جريدة الجرائد

عزف الربابة في تحليل قتل الذبابة!

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

25-06-2009

عزف الربابة في تحليل قتل الذبابة!

تركي الدخيل


نحن لا نحسد على كثرة "المحللين السياسيين" الذين يتحدثون عن كل شيء في كل شيء، على قاعدة: "هج اثمك يرزقك الله" فيتحدثون بتحليلاتهم عن أقراط "كارلا بروني" وعن ربطة عنق "أوباما"، وكل شيء له تحليله، عندهم رأي في كل حدث، ولهم في كل عرس قرص.
لا تستبعد أن يربط أحدهم بين خطاب ساركوزي عن "الحجاب" بإشاعات تحجب منى زكي، وربما وسع تحليل بعضهم، فاعتبر ذلك له علاقة بإصابة أنفلونزا الخنازير بالحجاب الحاجز. ولربما يقترح جزء منهم غداً أن نسمي عامل القهوة بالحاجب، من باب الإيغال في التحليل.
يستطيع المحلل العربي وهو يحرك أصابعه ويعدّل نظارته المقعّرة أن يحول كل شيء تافه إلى حدث تاريخي عظيم، جدير بالتأمل، حقيق بالنظر، وذلك لعدة أسباب أبرزها أن القنوات لديها 24 ساعة بث، يلزمها أن تملأ الساعات كلها بأي شيء، ولا تستبعد أن يجعل زمن التحليل من الخياط في زمن الفضائيات، "خبيراً استراتيجياً" أو "محللاً سياسياً"!
اكتشفنا هذه الفضيحة من زمن، ولكنها باتت يقيناً مع "ذبابة أوباما" التي أجهز عليها بيده ذات الأصابع الطويلة الداكنة، حينما ضربها ضربة قاضية لم تقم للذبابة بعدها قائمة، لكن قتل الذبابة-الذي يعتبره كل الناس في العالم حدثاً أقل من العادي، خلاصته "حانت ساعة الذبابة"- لم يمر على المحلل السياسي العربي الحصيف مرور الكرام، لأن وراء الأكمة ما وراءها، بعضهم رأى أن الذبابة هي تجسيد لإيران! وأن أوباما يقصد من قتل الذبابة أن إيران إذا لم تتأدب فإن مصيرها سيكون هو مصير الذباب!
واستشهد بمقولة أوباما: قتلت الذبابة اللعينة، واعتبر أن اللعنة موجهة لإيران، وأن الذبابة بدل، عوّض به الرئيس الأسمر عن الدولة المستهدفة مستقبلاً!
وآخر رأى أن الذبابة الهالكة مدسوسة وأن كل القصة مسرحية ليبدو أوباما أكثر رحابة وأكثر دعابة، أما أكثر المحللين حصافة وبعد نظر فرأى أن الذبابة لها قصة طويلة، بدأت مع تأسيس الموساد، وأن الذبابة الفقيدة خضعت لمشروع تربية وتسمين لتتجسس على الرئيس الأمريكي الذي سيخلف بوش، وأن الذبابة إسرائيلية وأنها ترمز لتمسك أوباما الشديد بالقضية الفلسطينية وأن قتل الذبابة بداية لتفعيل خارطة الطريق، وأن الذبابة مؤامرة خطيرة، أما المحلل الأخير فخلص، سدد الله خزعبلاته، إلى أن الذبابة تحمل فيروس أنفلونزا الخنازير ولو وقعت على أنف سيادة الرئيس لأصابه الفالج قبل أن تمسه أنفلونزا الخنازير!
قال أبو عبدالله، غفر الله له: وإذا كانت القنوات جعلت من الذبابة وسيلة لعزف الربابة، على قضايا الأمة وآلامها المهمة، فإن المحللين السياسيين وقعوا فريسة الخديعة يحللون مصرع الذبابة المريعة، وكأن وجود ذبابة في أستديو التسجيل يعني تهديد العرب جيلاً بعد جيل، وسبحان من خلق المحللين وفرّق... بين المحلل المتخصص والدعي الأحمق، وكل عام وأمة العرب تعزف الربابة حزناً على الذبابة.


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف