جريدة الجرائد

ماوراء خطاب الحماسة والعجز

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

نبيل عبدالفتاح

غالبا ما تأخذنا اللحظة والعفوية واللغة الصاخبة والانفعالية الي منابع الحزن الدفين علي دراما الأوضاع العربية الكارثيةrlm;,rlm; ولا يجد البعض منا سوي تاريخ من لغة الحماسة العفية التي تأخذ بوجداننا الجمعيrlm;,rlm; وعقولنا للإشباع النفسيrlm;,rlm; وتخفيف التوترات وتخفيض الأحزانrlm;,rlm; وتتحول الي عادة من عادات مواريث طقوس الحزن والاستعراض والموتrlm;!rlm;

إزاء شلال النار والدماء قمنا بإطلاق طوفان من المفردات النارية المستعادة من لحظات الأسيrlm;,rlm; نصف بها العدوان الوحشي الإسرائيلي علي غزةrlm;,rlm; وكأن الجميع يتبرأون من المسئولية السياسية والأخلاقية إزاء الكارثةrlm;.rlm; أوصاف عديدة نطلقها علي عملية الرصاص المتدفق والأحري الدم المتدفق من قبيلrlm;:rlm; المجزرةrlm;,rlm; والمحرقةrlm;,rlm; والمذبحةrlm;,rlm; والتدميرrlm;,rlm; والأشلاءrlm;,rlm; والمفاجأة والغدرrlm;,rlm; وتتداعي معهما الأوصاف والمفرداتrlm;,rlm; وكلمات الحماسة والشجبrlm;,rlm; والإدانةrlm;!rlm; ولا أحد يتوقف في كل كارثة تحل بالشعب الفلسطيني المنقسمrlm;,rlm; أو بالشعوب والدول العربية الواهنةrlm;,rlm; ويتساءل ما هي العوامل التي أدت تاريخيا الي هذا الضعفrlm;,rlm; والهوانrlm;,rlm; والمذلة؟ بعض الفضائيات تبث الصور وتعيد تكرارها للتأكيد علي معاني الوحشيةrlm;,rlm; والآلام والموت والحصار والجوع والمرض والمباني المدمرةrlm;,rlm; وحول الصور يأتي معها الخطاب الجاهز والصاخب المدوي الذي يحاول استدعاء العصبية الدينية ورجالهاrlm;,rlm; ووشائج القربي والدماء لدي الشعوب العربيةrlm;!rlm; نبدو أمام مشاهد وتظاهرات وخطابات حماسية صاخبةrlm;,rlm; ولكنها ويا للأسي والآسف معاrlm;!rlm; معادة ومكررةrlm;,rlm; والأخطر أن الصور المتدفقة بالدماء والأشلاء والدمار لأبناء غزةrlm;

,rlm; والخطابات الذاعقةrlm;,rlm; تتحول بمرور الساعاتrlm;,rlm; وتكرار ذات المفردات الي جزء من مألوف العادات العربية إزاء الكوارث الكبريrlm;,rlm; بحيث يغدو ما هو استثنائي ومؤلمrlm;,rlm; أمرا عاديا يستهلكه غالب الجمهور في حياته اليومية المأزومةrlm;,rlm; ويوما بعد الآخر يتراجع الاهتمام بالكارثة الكبري ودلالاتهاrlm;,rlm; لأننا استبدلنا لغة الحماسة والعنف بديلا عن العقلانية والتخطيط والفعل السياسيrlm;!rlm; ونقاتل العدوان بأسلحة الحرب اللفظية المضادة في مواجهة العنف الإسرائيلي الوحشي ضد الأبرياءrlm;.rlm; الدول العربية وصفواتها الحاكمة بدت أكثر هوانا وضعفا إزاء إسرائيل ودول الجوار الجغرافي العربي إيران وتركياrlm;.rlm;

وجد بعضهم الأزمة الدامية فرصة للمزايدات اللفظية وأرسلوا بعض طائرات الإغاثة الإنسانية ـ الدوائية والغذائية ـ أن الدعوي السريعة لقمة عربية طارئة لن تؤثر كنظيراتها السابقات في مسار الأزمةrlm;,rlm; ولا علي أطرافها بمن فيهم الفصائل الفلسطينية المتصارعة علي جثث الشعب البسيطrlm;,rlm; وصولا الي سلطة وهمية تحت الاحتلال الإسرائيليrlm;!rlm;

الدعوة الي القمة الاستثنائيةrlm;,rlm; محاولة من دولة قطر بناء مكانة إقليمية ودولية تتجاوز إمكاناتها علي اختلافها كما حاولت من قبل لعب دور الوسيط والمفاوض بين بعض الأطراف الإقليمية ـ السودانrlm;,rlm; والصومالrlm;,rlm; ولبنانrlm;,rlm; وتنشيط علاقاتها بدول عربية صغيرةrlm;!rlm; وفي ذات الوقت لديها علاقة مميزة بإسرائيلrlm;!rlm; من ثم تشكل سياسة بعض الدول الصغري تطبيقا للتصور الأمريكيrlm;,rlm; عن تنشيط الدور الإقليمي لبعض الدول الصغريrlm;,rlm; بهدف بث التناقضات والمنافسات بين دول المنطقةrlm;.rlm;

من هنا يمكن وضع هذا النمط من المعالجات الإعلامية الصاخبةrlm;,rlm; أو سرعة الدعوة لقمم عربية لا تؤدي الي نتائج حقيقيةrlm;,rlm; أو قرارات فاعلةrlm;!!rlm; في إطار بعض الأهداف الصغيرةrlm;!rlm; لا الشعارات اليسارية والقومية والإسلامية التي ترفعها الفصائل المتصارعة علي الشعب والسلطة الفلسطينيةrlm;,rlm; يمكنها إغفال أن عملية الرصاصrlm;/rlm; الدمrlm;/rlm; المتدفقrlm;,rlm; هي في أحد أبعادها نتاج للصراع بين حماس وفتحrlm;,rlm; علي السلطةrlm;,rlm; وأن كليهما وآخرين هم محض مزايدة وتعبير عن علاقاتهم وتحالفاتهم الإقليمية مع محوري الممانعة والاعتدالrlm;,rlm; وما وراءهما من خارج الإقليمrlm;.rlm;

إن المزايدات السياسية واللغة العنترية الصاخبة لا تجدي في أوقات الأزماتrlm;,rlm; ولا يمكنها أن تصلح بديلا عن الحسابات الدقيقةrlm;,rlm; والتخطيط الذكيrlm;,rlm; والقدرة علي إدارة العلاقات العقلانية مع الأطراف الإقليمية والدوليةrlm;.rlm;

إن الخطاب الشائع حول المفاجأة هو ذاته خطاب اعتذاريrlm;,rlm; لأن الصحافة ووسائل الإعلام الإسرائيلية كانت تشير وبوضوح الي ضربة متوقعة لحماسrlm;,rlm; ومع ذلك لا إعداد ولا تخطيط لمواجهة العدوان الإسرائيليrlm;,rlm; ومن ثم سقط ضحايا من الشرطة الحمساويةrlm;,rlm; ونشطاء من كوادرهم القتاليةrlm;,rlm; وأبرياء من المدنيينrlm;!rlm; وبالطبع لا يجد بعض قادة حماس تبريرا عن تقاعسهم وغياب التقديرات السياسية والعسكرية الدقيقة والجادةrlm;,rlm; سوي إلقاء الاتهامات بالتواطؤ علي عاتق مصرrlm;!rlm; قد يجدي أحيانا إطلاق بعض الاتهامات منrlm;.rlm; سلطة حماس في إطار لحظات الألم وتدفق المشاعر الحادبة علي الغزاويين وحماس وآخرينrlm;,rlm; قد يستمر ذلك حيناrlm;,rlm; لكن السؤال سيظل حاضرا ماذا أعددتم عند وقفكم للهدنة؟ ما تخطيطكم للعودة إلي إطلاق الصواريخ والعمليات الفدائية؟rlm;!rlm; بافتراض جدلي حدث تواطؤ ماrlm;!rlm; ماهي حساباتكم؟ هل كانت وقتية أم قائمة علي حسابات وتقديرات خاطئة للمواقفrlm;,rlm; ركزت قرارات حماس الخاطئة للأسف علي الهروب الي الأمام وإلقاء الأزمة ومسئولية إدارتها علي عاتق مصر والدول العربيةrlm;!rlm; إن هذا النمط من القرارات يتسم بالخفة وعدم المسئولية السياسية إزاء أبناء غزة الذين عانوا من فساد فتح والسلطة الفلسطينيةrlm;rlm; وتسلط حماس والجهاد الإسلاميrlm;!rlm;

إن البربرية والوحشية الإسرائيلية هي نتاج للدعم الأمريكي المستمر لهاrlm;,rlm; وللانتهاكات المستمرة للشرعية الدولية الغائبةrlm;,rlm;واتفاقيات جنيفrlm;,rlm; ولاسيما الرابعة والبروتوكولات المكملةrlm;.rlm; لايدافع عن السياسات والمصالح الإسرائيلية والأمريكية في تصوراتهما لشكل الإقليم وتوازناته ومشاكله وأزماته سوي ذوي الأهواء والأغراضrlm;,rlm; لا يساند صفوات العجز والهوان والمزايدات اللفظية العربيةrlm;,rlm; سوي من في قلبه مرض وعقله خللrlm;!rlm; إلا أن المسألة العربية ـ كتعبير عن إقليم العالم المريض ـ أكبر وأكثر تعقيدا وتركيبا تاريخيا وثقافيا وسياسيا من كونها أزمة صفوات سياسية حاكمةrlm;,rlm; وأنظمة رسميةrlm;!rlm; إنها انعكاس لأزمة مجتمعات متخلفة في أنظمة الثقافة والقيم والتعليم وأساليب الحياة وتصوراتها وأساطيرها الوضعية حول ذاتها وتاريخهاrlm;,rlm; علاقة الفرد بالآخرينrlm;,rlm; وعلاقة الحكام بالمحكومينrlm;,rlm; وعلاقتهم باللغة والتكنولوجيا والعلمrlm;,rlm; وتصوراتهم الوضعية عن مقدساتهمrlm;,rlm; بل وعلاقتهم بمواطنيهم من المسيحيين وغيرهمrlm;!rlm; خذ الشعارات الدينية التعبوية للقادة والحركيين والمتظاهرينrlm;,rlm; وحاول تحليلهاrlm;,rlm; أين يجد المسيحيون العرب أنفسهم داخلهاrlm;,rlm; وهم جزء من أوطانناrlm;!rlm; ومن حركاتنا الوطنية

وكافحوا الاستعمار الغربي معنا يدا بيد؟rlm;!rlm;
إن النزعة العدوانية والبربرية الإسرائيلية لاتحتاج قط إلي استنتاجrlm;,rlm; أو تبرير سياسي أو أخلاقي آثمrlm;,rlm; كما ذهب إلي ذلك اعضاء ترويكا الحرب ـ أولمرتrlm;,rlm; وباراكrlm;,rlm; وليفني ـ أو آخرونrlm;,rlm; أو بعض التبريرات الضمنية في كتابات بعض الكتابات والخطابات العربية والغربية المغرضةrlm;.rlm; الإدانات والشجب الرسمي العربي لاقيمة لهاrlm;,rlm; وكذلك لاتأثير بعيدا أو متوسط المدي لبعض المزايدات التي تبث عبر بعض الفضائيات ذات الأداء التعبوي وغير المهنيrlm;,rlm; ولاقيمة لمحاولة بعض الدول النفطية الصغيرة أن تستثمر الأزمة الكارثية والدماء الفلسطينية من خلال اللغة الحماسيةrlm;,rlm; وبعض المؤن والأدوية والمعونات الماليةrlm;!rlm;

إنها أزمة كاشفة عن اختلالات بنائية عميقة وعالم عربي ـ صفوات وأنظمة وشعوب وأنظمة حياة وتعليم ـ خارج التاريخrlm;!rlm; في فضاء الجحيم الإسرائيلي الداميrlm;,rlm; وبين شلالات النيران والدم والأشلاءrlm;,rlm; علي مصر الدولة ذات التاريخ والتقاليد دعم الشعب الفلسطينيrlm;,rlm; ولا تلقي بالا للمزايدات أيا كانتrlm;,rlm; وعلي الصفوة المفكرة المصرية الموهوبة والكفء ـ علي قلة عناصرها ـ أن تطرح أسئلة الانهيار بحثا عن اجابات لمستقبل الأمة والدولة المصرية الأعرق حضارة ومعرفة ـ في تاريخ المنطقة والعالم ـ والأكثر قدرة علي الخروج من أزماتهاrlm;,rlm; ومواصلة طريق الأمة المصرية الواحدة الموحدة والدولة الديمقراطية الحديثة وما بعدهاrlm;,rlm; وسط عالم متخلف يرتدي أقنعة الحداثة ونمط استهلاكها الوحشيrlm;!rlm; ويتحدث لغة العالم القديمrlm;!rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تعليق
عبدالله علي -

يجب محاكمة اي زمره او طاغيه يقوم بتظليل الجماهير باسم الاءسلاام او القوميه او اي ايدولوجيه اخري والزج بها في حروب او مشاكل

عن مصر
بعيد -

المشكلة فى غزة لكن الهدف ضد مصر! اتركوا مصر فى حالها! الكل يصطاد فى الماء العكر! رؤساء لدول العربية و ملوكها كلهم مية مية و ما عدا مصر؟ بالعكس تماما! تلاقى تسييح الامور و الاصطياد فى الماء العكر من قبل عناصر اخوانية خائنة داخل مصر ضد مبارك الذى لمهم و وضعهم فى مكانهم الطبيعى فى السجون بدلا من ان سشلكوا خطر على مصر و الابرياء! فقط هذه هى القضية! بل ق يكون اعتداء حماس بالصواريخ الغبية على صحراء اسرائيلية قاحلة فقط ليضعوا مبارك تحت ضرسهم و يجعلوه فى فوهة المدفع! صدقونى لن تفلحوا لانه ليش شخصا مراهقا بل ناضجا و حكيما ليفهم كل شىء بل و الشعب المصرى بدا فعلا يتوقف و يفكر و الان و اليوم غالبية من كان ضد مبارك بفعل تحريض الاخوان صاروا معه و فهموا ان مصلحة مصر فى وحدتها و فى بقاء مبارك مشالله زعيم ليبيا ديكتاتور من 40 سنة و سيورث ابنه الحكم و زعيم سوريا تولى الحكم بالوراثة و حزب الله يحكمه رئيس مسيحى و اشمعنى مبارك و جمال لا؟ و اشمعنى مصر اللى مركزين عليها؟ من يحارب مصر باهل غزة؟ ايران و سوريا بالطبع و معهم قطر! هل الدول العربية ليس فيها فقر و لا ازمة اقتصادية و لا بطالة؟ فى مصر الكل يشب الريس فى وجهه لكن فى سوريا و ليبيا لا يبيت على قيد الحياة من يفعل ذلك و ايران القامعه للمراة اخر من تتكلم عن الحرية و حزب الله ماشلله عايشين فى اوروبا وسط المينى جيب-

حماس تحاصر غزة
عادل -

مقال رائع وشكرا

رد بليغ
مصرى -

ها هو ابلغ رد مصرى يمثل ما يجيش فى قلوب وعقول اغلب المصريين وليس من بينهم من فى قلبة مرض .العقل زينة با عرب!!!!!!!

هل هددوكم؟!
ايلاف خائفين! -

اللى نعرفه ان كل ما يقترب اعلان قضية الحريرى لازم بالامر تحصل حرب فى مكان ما للتشويش و ابعاد الراى العالمى اما عن علاقات سوريا و ايران فهى حتما الى زوال لان كلاهما يلعب فى الخفاء سوريا راعية حزب الله اللبنانى تحرض العالم ضد مصر لانها عملت معاهدة سلام كامب ديفيد بينما سوريا نفسها تتفاوض مع اسرائيل اثناء الحرب مع غزة على معاهدة الجولان و لم يهاجمها احد لان المصدر الذى يهاجم و يوزع لسيناريو على اعوانه فى كل بلد بكل لهجة هو ايران و هو الى الان حليف لسوريا و لكن ايران نفسه يتحالف و يتفاوض مع امريكا ليفعل ما يرضيها لكى لا تعاقبه على الملف النووى و بالتالى سوف يصطدم ايران مع سوريا ووقتها سيتعين على حزب الله ان يعلن ولاؤه لاحد الطرفين و عداؤه للاخر مما سيضعه فى موقف لا يحسد عليه اما بعد فقد دخل الاراضى المصرية تسللا اعضاء من حماس و معهم شحنات تفجيرية بهدف ضرب مصر و مواقع فيها و قيادات بمساعدة الاخوان المسلمين و تم القبض على 59 على حدود الاسماعيلية و باقى 10 على حدود العريش بقى ان نقول ان سوريا نسيت او تناست ان مصر كانت الدولة العربية الوحيدة التى وقفت معها وقت وفاة حافظ الاسد و تولى ابنه الرئاسة و مصر دافعت عن ذلك الموقف رغم ان سوريا كانت مهددة من الخارج و الدخل بفعل هذا القرار و الايام قادمة لنرى كيف سترد سوريا الجميل لمصر عندما يحدث نفس الشىء و ان كنا نرى منذ الان رد الجميل عن طريق حزب الله و حماس و ايران و سوريا لانهم كلهم خط واحد الى الان و الى حين فقط ثم يعرف كل شخص انه كيان مستقل و مصالحه مختلفة عن الباقيين فينقلبوا ضد بعض