ستبقى تفكر بمنطق الميليشيا والمافيا .خطورة ميليشيا "حزب الله" انه يعتنق فكرا منحرفا هو ولالية الفقيه اي انه واتباعه هم يطيعون طاعة مطلقة وعمياء للمرشد للدولة الفارسية الايرانية "الخامنئي" الذي يعتبرونه ليس فقط نائب الامام بل الحاكم بأمر الله!!! ارجو ان يرفع الله تعالى شر ومكر الاحزاب الطائفية والشعوبية ويحفظ الامة من كيد الكائدين.

حقا
مبروك -

لا تعليق اذ انك اجتزت السماوات السبع بهذا المقال اللائق و المستند الى وقائع ووثائق داعمة كل كلمة تكتبها و كانك من الحزب الذي يحمي امراء الحرب اذ لا تعرف الا هذا النوع من ...

بيت الطاعه
لبنانية -

ثبت بالوجه الشرعي ان حزب الله هو إيراني بحت واجندته تصاغ في طهران وليست مصالح اللبنانيين من اولوياتهم....يجب ضرب هذا الحزب الذي تجاوز كل الحدود يجب ضربة بيد من حديد وبلا هواده حتى يرجع الى بيت الطاعة اللبناني صاغرا مكفرا عن سيئاته

عجبي
سامي -

التهديد بحرق الاخضرو اليتبس هل هي من عبارات الملاطفه والمهادنه في قامس الكاتب ,البعض يعتاش على اي شيء ومن كل شيء حتى لو كان من خراب الاوطان

تزوير كالعادة
سوري -

الى اللبناني لويسأنتم مثل اللي كذب كذبة و صدقها...من قال أن الحرف الول و الأبجدية الولى في التاريخ هي من عندكم؟هل اوغاريت سابقا و اللاذقية حالياً مدينة لبنانية أم سورية.أول أبجدية في التاريخ اكتشفت في رأس الشمرا بأوغاريت قرب اللاذقية السورية بنت السوري منذ خلق البشرية و الذي لم يكن شيء اسمه لبنان حينها .أسلوبكم مثل أسلوب سيدكم بوشت... ( أكذب ثم اكذب ثم اكذب حتى تصبح حقيقة ).

Louis أحسنت وتذكروا
كركوك أوغلوا -

ما حدث للأقليات في العراق وهم كالموارنة سكان البلاد الأصليين !!لقد تم ترويعهم بالقتل والتهجير وحتى مصادرة أملاكهم لأنهم هاجروا !!!

انها التقية
ابو احمد -

صدق وليد جنبلاط لما قال انها التقية لا تصدقوا حزب اللة انهميدرسون اللغة الفارسية بمدارسهم الطائفية يسمون الخليج العربي بالخليج الفارسي بقناتهم الفارسية المنار اقصد الظلام

حزب الله نشأللخليج
واقعي -

اقبل ان يكون هناك شئ اسمه حزب الله اختارت ايران لخميني تجنيد عدد من العرب الذين يدينون لها بتصدير الثورة التي رفع شعارها الخميني في بداية الثمانينات .حيث افتتح مغنية عملياته في الكويتوالسعودية كما افتتح انيس النقاش اعماله الجهادية بخطف وزراء البترول . ولظروف موضوعية تتعلق ببناء مكان امن وشعبيه انتقل نشاط الحزب في جنوب لبنان ليترعرع بين شيعتهوصارت المواجهات مع حركة امل الشيعية .كما اتخذ من مقاومة اسرائل سبيلا لشعبيته بين المسلمين .. لكن اهداف ايران الحقيقية لم تتغير وهي استخدام هذا التنظيم لزعزعة الاستقرار في العالم العربي لصالح ثورة ايران .فعندما سنحت الفرصة في لبنان لم يتاخر حزب الله في تنفيذ اهدافه الحقيقية وعطل الحياة السياسية مستغلا طموحات العماد عون الشخصية في اضفاء طابع غير شيعي لتحركاته.

اقرأ
لبنان -

إلى كركوك أوغلوا،خليك بكركوكك وبلاش فلسفة، الموارنة ليسوا من لبنان أصلاً فهم وكما يعرف الجميع أصلهم من سوريان وهم المردة وجاؤوا بعدها إلى لبنان، وبعدين استخدمهم الفرنسيون ليتيحوا لهم موطئ قدم في المنطقة أثناء تراجع قوة العثمانيين، وهناك موارنة أضاؤوا الطريق للعروبة والحرية، أمثال أمين الريحاني، وموارنة لوثوا سمعة المسيحيين وعلاقاتهم بمحيطهم أمثال جعجع وحداد ولحد، وعلى كل لبنان بحد ذاته له حكاياته فهو قائم في عقول مؤيدي تقسيم العالم العربي ولكنه قطعة من جسد سوريا التي هي قطعة من جسد العالم العربي ونرجو المعذرة ممن تزعجهم هذه النزعة البالية وتغريهم ظاهرة العولمة