للمرة الثانية إسرائيل تلوِّث مياه الشرب الأردنية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
لجنة للتحقيق مع وزي رالمياه على خلفية تلوُّث قناة الملك عبد الله
عمان - ماجد الأمير
شكل البرلمان الأردني أمس لجنة للتحقيق مع وزير المياه رائد أبو السعود لسماع شهادته في قضية التلوث المائي الأخير في قناة الملك عبد الله "غرب البلاد" الذي سببته إسرائيل بإسالتها للمياه الملوثة من برك تربية الأسماك والتماسيح.
وتضم اللجنة النواب: هاشم الشبول وخالد البكار ومحمود العدوان ووصفي الرواشدة واحمد العدوان وعبد الحميد ذنيبات.
وأوقفت وزارة المياه والري في الأردن منذ حوالي أسبوعين تدفق المياه "ملوثة" من نهر اليرموك غرب البلاد إلى قناة الملك عبد الله بسبب إسالة الجانب الإسرائيلي للمياه الملوثة من برك تربية الأسماك والتماسيح". غير أنها استأنفت الضخ من الاثنين الماضي، من قناة الملك عبدالله (أو قناة الغور) التي يصب فيها نهر اليرموك إلى محطة "زي" الواقعة غرب عمان المغذي الرئيس لمياه الشرب لما نسبته 40 % من سكان العاصمة عمان.
واعترفت السلطات الإسرائيلية "عمليا" بأن المياه التي جرى تحويلها إلى الأردن مؤخرا، كانت ملوثة، إلا أنها ادعت أن الأمر "ناجم عن شح الأمطار وانخفاض منسوب المياه في المجمعات المائية، وأن مناطق أخرى داخل إسرائيل تضررت هي الأخرى من هذا التلوث".
وقال وزير البنى التحتية الإسرائيلية بنيامين بن إليعيزر في تصريحات نشرتها الصحف الاسرائيلية إن "الأمر تمت معالجته، في حين قالت وزارة الخارجية الإسرائيلية إنه "جرى حل القضية على المستوى الميداني بين الطواقم المختلفة من الجانبين".
وأعادت تداعيات قضية تلويث اسرائيل بنفاياتها الصناعية لمجري نهر اليرموك، الذي تغذي مياهه الخام قناة الملك عبدالله الى أذهان الأردنيين ازمة تلوث مياه زي الشهيرة صيف 1998 وأزمة تلوث مياه منشية بني حسن في محافظة المفرق "شرق البلاد " صيف 2007، اللتين أطاحتا بالحكومة في الاولى، وبوزيري المياه والصحة في الثانية.
ولم تعلن وزارة المياه عن احتجاجها رسميا لدى إسرائيل على تلويث مياه اليرموك، التي تمثل جزءا من حصة الأردن من بحيرة طبريا، الا بعد نحو أسبوع من حدوث الازمة، وبعد ان سربت معلومات للصحافة بوجود تلوث منذ عدة ايام.
وكانت الوزارة أعلنت ان وزير المياه رائد ابو السعود طلب في اتصالات رسمية من وزير البنية التحتية الإسرائيلي بنيامين بن ألعيزر معالجة المشكلة، ووقف ضخ المياه العادمة إلى القناة.
وقال المستشار الدولي والخبير سفيان التل ان اسرائيل "ما فتئت" منذ توقيع اتفاقية وادي عربة للسلام، تلوث مياه نهري اليرموك والأردن بالرغم من نص الاتفاقية على التزام الطرفين بحماية مصادر المياه وصيانتها وعدم تلوثها او تلويثها.
وقال التل ان "مياه نهر الأردن استخدمت كمصرف لمجاري المستوطنات الاسرائيلية مرارا في ظل صمت حكومي. كما يتعرض نهر اليرموك مرارا للتلويث الاسرائيلي بمجاري الصناعات"،
وقلل التل من اهمية تأكيدات وزير المياه من انه تمت ازالة تلوث القناة من الملوثات الاسرائيلية على طول 65 كلم. وقال ان "مجاري المصانع تخلف غالبا معادن ثقيلة كمتبقيات الزنك او النحاس او الخارصين او الرصاص، وهي مواد مسرطنة يمكن ان تترسب في المياه وتنتقل الى المزروعات قبل ان تنتقل الى السلسلة الغذائية للإنسان".
ولم تحدد اتفاقية السلام مع اسرائيل حجم المياه التي يمكن لإسرائيل ان تسحبها من آبار وادي عربة، حيث اكتفت بالنص على استمرار اسرائيل بالضخ من هذه المياه وبالنوعية والكمية نفسها. كما نصت على ان من حق اسرائيل حفر بئر جديد بدلا من أي بئر يتعرض للجفاف".
من جانبه، اعتبر رئيس لجنة الصحة في الجمعية الوطنية لحماية المستهلك الدكتور عبدالفتاح الكيلاني ان: "التطور الايجابي في هذه المشكلة، مقارنة بأزمة تلوث مياه محطة زي العام 1998 هو ان "المياه الملوثة لم تصل الى المواطن المستهلك، وتم وقف وصول المياه مسبقا الى محطة المعالجة".
وأكد الكيلاني ان الجانب السلبي لهذه الازمة هو الخسارة الكبيرة للمياه، التي قدرتها الوزارة بنحو 60 الف متر مكعب من المياه الملوثة تطلب تنظيفها نصف مليون متر مكعب، وربما اكثر، فضلا عن ان تكرار تلويث اسرائيل لمياه الاردن امر غير مقبول ويجب ان يرد عليه بموقف رسمي صارم وواضح".
وانتقد النائب والعضو في لجنة المياه والزراعة خالد البكار "تأخر" وزارة المياه والري بالاستجابة الفورية لتحذيرات أجهزة الإنذار المبكر في القناة، والتي أشارت إلى وجود شوائب فيها، داعيا الحكومة للتحقيق في ذلك".
ورغم أن حادثة تلوث "اليرموك" تقع للمرة الأولى "من حيث نوعها"، إلا أنها المرة الثانية التي تلوث بها إسرائيل المياه الأردنية.
وقال النائب خالد أبو صيام إن "الاجتماع سيعقد اليوم الأربعاء، بناء على وعد من قبل وزارة المياه بتزويد النواب بكافة الوثائق المتعلقة بالموضوع"، مشيرا الى أنه: "من المبكر تحميل جهة مسؤولية ما حصل قبل الاطلاع على ما سيتم تقديمه من قبل الوزارة في هذا الموضوع، والوقوف على الوثائق التي سيتم تقديمها للجنة النيابية".
لعنة تلوث المياه، التي سبق لها أن أطاحت بحكومة عبدالسلام المجالي الثانية العام 1998، لاحقت حكومة الدكتور معروف البخيت السابقة، بعد أزمة تلوث مياه منشية بني حسن في محافظة المفرق(شرق البلاد )، وما اعتبر حينها "سوء إدارة" وزارتي المياه والصحة للأزمة وتداعياتها، التي أصيب فيها أكثر من 800 مواطن بسبب تلوث المياه.
وكما في أزمة تلوث محطة زي العام 1998 حاول مسؤولون في الحكومة السابقة بداية الأزمة، التهرب من المسؤولية والتقصير قبل أن تتفاقم المشكلة وتضطر الحكومة حينها الى الاعتراف بالمسؤولية، وطلب رئيسها معروف البخيت من وزيري المياه الدكتور ظافر العالم والصحة الدكتور سعد الخرابشة الاستقالة رسميا، وهو ما تم نهاية تموز (يوليو) من ذلك العام.
يذكر أن الأردن يحتل المركز الرابع عربيا والعاشر عالميا كأفقر دولة في المياه بسبب شح المصادر المتاحة من المياه واعتماده على مياه الأمطار لتغذية المياه السطحية والجوفية وعدم وجود أي منشآت لتحلية المياه أو الأنهار بحسب تقارير دولية.