جريدة الجرائد

نصف اعتذار لا يكفي

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

نصف اعتذار لا يكفي
عبد الباري عطوان

04/06/2009



اثبت باراك اوباما بخطابه الذي القاه من القاعة الكبرى في جامعة القاهرة انه يفهم العرب والمسلمين بشكل جيد، ويعرف كيف يخاطبهم، ولذلك جاء هذا الخطاب مليئا بالمواعظ والآيات القرآنية، والعبارات العاطفية، ومتطرقا لجميع القضايا (سبعة محاور اساسية) ودون ان يقدم اي جديد لا نعرفه، او لا يعرفه رجل الشارع العادي البسيط.
تحدث عن الديمقراطية دون ان يقول كيف سيعمل على نشرها، وركز على ضرورة وقف الاستيطان الاسرائيلي في الاراضي المحتلة دون ان يقدم اي آليات عملية، وشدد على التمسك باقامة دولة فلسطينية تعيش جنبا الى جنب مع دولة اسرائيلية، دون ان يشرح تصوراته حول كيفية الوصول الى هذا الهدف.
اوباما، بذكائه المعهود، وقدرته الخطابية البليغة، اراد ان يرضي جميع الاطراف: العراقيون بالتأكيد على التزامه بسحب جميع القوات من ارضهم، وبما يتيح لهم حكم انفسهم بأنفسهم، والافغان عندما قال لهم انه لا يريد البقاء في بلادهم واقامة قواعد عسكرية دائمة، والديمقراطيون عندما قال انه سيساعدهم، والدكتاتوريون عندما تجنب اي حديث عن تغييرهم او فرض عقوبات عليهم، واليهود عندما بكى على معاناتهم ومحارقهم، والفلسطينيون عندما تعاطف مع مأساتهم. ولم ينس الشباب عندما وعدهم بمنح دراسية في امريكا، ومشاريع تنمية توفر لهم بعض الوظائف وعرّج على المرأة في العالم الاسلامي وطالب لها بالمساواة في مختلف اوجه الحياة.
هذه الكلمات تدغدغ عواطف البسطاء المتعاطفين مع الرئيس الامريكي الاسمر في الاساس، ولكنها بعد غربلتها من خلال تمحيصها، ينطبق عليها المثل العربي الذي يقول 'اسمع جعجعة ولا ارى طحنا'
العمود الفقري في خطاب الرئيس الامريكي الذي انتظرناه طويلا، يتمثل في محاولته اقناع العرب والمسلمين بضرورة الانضمام الى حكومته في حربه ضد 'الارهاب'، او الجماعات الاسلامية المتطرفة التي قال انها تهددهم قبل ان تهدد الولايات المتحدة، ولكنه لم يتحدث مطلقا، تصريحا او تلميحا، الى ارهاب الدولة الذي مارسته وتمارسه اسرائيل بصفة مستمرة ضد العرب والمسلمين في فلسطين ولبنان، وربما قريبا في ايران.

الرئيس اوباما الذي حرص على تذكيرنا بان الولايات المتحدة في صورتها الحالية كدولة عظمى انبثقت من رحم المقاومة ضد الامبراطوريات الاستعمارية (بريطانيا) ادان مبدأ المقاومة، وشدد على عدم فاعليته، وطالب الشعب الفلسطيني بالتخلي عن انواع العنف (المقاومة) كافة، لانها لن توصله الى اي شيء.
هذا 'التسطيح' لسلاح المقاومة، والتأكيد في اكثر من موقع في الخطاب على 'عبثيته' اسلوب غريب بل ومفاجئ من رئيس امريكي من اصول افريقية، يتباهى بانتمائه الى اسرة اسلامية كبيرة تعيش على الساحل الشرقي لافريقيا (كينيا)، فلولا المقاومة المسلحة هذه لما تحررت بلده الحالي (امريكا)، ولما تحررت بلد والده واجداده (كينيا)، ومعهما كل القارة الافريقية ومعظم القارة الآسيوية.
انتقاد صواريخ المقاومة الاسلامية في قطاع غزة التي تسقط على رؤوس الابرياء النيام في المستوطنات الاسرائيلية الجنوبية ربما يكون امرا مفهوما، لو انه جاء بعد انتقاد القنابل الفسفورية الحارقة والصواريخ من مختلف الانواع والاحجام والأوزان التي اطلقتها الدبابات والطائرات والزوارق الاسرائيلية على مليون ونصف مليون فلسطيني عزل يعيشون خلف قضبان الحصار.
الرئيس اوباما قال في تصريح صحافي له ادلى به قبل ايام معدودة من تسلمه لمهام منصبه انه سيفعل ما يفعله الاسرائيليون (قصف القطاع) اذا تعرض اطفاله لصواريخ وهم نيام، وكنا نتمنى لو انه عمل على تصحيح تصريحاته هذه، ووضع اطفاله موضع اطفال غزة الذين حصدت الصواريخ والقنابل الاسرائيلية ارواح اربعمئة منهم اثناء العدوان الاخير على قطاع غزة.
تكرار الحديث في الخطاب نفسه على ضرورة نسيان التاريخ، ومطالبة المسلمين بان لا يكونوا اسرى الماضي، امر جميل، ولكن نحن لا نتحدث هنا عن وقائع تاريخية وقعت قبل سبعة آلاف عام، او حتى مئة عام، وانما عن بضعة اعوام فقط، فقبل شهر تقريبا مرت الذكرى السادسة على احتلال العراق واستشهاد مليونين من ابنائه، نصفهم بسبب حصار ظالم، والنصف الباقي في حرب غير قانونية وغير اخلاقية، وبعد بضعة اشهر 'سنحتفل'بالذكرى الثامنة على غزو افغانستان واحتلالها وتحويلها الى دولة فاشلة.
ربما يريد الرئيس اوباما ان يضرب لنا مثلا بقدرته واقرانه الامريكيين من الاصول الافريقية على نسيان سياسات التمييز العنصري وقوانين العبودية التي عاشوا في ظلها قبل اربعين او خمسين عاما، وهي قدرات تسامحية تستحق الاحترام دون شك، ولكن المقارنة في غير مكانها عندما يتعلق الامر بشعب كامل جرى سرق ارضه، وتشريده في دول الجوار، ومطاردته بالقتل والقصف والحصار حتى في منافيه سواء في مخيمات اللجوء في الضفة والقطاع (جنين وغزة) او في دول الجوار (جنوب لبنان وسورية).
خطاب اوباما مكتوب بعناية دون شك، ويبهر المستمع منذ الوهلة الاولى، لكن قراءة ثانية متأملة له، يخرج المرء بعدها بانطباع مفاده ان الرجل لم يطرح اي تغييرات جوهرية في سياسة بلاده الخارجية في العالم الاسلامي، وما حدث هو اعادة صياغة هذه السياسة بأسلوب جديد خال من التعبيرات الاستفزازية مثل الحرب على الارهاب وغيرها.

الرئيس اوباما يريد فتح صفحة جديدة مع العالم الاسلامي، ويمد غصن زيتون يانعا للمسلمين، وهذا امر ممكن، ومرحب به، شريطة ان يكون مرفوقا باعتذار واضح عن جرائم امريكا في حق المسلمين، وحروبها المستمرة حتى الآن ضدهم، والتعويض الكامل عما لحق بهم من اضرار مادية وبشرية.
الحكومة الامريكية السابقة شنت حربا غير قانونية وغير اخلاقية على العراق، والرئيس اوباما اعترف بشجاعة تقدر له، بأنها كانت حرباً بالاختيار لا بالضرورة مثل نظيرتها في افغانستان مقدما نصف اعتذار، ولذلك فان عليه ان يفعل ما فعله الالمان لليهود، والعراقيون للكويت، اي الاعتذار الكامل والتعويض علناً ودون مواربة.
السؤال الذي يطرح نفسه هو عن الثمن الذي قد يدفعه العرب للرئيس الامريكي مقابل مطالبته اسرائيل بتجميد الاستيطان، فقد قال صراحة 'ان مبادرة السلام العربية ليست نهاية مسؤوليات العرب ويجب عليهم ان يفعلوا المزيد'. ترى هل يريد اوباما تطبيعاً مقابل هذا الكلام عن الاستيطان، وتعديلاً لهذه المبادرة يُسقط حق العودة منها؟
مرة أخرى نطالب اوباما، وبعد ان استمعنا وصفقنا لأقواله الجميلة التي اراد من خلالها تحسين وجه بلاده وصورتها في العالم الاسلامي، بان يترجم اقواله الى أفعال، وبأسرع وقت ممكن، مثلما نطالب الزعماء العرب الذي انتشوا بهذا الخطاب ان لا يقدموا تنازلات مجانية.
لا شك ان نوايا اوباما حسنة، ورغبته في المصالحة جدية، ولكن النوايا وحدها لا تكفي، والتعاطف الذي حصل عليه سواء بسبب لونه، او قصة نجاحه، او خطابه القوي في القاهرة قد يتبخر بأسرع مما يتصور اذا لم يترجمه الى خطوات عملية وبسرعة.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
صدق أوباما ..!
عدو الصفويـين -

اللهم انصر المسلمين على بني صفيون .. اللهم آمين..!أنا أختلف مع أوباما في كثير من المحاور التي تحدث عنها..!ولكني بالتأكيد أتفق معه على نقطة واحدة وهي:عبـثية سلاح ما يسمى بالمقاومة..!!تلك العبثية التي سمحت لما يسمى بحزب الله أن يقتل في يوم واحد ما لايقل عن 120 سني في بيروت الغربية.. دون ذنب لهم سوى أنهم من أهل السنة..!!تلك العبثية التي سمحت لما يسمى بحزب الله بتعطيل بلد بكامله.. وتعطيل مؤسساته الدستورية..مستنداً في كل ذلك على سلاحه الإرهابي..!!تلك العبثية التي مكنت حركة حماس من اقتطاع جزء من فلسطين والفوز بحكمه.. دون شرعية أو نظام..!!صدق أوباما: إنها عبثية سلاح ما يسمى بالمقاومة..!!صدق أوباما .. وكذب أعداؤه..!!

ارض الميعاد
بن ناصرالبلوشي -

اعتقد ان الاعتذار مطلوب من كاتب المقالة (رئيس تحريرومالك صحيفة القدس) - لأنة سمى ووصف صحيفته القدس"العربي" والحقيقة ان القدس واسرائيل وطن منحه الله سيحانه وتعالى لأنبياءه اليهودوليس العرب !!

من لم يعجبهم الخطاب؟
من لم يعجبهم الخطاب؟ -

الكرة الارضية و الكواكب المجاورة اعجبها كلام اوباما و فى مصر مسلمين و مسيحيين وافقوا على دوة المحبة و السلام و قبول الاخر و عدم سعى فرد لفرض عقيدته على الاخر و عدم التدخل فى شئون داخلية للدول الاخرى و شيخ الازهر و مفتى الديار المصرية و البابا شنودة كلهم فى غاية السماحة دعوا للتعايش و المحبة و التنمية و استعدادهم لنسيان الماضى و كلهم استشهدوا بايات تدعو للجنح الى السلم وو ثول الصدق و السلام فيما عدا: بن لادن مصاص الدماء الذى يجب ان يعرض على طبيب نفسى لبيان سلامته العصبية و النفسية و الذى شوه الدين و كان السبب فى ربط الارهاب بالاسلام و مثله الفقيه الايرانى الذى يريد ان يقتل تسعة اعشار العرب دون ان يعارضه احد و مثله سوريا الحاقدة التى تريد هدم و تخريب كل الدول للتعتيم على الفساد فيها و لاستغلال الاخرين بما فيهم لبنان و فلسطين لتحقيق مصالحها بطرق ملتوية و قطر التى هى اصغر من حى شبرا فى القاهرة كانت تظظن ان قناة الجزيرة قادرة ان تجعلها بين يوم و ليلة الحاكم بامر الله و الحركات المعارضة من حماس و حزب الله و الاخوان و كفاية و غيرهم لانهم يريدون الخراب و يكرهون دعاة السلام!

ناقص
خالد المطيويع -

مكرر.

أوتار
فيصل آورفـــاي -

مسكين ذلك الاوباما امام مأزق عبد الباري . اذ كان عليه بدلا من ان يخصص للخطاب بكامله ساعة من الوقت ، فعليه ان يخصص ساعة كاملة ، ليشرح للسيد عبد الراي ، كيف سينشر الديموقراطية، بالتفاصيل غير المملة ، كيلا يمل السيد عبد الباري . ثم عليه ان يخصص ساعة أخرى ليشرح لعبد الباري عن الآليات العملية التي قررها لوقف الاستيطان الاسرائيلي ، متجاهلا (عبد الباري) ان اوباما امهل اسرائيل شهرا، للرد عمليا على طلبه "الايقاف الفوري و الكامل لاستيطان " . و ان يخصص ساعة ثالثة لكي يشرح تصوراته بشان اقامة دولة فلسطينية ، و التي دأب اوباما و وزيرة خارجيته و كل مسؤولي البنتاغون الامريكي يتحدثون عنه منذ اسبوعين حجول "حل الدولتين" ! فماذا على اوباما ان يفعل سوى ارضاء عبد الباري ، . عبد الباري يلوم اوباما لانه لم يتحدث عمن ارهاب الدولة الذي تمارسه اسرائيل ! اما غريبة فعلا ! فهل تنطبق هذه على عقل عاقل ؟ هل اتى عبد الباري الى مصر لكي يهاجم اسرائيل ؟ هل على اوباما ان يصبح فلسطينيا من عصابة حماس ، و يتحدث باسمهم كي يقتنع عبد الباري بان اوباما يقدم شيئا جديدا في خطابه ! و كان على اوباما ان يقدم اعتذارا للمسلمين على تفجير 11 سبتمبر ، فالنوايا الحسنة ، بحسب راي عبد الباري ، لا تكفي ،و على العرب الا يقدموا تنازلات مجانية ،و كانه يقول لغير الفاهم "افهم" . و نقول لعبد الباري ، كالعادة تهرع الى العزف على ..... كلما كركرتك جيوبك بالحاجة الى المال الايراني الحلال ، كي تنتقد امريكا و تشكك بكل العملية السلمية ، واذا كنت تنتظر اعتذارا امريكيا بحق المسلمين ،

وازن عقلك
عرب -

يا اخ فيصل او لا يجب عليك ات تحترم كاتب المقال ثانياًإن كلام د. عبد الباري عطوان صحيح إن خطاب اوباما فيه كثير من التناقض فكيف يقول ان الولايات المتحدة خرجت من رحم المقاومة للإستعمار ومن ثم يقول للفلسطينين ان يوقفوا العنف ويقول لإسرائيل ان توقف الاستيطان هل الفلسطينيون هم من يستخدمون العنف ام اسرائيل ام الحكومة الفلسطينية التي استغلت وقت ظهور اوباما ليلقي خطابه وقامت بقتل أثنين من حركة حماس.الذي اريد أن اوصله ان لا نستعجل ونضع امال على خطاب اوباما لانه لازال كلام ولم نرى افعال تحياتي للإستاذ عبد الباري واشكره على جهاده الصوتي

وماذا بيد الرجل؟
سلوى محمد -

خلوه يتكلم يا جماعة ويش بيده غير الكلام بس ما بدنا إياه يعمل حاجة لان كل عمايلهم هباب على راسنا.بعدين بكفي عليه البلاوي إلي سابها له بوش العيل فهو لا فاضي لنا ولا لغيرنا وهو يحاول يهدء الوضع في العالم عشان يفضى للمصايب والافلاس في امريكا.واكثر شي ضحكني انه سيوفر فرص عمل اكيد قصده للامريكان طبعا إلى طردوا من عملهم بسبب افلاس شركاتهم هيوظفهم في الدول العربية لانهم طيبين حلوين وبنحبهم اما العرب الله لا يردهم هما بيعرفوا اصلا يعملوا حاجة وشكرا

عبدالباري والاعتذار
اوباما -

السيد عبدالباري عطوان يرى فقط ماساة فلسطينيين ولا يرى ماساة الشعوب محتلة من قبل تلك الدول ومن تلك الانظمة التي يدافع هو عنها وهم اضعاف العدد بالنسبة لعددالفلسطينيين . فياترى ياسيد عبدالباري هل تستطيع ان تطلب من تلك الانظمة ان تعتذر من شعوبهاوتكتب ربع الماساة والاضهاد التي يتعرضون لها.

Obama and Abdulbary
Salem -

I think Mr, Abdulbary want President Obama to do every thing yesterday. In my opinion you never get it. I would like you to say once the truthMost Arab Countries have no clues of Humans rights there is so many problems in Arab World not only Palastine you know.If the Arabs or Palastininas listened to President Borkeeba 50 Years ago it would not be any problem now.You always want some else to solve your problem.In most cases the problem in middle East are self made.If every nation thinks like Arabs you will not find a cars, Tvs or internet, Get with the program and don''t blame People always once look at your mistakes you and People thinks like you too ,

ربع اعتذا
Hamid -

نصف اعتذار لا يكفي يا عبد الباري عطوان اتمنى لو انهم ان يعتذرو ربع اعتذا لشعوبهم .