جريدة الجرائد

غزة مشكلة أم قضية؟

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

سليم الحص

تطالعنا كل يوم مشاريع لوضع حد للحرب على غزة. كل هذه المشاريع توحي وكأنما غزة هي مشكلة أمنية. فتأتي المشاريع عموماً بالنص على وقف إطلاق النار والانسحاب إلى الخطوط التي انطلقت منها الحرب واستحداث آلية مراقبة لالتزام وقف إطلاق النار تتولاها قوة فصل دولية.

ما نريد أن نؤكده هو أن غزة ليست مجرد مشكلة أمنية. إنها قضية، قضية وطنية تعني الشعب الفلسطيني، وقضية قومية تعني الأمة العربية. قضية غزة هي قضية فلسطين، وشعب غزة إنما هو جزء من شعب فلسطين.

وقضية فلسطين هي قضية إنسان وقضية أرض، ولكنها قضية إنسان قبل أن تكون قضية أرض. إنها قضية إنسان مشرّد عن أرضه، مقتلع من دياره، يفتقد أدنى حقوق الإنسان في حياته: يبحث عن هوية، يفتقد أرضاً يقيم فوقها، ليس له صوت في تقرير مصيره، لا عهد له بشيء يسمى حرية وإرادته غير مسموعة، فرص العمل غير متاحة أمامه وعليه أن يعتاش على المعونات. إنها قضية إنسان، إذاً هي قضية حق.

مع كونها قضية إنسان، ففلسطين هي أيضاً قضية أرض: أرض سليبة. قاطنوها من اليهود بعيدون عن مسقط رأسهم، ومعظمهم وافد من أوروبا وأمريكا وسائر قارات العالم. وفلسطين مسقط رأس جموع عربية من شعب مهجّر، مقتلع من أرضه.

فلسطين بعبارة أخرى قضية وجود ومصير. والوجود ليس وجود شعب، بل هو وجود أمة، والمصير ليس مجرد مصير شعب بل هو مصير أمة. الشعب فلسطيني، أما الأمة فعربية. يجمع بين الشعوب العربية فيجعل منها أمة جملة عوامل على رأسها فلسطين. من العوامل لغة واحدة وتراث مشترك وثقافة عريقة وتقاسم لأرض مترامية وإنما واحدة، وهموم وكذلك تطلعات مشتركة. وفلسطين فرضت لنفسها موقعاً متقدماً في هذه الباقة من الجوامع. منذ وعد بلفور ومن ثم قرار تقسيم فلسطين الذي أعقبه وقوع النكبة في عام ،1948 والعرب من المحيط إلى الخليج تشدهم قضية مشتركة هي قضية فلسطين. ولا تزال.

وغزة التي تتعرض اليوم لحرب ldquo;إسرائيليةrdquo; ضارية، حرب إبادة، إنما تختصر فلسطين، فلسطين القضية. على مصير غزة يتوقف مصير فلسطين. وعلى مصير فلسطين يتوقف مصير العرب كونهم أمة. تنتصر غزة بمجرد صمودها في وجه العدوان الوحشي الغاشم، وإن سقطت، لا قدر الله، فإن قضية فلسطين تصاب بانتكاسة رهيبة ومعها تتعرض الأمة العربية لخلخلة كبرى في مفاصل وحدتها، فيغدو السؤال مشروعاً: هل تبقى الأمة عند ذاك أمة؟ هذا مع العلم أن تجارب الماضي دلّت على أن الزمن لا يصب في مجرى مزيد من التماسك بين الشعوب العربية بل في مجرى ترسيخ أسباب الفرقة بينها. فأواصر الترابط بين الدول العربية هي اليوم أكثر وهناً مما كانت يوم قامت جامعة الدول العربية قبل عقود من الزمن.

من هنا القول، الحرب الغاشمة على غزة تبلغ أوجها في همجيتها السافرة. إن غزة هي فلسطين، وفلسطين هي الأمة. لكم أطاحت فلسطين برؤوس وعهود في الوطن العربي، ولكم أطلقت من تظاهرات وفجّرت من أزمات في الشارع العربي. فكيف ستكون أصداء الحدث في الشارع العربي، وبالتالي على واقع أنظمة الحكم في الأقطار العربية عموماً فيما لو، لا قدّر الله، لم تسلم غزة في حرب العدوان الصهيوني عليها؟ فهل نغالي والحال هذه إن قلنا إن معركة غزة اليوم هي معركة المصير القومي العربي؟

يبدو واضحاً أن معظم الحكام العرب لا يدركون هذه الحقيقة الناصعة. هذا ما تنمّ عنه تصرفاتهم وسياساتهم ومواقفهم أمام ما تواجه غزة وفلسطين والأمة، من عنت وتحديات وأخطار. ولا نتحدث عن استراتيجيات هؤلاء، فهم من النظرة أو الوقفة الاستراتيجية براء.

غزة لها رب يرعاها وشعب يفتديها، وكذلك فلسطين ومعها الأمة العربية.

نصرك الله يا غزة المجاهدة. وليكفّ أصحاب المشاريع العقيمة عن التعاطي مع غزة وكأنها مجرّد مشكلة أمنية، تنتهي بوقف إطلاق النار ومراقبة تنفيذه. متى سيدرك هؤلاء أن غزة قضية، قضية مصير وطني وقومي. فلتكن مشاريع الحل على هذا المستوى من الفهم للحرب الدائرة.

ختاماً فلنعترف بأن بعض مظاهر القضية تغلب عليها خصوصيات المشكلة، ومنها التشريد والتشتت والبطالة وسواها. وقد أفلح مناصرو الصهيونية من قوى العالم في تغليب خصوصيات المشكلة على القضية، عبر حقبة طويلة من الماضي واستخدام وجه المشكلة ليطغى على وجه القضية. فجاءت معظم مشاريع الحل للمشكلة وليست للقضية. ويريدوننا أن نصدق أنها مشكلة وليست قضية. لن يكون ذلك مهما سعوا وحاولوا. ولكن الواقع أن الصهيونية وحلفاءها استطاعوا أن يشغلوا الشعب الفلسطيني بمشكلته عن قضيته إلى حد ما، كما نجحوا في شغل الشعوب العربية بمشاكلها عن قضاياها.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
باختصار شديد
محمد المصري -

1 - من الآن فصاعدا كل قطرة دماء تهرق في غزة تتحمل مسؤليتها قيادة حماس وبشكل خاص اؤلئك القابعون في دمشق.2 - كان على اسرائيل ومنذ البداية تخويف ما يسمى بالصحفيين الذين يفترض انهم مراسلين حربيين يغطون الحرب وبشكل مهني لاالكلام السياسي الفارغ البعيد عن المهنية. هل كان هؤلاء ينقلون وجهة نظر الطرفين ام انهم كانوا ابواق سياسية ترفع الشعارات الحماسية الفارغة من فوق السطوح او من مدخل المستشفي وهم يعتمرون الخوذ العسكرية والبدلات المضادة للرصاص بشكل مثير للضحك والقرف لانه مشهد تمثيل لااكثر ولا اقل.

تلويث القضية
بايادى حماس -

ان هناك ابرياء عزل يموتون بينهم اطفال و ان هذا مأساة انسانية من ماّسى الحوب وويلاتها اضافة الى الخسائر المادية و تشريد الالاف من البشر ايضا فهذا لا جدال عليه ابدا فى طل العالم و لكن من المخطىء؟ و اين الحل؟ و من وراء ذلك؟ هنا نختلف كلنا نتفق ان قتل اى اطفال و مدنيين عزل (مفترض ان تقوم اى جيوش او مقاومة بحمايتهم و تامين سلامتهم قبل و اثناء الاقدام على اى خطوة و حساب عواقبها انه ما الربح و ما الخسارة) و الخسارة فى صفوف اى جيش او مقاومة شىء غير مكروه بل مقبول و يسمى استشهاد احيانا و لكن قتل الاطفال الرضع الذين لا يملكون حق تقرير اختيار الحياة او الموت سواء كضحايا او شهداء فهذا حرام و غير مقبول تحت اى ستار سياسى او دينى او جهادى) نفهم ان اى جيش مهمته شيئين اثنين حماية و الدفاع عن ارواح و ارض الشعب نفسه اذن مبدئيا اى مقاومة و اى جيش يكون خاضعا للسلطة الرسمية و الدولة و اىضا لابد ان يكون مطيعا لاوامر الدولة و لا يقاتل الا بامرها و ان يكون رؤساؤه و مرتبوا خطط الوية عسكرية و ليست ميلشيات او عصابات او الاخطر عملاء ليس للشعب و لا لحماية الاطفال و الارض بل عملاء لقوى خارجية و هم يتارجحون و تارة يحتمون فى القضية و الدولة و يتظاهرون بالدفاع عن الوطن ثم تارة تظهر نواياهم الاخرى فى خدمة اسيادهم من خلافات دينية او دول تساندهم و تمولهم فى الخارج و هنا تحدث المصيبة عندما تتغلب الاطماع و الاوامر الخارجية على مصالح و امن المقاومة الداخلية و الوطنية مثلما حدث فى حرب تموز و حرب غزة و مثلما يحاول الاخوان فى مصر ان يفعلوه

الحسابات الخاطئة
و صيد الماء العكر -

الزعماء و القادة مهمتهم الاولى حقن دماء الابرياء و المدنيين و النساء و الاطفال و التضحية بالمقاتلين فى سبيلهم و فى سبيل الوطن و ليس ابتكار او اختراع حروب بلا فائدة او بلا مبرر و ليس باتخاذ خطوات غير مدروسة و ليس من صفات الزعامات الدينية او السياسية الاغراق فى الصراخ و العاطفية و التصرف بعيدا عن المنطق او التضحية بشهداء فى مغامرات غير محسوبة العواقب و ليست الزعامة فى الانحدار الى السب و الشتم و ليست القيادة فى تحقيق مكاسب اعلامية عن طريق صور الجثث بل التسبب ايضا فى تلك الجثث بصورة غير مباشرة و لا نعرف هل يشترط فى الزعامات الحالية ان يكونوا اصحاب لحى و اصوات عالية لدرجة الصراخ مع خبرة فى التلاعب بالالفاظ مع ضرورة القدرة على اطاعة الاوامر التى تصدر لهم من الراس الاكبر لينفذوها بدقة فى اى مكان فى العالم مع خلق اجيال جديدة على نفس النهج فى انحاء العالم و تمويلهم و غشيل عقولهم حتى لا يعودوا يفكرون الا بعقول اولئك الناس و لا ينطقون الا بلسانهم؟ ام الزعيم يشترط فيه التهور و الاندفاع كم يقود عربة طائشة برعونة و بعد ان يفعل فعلته يظل يبكى على الاطلال و يترك الابرياء يدفعون الثمن دون ان تهتز له شعرة واحدة فالمهم تنفيذ المهمة و الظهور على الشاشة ليراه العقل المدبر و يتاكد انه قام بواجبه :و حذر لا تناقش و لا تجادل يا اخى هذا شعارهم! ام انه يجب ان يتميز الزعماء بقصر النظر و عدم القدرة على توقع ما يترتب على الخطوة التى يفعلونها ام يفعلون ما يريدون ثم يغرقون المنطقة كلها فى حمام الدم ؟ الا يجب ان يكون اى زعيم او قائد شخصا حكيما عاقلا يقدر الامر و يحسب الخسارة مقابل الربح قبل اى شىء؟ الا يجب ان يكون من يمشى و يجعل الاخرين يمشوا وراءه عنده روية و عقل و حكمة ليجنبهم شر الويلات من تصرفاته الحمقاء؟ نرجو ان يعود قادة حزب الله و حماس و الاخوان الى ضمائرهم و ان يحسنوا تقدير الامور و ليس كل مرة تسلم الجرة و من الطبيعى ان الشخص يخطىء لكن غير الطبيعى الا يتعلم من خطؤه و من غير الطبيعى ان يكرر نفس الخطأ مرارا و تكرارا! انهم بحاجة لاطباء نفسانيون لمعالجتهم من الهلاوس و الوساوس القهرية التى اصابتهم!

الكلام من فضة...
وجهة نظر -

الى صاحب التعليق رقم واحد أولا قيادات حماس منفية في دمشق و بيروت وأذا لا منت تعرف معنى النفي راجع المعجم, ثانيا عن تعليفك كان على اسرائيل ومنذ البداية تخويف ما يسمى بالصحفيين أرجو أحترام الحرايات الصحفية في أوطان لم يعد هنالك أي شىء يدعو الأحترام, هؤلاء الصحقيين يقومون بأشرف المهمات و أذا تعتبر ما يقومون به مجرد شعارات أنت تعبر عن وجه نظر أثبتت أفلاسها, راجع سجل الصحفيين ريتشارد فلسك و أميرة هاس قبل أن تصدر أحكام لا تفسير لها سوى الجهل المطبق.

الضمير حين يموت
إلى المصري -

واضح يا محمد انك متابع جيد لقناة الجزيرة فلماذا تنتقدها ولماذا لا تشاهد العبرية والتي تتوافقك مع ضميرك .

نعم إنها القضبة
علي،دالاس -

نعم إنها القضية يا دولة الرئيس ،ولكن للأسف الشديد لقد إستطاع الصهاينة أن ينفذوا إلى ضعاف النفوس في الأمةويقنعوهم بان حماس وحزب الله هم المشكلة والعقبة في طريق رخائهم وسعادتهم،يا اسفي على هؤلاء الذين لم يدركوابعد متى أكل الثور الأبيض واين.

وعي الأزمة أم أزمة
صلاح الدين العائد -

قل خيراً.. أو اصمت إلى العنوان 1 - 2 - 3 لايزال بعض ابناء هذا الوطن ينظرون إلى احداث غزة نظرة سطحية وبعيدة عن الواقعية، ولايزال البعض من اخواننا المواطنين يقيم احداث غزة وهو جالس في بيته يلتهم العشاء مع ابنائه دون قراءة صحيحة للتاريخ البعيد والقريب، أنا لا أعتب على بعض اصحاب الزوايا الذين يؤمنون بمقولة (الخير يخص.. والشر يعم) والذين ـ بناء على هذه المقولة ـ يعتقدون ان كل عراقي غزا الكويت وأيد صدام حسين، وان كل فلسطيني هو ياسر عرفات الذي دعم الطاغية في غزوه للكويت. أقول أنا لا أعتب على هؤلاء.. ولكن أعتب على من نظن بصدقهم في كتاباتهم وبحسن نواياهم وتوجهاتهم الاسلامية والقومية من الذين اختلط عليهم الحق بالباطل فأخذوا يوحون لمن يقرأ لهم بتجردهم من المشاعر الانسانية والدوافع الاسلامية. في الوقت الذي تستمر فيه اسرائيل بعربدتها في غزة.. وتستمر مجزرتها ومحرقتها لاطفال وشيوخ وشباب غزة، في هذا الوقت يخرج علينا من يعتب على حماس ويحملها مسؤولية ما جرى ويجري، وكأنهم أرادوا لهنية واخوانه ان يعلن موافقته على مطالب بني صهيون الجائرة وغير العادلة ولا يستمر في مطالبه المشروعة بانشاء دولة فلسطينية حرة وفقاً لقرارات مجلس الأمن والأمم المتحدة التي ترفضها اسرائيل! ويحز في نفسي ان نبني مواقفنا على معلومات من مصادر يهودية، فقط حتى نعطي مبررا لتأويلاتنا التي تتفق اخيراً مع تأويلات وأعذار اليهود في ضرب غزة. لقد استمرت الهدنة ستة أشهر كاملة.. لم تطلق فيها كتائب القسام صاروخاً واحداً.. ولم تأسر يهودياً واحداً... ولم تنفذ عملية جهادية واحدة ومع كل هذا ماذا كانت النتيجة؟! حصارا قاتلا.. لا ماء.. لا كهرباء.. لا وقود.. لا علاج.. وأخيراً.. لا طعام! هذه كانت نتيجة الهدنة خلال الأشهر الستة.. حتى بدأ الناس يموتون موتاً بطيئاً..! ومع كل ذلك تستمر مصر في إغلاق معبرها وتستمر اسرائيل في تضييق حصارها.. والعرب والمسلمون يتفرجون وينشغلون بالدورات الرياضية ومهرجانات التسويق وافتتاح المنتجعات السياحية. ماذا تنتظر من شعب يعيش هذه الظروف؟ الموت بكرامة وعزة.. افضل من الموت بإهانة وذلة! (فإما حياة تسر الصديق.. واما ممات يغيظ العدا) وأقول لإخواني.. هذا اليوم ليس يوما للشماتة.. بل يوم للشهامة.. فمن أراد ان يدلي بدلوه في معركة الصمود والعزة فليقل خيراً أو ليصمت. ملحوظة: الذين التزموا بالهدنة هم كل الفصائل الف