جريدة الجرائد

لماذا تحوّل الظواهري منظّراً سياسياً؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

محمد أبو رمان

ثمة دلالات رئيسة وراء تكرر حضور أيمن الظواهري، الرجل الثاني في القاعدة، على الإعلام الالكتروني خلال الشهور الأخيرة، إذ لا تكاد تمضي أسابيع قليلة إلاّ وتصدر عنه رسالة أو خطاب أو مشاركة إعلامية معينة وكأنه متفرّغ لهذا الدور الجديد. وتتنوع وتتعدد صور ظهور الظواهري؛ بين رسالة صوتية أو خطاب مصوّر حول قضية عامة أو وطنية مرتبطة بدولة معينة، أو حتى رسالة على الهاتف المحمول إلى السعوديين يطالبهم بدعم القاعدة، أو عقد "مؤتمر صحافي!" على شبكة الانترنت يجيب من خلاله على العديد من الأسئلة.

البعض يرى أنّ الدلالة الرئيسة من هذا الظهور تتمثل بحالة "الارتياح الأمني" التي يعيشها، وعدم وجود "قلق" على أمنه وتنقلاته. وأرى أنّ المسألة أبعد من ذلك وأكثر ارتباطاً بظروف داخل القاعدة وأنصارها وكذلك باستراتيجية القاعدة في السنوات الأخيرة. فهنالك حالة من "الفراغ التنظيري" لدى القاعدة خلال المرحلة الأخيرة، حيث خلت الساحة الفكرية والحركية من منظِّرين و"فقهاء" يقدمون لأبناء القاعدة وأنصارها وجبةً دسمة من الأدبيات والفتاوى والأفكار والتصورات حول طبيعة المرحلة والمستقبل والمطلوب منهم.

وتأتي هذه المرحلة بعد سنوات من الزخم التنظيري والفكري، ووجود أعداد ممن يتولون هذه المهمة، سواء من خلفية فكرية وعلمية، أو خلفية حركية وميدانية، ففي منتصف التسعينات برز كل من عصام البرقاوي (أبو محمد المقدسي) وعمر محمود (أبو قتادة الفلسطيني) وساهما في تأسيس وترسيخ المنهج الفكري لما سمي لاحقاً بتيار "السلفية الجهادية"، ثم بدأت تظهر أسماء عديدة إعلامياً كـ: عبد المنعم حليمة (ابو بصير الطرطوسي)، أبو مصعب السوري، وكذلك أبو الوليد الأنصاري وغيرهم.

ومع أحداث الحادي عشر من أيلول (سبتمبر) والحرب الأفغانية ثم احتلال العراق، في سياق موازٍ لتوسع نشاط القاعدة الإقليمي في العديد من الدول برزت أسماء أخرى أقرب إلى الطابع الحركي والميداني كـ: سليمان أبو غيث، وأبو مصعب الزرقاوي، أبو أنس الشامي، وأبو عمر البغدادي، ويوسف العيري وسليمان الفهد، وغيرهم، حتّى امتلأت مواقع القاعدة على الانترنت بهذه الأدبيات والفتاوى.

إلاّ أنّ السنتين الأخيرتين، تحديداً، شهدتا تراجعاً كبيراً في نخبة التنطير والفتوى إمّا لمقتل بعض هؤلاء أو اعتقالهم أو تراجعهم عن مواقفهم السابقة. وترافق هذا التراجع الملحوظ مع تحولات ومنعطفات جديدة تمرّ بها القاعدة خلال هذه المرحلة، ما يستدعي وجود خطاب مستمر يشرح لأفراد وأنصار القاعدة وللأمة العربية والإسلامية (التي تمثل أحد مناطات هذا الخطاب) طبيعة هذه التحولات والموقف منها.

إذاً، تصدّر الظواهري للتنظير والتوجيه بصورة مباشرة ليس ترفاً أو تعبيراً عن "ارتياح أمني" بقدر ما هو "ضرورة مرحلية" لملء الفراغ الفكري والتنظيري، بخاصة مع انكسار القاعدة في العديد من المناطق: السعودية، اليمن، ثم النكسة الكبرى في العراق، وفي ظل مراجعات الجماعة الإسلامية في مصر ومراجعات زعيم الجهاد سابقاً، سيد إمام شريف، والتي تمثل قاصمة ظهر للقاعدة على الأقل على المستوى الإعلامي والنفسي (إذ تشكل كتابات سيد إمام أدبيات رئيسة لدى القاعدة)، وقد تعرّض إمام شريف بحواراته مباشرة للظواهري ولشخصيته بشدة، ما استدعى أن يخصص الظواهري كتاباً كاملاً هو "التبرئة" للرد على سيد إمام و"وثيقته في ترشيد العمل الجهادي".

فلو كانت تداعيات وانعكاسات "وثيقة ترشيد العمل الجهادي" ليست مهمة أو خطرة على القاعدة، كما يذهب بعض المراقبين والمحللين، لما انشغل الظواهري بإعداد هذا الكتاب الضخم، ولما تعرّضت المراجعات لهجوم "الكتروني" شرس من أنصار القاعدة، وبالتحديد من موقع "الثابتون على العهد"، لمحمد خليل الحكايمة، مسؤول ما يسمى بـ"قاعدة الجهاد في أرض الكنانة".

يرتبط الظهور المكثف للظواهري، وتحوله إلى التركيز على مجال التنظير والخطاب الإعلامي بتحول بنيوي آخر لدى القاعدة من منظمة مركزية، محكومة بقوانين أمنية صارمة، إلى شبكة عامة فضفاضة، و"رسالة إعلامية" عبر الانترنت بدرجة أولى والفضائيات بدرجة ثانية. فهذه السيولة الحركية والواقعية تتطلب في المقابل خطاباً مركزياً يشكل مضمون الرسالة وفحواها، ويقدّم إرشادات وتصورات وتنبيهات للأفراد والأنصار والمؤيدين بدرجة أولى، ويقدّم للمجتمعات العربية والمسلمة مواقف القاعدة ورؤيتها للكثير من التطورات والمتغيرات، بخاصة وأنّ القاعدة أصبحت "حركة عالمية"، ما يتطلب وجود خطاب وموقف لها تجاه كثير من القضايا والأحداث.

فلقد دخل العديد من الفصائل الجديدة في شبكة القاعدة، قاعدة الجهاد في بلاد الرافدين، قاعدة أرض الكنانة، قاعدة المغرب العربي، قاعدة الجزيرة..الخ، وهنالك العديد من المجموعات التي تدور في فلك القاعدة والسلفية الجهادية (جيش الإسلام، فتح الإسلام، عصبة الأنصار..)، والملاحظ أنّ اغلب هذه المجموعات والجماعات الجديدة لا تملك خطاباً سياسياً وإعلامياً ولا قيادات تحظى بالشعبية والحضور. كما أنّ هنالك صعوبة كبيرة في التواصل بينها وبين القاعدة المركزية، ما يخلق فجوة كبيرة وواسعة تؤدي إلى خلل كبير في عمل الشبكة ما ينعكس على سمعة ومصداقية ومواقف "القاعدة الأم"، وهذا يتطلب "خطاباً مركزياً"، وتوجيهاً دائماً ومستمراً، كي لا تؤثر إحدى هذه الجماعات سلباً على الشبكة بأسرها في ظل الحرب الإعلامية الشرسة.

وفي جوار الأسباب السابقة، هنالك سبب حيوي آخر لظهور الظواهري المستمر، وهو أهمية الرسالة الإعلامية للقاعدة، وتعويلها على الحرب النفسية، وقدرتها على استخدام الإعلام للتجنيد والتعبئة بصورة مدهشة، في ظل هذه الظروف التاريخية الحرجة في المنطقة، التي تدفع إلى نمو وصعود الخطاب الراديكالي في السنوات الأخيرة. فالانترنت تبقى ساحة خصبة للتجنيد والتعبئة والحرب النفسية، وتشكل لدى القاعدة إحدى أهم جوانب الصراع الذي تخوضه ضد الولايات المتحدة وحلفائها في سياق "كسب القلوب والعقول".

ربما يتساءل بعض المراقبين؛ لماذا لا يتولّى هذه المهمة أسامة بن لادن؟ وعلى ما يبدو أنّ هنالك تقسام أدوار بين الرجلين؛ فأسامة بن لادن قليل الظهور، يمثل قيادة كارزمية لأتباع التنظيم وأنصاره، فيما يمثل الظواهري منظّراً وموجّهاً. ويعود أحد الأسباب إلى الاختلاف بين طبيعة الرجلين؛ فابن لادن أقرب إلى الصمت وقلة الكلام، وليس له باع في التنظير الحركي والفكري، كما هي حال رفيقه الظواهري.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
التطرف يقابله تطرف
صلاح الدين المصري -

التطرف يقابله تطرف ؟ بالطبع عندما يتقاعد النظام السياسي العربي عن اداء دوره في مقاومة الاحتلال الصهيوني والاحتلال الامريكي ويتخلى عن دوره في نصرة الاسلام والمسلمين والرد بحزم وقوة على اعداء الملة والامة وعندما يرفض تطبيق الشريعة وحراسة الدين توقع ان يقوم غيره بالدور من منظمات وافراد نحن لانقر ما يفعله ابن لادن والظواهري ولكن مالبديل ؟ يتلقى المسلمون الضربات من اعداء الاسلام والامة ويسكتون ان التطرف اليهودي والتطرف العلماني يحتاج الى تطرف اسلامي مقابل لكي تختفي ظاهرة بن لادن والظواهري لابد ان يقوم الحكام العرب بدورهم ولو بالصوت يا جماعة لقد اختفى اضعف الايمان من الساحة وهو الشجب والتنديد بافعال اعداء الاسلام والامة اضعف الايمان اختفى الحكام وصاروا يؤمنون على كلام علوج الغرب من يهود وامريكان كوندا وليفيني الصفعات تتولى على الامة من كل جهة انتهاك للاوطان للمقدسات للنساء ولا احد .... ينطق بربع كلمه يستنكر على الاقل يغضب ولو تمثيل ثم ياتي مثقفون ويسيرون في ركاب الصهاينة والامريكان ويبررون ويسوغون ويشتمون الشرفاء والاحرار ويسيئون الى تاريخ الامة وشرفها وينحازون للغرب والكيان الصهيوني فماذا تتوقع؟!!!

الجهاد أنواع و طرائق
أبو على آل الشيخ -

للجهاد في الإسلام أفق واسع، ونطاق شاسع، وهو أنواع متعددة: بالنفس والقلب والجنان، والدعوة والقول والبيان، والسيف واليد والسنان، والمال والقلم واللسان، والقدوة الحسنة و زرع بذور التربية السليمة في النشأ في الأسرة و المجتمع، وهو كما قال العلامة ابن القيم رحمه الله على أربعة مراتب: جهاد النفس بالعلم النافع والعمل الصالح، وهو نقطة البداية لجهاد الأعداء. جهاد الشيطان بدفع ما يلقي تغريرا للمؤمنين من حب و إنغماس في الشهوات و الملذات الدنوية,و ترك الفرائض الواجبة و التمسك بالشبهات. جهاد الكفارالصليبيين المعتدين على حرمة أوطان الأمة الإسلامية. جهاد المنافقين وذلك بكشفهم و فضحهم في كل محفل و مناسبة لأنهم طابور الجوسسة و تخريب العزائم والعقول في الصف الإسلامي. وواجب على كل مسلم أن يجاهد بنوع من هذه الأنواع على قدر المستطاع، وأن يروض نفسه ويعدها إعداداً معنوياً وحربياً للجهاد في سبيل الله، فلن تعاد الحقوق المسلوبة، والديار المغصوبة إلا بذلك، وإنه وإن طال ليل الظلام، وتعاقبت المحن والفتن والآلام؛ فإن ذلك يحمل في طياته بوارق الفجر لغد مشرق إن شاء الله، فلنكن يدا و قلبا واحدا مع إخواننا المجاهدين في سبيل الله على أرض أفغانستان و العراق و فلسطين,و على أضعف الإيمان الدعوة لهم بثبات الأقدام إن شاء الله تعالى,و أن يسدد الله تعالى رميهم في نحور الأعداء,و أن يمددهم بمدد لا ينفذ من عنده تعالى.

التقاتل بين المسلمين
ريتا العراقية -

إلى صلاح الدين المصري ـ تتحدث بتطرف وكأنه لا وجود أو لا إعتبار لغير المسلمين في فلسطين والعراق أو كأن الإحتلال في بطشه يستثني غير المسلمين. أعلمك بأن ضحايا التقاتل بين المسلمين في العراق يفوق مئات أضعاف المرات ضحايا قوات الإحتلال. كما أن غير المسلمين في العراق واقعين بين كماشة الإحتلال وإرهاب الإسلاميين.

خدم الامريكان
بـــــــا سيــــــل -

ان الظواهري هذا وبن لادن ليسوا سوى خدم لا اسيادهم الامريكان الذين لم يملوا ولو يكلوا من خدمتهم لاسيادهم الصهاينة والامريكان شوهه صورة الاسلام والمسلمين في كل اصقاع الارض واعطوا الحجة والكاملة والبرهان الساطع لكل نصراني او يهودي ان المسلمين هم قتلة ومجرمين ؟لكن ربك ليس بظلام للعبيد وكشفهم وكشف خبثهم وهاهم ينقذون بوش في كل مأذق يقع فيه واصبحت قصصهم ورواياتهم معروفة ومكشوفة الا انظروا الي رجـال الله في حزب لله انظروا كيف ربكم نصرهم واعزهم وقهر اعدائهم وذل جيوش الصهاينة ودحرهم ومرغ انوفهم في الارض بينما المسماة القاعدة هربت من افغانستان ليلقي الشعب الافغاني المسكين مصيره من الشياطين الامريكان وهذان المنظران بن لادن والظواهري لا ذالوا يخدمون الامريكان حتى بعدما تخلوا عنهم ونكثوا وعدهم لهم . ان الجهاد الحقيقي هو المتمثل في حزب لله وابطاله وحماس وابطالها وعصائب اهل الحق وابطالها وبعض المقاومات السنية في العراق وابطالها لكن القاعديون والبن لاديون والظواهرييون ليس هم سوى خدم فقط للامريكيــــون ؟.؟