جريدة الجرائد

أكذوبة مرسيل خليفة والفن الملتزم

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بشارة شربل*

لا يمكن إنكار ما قدمه مرسيل خليفة من فن وموسيقى، لكن يجب ألا تدفعنا دمغته السياسية وجماهيريته الواسعة إلى إضفاء هالة مبالغ فيها على فنه، وإلى التعامل مع شخصه بنوع من التهيب، لئلا نخلط بين الحقيقي والمفتعل، وبين الوقائع و "البروباغندا".
أن يكون خليفة حزبياً وشيوعياً فهذا شأنه، لكن أن يرفع إنتاجه "النضالي" إلى مستوى الفنون الإنسانية الرفيعة فهذا شأن النقد. والحساب هنا يجب ألا تتداخل فيه السياسة وكمية المصفقين بالتقنية والقيمة الفنية، بل يجب ان يخضع لمقياسين: أولهما فني بحت يبحث في ما جدده خليفة على مستوى اللحن والموسيقى. وثانيهما سياسي يضع سياسة خليفة وأمثاله في ميزان السياسة وليس فوقها.


نترك للنقاد الموسيقيين أن يخبرونا ما هي الجدة في ألحان خليفة بدءاً من غنائه قصائد الشعراء المناضلين المشهورين في بداياته اللبنانية العروبية، وصولاً إلى "جدل" وأعماله الباريسية، ونترك لهم القول الفصل في ما قدمه من تطوير أو تنويع على الألحان والمقامات، وأي نوع من المزيج أدخله بين الآلات الغربية والشرقية وقيمة هذا المزج، وهل هناك إبداع. بيد أننا على المستوى السياسي والإنساني والأخلاقي مضطرون إلى مطالبة مرسيل خليفة الذي لا يتوقف حديثه عن الحب والسلام والهيام بأن يرفق مداخلاته الهادئة ولغته التي تقلد الشعراء وتقربه من أشباه القديسين باعتذار صريح من اللبنانيين ينضم إلى موجة الاعتذارات السائدة بين أطراف الحرب الأهلية التي بدأت في العام 1975، ذلك أن خليفة كان جزءاً من تلك الحرب التي أذاعت شهرته بعدما قام بدور "جوليا بطرس" الحركة الوطنية، ومطرب "القوات المشتركة الفلسطينية-اللبنانية"، بل ذراعها الفنية ومنشد أناشيدها الثورية ومحرض مسلحيها على قتال أبناء وطنهم الذين رفعوا منذ ذاك التاريخ شعار "لبنان أولا"، وتبنى شعارهم معظم اللبنانيين بعد اغتيال الرئيس الحريري في 2005 وانتفاضة الاستقلال. وهنا يجدر بفنان، مثل خليفة، يذوب في المقابلات ويتحدث كما لو أنه كتلة من الأحاسيس، ألا يضرب صفحاً عما ارتكبه في حق مواطنيه من تحريض وإشادة بـ"شهداء" طرف من الأطراف وتشجيع على التقاتل وموت الشباب في سياق "حرب الأخوة"، "كي لا تنطفئ الشمس التي أشرقت على أيديهم" كما يقول في إحدى قصائده المغناة.


مرسيل خليفة كان في سبعينيات وثمانينيات القرن الماضي جزءاً من ترددات الواقع "الثوري" الذي خلّفته المقاومة الفلسطينية ورديفتها الأحزاب اليسارية اللبنانية. وليس غريباً أن رجع أصدائها لا يزال يرن لدى مخلفات الحركة القومية في الدول العربية كلها، فأن يستضيفه "حزب التجمع" في مصر ليس مستغرباً، وأن يلقى جمهوراً في كثير من الدول العربية ليس مثيراً للدهشة، ذلك أن هذا الجمهور هو نفسه "الشارع" العربي وريث الغوغائية التي تتلون بألوان السياسة. وهو نفسه الذي برر قيام أنظمة القمع العسكريتارية الثورية وكان يمجد صدام حسين ويصفق لاحتلال الكويت، وهو ليس إلا الشارع نفسه الذي يشجع على بقاء لبنان ساحة، وعلى المغامرات المقاومة التي تدمر الاقتصاد وتدفع الشباب اللبناني إلى الهجرة.
أطرف ما في الموضوع أنه تحت قناع الترفع عن السياسة وعن التفاصيل، لم يجد خليفة في مؤتمر صحافي عقده في نقابة الصحافيين المصريين الاثنين الماضي تمهيداً لحفلته في دار الأوبرا المصرية الثلاثاء، إلا القول إنه "حزين"، مهاجماً "الأنظمة العربية المتواطئة مع القاتل". وهنا نسأل الفنان الذي لا يزال يغرف من قاموس سبعينيات القرن الماضي عن أي أنظمة يتحدث؟ عن السعودية التي لا يقيم فيها حفلات تنضاف مداخيلها الى ملايين الدولارات التي جناها من الفن الملتزم؟ أم عن دول الاعتدال العربي عموماً التي يسهل انتقادها بسبب اعتدال رد فعلها؟ أم عن الدول التي تستقبله على الرحب والسعة من اليمن إلى مصر وتونس والجزائر؟


كفانا كذباً على الناس، وكفى الناس أكذوبة "القصيدة الملتزمة" و"الأغنية الملتزمة"، فمرسيل خليفة ليس مدرسة التزام ولا أسطورة فن، ولا ما يدعيه من اضطهاد تمارسه "الإمبريالية الأميركية" ضده، في حين أنه يقيم حفلاته في شرق ولاياتها وغربها... إنه نتاج مرحلة ولَّت، وشعارات دفع ثمنها العالم العربي الذي يشعر خليفة بـ"اللوعة" عليه. ولن ينتج إلا أصداء يرددها "شارع" يهوى الصراخ ورفع القبضات.


bull;مدير تحرير صحيفة "الجريدة" الكويتية

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
البروباغندا
دمشقي -

شو معنا البروباغندا

هجوم غير مبرر
بسمة خليل -

إذا كان للكاتب ملاحظاته على مارسيل خليفة فهذا أمر مشروع ولكن غير المفهوم هو هذا الهجوم المبالغ في اتهاماته على فنان له شعبيته في العالم العربي وغنى لشعراء عرب مثل محمود درويش كلماتهم موزونة وفوق الخلافات العربية-العربية. خليفة محطة هامة في الفن العربي ويمثل حالة كانت لها نكهتها وعنفوانها وجمالها.

عروبة المزاد العلني
وليام حداد -

يتكلّم عن غناء مرسيل لقصائد شعراء كبار كمحمود درويش وسميح القاسم وغيرهم الكثير، إنّ كلمات هذه القصائد تمجّد الإنسان وتحرّضه على الثورة على واقعه المزري لتحقيق الأفضل، تتحدّث عن واقع اجتماعي، عن ثورة إنسان مظلوم، عن تضامن إنساني مع قضايا العالم المحقّة. عجباً، ماذا يريده أن يغنّي، بوس الواوا مثلاً، هل هذا هو مفهومه للأغنية، ألم يسمع شخص بشهاداته - - عن ما يسمّى بالفن المقاوم والفن الملتزم المعبّر عن الواقع الإجتماعي. . .

--------
بلال -

. ولا مرة دعا مارسيل خليفة اللبنانيين لقتل اخوانهم اللبنانيين ولا ضد الفلسطينين،كل دعوته كانت ضد إسرائيل. .على كل حال اتوقع ان يأتي يوم تصبح هذه الدعوة تهمة..

اتفق معك
احدهم -

اتفقك كثيرا مع كاتب المقال ، لان مارسيل خليفة والشيخ امام واحمد فؤاد نجم ومن لف لفهم ، لم يقدموا الى الجمال بمعناه الفني الحقيقي اي شئ مهم .. لقد تعكز هؤلاء جميعا على الموقف السياسي وهو ان كان مقبولا الى حد ما انسانيا فأنه ليس مقبولا على الاطلاق فنيا وجماليا لان ماانتجوه من اغان وقصائد لم تضف اي شئ مهم للفن وللادب العربي .. لقد مللنا من هؤلاء ومللنا من كل مغني وملحن تعكز على موقفه السياسي وخصوصا المنتمين الى الحزب الشيوعي ، الذي خلق من هؤلاء وغيرهم كثير في العالم العربي اساطير وهمية وساذجة فنيا وجماليا ..شكرا لجرأة الكاتب على الطرح وتحياتي للجميع

Wow
Ameen -

، مرسيل سيبقى الايقونة في الفن الملتزم وسط هذه الكم الرهيب من الفوضى على الساحة الفنيه العربية ، ..........،سيظل مرسيل اللحن الجميل و الكلمة الحره المعبره٠

اي نقد؟؟؟؟
عادل عباس -

هذا هجوم بالاسلحه الثفيله وليس نقد

لنتعلم الشفافية
حر -

شكرا لجرأة الكاتب وشفافيته التي نحن احوج مانكون اليها في هكذا وسط .........

غريب
amy -

غريب فعلا امر هذا النقد الذي يشبه بالفعل كما قال الاخ هجوما بالاسلحة الثقيلة يبدو ان الكاتب قد ترك جانبا كل الفن وبلاويه وتفرغ لمهاجمة مرسيل خليفة ياخي بالله عليك ايهما افضل سماع مرسيل خليفة بفرض صحة ما يزعمه الكاتب ام سماع نكرات الغناء الجدد الذين يبدو انهم اضافوا الى الفن الشيئ الكثير مادام قلم الكاتب تغاضى عنهم

معك حق
فنان -

معك حق والف حق. ليس مارسيل عبقرياً وقد لعب دوراً في الحرب مثله مثل غيره . شكراً على هذه المقالة ولمن كتب ما معنا البروباغندا بالالف الطويلة يبدو انك لا تعرف ان معنى هي بالالف المقصورة فأي كلام نقوله بعد عمّن يجهل لغته.

مغالطه
داوود الفلسطيني- دبي -

يقول الكاتب: (الذين رفعوا منذ ذاك التاريخ شعار ;لبنان أولا ، وتبنى شعارهم معظم اللبنانيين بعد اغتيال الرئيس الحريري) هذا الكلام غير صحيح فمارسيل خليفه غنى ضد من رفعوا شعار إسرائيل أولا مثل حزب الكتائب. أما الآن وإن عادوا إلى صوابهم و رفعوا شعار ;لبنان أولا فهذا جميل ، مع أني أشك بصدق شعاراتهم.

اضاءة شمعه لمرسيل
دياب القرصيفي -

. . ، . مرسيل الفنان الانسان الذي اعطى دون منه لاحد او من احد الذي كون نفسه والذي اصبح مدرسة في الددفاع عن المستطعفين . ومما لا يعرف عن مرسيل انه رفض الكثير من العروض الماليه والفنيه او المشاركه في مهرجانات فنيه بوجود إسرائيلين صهاينه ، وحروبت حفلاته الفنيه في اميركا . لو يسمح المجال لقلت الكثير عن هذه الخلوق الانساني الذي اعطى الكثير الكثير . وغنى للاطفال والكبار ، للصامدين والشهداء . على مدار خريطة العالم العربي من لا يعرف امي . عرفت مرسيل مطارد في شوارع مدينتي بعلبك اللبنانيه بعد حفلته الاولى هناك ، مطاردا من قبل المخابرات السوريه . عرفته ملاحقا بالمحاكم اللبنانيه من قبل الظلاميه غعلى اثر اغنيته انا يوسف يا ابي ، ملاحقا من اتباع الشهيد الحريري .لانه يابي ان يغني للرؤوساء والحكام والملوك . مفضلا الغناء للفقراء والمناضلين الذين احبهم وعشقوه . مرسيل الذي فضل الدفاع عن الحدود بوجه اسرائيل ، صاحب جواز سفر ، وتصبحون على وطن . هو فنان الاختيار الصحيح لكلمات اغنياته وشعرائها . هو الفنان والاب الذي ربى اولاده على عشق الفن والموسيقي الخلاقه . على جدل من اجل الوصول إلى الحقيقه المرتبطه بالضمير الحي . هذا هو مرسيل خليفه . .....واضاءة شمعه لمرسيل افضل وهي التعبير عن لعن الظلام والظلاميه .دياب القرصيفي كاتب وصحفي لبناني . لندن

zolom
walid -

ana ma3 lketib ye7ki chou mabado bas maneh ma3o lama al ino Marcel jana lmalayine, ana 3ayeche bi franca w bilta7did arib men sakan Marcel kalifi w ba3rif kif 3ayeche w mitlo mitel aya mouwaten 3adi w bi mantaka 3adiyi jidane w mana mantika lal agniya

مرسيل خليفة
تأبط خيرا -

اذا سألت عن مرسيل خليفة فسيعرفه اكثر من 90% من الجمهور العربي ويحبه معظمهم والى فنان الذي يقول ان بروباغاندا بالمقصورة. بروباغاندا كلمة اجنبية وتكتب كما يحلو لك ومعناها يا دمشقي هي الدعاية وخاصة السياسية او العسكرية.propaganda ومعناها The systematic propagation of a doctrine or cause or of information reflecting the views and interests of those people advocating such a doctrine or cause

....
roham zreik -

..what do u know about this great man to attak him? do you know that marcel wasnot allowed to vidit his homeland in mount lebanon for 20 yronly because he was supporting the national resistance? when ever there is a.. revolution, there is the art accompanyying the revolution, for every arab revolution there is marcel khalifeh

تبرع بأعمال خيرية
dr bassam al-khouri -

نفس الشيء ينطبق على فيروز والرحابنة الذين ارتموا بأحضان النظام السوري مقابل مليون دولار ....الكل لحق العولمة وأصبح يريد ركوب مرسيدس والسكن بفيلا والابتعاد عن الجمهور الذي يتباكى عليه ...قرأت بأن المطربة العظيمة شادية تقوم بأعمال انسانية وأنا كمحب لمارسيل أتمنى عليه تنظيم وتبرع بأعمال خيرية

مارسيل مليونير فعلا
مثقفة قارئة -

اولاً ان من قال ان مارسيل مليونير هي وكالة الصحافة الفرنسية(فرانس بريس) التي قدرت ثروة مارسيل خليفة ب 12 مليون دولار اميركي. لماذا لم يكذب مارسيل هذا الرقم ولم ينفي ان كان فعلاً ليس مليونيراً؟؟؟انكى من المليونير المليونير الذي يكسر يده ويشحد عليها!!!!!!!! استيقظوا يا اغبياء ولا تدعوا الفناننين من امثال مارسيل وغيره يخدعونكم

ملاحظات
amy -

هذه جملة من الملاحظات اسوقها من وحي هذا المقال * لا اعتقد ان أيا كان مهما علا شانه يمكن ان ينظر الى شخصه بنوع من التهيب وبالنسبة الى مارسيل خليفة فاعتقد ان من حقه بعد ثلاثين عاما من الاجتهاد ان ينظر اليه باحترام على الاقل *إنتاجه النضالي كما وضع بين ظفرين يستحق وصف نضالي على الاقل اذا احتسبنا نضاله من اجل اغنية بعيدة عن الاسفاف الذي يعتبر سمة هذا العصر *اية جدة تبحثون عنها؟ واي تنويع تبحثون عنه؟ كفى الموسيقى العربية ما قدمه لها ويقدمه لها الموسيقيون المبدعون الاخرون فلتنفوا عن مارسيل خليفة صفة المبدع وعن موسيقاه صفة الابداع دعونا نستمتع بما يقدمه من موسيقى عادية مكررة فنحن قانعون بذلك امام ما تضيق به الساحة من ابداعات الفن الهابط *امضيت جزءا من ليلي ومطلع نهاري اعتصر ذاكرتي بحثا عن اغنية واحدة تحرض اللبنانيين على قتال أبناء وطنهم فلم اعثر عليها ليدلني احد عليها *كي لا تنطفئ الشمس التي أشرقت على أيديهم كما يقول في إحدى قصائده المغناة اعتقد انه يقول في هذه الاغنية ايضا //ملعون اللي بيخون بلاده// هل هذا هو التحريض المقصود؟ *لا اجد ترابطا في باقي اجزاء المقال او مــآخذ على مارسيل خليفة او على ثوريته ويساريته ولا الاستقبال الحار للشارع العربي الغوغائي على حد تعبير الكاتب *وانني لا زلت ابحث عن الطرافة في قول مارسيل إنه حزين او في مهاجمته الأنظمة العربية المتواطئة مع القاتل*ونصل الى مربط الفرس : ملايين الدولارات التي جناها مارسيل من الفن الملتزم قرات هذه الملحوظة اكثر من مرة وسمعتها اكثر من مرة كما لو ان الرجل ارتكب جريمة او جنى هذه الملايين من الرشاوي او الفساد او أي انشطة مشبوهة فهل ا يجب ان يكون فقيرا حتى نحبه ونبجله . كل هؤلاء الفنانين المشاهير او حتى اشباه الفنانين ونصف المشاهير كونوا الثروات والملايين في سنوات قد لا يصل عددها الى حساب اليد الواحدة فهل حرام على مرسيل خليفة ان يجني هذه الملايين خلال ثلاثين عاما من العمل ؟*وختاما دعونا نعيش هذه الاكذوبة اكذوبة مارسيل خليفة واكذوبة الفن الملتزم دون ان ندعي ان مرسيل اسطورة فن ولعلم من لا يعلم ليس كل ما انتجه مارسيل خليفة طوال رحلته الفنية موجها لشارع يهوى الصراخ ورفع القبضات بالعكس كثير من الهدوء كثير من الموسيقى الجميلة والكلمات المميزة حتى ان نفيتم عنها صفة الابداع فنحن قانعون بها

ليس دفاعاً عن مارسيل
صبري -

ما كتبه هذا الصحافي المرموق ليس تهجماً على فنان لبناني عربي فقط بل هو هجومٌ شرسٌ على كل القيم الجميله التي حملها ودافع عنها مارسيل منذ بداية مسيرته سنة ١٩٧٥ . ليس غريباً أن تأتي هذه الحملة الشعواء على فنان بحجم مارسيل خليفة متزامنة مع حملة إعلامية يقوم بها إعلام ١٤ اذار لتشويه وتزوير التاريخ اللبناني والعربي بأكمله. كل خطأ مارسيل خليفة أنه لم يركب موجتهم الحضاريه ولم يصفق للديمقراطية الأمريكية الاتية على متن البوارج .. لم يغمض عينه ولا صم أذانه عن معاناة الشعب العربي في فلسطين أو العراق أو لبنان .