مصادر في فريق أوباما: لبنان سيتراجع في سلم أولويات الإدارة المقبلة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
ديبلوماسي أميركي يتحدث عن "التسوية الكبرى أو الحرب الكبرى" مع إيران
ما لم يبد حماسة للدخول في مفاوضات سلام مع إسرائيل
واشنطن - حسين عبد الحسين
تعتقد مصادر اميركية في الفريق الانتقالي للرئيس المنتخب باراك اوباما، ان لبنان سيتراجع في سلم اولويات السياسة الخارجية للادارة المقبلة، ما لم يبد المسؤولون اللبنانيون حماسة لدخول مفاوضات سلام مع اسرائيل، على غرار سورية والفلسطينيين.
"هذا لا يعني تخلي الولايات المتحدة عن الدعم المطلق لعمل المحكمة الدولية الخاصة بلبنان او لمؤسسات الجمهورية اللبنانية وفي مقدمها الجيش اللبناني"، حسب احد الديبلوماسيين المعينين حديثا لمتابعة ملف الشرق الاوسط في وزارة الخارجية الاميركية.
وقال الديبلوماسي، الذي طلب عدم ذكر اسمه بناء لتعليمات تقتضي بابتعاد افراد الادارة المقبلة عن الظهور الاعلامي حتى تسلمهم مناصبهم، ان "مقاربة الرئيس اوباما للشرق الاوسط ستكون مختلفة جذريا عن مقاربات الادارات السابقة باجمعها". واضاف: "لا نريد ان نطلق تسميات كبيرة على رؤيتنا ومشروعنا المقبل، ولكن استطيع القول ان عنوان المرحلة المقبلة، من دون ادنى شك، هو التسويات السلمية، وهذ ما سنصب اهتمامنا عليه".
عن شكل التسويات المقبلة، ذكر الديبلوماسي: "لدينا بضعة مسلمات لا يمكننا التفاوض عليها واولها امن دولة اسرائيل، ثانيها، انهاء التخصيب الايراني لليورانيوم الذي يسمح بانتاج الاسلحة النووية، ثالثها، الوصول الى سلام بين اسرائيل وخصومها في المنطقة".
هذه الخطوط العريضة قد تؤدي الى التخلي عن بعض السياسات السابقة التي تبنتها ادارة الرئيس جورج بوش. "الحوار مع سورية،" حسب الديبلوماسي، "لن يكون مشروطا استئنافه، ولكنه حتما سيكون مقيدا بجدول زمني واستمراره سيكون مشروطا بنتائجه".
يلمح الديبلوماسي الى ان الجزء الاكبر من السياسة الخارجية المقبلة هو من بنات افكار ديبلوماسيين سابقين لديهم خبرة في المنطقة وعادوا الان الى وزارة الخارجية. "الفكرة الاساسية هنا ان سياستنا تتمحور حول الموضوع النووي الايراني... ما تحاول ايران فعله هو وضع عقبات تلهينا عن برنامجها مثل حرب اسرائيل مع حزب الله في العام 2006، وحربها في عزة الان".
اما ما ستحاول واشنطن فعله، "هو تذليل هذه العقبات بشكل جذري وسريع... اي نصل الى سلام اسرائيلي مع كل من سورية والفلسطينيين، يتقلص الوجود الاميركي في العراق، نبتعد عن اثارة المشاكل مع الروس في الدرع الصاروخية وغيره".
هذا التمهيد "السريع"، حسب المصادر الاميركية، يهدف الوصول الى "مفترق طرق مع الايرانيين".
يؤكد الديبلوماسي: "في غضون سنة، سنذهب الى الايرانيين وفي يدنا عرضا، اما تسوية كبرى تكون ايران من ضمنها وتتخلى بموجبها عن ملفها النووي، واما حرب كبرى تقودها اميركا بمؤازرة كل دول العالم على غرار حرب الخليج التي اخرجت قوات صدام حسين من الكويت".
في اروقة القرار في واشنطن، سمعنا هذا السيناريو "التسوية الكبرى او الحرب الكبرى" يتكرر اكثر من مرة. "هكذا تعمل الديبلوماسية الاميركية على حل الموضوع، واذا ما اصطدمت بتصلب ايراني، تكون واشنطن قد ابرأت ذمتها من حرب عالمية على ايران".
في الحالتين، اي التسوية ام الحرب، ستحتاج واشنطن الى نتائج سريعة اذ تجزم اجهزة الاستخبارات الاميركية ان امام ايران سنتين للبدء بتصنيع قنبلتها النووية الاولى، وهو مما يضع واشنطن امام مهلة زمنية محددة للوصول الى خياراتها في المنطقة.
"لن يكون لدينا اكثر من بضعة اشهر لتوقيع اتفاقيات سلام نهائية بين اسرائيل والسوريين والفلسطينيين... وبعد ذلك، بضعة اشهر لمفاوضات مع ايران، ثم الحرب ام السلم".
عن سيناريو السلام الفلسطيني - الاسرائيلي، قال محدثنا: "هذه محسومة وفيها قرارات دولية... دولتين، الدولة الفلسطينية على كامل الضفة وغزة مع القدس الشرقية". ولكنه استدرك بالقول: "باعتقادي انه ستحصل عمليات مبادلة للاراضي، ستطلب اسرائيل الاحتفاظ بمستوطناتها الاربع الكبرى في الضفة، وتتخلى عن اراض لها يكثر فيها عرب اسرائيل".
ولا يعتقد الديبلوماسي ان الملفات الاخرى المتعلقة بالسلام ستعيق المفاوضات فامور مثل "اللاجئين، والمياه، والسيادة على المعابر الحدودية الفلسطينية، والحقول المغناطيسية، وحقوق توليد الكهرباء... ناقش خبراء من الطرفين هذه الموضوعات على مدى العقد الماضي والان نحن امام خيارات لا المزيد من النقاشات".
واعتبر انه "سيكون على كل الاطراف تقديم تنازلات صعبة، ولكن النتيجة ستكون السلام والازدهار للدولتين".
اما عن المسار السوري، فقال المصدر ان "ملف سورية اسهل ويلاقي قبولا اكبر بين معظم الاسرائيليين... لقد توصل الطرفان الى حل بعد تذليل اخر نقطة عالقة هي السيادة على اربعة من جداول المياه في الجولان". واكد "ان السلام بين سورية واسرائيل ناجز ولا يحتاج الا الى المباركة الاميركية".
هنا سألنا عن "الثمن السياسي" المطلوب من سورية تسديده، فاجابنا الديبلوماسي الاميركي: "لا شيء". وتابع: "السلام بين سورية واسرائيل، على غرار السلام بين اسرائيل وكل من الاردن ومصر، يقضي بتبادل السفراء. سيكون على سورية تأمين حماية للبعثة الديبلوماسية الاسرائيلية في دمشق، وسيؤدي هذا الى تنسيق رسمي بين الدولتين... اذاً لا نتوقع ان تستمر دمشق في دعم المجموعات المعادية لاسرائيل، مثل حزب الله وحماس، كما سيعود الى المسؤولين السوريين موضوع التوفيق بين علاقاتهم مع طهران، وعلاقاتهم مع تل ابيب".
وسألنا السياسي الاميركي عن لبنان، فرد: "نحن نحترم سيادة لبنان وعلاقتهم باسرائيل تحددها حكومتهم. طبعا نحن نفضل دخول لبنان العملية السلمية بدلا من الابقاء على شبه الهدنة التي يرعاها القرار 1701. لكن قطار السلام في المنطقة لن ينتظر لبنان".
واستدرك بالقول: "سمعت مسؤولين لبنانيين يتحدثون عن ربط توقيعهم السلام بالمبادرة العربية. باعتقادي هذه انتهت. سنصل الى دولتين، ثم يدخل من يشاء من الدول العربية باتفاقيات سلام منفردة مع اسرائيل، على غرار ما تفعل سورية، علما بان الدول العربية الاخرى، غير لبنان، لا تجمعها حدود مع اسرائيل وليس لديهم لاجئين فلسطينيين، مما يجعل وصولهم الى سلام مع تل ابيب عملية سهلة".
وعلق السياسي الاميركي على الوضع في لبنان بالقول: "ما زلنا في واشنطن لا نعرف كي نتعامل مع لبنان. اذا قلنا لهم انتم دولة سيدة وتفضلوا كلاعبين اقليميين، يقولون ان التعقيدات الاقليمية انعكست داخل لبنان ولا يمكنهم الحركة قبل ان نذلل لهم المشاكل الاقليمية".
واضاف: "مشكلة معظم زعماء لبنان انهم غالبا ما يعجزون عن القيام بامور (استخدم كلمة ديليفر بالانكليزية)، مما يجعلهم غير ذي صلة في القرار والمشهد الاقليمي، بل نتاج لما يحدث".
وختم: "اما اذا ادرنا وجهنا عن لبنان لحل المشاكل الاقليمية التي نأمل على اثرها ان ينفرج الوضع في لبنان، نسمع اصواتا تلومنا على ترك اللبنانيين خارج المفاوضات وعملية القرار... اذا كانت حكومة لبنان سيدة في قرارها، فلتطلب منا رعاية مفاوضاتها مع اسرائيل، على غرار ما تفعل سورية، وسنكون اول من يلبي هذا الطلب... واعتقد ان الاسرائيليين سيأتون الى الطاولة ايضا".