جريدة الجرائد

ماالذي يحدث للوحدة في اليمن؟

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

ماالذي يحدث للوحدة في اليمن؟

خالد الدخيل

20/05/2009


في يوم الخميس 22 يوليو عام 2006 تحدث الرئيس اليمني، علي عبدالله صالح، أمام المؤتمر الاستثنائي لـ"حزب المؤتمر الشعبي العام" الذي يرأسه عن حالة اليمن. ومما قاله آنذاك "إن السفينة الآن تبحر في اتجاه شاطئ الأمان، ولا خوف ولا قلق على هذه المسيرة الوحدوية الديمقراطية. فقد بنينا الوطن طوبة، طوبة". بعد ذلك بسنة أو أقل بدأت مؤشرات الاحتجاج، والتذمر مما انتهت إليه الوحدة، تأتي من المحافظات الجنوبية. في إبريل الماضي، وفي حديث لموقع "عدن برس"، ذكر علي ناصر محمد، الرئيس السابق لما كان يعرف بـ"جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية"، أو اليمن الجنوبي، بما قاله بعد انتهاء حرب 1994 بين الشمال والجنوب. ومما ذكر به تحذيره آنذاك القيادة السياسية (يقصد الرئيس صالح) من التعامل مع الجنوب بطريقة المنتصر والمهزوم. وقال بالنص: "إن الأمور حسمت عسكرياً، ولم تحسم سياسياً"، في إشارة إلى سقوط عدن حينها، ونجاح الشمال بفرض وحدة الشطرين. كان الرئيس اليمني الجنوبي السابق يتحدث على خلفية تطور الأحداث في المحافظات الجنوبية مؤخراً. واللافت في حديثه هذا أنه تفادى التطرق إلى طبيعة الحل الذي يراه للوضع في الجنوب. لم يتبن مثلا فكرة الوحدة الفيدرالية، ولا خيار الانفصال كما فعل البعض. كان تركيزه على فكرة واحدة، وهي معالجة آثار حرب 1994 بشكل جاد وفعال. هل يعني هذا أن علي ناصر يرفض أي حلول خارج إطار الوحدة القائمة؟ الأرجح أن هذا موقفه حتى الآن. لكنه لم يعلن موقفاً واضحاً عندما سئل عن المبادرات التي صدرت من بعض قيادات الجنوب، ومنها مبادرة الوحدة الفيدرالية. كان تعليقه الوحيد على ذلك أن الجهة الوحيدة التي لا تأتي منها مبادرات هي السلطة في صنعاء. مما يشير إلى أنه ينتظر معرفة موقف صنعاء مما يحصل، ومعرفة السقف الذي يمكن أن تصل إليه خياراتها أمام الوضع المتأزم. من الواضح أيضاً أن الرئيس السابق قد لا يتفق مع كل مكونات الحراك في الجنوب، لكنه يؤيد حق هذا الحراك في التعبير عن نفسه، وفي طرح مطالبه وخياراته، رافضاً ما يقول إن الحراك يتعرض له من ممارسات قمعية على يد السلطات.

ما قاله الرئيس اليمني الجنوبي السابق هو جزء من خطاب آخذ في التصاعد من داخل المحافظات الجنوبية، ومن قيادات جنوبية أخرى في الخارج. وهذا مع السياق الحالي للأحداث لا يتفق أبداً مع ما قاله الرئيس اليمني صالح عن حال الوحدة قبل ثلاث سنوات. في ضوء ما يحصل في الجنوب، يبدو أن الدولة في اليمن فشلت في تكريس وتعزيز خيار الوحدة بين الشمال والجنوب. ومن المفارقة أن الوحدة التي يتفق في شأنها أبناء اليمن، بشماله وجنوبه، لم تتحقق في الأخير، وعلى أرض الواقع، إلا بالحسم العسكري بعد حرب 1994. وهي حرب انتصرت فيها الدولة في الشمال على الدولة في الجنوب. وهذا بحد ذاته كان يفترض أن يتم على أساسه التعامل مع مسألة الوحدة، من قبل السلطة في الشمال، بكل ما تتطلبه من حساسية، وتقدير لما آلت إليه الأمور. ولعل فيما قاله الرئيس السابق، علي ناصر محمد، الكثير من الصحة والوجاهة. فالأمور حينها لم تحسم سياسياً. والأسوأ أن هذا الحسم السياسي تأخر كثيراً، ولم يتحقق حتى الآن. وللتذكير عندما حصلت الوحدة كانت بين كيانين سياسيين، شمالي وجنوبي. وفي داخل كل منهما تشكلت مؤسسات، وتنظيمات سياسية، وكذلك مصالح، وقيم اجتماعية، وإرث تاريخي راسخ في كل منهما. كان من الواضح قبل الوحدة أنه رغم توفر كل عناصر الوحدة بين هذين الكيانين، فإن كلا منهما، وعبر تجربة تاريخية طويلة، اكتسب شخصية سياسية واجتماعية مقابل الكيان الآخر. طبعاً لا يعني هذا بأي حال من الأحوال تلاشي عناصر ومبررات الوحدة، إلا أنه واقع كان، ولا زال ينبغي الاعتراف به، والتعامل معه بما يقتضيه في إطار الوحدة المنشودة.

وليس أدل على تأخر الحسم السياسي من تطور الأحداث في الجنوب إلى درجة أصبح عندها خيار الانفصال مطروحاً من قبل بعض قيادات الجنوب. وهذا ما قال به يوم الجمعة الماضية حيدر أبو بكر العطاس، أحد القيادات السياسية الجنوبية في الخارج، الذي ذهب إلى المطالبة علناً بفك روابط الوحدة، وإلى أن انفصال الجنوب عن الشمال أصبح هو الخيار الوحيد المتاح الآن. الغريب أن حديث علي ناصر، وغيره من قيادات الجنوب، يتسق تماماً مع ما يكتب هذه الأيام في الصحف اليمنية، وخاصة الرسمية منها. وذلك من حيث أن كلا منهما يؤكد، ليس فقط وجود أزمة سياسية كبيرة بين الشمال والجنوب في إطار الوحدة، بل يؤكد أن هذه الأزمة وصلت إلى مرحلة خطيرة. فالصحف دأبت مؤخراً على نشر مقالات، وافتتاحيات تؤكد على أهمية التمسك بالوحدة من ناحية، وتندد من ناحية أخرى، بالأصوات التي تشكك في هذه الوحدة. وهي تشير بذلك إلى ما يحصل في المحافظات الجنوبية. فقبل أكثر من سنتين ظهرت هناك حركة سياسية تسمي نفسها بـ"الحراك السياسي في الجنوب"، وهي حركة تنضوي تحت ظلها كيانات واتجاهات مختلفة، تتفق فيما بينها على ضرورة إيجاد حل للأوضاع المتردية في المحافظات الجنوبية. لكن تختلف الحلول المقترحة باختلاف توجهات أصحابها. البعض ينادي بعملية إصلاح جذري للنظام السياسي الحاكم، والبعض الآخر ينادي بتبني صيغة فيدرالية للوحدة القائمة، بينما البعض الثالث صار يطالب بانفصال الجنوب والعودة إلى ما كان عليه الوضع قبل 1990 عندما وقعت اتفاقية الوحدة بين علي عبدالله صالح، وعلي سالم البيض. صار للحراك في الجنوب تنظيمات، ومطبوعات، ومواقع على الشبكة، وقيادات محلية، وأخرى سياسية معروفة محلياً وإقليمياً. وبدأ صوت هذا الحراك يفرض نفسه مؤخراً على الحكومة في صنعاء، بل وعلى كل مهتم بشأن اليمن.

وإذا كانت قيادات الجنوب تشتكي مما آلت إليه الوحدة، فإن تكرار الصحف للتأكيد على الوحدة بعد تسع عشرة سنة من تحققها، يعني أن هذه الوحدة في أزمة كبيرة. كل المقالات، والافتتاحيات التي تسنى لي الإطلاع عليها أيام الأحد والإثنين والثلاثاء الماضية، تعترف بما يحدث في الجنوب، لكنها لا تتعامل مع هذا الذي يحدث إلا بخطاب يتسم بكثير من الهجاء والتعميم. تتجاهل هذه الكتابات هوية الأصوات الآتية من الجنوب، وتنأى بنفسها عن الدخول في مناقشة عقلانية لطبيعة احتجاجاتها ومطالبها، بغض النظر عن الموقف منها. هدف هذه الكتابات هو التنديد بالأصوات التي تشكك في الوحدة، وسحب الشرعية منها. لكن من هي هذه الأصوات؟ وما الذي تطالب به؟ وما هي الأسباب وراء مطالبها؟ وهل هي أسباب حقيقية أم مختلقة؟ أحد الأمثلة على ذلك ما جاء في كلمة صحيفة "الثورة" على خلفية مراجعة لإنجازات الوحدة. تقول الكلمة: "وبمسؤولية كاملة نقول: إن مراجعة كهذه صارت ملحة لتكشف أكثر المرامي الخبيثة لتلك الشرذمة من بقايا ذلك الماضي البغيضٍ التي استبدت بها أمراضها وأحقادها ولؤمها... فعمدت إلى تضليل وعي الشباب من صغار السن الذين لم يتذوقوا مرارة التشطير وويلاته...". لعل ما تقوله الصحيفة هنا صحيح، لكن ربما يصب قولها هي أيضاً في الاتجاه نفسه، ومن حيث لا يريد من كتب مثل هذا الكلام.

ما يحدث في اليمن حالياً يعني أن السؤال الذي طرح عام 1994 بقي كما هو: هل تحققت الوحدة فعلا، أم أنه تم فرضها بالقوة؟ كيف يمكن فرض الوحدة بالقوة وهي مطلب لأغلب الناس على الأقل؟ سؤال آخر: هل تعامل الشمال مع الجنوب بمنطق المنتصر، أم بمنطق تجسيد الوحدة الحقيقية؟ مهما يكن، لم يعد هناك مفر من التعامل مع ما يحدث في الجنوب بواقعية، ومواجهة الشكاوى والمطالب المحركة له بشجاعة. الأرجح أن تصاعد الأزمة في الجنوب، انعكاس لحالة التنافر بين مفهوم الدولة الوطنية من ناحية، وواقع الحكم السياسي من ناحية أخرى. واليمن يقدم بذلك نموذجاً عربياً راسخاً. ماذا لو أن الرئيس صالح التزم بوعده، ولم يطلب التجديد له عام 2006، وأن الرئيس الحالي من الجنوب؟ ماذا عن شائعات توريث الحكم؟ ماذا لو أن ما يقال عن ممارسات الحكم في الجنوب غير صحيح؟ وحدة اليمن ليست مطلباً يمنياً فقط، بل مطلب عربي أيضاً. لكن الوحدة تتطلب الكثير من الحرية والعدل والمسؤولية.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
الوحده انتهة!
العروسي -

ايها الاخوة الكرام السلام عليكم ورحمة الله وبركاتة نعم كانة هناك وحده بين اليمنيين والجنوبيين ولكن .! ما الذي حصل!لقد تم انها الوحدة اليمنيه الجنوبية السلمية التي وقعة بين الاخ الرئيس علي سالم البيضوالرئيس اليمني علي عبدالله صالح في عدن في 22/5/190/م والتي تم القضا عليها من قبل اليمنيين الذي اجتاحو الجنوبارضا وانسان في 7/7/1994/مفلم تعد هناك وحده على ارض الواقع منذ ذلك التاريخ وما هو حاصل في الجنوب هو (احتلال)همجي متخلف وما يمارسة اليمنيين بحق الجنوبيين من قتل وقمع وارهاب وتسريح كوادره والغا مؤسساتةومصادرت الحقوق وبنا المستوطنات اليمنية في الجنوب من اجل تغير النسيج الدمغرافي للجنوب ....لهو اكبر دليل على ان الوحده اليمنية الجنوبية انتهة ولم يعد ما يربطنا بها اي شي لا من قريب ولا من بعيد.وسنناض نضال سلمي من اجل استعادت حقوقنا وارضنا كاملة غير منقوصةولن نقف مكتوفي الايدي في الدفاع عن انفسنااذ تصلب منا ذلك

الجنوب محتل ياسادة
اليافعي -

الوحدة سيدي الكريم ذهبت أدراج الرياح عندما أعلن صالح الحرب السافرة على الجنوب من ساحة التحرير يوم27ابريل من العام 94 وتم دفنها عندما احتلت قواته الجنوب يوم 7/7 من نفس العام.فتعامل زعيم النظام في صنعاء مع الجنوب وأهله وكأنهم غنائم حرب هي ما جعل أبناء الجنوب الأحرار ينتفضون هذه الإنتفاضة المباركة لنيل حقوقهم المشروعة بنضال سلمي وأؤكد على هذه الكلمة { سلمي } حضاري يدل على رقي شعبنا الجنوبي النبيل..والواقع يؤكد صحة ما نقول ومن أراد التأكد فعليه الذهاب إلى عدن وكل مدن الجنوب ليرى حقيقة المعاملة الوحشية التي يتعرض لها أهلنا هناك..فالأفواه تكمم والصحف تغلق بقوة السلاح وبالرصاص والمظاهرات السلمية تقمع بأعتى الأسلحة من دوشكا وأسلحة آلية وأطقم عسكرية إلى صدور أناس عرايا يتم قتلهم في كل مظاهرة سلمية تخرج هنا وهناك..سيدي الكريم أصل الحكاية شعب محتل ودولة مغتصبة ونضال وللنضال عمر قد يطول وقد يقصر لكنه سيؤتي أُكله ولو بعد حين..

الجنوب معاملتهاهكذا؟
جنوبي وافتخر -

يا جماعه اذا اتيتو الى عدن وشفتم معامله الامن للشباب في عدن ترون شيء واذا ذهبتم الى صنعاء انضرو معامله الامن للشباب ترون شي آخر حتى ان الشباب في صنعاء يحملون الاسلحه والقنابل العنقوديه وهذا الكلام ليس كذب لي صديق وهو شمالي من صنعاء ويحمل المسدس والكلبشات التي يقيدون بها السرق ويقول لي ان معهم غرفه كامله اسلحه وقنابل ولماذا لا يكون هذا عند جنوبي او ان الجنوبي ليس بمقامه الاسلحه والقنابل برغم ان الشباب في الجنوب هم الذين يقومون ب..التسجيل في الكليه العسكريه وابناء الشمال من كان ابوه عقيد عنده سيارتين وبيت وابنه يوضفه 4 وضائف والى آخر... لماذا لا يكون للجنوبي مثل ذالك برغم ان عندنا كوادر انا عمي عميد والله متقاعد وراتبه 40000 ريال يمني ولماذا لايكون عنده سيارتين وبيت ولكل واحد من ابنائه3وضائف وبرغم ان عمي عنده 9 اولادبرغم انه له الحق ان يكون مثل الشماليين يوضفهم ويعيشهم عيشه شماليه لذا انا ادعو كل اللذين يعرفون ما قال الله ورسوله (اذا توليتم فاعدلو)مش اكلو كمايجري الان على الجنوب

ليه الحق يزعل
ابورايد الجسمي -

هذي القصيده هديه للرئيس علي سالم البيض علي رب السما يعليك*ومن عين العدى يحميك*حماك الواحد الخلآق *علي يا الفارس العملاق*جنوب الارض مشتاقه لها دقات خفاقه اليكم نبضنا الخفاق *البيض هوالفارس العملاق مع تحيات ابو رايد +ابو وعد +المرحوم محمد السعودي المناضل في الحراك الجنوبي وجميع شباب جمهوريه الجنوب العربيه وشكرا على حمايتكم لبلدكم ايها الاحرار ابنا الجنوب الباسله ابنا النضاليين علي عنتر والعطاس حفظهم الله ورعاهم