موضة "تشهيد" الناس
قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
انطلقت موضة "تشهيد" الناس في أواخر سبعينيات القرن الماضي في دولة إسلامية، فبعد أن غسل رئيس محكمتها الثورية يديه الملطخة بدماء آلاف الناس الذين كان يبعثهم إلى ساحات الإعدام بجرة قلم، سُئل إنْ كان يعتقد بوجود مظلومين أعدموا بسبب تعجلّه في "تطهير" البلاد، فأطلق الموضة حين قال: من كان مظلوماً وأعدم فقد عجّلنا دخوله الجنة!
بعد عمليات "القاعدة" في تفجير السفارات والمقرات الحكومية في أكثر من مدينة إسلامية كنيروبي ودار السلام والرياض وجدة وإسلام آباد وغيرها، وتناقل وكالات الأنباء خبر القتلى والجرحى، كان أسامة بن لادن يكتشف، أو بالأحرى لا يكتشف لأنه يعرف منذ البداية، أن غالبية القتلى والجرحى هم من المسلمين الذين ساقهم سوء الحظ إلى ذلك المكان، سواء مروراً على أقدامهم، أو لإنهاء معاملة، أو بحثاً عن وظيفة يسترزقون ويطعمون عيالهم الخبز منها، فكان يسند ظهره إلى جدار جحره البعيد ويزف الخبر السعيد: نحتسب القتلى من المسلمين شهداء، ثم يضيف: ولا نزكي على الله أحداً.
وردّت الموضة إلى أهلها حين تأسّف "حسن حزب الله" لذوي "عرب إسرائيل"، الذين قضوا بصواريخ الحزب أثناء حرب الـ 33 يوماً، وأضاف لا فض فوه: نحتسبهم عند الله شهداء... وانتهت المشكلة.
وفي العراق، "صرّح" وزير الزراعة في "دولة العراق الإسلامية" التي لا وجود لها إلا في خيال مرضى "القاعدة" النفسيين، وهو المسؤول عن تجنيد النساء في محافظة ديالى لزرع الأحزمة الناسفة في أجسادهن لتفجيرها بين الناس في الأسواق، أو على مائدة إفطار، أو في طابور العاطلين عن العمل، صرّح بأنه طلب من زوجته، حرم الوزير "السيدة رانيا العنبكي"، التي جهّزها بنفسه لعملية انتحارية، بأن تختاره زوجاً لها في الجنة عندما تنفذ عمليتها الانتحارية! وبالتأكيد فإنه لا يقول هذا الكلام، إلا لأنه حجز لها مكاناً هناك، وبالطبع حجز لنفسه قبلها.
ولم يتخلف قادة "حماس" عن هذه الموضة، فركبوها أو ركّبوها على أهل غزة الذين يقتلون الآن على يد الجزار الإسرائيلي، بكلام إنشائي لا يفيد إلا بقدر ما تفيد صواريخ "التنك" التي "ينتج عنها إصابات أقل بكثير مما يحدث في حادث مرور" كما يقول أحدهم، والتي لم تقتل سوى 12 إسرائيلياً خلال 12 عاماً.
ففي أول رد فعل لإسماعيل هنية على العدوان الإسرائيلي قال، من مكان مجهول وآمن بالطبع، إن الهجمات لن تجعل حركته تتراجع "حتى لو أبادت إسرائيل غزة"، وربما يعتبر هنية العدوان إنجازاً من إنجازات حركته، فقد زادت قوائم الشهداء.
وفي اليوم السابع من العدوان قال خالد مشعل من مقره الآمن في دمشق بأن الحركة "لم تخسر إلا القليل القليل جداً"، ولا يهم أن الأهالي خسروا الكثير الكثير جداً، وأن إسرائيل هدفت "إلى الترويع بالصدمة.. وكانت الصدمة أن غزة امتصت الصدمة"، أي امتص الأبرياء والأطفال القنابل والرصاص وزاد عدد المقابر. يشترك هؤلاء في أنهم "يُشهّدون" الناس رغماً عن أنوفهم، ولا عزاء لزوجاتهم وأبنائهم ولا إلى مستقبل أيامهم، فآخر ما يفكرون فيه هو الإنسان، الذي لا وزن له في موازينهم، بل إنهم يرون قيمته الحقيقية في استشهاده، حتى لو لم يطلب هو ذلك.
التعليقات
جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
للاسف
فاضل -للاسف. ودائما للاسف على وجود مثل هذا الكاتب بالعشرات. هل يريد نصرا بلا شهادة؟ إذا كانت صواريخ حزب الله قد قتلت بالخطأ بعض العرب الاعزاء في فلسطين المحتلة فهل أن الحزب كان يتعمد ذلك؟ فليعلم ان الحزب وحماس وكل المقاومين أشرف من ان يدفعوا اهلهم للشهادة بلا جدوى.