جريدة الجرائد

البنادق... والفنادق... والخنادق!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

مأمون فندي

تتلخص مأساة غزة اليوم في ذلك الصراع الذي يشقق العالم العربي كله لا غزة وحدها بين جماعة الفنادق وأهل البنادق ورجال الخنادق. أهل غزة، رغم اعتزازهم ببنادق المقاومين، هم اليوم ضحية بنادق الاحتلال، وإن القلب لينفطر لرؤية هؤلاء "الغلابة" الذين يواجهون عدواً غاشماً بصدورهم وببنادقهم البدائية... أهل غزة أيضا هم ضحية تجار الخنادق من المهربين، وضحية لقيادة محاصرة ومعزولة تحت الأرض وفي الخنادق، أما قيادة المقاومة من الفنادق، مثل السيد خالد مشعل، رئيس المكتب السياسي لحركة "حماس"، والمقيم في دمشق، والذي لا يصْلَى بنيران غزة، فقط يحض "الغلابة" على المقاومة، رغم أنهم يواجهون أعتى آلة عسكرية في التاريخ، وهم الضعفاء والجوعى والمرضى.

المأساة على مستوى النضال الفلسطيني اليوم تتخلص في ذلك الفارق بين رؤية أهل الخنادق وما يحدث، على الأرض ويتكبده حملة البنادق، وتلك الرؤية المتطرفة القادمة من المترفين ممن يقيمون في الفنادق. من استمع جيدا إلى خطاب إسماعيل هنية الذي فيه شيء من الليونة والقبول بالمبادرات التي تخفف وطأة الاحتلال أو توصل غزة إلى حالة وقف إطلاق نار، وإلى خطاب خالد مشعل الرافض لوقف إطلاق النار، لأن الهدنة من وجهة نظر مشعل هي نوع من تعطيل المقاومة، من يستمع إلى الخطابين و ينظر إلى وجهي الرجلين يدرك أن هناك شرخا بدأ يظهر بين رجال الخنادق في الداخل ورجالات الفنادق في الخارج.

على مستوى القيادة السياسية لـ"حماس"، وإذا كان الأمر كذلك بين الفنادق والخنادق فظني أن من يحملون السلاح من الشباب الفلسطيني يدركون حجم الخسارة التي تكبدتها الحركة نتيجة قرار سياسي غير محسوب، وأنهم يدفعون ثمنا غاليا لاتخاذ قرار متهور بإنهاء حالة الهدنه مع إسرائيل، قرار لم يتخذ بروية أو دراسة إنما اتخذ في لحظة "حماس".

إن ما يحدث اليوم لن يضر بوحدة الصف الفلسطيني فقط، إنما قد يشق "حماس" نفسها إذا ما تعمق الخلاف بين جماعة الفنادق وقادة الخنادق وحملة البنادق، هذا الانقسام ونقص التخطيط يشير إلى أن الفلسطينيين ينزلقون من الموقف الأفضل إلى الأسوأ، ثم إلى الذي يفوقه سوءا، وهكذا تتدنى وتتواضع مطالب الفلسطينيين من قرار التقسيم الذي كان سيمنحهم نصف فلسطين؛ إلى أوسلو و"الأرض مقابل السلام" في عهد "أبو عمار"، إلى "الهدنة مقابل الكهرباء" في عهد إسماعيل هنية وخالد مشعل.

فالفلسطينيون يهبطون على سلم المطالب بدل أن يصعدوا من سقفها، وليس هذا في فلسطين وحدها، فالناظر إلى نتائج (النصر الإلهي) الممول بـ(الدولار الطاهر)، يعرف أن جنوب لبنان الذي كان محررا لم يعد بعد حرب تموز كذلك، فقد أصبح اليوم تحت إمرة القوات الدولية التي تسيطر عليه وتبقي السيادة اللبنانية منقوصة على الأرض اللبنانية.

ولكن جمهور الفضائيات اليوم لديه كل الثقة في المقاومة التي قادته إلى انتصارات كاذبة وخفضت سقف مطالبه حتى بلغ الفتات؟ جمهور تطربه رنات أصوات مناضلي الفنادق، ولكن متى ما أصبح الصبح بعد وقف إطلاق النار ورأينا حجم الدمار الذي حل بغزة مقارنة بما حدث لإسرائيل، لربما صدقنا أهل البنادق أكثر من أهل الفنادق.

ثلاثية الفنادق والبنادق والخنادق لا تنطبق على الفلسطينيين وحدهم، إنما يمكن تقسيم حتى دول المنطقة إلى دول الخنادق ودول البنادق ودول الفنادق، أما دول البنادق فهي دول المواجهة التاريخية المعروفة، أما دول الخنادق فهي من أمثال جبهات الصمود والتصدي التي تسكن في الخنادق ولا نسمع لها دوي رصاص خارج حدودها، أما دول الفنادق فحدّث ولا حرج، هناك دول تتفرج على مشهد القتل من غرف الفنادق الفاخرة، وهناك دول أخرى هي مجرد فنادق أو يمكن أن يسكن أهلها في فندق، ولكنها تتبجح بقيادة الصمود العربي والحس العالي لا السد العالي. فضائياتنا تتعيش على صور ضحايا بنادق العدو لتروج لها عند أصحاب الفنادق كي تكون مادة لأحاديثهم على العشاء، مادة للتحسر وللتفوق الأخلاقي، تفوق أخلاقي نراه على الشاشات من محللي الفنادق، ونشطاء مظاهرات الفنادق، ولا أحد يحمل البنادق، أو على الأقل يفعل شيئا يستحق الذكر، باستثناء حالة هؤلاء الأطباء الذين قرروا التخلي عن وهج الشاشات المصاحب للمظاهرات في عواصم الفنادق وذهبوا إلى غزة من أجل أن يقدموا لأهلها عونا. هؤلاء اختاروا أن يكونوا في خنادق المقاومة، لا في فنادق الفضائيات، ولا في معية المتظاهرين على الشاشات، هؤلاء رجال يستحقون التحية. عرب الفنادق اليوم أكثر عددا وأكثر تطرفا وأعلى صوتا من عرب البنادق أو حتى عرب الخنادق، وظني أن أهل غزة أنفسهم، هؤلاء الضحايا ممن دفعوا الثمن الأكبر، ومعهم معظم الناس العاديين لا يعرفون الفنادق، ويكرهون العنف ويكرهون البنادق ويريدون أن يعيشوا في سلام في بيوتهم لا أن يحاصروا تحت النيران فيجبروا على الحياة في ظلمات الخنادق.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
هل من علاج نفسى
لمشعل و امثاله -

و كأنه منتصر و كأنه يحكم العالم و كان مصر تشتغل عندهم اخذ خالد مشعل يسرد عشرات المطالب التى تسبه مطالب جنى الفانوس السحرىربما مصر تمتلك الفانوس و نحن لا ندرى و لا يريد ايقاف القتال و لا ايقاف اراقة الدماء بل راح يعبر عن احلام الفتى الطائش و يحلم و يعد الناس بالنصر و يحرض على مصر ! يبدو ان الفقيه الاكبر و دمشق فى حاجة للمزيد من الوقت ليرتبوا امورهم!

استاذنا
ابو رعد -

تحليل حقيقي و واقعي الا انني اختلف معكم في موضوع اختلاف اهل الفنادق مع اهل الخنادق حيث ان الدولة الصفوية الراعي الرسمي لهذه المجموعة لايسمح بذلك ولن يسمح لهنية او غيره من الخروج عن مشعل دمشق حيث يمثل الولاء والخضوع لهم وعليه فلن يحدث ما نتمنى حدوثه جميعاً لأننا سئمنا من الخرشات التي ندفع تجاهها ارواح كان يجب لها ان تعيش لا ان تقدمها حركةالأخوان كخراف قربانً لإرضاء العزيزة ايران

الخنادق
عائدة -

قيادة حماس تعيش الآن في الخنادق خمس نجوم التي بنتها بأموال الدولار الطاهر إستعدادا للحرب وأبقت الشعب الفلسطيني هو الذي يتلقى الضربات بدمه وأرواح أطفاله وتدمير دياره لكي يخرج القادة وهم يرفعون علامة النصر فهم لم يخسروا إلا القليل القليل ولهذا هم المنتصرون .

عيب
محمد -

يا عضو الطابور الخامس اكيد انت لست فلسطيني و ارجو ان تقرأ جيدا عن بني صهيون قبل انت تكتب

لك التحيه
مواطن من غزه -

لك ايها الكاتب ولصحيفتك كل التحيهوالاحترام

الاستعانة بصديق
سهيل خيرالله -

كنا في احلى الفنادق جرجرونا على الخنادق...قالها زياد الرحباني منذ ثلث قرن تندرا على احوال لبنان اثناء الحرب الاهلية اللبنانية. وهذا حال حماس تريد جرجرتنا الى الجنة بالسلاسل..او نكون كفار وعملاء وخونة..خونة لاننا لانريد سلالسلهم او جنتهم خصوصا وانه ليس هناك خيار او احتمال ثالث ولا حتى الاستعانة بصديق على طريقة جورج قرداحي.