جريدة الجرائد

ســراج القلب والعقل

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

الحسن بن طلال


يقول شهاب الدين السهروردي صاحب حكمة الإشراقrlm;:rlm;

الفكرة سراج القلبrlm;,rlm; فإذا ذهبت فلا إضاءة لهrlm;.rlm;

لعل أطول مسافة أعرفها تقع بين عقل الإنسان وقلبهrlm;,rlm; والتقريب بينهما يعيدنا إلي قيم الإيمان والعملrlm;,rlm; وإلي واقعنا الاجتماعيrlm;,rlm; كما يجعلنا نتساءلrlm;:rlm; كيف يمكن أن نبذل المزيد لاخوتنا في الإنسانيةrlm;,rlm; فإذا توثقت الصلة بين العقل والقلبrlm;,rlm; ينطلق الإنسان نحو فضاءات العطاء في شتي المجالاتrlm;,rlm; ولاريب أن الخير في الأمة قائمrlm;,rlm; وإن بدا لنا معلقاrlm;.rlm;

في مجال الفكر يمكننا البذل والعطاء بتعزيز الحوار البناءrlm;,rlm; والتلاقي الدافئ بين أبناء الأمةrlm;,rlm; بما يحقق التكامل بين شعوبها ودولهاrlm;,rlm; ويصب في المصلحة العامةrlm;.rlm;

نحن بحاجة إلي الحوار المبدع الذي يعمق التوافق بين المعتقدات الدينيةrlm;,rlm; والجوانب العمليةrlm;,rlm; ويأخذ بمبدأ عدم الإكراهrlm;,rlm; ويركز علي القواسم الإنسانية المشتركة بين الدياناتrlm;,rlm; ويشجع علي النظر في النصوص المقدسة للآخرrlm;,rlm; وتراثهrlm;,rlm; وتاريخهrlm;.rlm;

إن الإخلاص في عطائنا الاجتماعيrlm;,rlm; وفي علاقاتنا الاجتماعية من شأنه أن يسهم في تحقيق التوازن بين المادة والروحrlm;,rlm; بين الدنيا والآخرةrlm;,rlm; بين حقوق الله وحقوق العبادrlm;.rlm; أشير هنا إلي رسالة الإمام علي زين العابدين بن الحسينrlm;(rlm; رضي الله عنهماrlm;)rlm; في الحقوقrlm;,rlm; وهي خمسون حقاrlm;,rlm; تلقي الضوء علي مصفوفة القيم في الإسلامrlm;,rlm; منهاrlm;:rlm; حق اللهrlm;,rlm; وحق النفسrlm;,rlm; وحق اللسانrlm;,rlm; وحق الكبيرrlm;,rlm; وحق الصغيرrlm;.rlm; لقد استودع الله الإنسان حقوقاrlm;,rlm; واستأمنه علي رعايتها وحفظهاrlm;,rlm; فلا يجوز الإخلال بهاrlm;,rlm; يقول الرسول الكريمrlm;(rlm; صلي الله عليه وسلمrlm;)rlm; كلكم راع وكلكم مسئول عن رعيتهrlm;.rlm;

ويندرج تحت العطاء الاجتماعي ذاك التواصل الإنساني الأخلاقي الذي يعمل علي تمتين النسيج المجتمعيrlm;,rlm; وتعميق روح التضامن والتكافل بين أفراد المجتمع وفئاتهrlm;,rlm; ولا يتحقق هذا الشكل من العطاء في غياب السلام الداخليrlm;,rlm; القائم علي تحقيق التوازن بين الروح والمادةrlm;.rlm;

يقول الشيخ الأكبر محيي الدين ابن عربيrlm;:rlm; للعقل نورrlm;,rlm; وللإيمان نورrlm;,rlm; وإن الحكيم الكامل المحقق المتمكن هو الذي يعامل كل حال ووقت بما يليق بهrlm;,rlm; ولا يخلطrlm;.rlm;

لكم نحتاج إلي نقاء القلوبrlm;,rlm; وصفاء السرائرrlm;!rlm; فكما يقول السيد عبدالقادر الجيلانيrlm;:rlm; إذا كان القلب مرآة مصقولةrlm;,rlm; فمن الواجب أن نزيل الغبار الذي تجمع عليهاrlm;,rlm; لأن مصير القلب أن يعكس نور الأسرار السماويةrlm;,rlm; فسراج القلب لا يضيء إلا بإشراق نور الله عليهrlm;,rlm; وكما ورد في محكم التنزيلrlm;:rlm;

الله نور السماوات والأرض مثل نوره كمشكاة فيها مصباحrlm;,rlm; المصباح في زجاجةrlm;,rlm; الزجاجة كأنها كوكب دري يوقد من شجرة مباركة زيتونة لا شرقية ولا غربيةrlm;,rlm; يكاد زيتها يضيء ولو لم تمسسه نارrlm;,rlm; نور علي نور يهدي الله لنوره من يشاء ويضرب الله الأمثال للناس والله بكل شيء عليمrlm;(rlm; سورة النورrlm;:rlm; الآيةrlm;35).rlm;

كذلك يتجلي نور الله في تكريم الإنسان باستخلافه في إعمار الكونrlm;,rlm; الذي سخر له ما فيه لتحقيق هذه المهمةrlm;,rlm; أيا كان عرقه أو لونه أو جنسه أو دينه أو مذهبهrlm;,rlm; يقول تعاليrlm;:rlm; ألم تروا أن الله سخر لكم ما في السماوات وما في الأرض وأسبغ عليكم نعمه ظاهرة وباطنةrlm;(rlm; سورة لقمانrlm;:rlm; الآيةrlm;20).rlm;

وكما ذكر الشاعر الفيلسوف محمد إقبالrlm;:rlm; فإن وحدة الأخوة الإنسانية هي التي يمكن الاستناد إليهاrlm;,rlm; لأنها تسموا فوق العرق والقومية واللون واللغةrlm;.rlm; فعلي الأسرة الإنسانية أن تترجم إيمانها بأن العالم كله وحدة واحدة بالممارسة والتطبيقrlm;,rlm; وفي الحديث الشريفrlm;:rlm; الخلق كلهم عيال اللهrlm;,rlm; وأحبهم إليه أنفعم لعيالهrlm;,rlm; فالمجتمع الأمثل يجسد إرادة الله علي الأرضrlm;,rlm; وإذا كانت الأخوة الإنسانية قيمة سامية في الديانات والشرائعrlm;,rlm; فإن الأولي أن نبدأ بتعميق هذا المفهوم في إطار الفضاء المقدسrlm;,rlm; لابد من التأكيد ألا يكون الدين رهينة للسياسةrlm;,rlm; وقد دعوت غير مرة إلي السمو بالدين إلي مكانته الصحيحةrlm;,rlm; فوق السياسةrlm;,rlm; بحيث تحقق الأماكن المقدسة السلطة المعنوية التي تستحقهاrlm;.rlm;

فالأماكن المقدسةrlm;,rlm; مثل النجفrlm;,rlm; وكربلاءrlm;,rlm; ومكةrlm;,rlm; والمدينة المنورةrlm;,rlm; تمثل رموزا حاضرة في الوجدانrlm;,rlm; وحية في القلوب والضمائرrlm;,rlm; نرنو إليها ونستلهم منها معاني الأخوة والقيم الإنسانية المشتركةrlm;.rlm;

هنالكrlm;,rlm; أكثر من أي وقت مضيrlm;,rlm; حاجة ماسة فعلا إلي منظومة أخلاق للتضامن بين أبناء البشرrlm;,rlm; إلي مصفوفة قيم وأخلاقياتrlm;,rlm; يحضرني في هذا السياق خطايا العالم السبع التي لخصها المهاتما غاندي في مقولته المشهورةrlm;:rlm;

الثروة بلا جهدrlm;..rlm; المتعة بلا ضميرrlm;..rlm; المعرفة بلا خلقrlm;..rlm; التجارة بلا أخلاقrlm;..rlm; العلم بلا إنسانيةrlm;..rlm; العبادة بلا تضحيةrlm;..rlm; السياسة بلا مبادئ

إن إعمار حياتنا علي هذه الأرض لا يتحقق من دون بناء الذهنrlm;,rlm; وإعمار النفسrlm;,rlm; والاعتماد علي القوة الذاتيةrlm;,rlm; القوة الجوانيةrlm;.rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
سمو الامير حسن
د محمود الدراويش -

سمو الامير حسن صاحب لغة تراثية شاعرية عذبة وانا عاشق لطريقته في الصياغة والتعبير ,ولافكاره العربية والاسلامية والانسانية العميقة , واجل وضوحه وعمقه واخلاقه التي نجدها مضيئة براقة في ثنايا فكره وطروحاته, وبلاضافة الى موسوعية معرفته فان فيها من العمق والاصالة والحداثة الكثير ... يتحدث سموه عن الفكر والعقل والقلب بصيغة تراثية لكنها تتفق تماما مع ادق واعمق الدراسات النفسية واكثرها حداثة ,, فقد عاشت البشرية حقبة البحث عن العقل وتمجيده منذ عصر النهضة وحتى نهايات القرن الماضي وتم التعامل معه وتقديمه كاساس للحضارة والتقدم وازدهار وتطور بنى البشر , واردف العقل والتعقل والعقلانبة بمصطلحات عصرية لا تخرج في مضامينها عما جاء في تحليل سموه ووجدنا انفسنا امام مصطلح الذكاء والعمر العقلي ونسبة الذكاء وما تتضمنه من قدرة على التحليل والتركيب واستخدام العدد وثراء اللغة والقدرة على التعامل والتكيف مع كل ظرف وكل مهمة او تحدي , وسيطرت تلك المصطلحات في القرن الماضي ومنذ وضع (بينيه)عالم النفس الشهير اختبار الذكاء صاحب الشهرة الذائعة, ثم استمر الحال في تمجيد العقل والعقلانية الى ان تنبه مجموعة من العلماء الى ان العقل لا يكفي وحده لقيادة البشرية والارتقاء يها ودخل القلب على الساحة وان بمصطلح جديد هو( العاطفة ) واصبحنا منذ ثماننيات القرن الماضي نتحدث عن ثنائية العقل والعاطفة او ما يسمى ( بثنائية الذكاءالعقلي والذكاء العاطفي او الانفعالي )وقدم علماء النفس شرحا مفصلا لاهمية الذكاء الانفعالي العاطفي ,اذ لا يكفي ان تكون عالما في قمة العقل والذكاء وانت خاوي انفعاليا ولا تستطيع اقامة علاقة متزنة ولا تستجيب بردود انفعالية مناسبة في المواقف المختلفة ولا تستطيع الاتصال والتواصل المثمر والتفاعل البناء مع الآخرين ... ومع بداية القرن الحالي وجد علماء النفس ان لا الذكاء (العقل ) ولا القلب ( الانفعال او العاطفة)كافيتان لتقدم البشرية وثرائها وتقدمها وبدا الحديث عن (الابداع) والقدرة على الاتيان بالجديد من الافكار والاراء والمعارف والتقنيات والاختراعات ... سيدي صاحب السمو لقد اجملت وعلماؤنا الاجلاء كل هذا في جملة واحدة( اذا توثقت العلاقة بين العفل والقلب ينطلق الانسان نحو فضاءات العطاءفي شتى المجالات )انها جدلية العقل والانفعال والابداع ,,, ان حديث السهروري (الفكرة سراج القلب ) هو ذاته ما تطرحه مدرسة الع

مقال عميق بانسانيته
نزار شهيد الفدعم -

موضوع جميل ورائع بسيط في التناول لكنه عميق في معانيه ومفرداته من المفكر الامير .....

لماذا
س -

لماذا ذكر كربلاء و قم قبل مكه و المدينه

تعليق
عصام -

قال السيد المسيح في انجيل البشير متى 6.22سراج الجسد هو العين.فان كانت عينك بسيطه فجسدك كلّه يكون نيّرا وان كانت عينك شريره فجسدك كلّه يكون مظلما.فان كان النور الذي فيك ظلاما فالظلام كم يكون. ان العين هي التي تولّد الفكره والفكره هي سراج القلب

تعليق2
عصام -

المشكله ان الأنسان قادر ان يتقدم فهو يكتشف ويخترع وقد تطور بحق من البدائيه الى قمة التطور المادي وربما في المستقبل يمكن ان يتطور الى اكثر من ذلك ولكن مع كل هذا التطور وما سيصل اليه في المستقبل غير قادر على الوصول الى السمو الأخلاقي والروحي فهو لا يستطيع ان يصفح عن من يسئ اليه او من يصفعه على خده او ان يحب عدوّه حيث بقي على الحاله البدائيه مثل اسلافه

صاحب السمو الفكري
عبد الفتاح عزام -

يعودنا سمو الأمير الهاشمي دائما وأبدا, وهو صاحب الفكر العبقري المنير , وكما هي سجاياه وسجايا آل بيت الرسول الكرام على ضرورة التصدي لمفردة الإنسانية بكل معانيها , بما يخدم روح هذه الإنسانية ,المعذبة منها على وجه الخصوص , للإرتقاء بها الى عليين بعيدا عن إرهاصات العرق أو اللون أو الجنس أو الدين أو المذهب كما تفضل سموه .ولعل الوسطية والتسامح اللذين يتحلى بهما الهاشميون على مر العصور والأزمان هما اللذان يجعلان من الهاشميين مشروع توحيد لهذه الأمة المتفرقة أيدي سبأ, فالهاشميون بما حباهم الله من كرامة وشرف نابع من سلوكهم الإنساني العظيم هم القاسم المشترك الوحيد- لنقل من الناحية الدينية على الأقل-في إنجاح مشروع الإلتقاء والتقارب المتعثر بين جناحي هذه الأمة المنهكة وهما السنة والشيعة , ولو أننا ولمرة واحدة فقط أزلنا عن أنفسنا أدران التعصب والغلو في ما نعتقد فيه وفتحنا قلوبنا وعقولنا ولو لكوة نور صغيرة و نية إنعتاق صادقة من ربقة التشنج المذهبي للآخر المختلف لما وصلنا الى ما وصلنا اليه من تشرذم , ولو أننا جعلنا من المذهب الذي نعتنقه هو آخر مفردة نختلف عليها مع الآخر لأن هنالك عوامل كثيرة للتقارب الأكيد لو أحسنا التصرف وأعملنا العقل والفكر في إحيائها , لو كان ذلك , لكان حري بنا أن نكون الآن في مصاف الأمم الحية التي لاتموت! .الحق الحق أقول لكم لو أكملنا- كأمة - مسيرتنا التي نحن عليها الآن من خلاف وإختلاف فلن نكون غدا إلا أمة طوطمية هالكة ومقهورة, حينئذ لن ينفع مع هذه الأمة أية جراحة !! وهذا الوضع المزري هو ما يحذر منه سمو الأمير الحسن بن طلال في أكثر من محفل وفي أكثر من مناسبة فهل نحن منتهون!؟ أم ستأخذنا العزة بالإثم ولا نرضى إلا أن كتمل دورة القدر المحتوم والذي هو من صنع أيدينا فإذا نحن قطع متفرقة كقطع الليل المظلم لامكان لها في صفحة مجد واحدة من سفر هذا الكون!!.نخرج حينها من بوابة التاريخ ونحن مهزومين مأزومين نعض على الاصابع ندما وحسرة !! مثل أقوام سبقتنا , بانت ثم بائت , وسيقال حينذاك ما أهلك هذه الأمة إلا صنيع أهلها بها لنكون أمة غابرة أضحت عبرة للأمم .وأخيرا وليس آخرا فإننا كمواطنين عرب ومثقفين مدينون لفكر صاحب السمو الملكي الأمير الحسن بن طلال بالسمو الفكري وبالإعتراف بفضله كمفكر عربي يبين في الإسلام إنسانيته ليظهرها ثم يحييها تسبقه الى نظرته اليه كدين , لأن الإسلام -إنسا

yahuod
sa7y -

?? and also if you do wer all the same why the minute you leave your house in jorwhy najaf and karbala and qom??whats hollydan you feel the defrance betwween thw bedwen jordanian and the palastinian ? where were you and what you were doing for 35years in power

امنية وشكر
NAZAR -

اتمنى ان يكونوا كل ألامراء والحكام والملوك العرب بهذا المستوى من الفكروالتحليل والنقاء لكنا حقيقة (خير امة اخرجت للناس)وهذه حقيقة اول مرة في حياتي اشكر فيها مسؤؤل عربي لانه غني بانسانيته.

شكرا سمو الامير
د فؤاد الجوازنه -

ان مثل هكذا مقالات تثري الفكر والوجدان والابداع ..اتمنى واطالب كتابنا المحترمين ان ينهلو من هذا الفكر الانساني الذي لا ينظب ليرتقوا الى مستوى الحدث . شكرا سمو الامير الانسان واطال الله في عمرك

تحية إلى كاتب المقال
شوقي -

أحيي الاخوة اللبنانيين أكثر الشعوب العربية إبداعاً وإنتاجاً.. لولاهم لما امتلكت معظم الدول العربية قنوات تلفزيونية.. ولا صحفاً ناجحة.. هنيئاً مريئاً ما تتقاضونه من أجور على جهودكم الإبداعية..