تصاعد نفوذ تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
سودرسان راغفان
ترجمة حسن أنور
صعّد فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية -المسؤول عن محاولة تفجير رحلة الخطوط الجوية نورثويست المتجهة إلى ديترويت- جهوده على مدى السنة الماضية لاستغلال حالة عدم الاستقرار في اليمن، ولعب دور القيادي بين الجماعات الإرهابية، حسبما يقول مسؤولون يمنيون وغربيون ومحللون في مجال الإرهاب وزعماء القبائل.
وتقول السلطات الأميركية إن عمر فاروق عبدالمطلب المتهم النيجيري -الذي حاول تفجير مواد كيماوية بحقنة مخيطة في ملابسه الداخلية- ربما يكون قد حصل على التجهيزات والتدريبات من جانب صانع القنابل بتنظيم القاعدة في اليمن. ويزعم أنه أدلى بذلك لعملاء مكتب التحقيقات الفيدرالية (أف.بي.آي) بعد اعتقاله.
وإذا كان هذا الادعاء صحيحا، فإنه يمثل زيادة كبيرة في أنشطة تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية وظهور تهديد رئيسي جديد للولايات المتحدة والشرق الأوسط ومنطقة القرن الإفريقي.
وقال سعيد عبيد خبير الإرهاب اليمني "إن القاعدة بدأت في اليمن وشبه الجزيرة العربية، ولكنها نشأت وترعرعت في أفغانستان وباكستان والعراق ومناطق أخرى، أما الآن فمن الواضح أنها تعود مجددا إلى جذورها وتنمو في اليمن"، مضيفا "لقد أصبح اليمن المكان الذي يبدي تفهما أفضل لتنظيم القاعدة وطموحاتها اليوم".
ولا يزال فرع القاعدة -الذي يعرف باسم تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية- يتقدم في العمل، حسب تصريحات المسؤولين والمحللين. ويقوده جيل جديد من المتشددين اليمنيين والسعوديين الحريصين على تحويل اليمن إلى قاعدة انطلاق للجهاد ضد الولايات المتحدة وحلفائها من العرب وإسرائيل.
واستخدم هؤلاء المتشددون المساحات الشاسعة غير المحكومة من اليمن ذات التضاريس الوعرة والهياكل والقوانين القبلية الهزيلة، بالإضافة إلى التعاطف واسع النطاق لتنظيم القاعدة والعداء للسياسات الأميركية، لجذب مجندين جدد وإقامة قواعد تدريب.
ولم تشن المجموعة حتى الآن هجوما كارثيا ضد الولايات المتحدة أو حلفائها، الأمر الذي يوحي بأن المنظمة لا تزال ضعيفة جدا على العمل بفعالية خارج اليمن. إلا أنها أظهرت مرونة وقدرة على إعادة تنظيم صفوفها بسرعة والتسبب في حدوث فوضى داخل البلاد.
ويبدو أن فرع القاعدة يحاول ملء الفراغ الذي تركته الهيئة الرئيسية للتنظيم التي يقودها أسامة بن لادن والتي ضعفت بسبب الهجمات العسكرية في باكستان وأفغانستان. ورغم أن فرع القاعدة يعمل في معظم الوقت بشكل مستقل، إلا أنه يعتقد بأن زعيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية ناصر الوحيشي -الذي ينحدر من عائلة ثرية وكان يشغل منصب سكرتير بن لادن الشخصي- له اتصالات قوية مع زعيم تنظيم القاعدة، كما يقول المحللون.
وكثفت الحكومة اليمنية -التي تتعرض لضغوط أميركية شديدة وتتلقى من الولايات المتحدة المساعدة في هذا الصدد- جهودها للقضاء على فرع القاعدة في شبه الجزيرة العربية. حيث إنها شنت على مدى الأيام العشر الماضية غارات جوية وبرية أدت إلى مقتل أكثر من 50 متشددا حسبما يقول المسؤولون اليمنيون.
وتكافح الحكومة المركزية اليمنية الضعيفة لإنهاء الحرب الأهلية المندلعة في الشمال والحركة الانفصالية في الجنوب بالإضافة إلى اقتصاد البلاد الراكد. ويخشى مسؤولون أميركيون أن اليمن -الذي يعتبر البلد الأكثر فقرا في منطقة الشرق الأوسط- يمكن أن يصبح بلدا مشتعلا مثل أفغانستان أو باكستان.
وجاءت محاولة إسقاط طائرة الركاب بعد أقل من 24 ساعة من تنفيذ القوات اليمنية المدعومة من قبل الولايات المتحدة لغارة جوية استهدفت اجتماعا للمشتبه فيهم في محافظة شبوة وهي مقاطعة جنوبية.
ويقول مسؤولون أميركيون ويمنيون إن الوحيشي ونائبه سعيد الشهري -وهو سعودي الجنسية ومعتقل سابق في غوانتانامو- كانا مشاركين في الاجتماع بجانب أنور العولقي رجل الدين المتشدد اليمني الأميركي الذي هو على علاقة بمسلح متهم بقتل 13 شخصا في فورت هود بولاية تكساس في الخامس من نوفمبر الماضي. ولا يزال مصير القادة الثلاثة مجهولا، حيث أعرب شهود عيان وزعماء القبائل في المنطقة عن تشككهم بأن يكونوا قد ماتوا أو حتى أنهم كانوا مشاركين في الاجتماع.
جدير بالذكر أن اليمن -مسقط رأس والد أسامه بن لادن- طالما كان مصدرا للجهاديين. وقد حارب آلاف اليمنيين في أفغانستان والعراق وعاد الكثير منهم إلى اليمن. وفي عام 2000، صدم متشددو القاعدة المدمرة كول بزورق معبأ بالمتفجرات قبالة مدينة عدن مما أسفر عن مقتل 17 بحارا أميركيا. وتعود جذور الجيل الحالي من القاعدة في شبه الجزيرة العربية إلى من تمكنوا من الفرار من سجن يحظى بأقصى درجات الأمن في العاصمة صنعاء في فبراير 2006 وبلغ عددهم 23 سجينا. وقال مسؤولون يمنيون وأميركيون إن السجناء حصلوا على مساعدة من قبل مسؤولين بالاستخبارات اليمنية متعاطفين مع القاعدة.
وكان الوحيشي من بين الهاربين الذين شملوا أيضاً العديد من النشطاء البارزين الذين كانوا العقل المدبر وراء تفجيرات كول. وسرعان ما بدأ الوحيشي -الذي يعتقد أنه في أوائل الثلاثينيات من عمره وقاتل بجانب بن لادن في أفغانستان- في إعادة بناء فرع التنظيم.
وحتى عام مضى، استهدفت غالبية هجماتهم السياح ورجال الدين والمنشآت النفطية وغيرها من الأهداف السهلة في اليمن. وفي سبتمبر عام 2008، هاجم مقاتلو القاعدة المدججون بالسلاح السفارة الأميركية، وفجروا سيارة مفخخة مما أدى إلى وقوع 16 قتيلا بينهم ستة من المهاجمين. ويقول محللون ومسؤولون إنهم يعتقدون أن الهجوم على السفارة الأميركية قد تم بأمر مباشر من بن لادن. وفي يناير الماضي، اندمج الفرعان اليمني والسعودي ليشكلا معا فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية.
ومنذ الاندماج، طور الفرع قدراته على نشر رسالته، حيث إنه له مجلة على الإنترنت تسمى صدى الملاحم أو "صدى المعارك"، ويعرض بانتظام أفلام الفيديو والبيانات التي يصدرها ويرسلها إلى مواقع الإنترنت والمنتديات الجهادية. وفي يوم 29 أكتوبر، نشر مقالا في مجلته على الإنترنت قائلا: "إن كل من يريد الجهاد معنا فإن الجماعة ستهديه إلى الطريقة المناسبة للقتال".
وقال دبلوماسيون غربيون إن الجماعة شنت خمس هجمات العام الجاري، مقارنة بـ 22 هجوما في عام 2008، إلا أن الأهداف كانت أكثر أهمية.
وفي أغسطس الماضي، أرسلت الجماعة انتحاريا سعوديا بمتفجرات مخبأة داخل جسده، حيث مر بسلاسة داخل نقاط التفتيش الأمنية بالمطار وأوشك على قتل الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز رئيس عمليات مكافحة الإرهاب في المملكة السعودية. ووفقا لما تقوله بعض التقارير، فقد استخدم منفذ العملية نفس المتفجرات الكيميائية التي يزعم أن عبدالمطلب استخدمها. وفي الشهر الماضي، نصب مقاتلو الجماعة كمينا، ما أدى إلى مقتل ثلاثة من كبار ضباط الأمن اليمنيين وأربعة من الحراس في محافظة حضرموت. في حين كانت تخطط لشن هجمات انتحارية ضد السفارة البريطانية والمدارس الأجنبية الأسبوع الماضي.
وكانت آخر خطوات فرع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أنه أصدر بيانا يوم الأحد أعلن فيه أنه سينتقم جراء الضربات الجوية في 17 ديسمبر الماضي.