جريدة الجرائد

تفنن العرب في هزيمة الانتصارات

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

دبي الحربي

ما يعانيه النظام العربي من هشاشة وذبول هو انعكاس حقيقي لتداعيات التفريط في النجاح الذي حققه الجيشان المصري والسوري في حرب 1973 ضد إسرائيل، وكان للالتفاف العربي خلفهما ولاسيما في مجال قطع امدادات النفط عن الدول الداعمة لإسرائيل أثره في شد أزر الجيوش العربية وإرباك القوى الأوروبية المسانده لإسرائيل. كان لتلك الحرب وتداعياتها أن تحقق انجازاً هائلا يحقق للعرب أكثر مما يسعون إليه الآن لو تم استثماره بشكل صحيح وسليم وبما يحافظ على الحد الأدنى المطلوب للتعاون والتنسيق العربيين.

من يقرأ محاضر اجتماعات وزير الخارجية الأميركي هنري كسينجر مع غولدا مائير وزيرة الخارجية الإسرائيلية بعيد حرب 1973، يكتشف كيف تمت مصادرة الانتصار العربي وتحويله إلى هزيمة، لأن المفاوض العربي مهزوم من الداخل أو متواطئ وعميل للخارج. وتكفي الاشارة إلى جزء من الحوار الذي دار بين كسينجر وغولدا مائير في العام 1974 حول الرئيس المصري الراحل أنور السادات وما يمكن أن يعطيه لإسرائيل.

كسينجر لمائير: أنتم محظوظون السادات يقدم التنازلات، ونحن أصبحنا الوسيط الوحيد، لقد نجحنا في عزل الأوروبيين واليابانيين عن جهود تحقيق السلام، كانوا يريدون مشاركتنا، وقالوا إن لديهم مصالح في المنطقة، ونحن قلنا لهم نحن سنتولى كل شيء، وأنتم ارتاحوا.. وزير الخارجية الياباني قال انه سيعقد مؤتمراً صحافياً يقول فيه إنه يؤيد وجهة النظر العربية.. وأنا (كسينجر) قلت له "إذا فعلت ذلك سأتصدى لك علنا".

وترد مائير: "هذا شيء طيب.. وتتساءل أنا دائما أسأل نفسي لماذا يفعل السادات كل هذا؟ لماذا يقدم كل هذه التنازلات؟

كسينجر: السادات يريد التعاون معكم، ويريد أيضاً التقرب نحونا، وهو قال لي إنه يريد أن يربط مكتبه بأميركا بالقمر الفضائي، ويريد أن نقدم له النصائح عن طريقة حماية نفسه.. إنه يريد شرطة أميركية لضمان سلامة مكتبه وإخفاء تحركاته.. وأنه مستعد للموافقة على إرسال خبراء من الاستخبارات الأميركية للاطلاع كذلك على الصواريخ الروسية المضادة للدبابات في مصر.. وأنه سيسعى لاستئناف ضخ النفط.

ويلاحظ في تلك المحاضر إشارة كسينجر إلى أن السادات لم يتحدث كثيراً عن القضية الفلسطينية والقدس وعودة إسرائيل إلى حدود 1967.

هذا جزء يسير جداً عما كشف عنه البيت الأبيض مؤخراً من وثائق سرية لسنوات الرئيس الأميركي السابق ريتشارد نيكسون (1968 - 1974) ومن بينها الوثائق السرية لمحاضر لقاءات كسينجر مع الحكام العرب والإسرائيليين خلال الجولات المكوكية التي قام بها العام 1974 وما عرف بسياسة الخطوة خطوة.

هذا يفسر لنا كيف أن انحراف القادة وخيانتهم لتضحيات أوطانهم وأمتهم سيؤدي إلى كوارث للأمن الوطني والقومي يصعب تجاوزها لعقود وربما قرون طويلة. وهذا حالنا في الموضوع الفلسطيني. وهذا أيضا يفسر كيف وقف العرب صامتين وأذلة أمام الصلف الصهيوني والأميركي، دون أن يحركوا ساكنا خلال الاجتياح الإسرائىلي للبنان العام 1982، وساهموا في الهزيمة ولم يستثمروا الصمود البطولي للبنانيين والفلسطينيين لأكثر من ثلاثة شهور، وتركوهم لمصيرهم المحتوم، حيث هجرت منظمة التحرير الفلسطينية إلى تونس، وعندما عاد الفلسطينيون بمنظمتهم إلى أرضهم هرول العرب لتقبيل قادة وزعماء إسرائيل، تحول معظم العرب بدلا من التنسيق مع الفلسطينيين إلى التطبيع والتنسيق مع الإسرائىليين ضد الفلسطينيين وبقية أبناء أرومتهم،

ما حصل في لبنان العام 2006، وصمود المقاومة اللبنانية البطولي وتحقيقها لمعادلة جديدة في الصراع مع إسرائيل وكشف هشاشة الأمن السياسي والاجتماعي والاستراتيجي الإسرائيلي، لم يستثمره القادة العرب بل حاولوا مصادرته وإهداره من أول يوم للهجوم الإسرائيلي على لبنان، واعتبروه بداية لميلاد الشرق الأوسط الجديد الذي وعد الاميركيون أن يكون لعرب الاعتدال حصة فيه على حساب جراح اللبنانيين وآلامهم وعذابات الأمة وشعوبها وأهدافها ومصالحها العليا.

هذا الموقف المتفرج من قبل النظام العربي الرسمي تجاه الجرائم الصهيونية في قطاع غزة وباقي الأراضي الفلسطينية لا يختلف كثيرا عن موقفهم تجاه لبنان العام 1982، والعام 2006. لابد أن العرب لم يعوا بعد التحولات العالمية، أو يفهموها، وبقوا حبيسي تهديدات الرئيس الأميركي جورج بوش وإدارته المتصهينة لهم وتخويفهم من التنفس خارج ما يملى عليهم.. وأنهم إن لم يستجيبوا للإملاءات الأميركية فإنهم اللاحقون بعد صدام حسين.

ماقاله نائب رئيس مجلس الوزراء وزير خارجية قطر حول اغلاق مكتب التمثيل التجاري الإسرائيلي بأن الامر يحتاج إلى اجماع عربي هو أكثر من نكتة، إذا علمنا أن الدوحة كانت تستضيف قادة الصهاينة بين الحين والآخر، ومكتبهم التجاري ولم تلتفت حينه للاجماع العربي.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
تتمة
حبيب -

أما الوثائق المتعلقة بحافظ الأسد لم يكشف عنها حتى الآن لأنهم مازالوا بحاجة خدمات الوريث و لا تظهر حقيقة الصمود الأسطوري على كرسي السلطة.

الزعماء العرب
د. عمار قربي -

...أن الرئيس بوش اعترف بطريقته أن السنوات الخمس الماضية كانت سلسلة اخفاقات متتالية. عفوا هل هناك مسؤؤل عربي لفظ مثل هذا الكلام في الماضي والحاضر أم هذا عيب؟ الزعماء العرب من يحاسبهم في الأرض؟

قل العكس
يزيد موسى -

ان العرب متخصصين في قلب هزائمهم الى إنتصارات. يوهمون شعوبهم الجالسة تحت قبة السماء المكشوفة انهم تحت سقف الله

ليه لا؟
مواطن عربي مندهش -

بل والأدهى من ذلك أن الكثير يعتبرون السادات رجل وطني ولايسمحون بالتعرض له حتى لو جئتهم بألف دليل ودليل على أنه كان عميل وخائن! أمة ميؤس منها فلذلك لاينصرهم الله ولن يشموا رائحة النصر أبدا

فليفعلوا مثله
حارب ثم فاوض -

يبدو ان فلسطين ستبقى الى يوم الدين فى انقسام و ستبقى لعبة فى يد المتصارعين على السلطة و يبدو انه كلما لاحت بوادر قيام دولة فلسطينية جنبا الى جنب الى دولة عبرية لحقن الدم طلع من يقول لا بل نريد ان نفنى اليهود من الوجود و الى ان تتحقق تلك الامنية المستحيلة يجب ان يموت كل سكان فلسطين و العرب كلهم فلا يبقى شعب ليسكن اى ارض فتاتى ايران لتتنعم و ياتى المهدى المنتظر! و ماذا لو تهورت ايران و ضربت صواريخها النووية على اسرائيل؟ سترد اسرائيل و امريكا بقصف صواريخ نووية على ايران بل و على كل العرب و يفنى العالم و الكون لغياب القدرة على التفاهم و الحلول المعقولة! ارجو النشر

لافائدة
نور العين بيتكلم -

كلهم سواء يااخى انىاقولها لامثل احد اقول حسبى اللة ونعم الوكيل فى كل من وقف ضد غزة وابنائها ولقد قلتهافى يوم ان كلمة الحق تخزى الظالم وتميتةعلى كرسية