جريدة الجرائد

إخوتنا شيعة السعودية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

شتيوي الغيثي

المجتمعات الخلاقة هي تلك التي تتنوع ثقافياً واجتماعياً بحيث لا تصبح ذات طابع واحد لا يختلف فيه الأفراد مهما كانت صغر رقعة الوطن الذي يضمهم، وكل محاولات التنميط ما هي إلا نوع من تحجيم هذا الثراء الثقافي الذي تتمتع به المجتمعات المتنوعة خلافاً للمجتمعات ذات النمط الواحد تلك التي تسعى إلى التنميطية، ليأتي دور الوطن ويصبح هو الصاهر العام لهذا التنوع تحت مظلة مصلحة الجميع من خلال رؤية تعايشية بين أفراد المجتمع المختلفين مع الحفاظ على هذا التنوع والثراء الإثني والثقافي والديني.
وتتنوع المجتمعات الإسلامية بحسب تنوع الجغرافيا التضاريسية أو الجغرافيا البشرية، واتساع دائرة الإسلام جعلت منه قابلاً للتشكل وفق المتغيرات الزمانية والمكانية مما جعله يستوعب الكثير من المجتمعات التي لم ينشأ فيها من الأصل، وتبتعد عن موقع المركز الإسلامي مما جعل الإسلام في ثراء ثقافي يستطيع أبناء الإسلام من خلالها تبني رؤية تسامحية ومتعايشة مع الاختلافات الثقافية بين بعضهم البعض فيما لو أرادوا حقيقة ذلك، كما فعلت بعض المجتمعات الأخرى لاسيما الشرقية منها، فمجتمعات الشرق استغلت هذه النقطة جيداً، واستطاعت من خلال هذا الثراء أن تصنع أرضية مشتركة يمكن الوقوف عليها، وهذا الثراء جعلها تستطيع التعايش مع العصر بكل هوياته المتعددة، واختلافاتها المتناثرة من هنا وهناك، مما يقلص حجم الهوية بينها وبين المجتمعات المتقدمة، ولعل أزمة الهوية قاصرة جداً بحكم إمكانية التعايش، في حين يبقى أبناء الإسلام في أزمة متوالدة لا على المستوى الفكري فقط وإنما على كافة المستويات نظراً لحجم المسافة الواقعة بين قيم الذات وقيم الآخر على كل ما يحمله الإسلام كـ"هوية" عامة من ثراء ثقافي.
فلاسفة الاختلاف: (دريدا.. دولوز.. فوكو.. لوتار..ريكور) وغيرهم يطرحون مفهوم الهويات المتعددة والذات والآخر باعتبارها أهم ما يمكن أن يقوض مركزية الحداثة الغربية حين نفت الآخر، في حين تبقى هذه الهويات المتعددة في العالم العربي والإسلامي كأهم الأسباب التي تقود إلى عدم تماسك المجتمعات الإسلامية وتسامحها وتعايشها وصعودها قطار التقدم والتحضر لتصبح هذه الهويات نقمة بدل أن تكون نعمة، مما يعني أنها أحد أشكال ما قبل الحداثة في حين المجتمعات المتقدمة تتحدث عما بعد الحداثة، بعد أن أنجزت مشروعها الحداثي، وهو المشروع الأكثر قيمة في تلك المجتمعات على كل النقد الموجه لها من قبل فلاسفتها مابعد الحداثيين.
المجتمع السعودي ككل المجتمعات العربية والإسلامية، يحمل في طياته ثراء الاختلاف والتعددية، فمكوناته الثقافية متعددة حتى وإن كان من النظرة الأولى يوحي بالنمطية أو الاتجاه الواحد، لا على المستوى المناطق فحسب، وإنما حتى على المستوى الثقافي والمذهبي، وإخوتنا من المذهب الشيعي أحد أهم المكونات الثقافية الثرية التي يمكن أن نقف وإياهم على مشتركات كثيرة فضلا عن الغنى الثقافي الذي يمكن أن يكون من خلال التلاحم والتعايش الاجتماعي خاصة أنها يكادون يتوزعون جغرافيا على مناطق مهمة في الخارطة السعودية فمن المنطقة الشرقية من المملكة خاصة في القطيف والأحساء وغيرهما، إلى الحجاز وخصوصا في المدينة المنورة، إلى الجنوب وخاصة في نجران وربما في غيرها، يتوزع إخوتنا الشيعة ليكونوا بناءً فكرياً وثقافياً مختلفاً، وليس مخالفاً، للمذهب السائد مما يمكن أن يمنحنا كمواطنين ثراءً ثقافياً يضاف إلى الثراء المناطقي أو المذهبي الآخر كالصوفية في الحجاز مثلا فضلاً عن الحركة الأدبية والثقافية والفنية التي يتمتع بها أبناء الإخوة الشيعة في المنطقة الشرقية، ما يجعلها جديرة بالبحث السوسيوثقافي.
إضافة إلى كل ذلك؛ فإن الإخوة شيعة السعودية، وعند غالبيتهم، يحملون حس المواطنة تجاه هذا البلد، وهذه الدولة، وقد ضربوا أجمل الأمثلة في الحس الوطني لديهم في أحداث حرب السعودية مع الحوثيين في جنوب البلاد، إذ خرج الشيخ حسن الصفار وهو من أهم الشخصيات الدينية لدى شيعة السعودية ليعلن وقوفه إلى جانب السعودية علما أن الحوثيين ينتمون إلى المذهب الشيعي، كما قام مثقفان بارزان هما الأستاذ نجيب الخنيزي والدكتور توفيق السيف بمثل ما قام به الشيخ حسن الصفار، وليعلنا وقوفهما إلى جانب السعودية. كما ضرب شبابهم أمثلة أخرى من المواطنة والعمل الإنساني في تطوع عدد من أبناء القطيف لمساعدة المنكوبين في كارثة سيول جدة قبل أسابيع. وفي جانب آخر قام البعض منهم بزيارات متبادلة مع عدد من مسؤولي الدولة أو زيارات متبادلة مع عدد من المشايخ المعروفين كنوع من التلاحم الديني والاجتماعي مابين المذهب السني والشيعي، فالاختلاف هنا يمكن اعتباره اختلافاً خلاقاً يعمل في الصالح العام لأبناء الوطن الواحد، وهنا تكمن المواطنة الحقة حينما تنزاح الرؤية الفئوية ليبقى الوطن وأبناؤه تحت مظلة واحدة مع الحفاظ على القيم المختلفة بين هؤلاء وهؤلاء.
الإخوة شيعة السعودية هم في حقيقتهم من أبناء هذا الوطن، وتاريخهم يتلاحم مع تاريخ الأرض والناس، وعملوا لصالح هذا الوطن كما عمل غيرهم، وعلينا أن نعمل لهم كما علموا لنا، فالمواطنة تكمن في عدم التفريق بين أبناء الوطن الواحد مهما كانت نوعية الاختلاف الثقافي سواء على مستوى الحقوق أو على مستوى الواجبات على اعتبار أن الدين لله والوطن للجميع.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بارك الله فيك
شيعي -

هذا صوت الانسانية الحس الوطني مع اني لست سعودي . نعم التعددية هي ثروة والاعتراف بالاخر تحفظ الوطن

تقية
اسأل مجرب -

فقط انظر الى مافعله شيعة العراق بالعراق ولااقول غير ذلك ..حسبنا الله ونعم الوكيل

نعم المنطق
alibinali -

نعم القلم ونعم الكاتب انني معك فيما تقول قلبا وقالبا ليت الكل في مثل قولك وليت مثقفينا ينحون نحوك لكانت الدنيا بخير.

تقية
اسأل مجرب -

فقط انظر الى مافعله شيعة العراق بالعراق ولااقول غير ذلك ..حسبنا الله ونعم الوكيل

إخوتنا شيعة السعودية
محمد أبو مصطفى -

وجهت نظر جيده ولو كان في السعوديه الكثير من أمثالك أخوي العزيز (( شتيوي الغيثي )) لكان الوضع بين المواطنين أحسن وأحسن ولكن وشو نقول غير الله يصلح الجميع ونحن شيعه السعوديه مالناوطن غير السعوديه نعيش ونترعرع بين جانبيه دمنا وقلوبنا وسيوفنا ضد كل من تسول له نفسه بالإعتداء على وطننا مهما مذهبه ودينه عاشت السعوديه حره أبيه وعاش الشعب السعودي .

شكرا صفار
سعودي شيعي -

شكرا لفضلية الشيخ حسن الصفار الذي في الوقت الذي كان يطالب في بحقوق ابناء طائفه كان في نفس الوقت يبنى فكرا جديد بين ابناء طائفه يذكرهم فيه ان الانتماء للمذهب لا يتعارض مع المواطنة فنحن شيعة لكن سعوديون ايضا و مثل ما لنا حق على وطننا من المساواة و غيرها علينا واجبات ايضا تجاه وطننا و مليكنا و شعبنا.

شكرا صفار
سعودي شيعي -

شكرا لفضلية الشيخ حسن الصفار الذي في الوقت الذي كان يطالب في بحقوق ابناء طائفه كان في نفس الوقت يبنى فكرا جديد بين ابناء طائفه يذكرهم فيه ان الانتماء للمذهب لا يتعارض مع المواطنة فنحن شيعة لكن سعوديون ايضا و مثل ما لنا حق على وطننا من المساواة و غيرها علينا واجبات ايضا تجاه وطننا و مليكنا و شعبنا.

تسلم يمناك
فهد -

نعم هذا هو الصوت الذي يجب ان نرفعه جميعى من سنة و شيعة في هذا الوطن الغالي ونكون كلمة واحدة و ويدى واحدة في وجه كل من تسول له نفسه بالعبث بامن و طننا او التفريق بيننا نحن جميعآ نتشارك في الحسين واهل بيتة واهل بيت رسول رسول الله ليسوا حقرآ على الشيعة فقط بل هما في قلوبنا نحن كسنة و شيعة والموت لكل من يريد تفرقتنا وشق و حدتنا

اقرا تاريخهم
الرحيلي -

اقرا تاريخهم وانت تعرف ان كان منهم ولاء لوطنهم او لا !!!اذهب الى وزارة الداخليه وانت تجد الجواب في عيون من يسهرون على امن هذا الوطن ...عزيزي المواطنه ليست بالتقيه والكلام فقط !!!المواطنه تنبع من داخل الانسان ومن ايمانه بالله واعتقاده في من يشاركونه في الارض والسلام

لاتصدقوهم
حليم الفلسطيني -

لاتصدقو بهم أنهم أهل تقية وخداع وغدر ومازالت خنجرهم المسمومة في ظهور المسلمين

شكرا شتيوي
شيعي احسائي -

المواطنه هي الكلمة التي لاتقبل التأويل.

شكرا للكاتب
hanadi -

مشالله تبارك الله عقبال الشيعة في لبنان وشيعة العراق ان يكونو امثال شيعة السعودية الموءمنين الله يبارك فيكم يا اهل السعودية يا هيك يكون الحس الوطني يا اما بلاطبعا ومفروض كل شيعي عربي يكون ولائه لا وطنه الام مش لا ايران الفارسية العنصرية عقبال شيعة لبنان لما يصحو من الغيبوبة اله هم فيها والاكذوبة الكبيرة ويرجعو لا دينهم الصحيح الله يحمي المملكة العربية السعودية يارب وشكرا

شكر
ابو خالد -

نشكر الكاتب على الحس الاخوي وندعوا الاخوة الى تفهم المدهب الشيعي على حقيقته الناصعه

ونعم فيهم
خالد -

السلام عليكماخواننا الشيعه في السعوديه مثلهم مثل اي مواطن سعودي لديهم الحب واخوف على الوطن ويفدوه بدمائهم وابنائهم ولايمنعهم مذهبهم عن الدفاع عن عرين وطنهم فهم سعوديين ويهمهم وطنهم بالدرجه الاولى ...وقد اعلنوها وقوفهم الى جانب الحكومه ضد الحوثيين فضربوا مثالا للمواطنه الحقه ...

خطاب الفتنه
محمد الموسوي -

الشيعه هم أكثر الناس ولاء الى أوطانهم وغزو الكويت شاهد على ذلك لكن في السعوديه هناك السلفين وهؤلاء ليس لهم ولاء لأوطانهم ولائهم لتورا بورا والفلوجه

الوهابيه والتفخيخ
ابن الرافدين -

سؤال بسيط للديانه الوهابيه...لماذا تتسللون للعراق لقتلنا ؟؟؟؟

وطني لا غير
إلى صاحب الرد 7 -

على مدى تاريخ السعودية لا يوجد شيعي واحد هدد أمن وطنه السعودية لكن على الجانب الآخر نرى بعض ابناء المذهب الآخر ينظمون إلى تنظيم القاعدةويكونون خلايا نائمة إلى أن يتم إكنشافهم قبل أن بفجرون هنا وهناك وكم قائمة أعلانتها وزارة الداخليه السعودية لمطلوبيبن في قضايا أمنيه يا الرحيلي أأتني بشيعي واحد موجود على هذه القوائم للفئه الضاله ؟؟

المنافقين
القرشي -

الأخ الفاضل هل يعقل أن نمد أيدينا لأناس مذهبهم يحرض علينا نحن السنة هؤلاء هم من وصفوا في القران بالمنافقين ... ولاتنسى ان ولأهم لأيران ولاكن أنظر لأيران بعد ما أنتهوا من صدام وخلالهم الجو ألان استولوا على ثرواتهم وما خفي اعظم ..وأنظر ماذا يفعلون بأخواننا السنة حيث انني التقيت بحاج عراقي سني قال لي ان لي ابنان واحد اسمه عمر والاخر علي فلو ذهب عمر الى بغداد فسيقتل لاجل اسمه فصبرا جميلا وأنوار السنة مضائة الى الابد

لن ننخدع مرة أخري
محمد الشنقيطي -

حقيقة بسبب ما شاهدناه ونشهده في العراق ولبنان وحتي اليمن لم تعد لنا ثقة ولو قليلا بالشيعة سواء في السعوديه أوغيرها هذا كله كلام فارغ وأجوف لن ننخدع مرة أخري القوم لهم تربيه خاصه مليئة بالدم والحزن والحقد موظف لصالح أعمال وسياسات تخريبيه تضليليه فاتركونا من هذاالهراء الغير مجدي فلا شيء أبلغ من الكلام

كلنا نحب الحسين ولكن
amralamr -

هل الحسين أعز عند الشيعة من علي وكلاهما قتل . فلماذا يخصون الحسين .. أين عقولهم؟!! إرجعوا هداكم الله للدين الحق وحبوه كما نحبه بلا غلو فوالله إنكم لاتخلصون في حب آل البيت ومنهم الحسين كما نحبهم نحن أهل السنة . لاتكونوا كاليهود لايحبون جبريل .. وحبوا جميع صحابة الرسول صلى الله عليه وسلم ابوبكروعمروعثمان وعلي رضي الله عنهم جميعاً . إلى متى وعقولكم لاتدرك الحقيقة . ليس عذراً أن وجدتم آباءكم قد ملئت عقولهم بالفساد وهكذا يفكرون .. أين عقولكم

Thank you
H. Al-Attar -

أيها الأخ الفاضل شتيوي الغيثي جزاك الله خيراْ على هذا الصوت الجميل الذي جاء في الوقت الذي كثر فيه العزف على الوتر الطائفي . نحن نتألم كثيراْ حين نرى هذا الكم الهائل من الفتاوي الفاضحه التي يراد بها أشغال الأمه بمعارك جانبية تمنعهم من اللحاق بركب العالم المتطور. أقترح عليكم أطلاق الدعوه الى مثقفين الأمة للقاء لتدارك الأزمة قبل سقوط عمود الخيمة وحينئذ يكون الندم متأخر جداْ. بارك الله هذا الجهد الذي أراك تطلب رضا الخالق ونصرته.