جريدة الجرائد

السكوت على كرزاي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

عبد الرحمن الراشد


ارتفعت حرارة الجدل حول أفغانستان، هل الحل في التوسع وإرسال المزيد من الآلاف من الجنود، نحو أربعين ألفا آخرين، أم البحث عن باب للخروج، ونقل البندقية إلى الأفغان ليقوموا بالمهمة؟

في الوقت نفسه العسكر يشتكون من أن الوقت طال ولم يصدر قرار، والوضع لا يحتمل ترف النقاش بلا نهاية.

مخاوف الخيار الأول مفهومة، وهي المزيد من التورط في حرب مكلفة بلا انتصار مضمون. أما الانسحاب لا يبدو مقبولا بعد، حتى لمعظم الدول المشاركة الأخرى من حلف الناتو لأنها تعتبر أفغانستان مدرسة لتخريج المزيد من انتحاريي "القاعدة" الذين سيعودون من جديد لضربها. الهدف هزيمة طالبان وإقامة دولة مركزية تكون قادرة ومسؤولة.

وقد يكون مفهوما إذا كان النصف الأول صعبا، أي هزيمة طالبان، فان النصف الثاني بإقامة حكومة مسؤولة يبدو أسوأ. الحكومة الأفغانية في كابل انتهت انتخاباتها، لكن نتائج فرز أصوات المواطنين الأفغان تقول بفوز وبقاء الرئيس الحالي حميد كرزاي وتتهمه بتزوير ملايين الأصوات. هل يذهب استثمار الحرب الضخم بالجنود والأموال لصالح تنصيب حكومة جربت ولا تستحق أن تدير شؤون البلاد؟ "لا، لكن كرزاي يظل أفضل من طالبان والقاعدة"، هذا رأي يحتج به الفريق الذي يريد انسحابا متعجلا.

هل يعقل أن تخاض هذه الحروب لتثبيت نظام متهم، عدا عن التزوير، بمهادنة تجار المخدرات وافتعال معارك مع الباكستانيين؟ إلى جانب أن حكومة كابل في السنوات الأخيرة لم تنجح في الجانب العسكري أيضا، في وقت حققت قوات طالبان العديد من الانتصارات على الأرض.

وإذا كان صحيحا ما يتهم به كرزاي، فإن مستقبل أفغانستان سيكون أسوأ، لا أعني التزوير، فهو أهون الجرائم في منطقتنا، بل الاتهامات الأخرى. وإذا كان صعبا على الأميركيين السيطرة على ممارسات معسكر كرزاي في الوقت الحاضر، حيث تحكم البلاد قوات من أنحاء العالم، فالأمر سيكون أخطر لاحقا عندما تضطر القوى المتحالفة العودة إلى بلدانها؟

المشكلة في مبدأ تنصيب الأشخاص فقط لأنهم يتحدثون اللغة المناسبة بدل بناء مؤسسات تستطيع الوقوف بعد رحيل القوات الأجنبية، وبدل الاعتراف والتعامل مع قوى محلية لا خيار من التعامل معها، بما فيها طالبان. أعني أنها كانت سنين صعبة على طالبان أيضا لا بد أن في داخلها قوى يمكن استمالتها والقبول بمنحها شيئا من التنازلات وإشراكها في الحكم.

أفغانستان أسوأ من العراق لسبب بسيط أنها ليست دولة يمكن السيطرة عليها أو المقاتلة من أجل السيطرة عليها، بل أرض محروقة من جبال ووديان وقبائل بقليل من التجمعات الحضرية التي يمكن الدفاع عنها وتحصينها لتسقط لاحقا عند أول هجوم. لن يمكن بسط الاستقرار في هذا البلد المنكوب منذ أربعين عاما بدون توافق القوى الإقليمية أيضا على استقراره.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف