أيُّ مجزرة ؟!
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
صالح القلاب
المفردات والمصطلحات التي استخدمها، ليس أصحاب الأحزاب المتضررة والتي لأنها غير موجودة في الأصل لم تستطع تصحيح أوضاعها وفقاً لقانون الأحزاب الذي أقرّ قبل عام لأنه لا أوضاع لها بالأساس بل أولئك الذين ينتظرون على هوامش أرصفة الأحداث حتى لا تفوتهم حفلة إساءة لهذا البلد، الذي من المفترض أنه بلدهم،.. إن المفردات والمصطلحات التي أفرط في استخدامها هؤلاء أمام عدسات كاميرات الفضائيات هي ذات المصطلحات التي أُستخدمت لوصف ابادة القطعان أيام مرض جنون الأبقار في بريطانيا ووصف ابادة الدواجن في دول كثيرة للتصدي لوباء انفلونزا الطيور!!.
المجزرة.. والمقصلة.. المذبحة والمحرقة والابادة.. ولم ينس فرسان الدفاع عن الأحزاب المذبوحة !! بسيف القانون الجديد، رغم أنهم ليسوا من أصحابها ولم يعرف عنهم التحزب والحزبية لا يوم كان التحزب مكلفاً ولا عندما أصبح مطلباً وطنياً للدولة والأجهزة الأمنية، أن يرسموا على وجوههم سمات حزنٍ وكآبة، وهم يقفون أمام عدسات كاميرات الفضائيات التي من حقها أن تبحث عن كل إثارة وكل ما هو مثير، ليعطوا انطباعاً بأن ما حدث هو كارثة قومية أشد وطأة من كارثة العام 1948!!.
لم يعرف المشاهدون عرباً وعجماً الذين تابعوا التقارير التي نقلتها الفضائيات عن آخر يومٍ في المهلة التي أُعطيت للأحزاب الفعلية والوهمية والموجودة وغير الموجودة لتصويب أوضاعها وفقاً للقانون ( الجديد ) أي شيء عن حقائق الأمور وهم يستمعون لمرافعات الذين غدوا متخصصين في الإساءة لهذا البلد، الذي من المفترض أنه بلدهم، وتشويه صورته والذين استخدموا مصطلحات ومفردات كانت أُستخدمت أيام التخلص من قطعان الأبقار المجنونة وأيام ابادة حظائر الدواجن المصابة ب أنفلوانزا الطيور وهذا لا يجوز وهو إساءة غير مقبولة لهذه الأحزاب أن الحديث لا يجري عن الأردن بل عن واحدة من دول بقايا الانقلابات العسكرية أو واحدة من جمهوريات الموز في أميركا اللاتينية ليس الآن وإنما في ستينات القرن الماضي.
لا يعرف المشاهدون العرب والعجم الذين شاهدوا تقارير الفضائيات من عمان مساء الثلاثاء الماضي أن في الأردن، الذي عدد سكانه نحو خمسة ملايين نسمة، ستة وثلاثين حزباً وإن عدد أعضاء هذه الأحزاب كلها لا يزيد عن أربعة آلاف عضوٍ.. في أحسن الأحوال وأن بعضها أي بعض هذه الأحزاب قد إنكمش حتى أصبح مجرد أمين عام وأن الكثير منها لا مقرات لها ولا عناوين ولا منتسبين ولا مؤازرين.. لكن ومع ذلك فإن هناك مِنْ غيرِ أهل الأحزاب المقصودة ومن غير أصحابها من لا يزال يصر على أنها أحزاب وأنها تعرضت للذبح والابادة الجماعية وأن يوم أمس الأول كان يوم مجزرة سياسية وأن من حق فرسان الدفاع عن الحريات العامة أن يذرفوا الدموع الغزيرة فيه.
لا يعرف المشاهدون من خارج الأردن أن أصحاب وأهل بعض هذه الاحزاب باتوا يخجلون منها وأنهم باتوا ينتظرون سبباً قانونياً للتخلص من أحزابهم ولا يعرف المشاهدون من خارج الأردن أن هذه الوضعية الحزبية التي سادت منذ بدايات تسعينات القرن الماضي وأنجبت ستة وثلاثين حزباً قد جعلت الأردنيين ينظرون إلى هذا الأمر نظرة غير جدية وجعلتهم ينأون بأنفسهم عن هذه المسيرة ولذلك فإن آخر يوم لتصويب هذه الأحزاب لأوضاعها قد مرَّ عليهم بدون أن يشعروا به رغم صراخ فرسان اغتنام كل الفرص للإساءة لهذا البلد واستخدامهم لمفردات ومصطلحات : المجزرة والمذبحة والمقصلة والابادة.
إن ممالا شك فيه أن هناك أحزاباً أردنية فعلية وأن هناك أكثر من مبرر موضوعي وطني وقومي لوجودها وهذه الأحزاب هي التي لم تنحت في الصخر ولم تُمضِ عام تصويب الأوضاع وهي تطارد النصاب القانوني ولم تدركه.. وإن ممالا شك فيه أن هذا القانون الذي أقره البرلمان قبل عام قد جاء لينصف الأحزاب المعنية وليخلصها من الازدحام المربك الذي أعاق حركتها وشوه صورتها في عيون الأردنيين.. والآن وقد تخلصت الحياة الحزبية من وضع ما كان يجب أن يستمر كل هذه الفترة الطويلة فإن الفرصة غدت سانحة ليسُّتْبدل الشعارات السابقة ببرامج عملية تلامس هموم وتطرح حلولا لمشاكلهم المعيشية والحياتية.
الآن بدأت مرحلة جديدة.. والآن بات من الممكن الحديث عن التنمية السياسية المطلوبة والمنشودة والمفترض أن تراجع الأحزاب التي نجحت في امتحان تصويب الأوضاع أوضاعها وان تعيد النظر بمنطلقاتها وبأساليب عملها فالشعارات لم تعد تخدع الشعب الأردني ولا تغريه ثم وأنه لم يعد مقبولاً أن يكون هنا أكثر من حزب بعث أردني وأن يكون هناك أكثر من حزب شيوعي وأكثر من حزب وسطي جميعها تقف فوق أرضية واحدة وتتحدث اللغة ذاتها.