جريدة الجرائد

إياد علاوي.. ندم ودروس وعبر

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

عائض الردادي

سأورد بعضاً من عبارات الندم حيث لا ينفع الندم، ولكنها عظة لكل من يضع يده في يد المحتل، إنها عبارات للدكتور إياد علاوي أول رئيس وزراء سلمه المحتل الحكم في العراق بعد سقوطه قبل خمس سنوات، وبعد هذه السنوات الخمس الحمراء بدماء العراقيين وبانتهاك حرمات العراقيات جاء إياد علاوي ليعلن الندم في وقت لا يثمر الندم سوى الألم، ولا يُعد الاعتراف بالخطأ فضيلة، ومما قال في حوار معه في الشرق الأوسط (25/3/2008م) هذه العبارات ، بعد عودته من العراق إلى لندن: "للأسف الوضع يسير من سيئ إلى أسوأ من حيث الأمن، الخدمات متوقفة، الحالة الاقتصادية وضعها مزرٍ، النظام يبتعد بخطى ثابتة عن المصالحة الوطنية، انسحاب القوات الأجنبية كارثة حقيقية للعراق، المستوى بلغ تحت الصفر وليس صفراً، متى ستتحسن التحديات الأمنية والاقتصادية بعد 50 سنة مثلاً، إيران راضية عن الوضع بدليل زيارة رئيسها، أخطاء استراتيجية قاتلة ارتكبتها الإدارة الأمريكية وهي: تفكيك الدولة العراقية، ووضع العراق على طريق المحاصصة الطائفية والسياسية والسكوت عن تدخل دول الجوار، لم يكن في حساباتنا أن تتفكك الدولة بهذه الطريقة".
هذه بعض عبارات الندم لواحد تصدّر مواطنين عراقيين لجلب المحتل لبلاده عندما اختلف مع الرئيس العراقي السابق فهرب إلى لبنان ثم أوروبا لتكوين حركة معارضة لم تجد سبيلاً سوى الاستعانة بالمحتل والإتيان به للبلاد، وبعد خمس سنوات يعلن عن هذه النتائج المرة التي لا تفيد العراق في شيء، ولكنها تؤكد التاريخ أن كل من غدر ببلاده لن يجني سوى الندم، وحسبه أنه أعطى درساً عملياً للآخرين. يُحسب له أنه صدق فيما قال لأن الواقع يصدقه، ولكن ذلك لا يطهر يده مما اقترفت، ولا يبرر أن تكون الاختلافات أو الأحقاد بين الأفراد مبرراً لأن يكبل أحدهم بلاده بقيود الاحتلال، وهل وجد في التاريخ محتل أرحم من ظالم محلي؟ وهل وُجد من فئة (أبي رِغال) من لم يحصد سوى الندم ولعنة التاريخ له؟!
إن ما قاله د.علاوي حقائق بغض النظر أنه ورفاقه الاخرين سبب فيها، ولكن الحقيقة ينبغي أن تكون واعظا لكل من ليس في قلبه واعظ في العراق وفي غير العراق، ولا يكفي أن يقال "لم يكن في حساباتنا أن تتفكك الدولة بهذه الطريقة"، فالتفكك هو مبتغى الغازي ودول الجوار التي تتحاور الآن حول العراق على أرضه لتحديد مستقبل العراق، أليس من المؤلم أن يكون خروج المحتل كارثة لأن ما بعده سيكون أسوأ، وإن كان وضع العراق العزيز الآن هو الأسوأ؟ أليس تفريق العراقيين إلى عربي وكردي، وسني وشيعي، والشيعي إلى فئات هو الكارثة؟
لو كان لي إمكانية لأرسلت مقابلة د.علاوي لكل من مدّ يده للمحتل، ولكل من يتعاون معه، ولكل من ملأ الفضائيات دفاعاً عنه، ولكل من يدير فضائية بشكل مباشر أو غير مباشر تلمع الاحتلال، ولكل من لا يفرق بين المقاومة الشريفة للاحتلال والإرهاب المدمر، ولكل أم ثكلى في العراق، ولكل عراقية اعتدي على عرضها أو قتل ابنها، ولكل ابن عالم اغتيل لعلمه، ولكل صاحب عمامة صامت عن الاقتتال الطائفي، ولكل من سُجن في أبوغريب وإخوانه، ولكل عائلة من صنف عائلة (عبير الجنابي)، ولكل شريف أعلن وقوفه ضد الاحتلال ومن قَدِم تحت ظلال طائراته وقاذفاته، فهذه تجربة مجرّب عضّ سبابة الندم فآلم نفسه وإن لم ينفع الألم، وهي تجربة مرة ولكن فيها عبرة

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف