جريدة الجرائد

ثنائية المسيح / الحسين

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

"سوسيولوجيا الدماء الدينية" ثنائية المسيح / الحسين

زياد بن عبدالله الدريس

تزامنت، في الأسبوع قبل الماضي، مناسبتان دينيتان: الكريسماس (عيد الميلاد عند المسحيين) وعاشوراء. هذا التزامن أتاح للباحثين والمراقبين ملاحظة التقاطعات بين المضامين السوسيولوجية للفعاليتين الدينيتين، بجلاء أكثر. فالكريسماس، وإن كان هو ذكرى لمولد المسيح عليه السلام، إلا أنه تخليد وتكريس لحكاية صلب المسيح. وعاشوراء هي أيضاً، وبكل وضوح، ذكرى مقتل الحسين رضي الله عنه.

تتمحور الديانتان، المسيحية والتشيع، في حادثة جوهرية واحدة تم بناء كل عناصر الديانة عليها، ونفي هذه الحادثة أو التشكيك في بعض أحداثها يهدد كل أركان الديانة بالسقوط!

اؤكد قبلاً ان تناولي للحكايتين هنا لا ينطلق من منظور ديني بل من منظور سوسيولوجي لكيفية اقتحام حكاية الصلب والفداء المسيحي، مع بعض التعديل، في عقيدة طائفة مسلمة! فالثالوث المسيحي: الرب... مريم العذراء... المسيح، يقابله ثالوث شيعي مماثل له في التمحور والتعظيم والقداسة المطلقة: علي، فاطمة، الحسين.

الدم الرمزي، النبيذ، الذي يشربه المسيحيون في الكنيسة تخليداً لدم المسيح، هو الدم الذي يسفكه الشيعة في عاشوراء من رؤوسهم وظهورهم تخليداً لدم الحسين. ينطلق المسيحيون في ذلك من نصوص مقدسة عندهم: "وكل شيء يتطهر حسب الناموس بالدم، وبدون سفك دم لا تحصل مغفرة". (العبرانيين 9 :22 ). و "لأن نفس الجسد هي في الدم فأنا أعطيتكم إياه على المذبح للتكفير عن نفوسكم لأن الدم يكفّر عن النفس". (لاويين 17 : 11).

هل اعتمد الشيعة على نفس النصوص لتبرير وتبجيل الاستدماء في يوم عاشوراء؟!

يقول المؤرخ حسن الأمين: "إنه كان في بلاد القفقاس مسيحيون يقومون بتعذيب أجسادهم فداء للسيد المسيح، وكان في القفقاس عدد قليل من الشيعة نقلوه إلى إيران عندما كانوا يذهبون لزيارة ضريح الإمام علي بن موسى الرضا".

وذكر الدكتور علي شريعتي أن وزير الشعائر الحسينية في ظل الحكم الصفوي بإيران قد ذهب إلى أوروبا الشرقية وأجرى هناك تحقيقات ودراسات واسعة حول المراسيم الدينية والطقوس المذهبية والمحافل الاجتماعية المسيحية وأساليب إحياء ذكرى شهداء المسيحية والوسائل المتبعة في ذلك حتى أنماط الديكورات التي كانت تزين بها الكنائس في تلك المناسبات، واقتبس تلك المراسيم والطقوس وجاء بها إلى إيران بعد إجراء تعديلات عليها. وأضاف شريعتي أن من بين تلك الطقوس النعش الرمزي والضرب بالزناجيل والأقفال والتطبير (علي شريعتي: التدين العلوي والتدين الصفوي). الشيعة في الهند أضافوا حديثاً طقساً جديداً الى عذابات عاشوراء هو ظاهرة المشي على النار، وهو من إيحاءات سوسيولوجيا التدين الهندوسي، المجاور!

وكنت قد شاهدت قبل سنوات قليلة مقطع فيديو من احتفال عاشورائي لمجموعة من الشيعة المقيمين في لندن، ولم يلفت انتباهي حينها شيء من الطقوس، سوى الصورة المعلقة في جدار الصالة لإنسان حزين متألم، لو لم يكتب على الصورة اسم (الحسين عليه السلام) لجزمت بأنها صورة (المسيح عليه السلام) التي ألفناها في الكنائس. هكذا لم يتوقف التشابه والشبه بين المسيح والحسين عند حكاية موتهما وآلامهما وتضحياتهما، بل إن سوسيولوجيا المجتمع الإنكليزي البروتستانتي قد سكبت شيئاً من ملامح وتقاطيع ووقفة المسيح في صورة الحسين!

وفي ملمح آخر من التمحور الشيعي الكلي حول مقتل الحسين، يدعو الشيخ عباس النابلسي إلى إنشاء "أوبرا" عن عاشوراء، وتوظيف الغناء والموسيقى والمسرح والرسم وكل الأشكال الفنية "باعتبار عاشوراء قيمة كونية عالمية"! وتوشك أمنية النابلسي أن تتحقق، فقد انتجت أخيراً مسرحية (قنسرين) التي وصفها منتجها بأنها "مسرحية تعرض للثورة الحسينية في إطار حركة الأديان السماوية، وخصوصاً التشابه الكبير بين حركة المسيح ومعاناته وتضحياته وبين حركة الإمام الحسين (ع) وآلامه وتضحياته". وقد نسي هذا الفنان أو تناسى أن إيمانه، كمسلم، بصلب المسيح عليه السلام سيغضب عليه الحسين وجد الحسين عليه الصلاة والسلام، ولكنه التثاقف الذي يتسلل أحياناً إلى الذهنية الاجتماعية من دون وعي بالتناقضات المختبئة فيه!

* * *

يجب أن نختم هنا، تفادياً لأي فهم مغلوط!، بأننا نتحدث هنا عن سوسيولوجيا طقوس عاشوراء فقط وليس عن المذهب الشيعي، كما ننوه أن عدداً من حكماء وعلماء الشيعة قد كتبوا من قبل كثيراً منكرين الطقوس الدموية في عاشوراء، وأنها من الأمور المستحدثة في العهد الصفوي.

لكن سيظل من المشوق ومن المثير للاهتمام الاستقصائي البحث في كيفية تسلل هذه الطقوس المسيحية الى المذهب الشيعي، من منظور سوسيولوجي مقارن لا يتوقف على هاتين الديانتين فقط، بل على ظواهر اخرى في ديانات اخرى؟!


التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
طقوس غريبه
ابو محمد -

الاسلام دين سماحة واحترام للانسان وحياته والمسلم الذي يتدبر آيات القران يحبب الله لنفسه الدين ويتضح ذلك جليا على تصرفاته وحسن خلقه وحسب رؤيتي لموضوع الطقوس الشيعية فأن هذه الطقوس ولمعرفة القائمين عليها بعدم صحتها فأنهم يقومون بتلقينها لاتباعهم معززه بشيء بكثير من المظلومية حتى لا يتسرب النسيان لعقول الاتباع مقتل الحسين رضي الله عنه كبيره ولا شك ولكن ان يستثمر الى حدود تتجاوز حدود المنطق والشرع هو بحد ذاته يمثل الخطيئة الاولى التي ادت الى مقتله رضي الله عنه ان كان بخروج جيش يزيد او بتخاذل من طلب الحسين للخروج من الحجاز وتركه في ساحة المعركة وحيدا مظلوما رضي الله عن الحسين وال بيت الرسول صلى الله عليه وعلى اله وصحابته اجمين

ملاحظات
لبـــناني حـــر -

مع احترامي الكامل لكاتب المقال والمعلوات القيمة الموجودة فيه الا انه لا بد من توضيح بعض النقاط:1- مناسبة الكريسماس او عيد الميلاد هي مناسبة او عيد يحتفل فيه لذكرى ميلاد السيد المسيح وليس لذكرى صلبه وقيامته لان هذه الذكرى لها تاريخ اخر والعادة هو في شهر 4 من كل سنة. 2- الثالوث المسيحي هو : الآب الابن والروح القدس وليس الاب المسيح ومريم العذراء. 3- لا يجوز مقارنة سفك الدماء اللذي يحصل عند الشيعة في عاشوراء مع مفهوم الدم او الصلب عند المسيحية اللتي لا تسمح او لا تؤمن بان على الناس ان يسفكو دمائهم للتعبير عن ايمانهم بالمسيح وصلبه وقيامته.

ما بنى على باطل
عزت المصرى -

بدات بحثك المغلوط بمعادلة خاطئة فلقد ذكرت ان الثالوث المسيحى (الرب ,مريم العذراء والمسيح ) ولا ادرى هل عن عدم دراية وجهل بالايمان المسيحى ام تاتى من مرجعيتك التى يرفضها شكلا وتفصيلا المسيحيون فعندما تريد ان تناقش قضية ايمانية لدين ما فلتناقشها من خلال مرجعيات هذا الدين وليس من معتقدات دين اخر فمن المعروف لاى طفل مسيحى لة القدرة على الكلام ان الثالوث هو الاب (الرب) والابن(المسيح)والروح القدس والثلاثة فى الاب واحد .واذا رجعنا الى مرجعيتك فان الحديث يقول (لا تقبحوا الوجة فان اللة خلق ادم على صورة الرحمن) .فاذا كان الانسان جسد ونفس وروح فلم تنكرون الثالوث ادا؟ . واذا كان اللة قد تجلى فى الحجر وتجلى فى الشجر فلم تنكرون ان يتجلى فى بشر؟ يا رجل تفهم قبل ان تكتب او تطلق توهماتك جزافا

استحداث تعذيب النفس
عمر حسين -

الحمد لله انني دائم الترحال فان الكاتب الموقر بمقالته الرائعة قد لفت نظري الى استحداث بعض اساليب اذية النفس فلم يكتفي بنو الشيعة الى استعمال السيف والخنجر وامواس الحلاقة بل زادوا العملية بضرب صدورهم وظهورهم بالجنازيل والاقفال وقد رايت واحدا في مدينة النبطية(في لبنان) يمسك بمنشار كهربائي يعمل بالبطارية لشحز وحز راسه , كما رأيت سيدة تنتف شعر ابنها الرضيع وهو يصرخ من الالم لعمل حفره في راسه لامكانية ضرب راسه بسكين ماض معها. كما علمت بان هناك اناس كما ذكر الكاتب يمشون على الجمر , هناك اناس يمشون على المسامير ذات الرؤوس كالحراب على الطريقة الكنفوشوسية، وهناك اناس يمشون على الحبال بطريقة اكروباتية نسبة الى الالهة كروباتي شمون، وكذلك هناك اناس يمشون على الحوائط كطائفة الجرذان في الهند ضد الجاذبية , وهناك اناس في ازربيجان يمشون على الخيار ويدسونه بأقدامهم لانه لم يكن موجودا في اصفهان... وغيره وغيره من اساليب تعذيب النفس ,فكلها انماط واشكال تعذيب مثل بعضهم يضرب راسه في زجاج شباك البيت ليحدث جرحا وقطع كبير وكلما كبر الجرح والقطع ونزف الدم بكثرة كلما كان فرج وظهور المهدي المنتظر اقرب من قوس قزح ...وهذا للعلم والمعرفة.شكرا ايلاف

يلطمون على صدورهم؟
مدقق -

بصراحة مشكلتكم مع الشيعه ليس بعض في (العادات الشعبية) التي يقوم بها (بعض) الشيعه ولكن المشكلة الاساسية ان إحياء ذكرى عاشواء الحسين يستفزكم ؟ وهذا يعني انكم ترفضون احياء الذكرى ولكن تستخدمون (التقيه)حين تنتقدون بعض المظاهر الشعبية التي يقوم بها بعض الافراد القلائل في تجمع كبير وعظيم يشهده الملايين من الاشخاص ؟ والغريب ان الشيعه يلطمون على صدورهم وليس على صدوركم فلماذا الانزعاج ؟ والبعض يسيل الدماء من رأسه بإرادته ولم يسيل الدماء من رؤوسكم فماذا تريدون منه؟! والأغرب ان أكثر السهام التي توجه للشيعه تأتي من أشخاص يتلذذون برؤية (المجاهدين) الذين بقطع رؤوس الابرياء أمام الكاميرات تحت صيحات الله أكبر؟؟؟؟؟!!!! فهل قطع رؤوس البشر أهون عندكم من رؤية رجل يلطم على صدرة ؟!!ا لا والله ولكن احياء ذكرى الحسين يعني إحياء تاريخ لا يريد البعض ان يتذكره لأنة يضرب صميم عقيدته ؟ رجوكم تكلموا بصراحة وإخرجوا الحقيقة حتى يكون كلامكم مقنع

يلطمون على صدورهم؟
مدقق -

بصراحة مشكلتكم مع الشيعه ليس بعض في (العادات الشعبية) التي يقوم بها (بعض) الشيعه ولكن المشكلة الاساسية ان إحياء ذكرى عاشواء الحسين يستفزكم ؟ وهذا يعني انكم ترفضون احياء الذكرى ولكن تستخدمون (التقيه)حين تنتقدون بعض المظاهر الشعبية التي يقوم بها بعض الافراد القلائل في تجمع كبير وعظيم يشهده الملايين من الاشخاص ؟ والغريب ان الشيعه يلطمون على صدورهم وليس على صدوركم فلماذا الانزعاج ؟ والبعض يسيل الدماء من رأسه بإرادته ولم يسيل الدماء من رؤوسكم فماذا تريدون منه؟! والأغرب ان أكثر السهام التي توجه للشيعه تأتي من أشخاص يتلذذون برؤية (المجاهدين) الذين بقطع رؤوس الابرياء أمام الكاميرات تحت صيحات الله أكبر؟؟؟؟؟!!!! فهل قطع رؤوس البشر أهون عندكم من رؤية رجل يلطم على صدرة ؟!!ا لا والله ولكن احياء ذكرى الحسين يعني إحياء تاريخ لا يريد البعض ان يتذكره لأنة يضرب صميم عقيدته ؟ رجوكم تكلموا بصراحة وإخرجوا الحقيقة حتى يكون كلامكم مقنع

يوجد مغالطات
شاكر -

في المقال مع الأحترام لكاتبه بعض الأدعاءات في غير مكانها و ربما تكون مستفزه لمشاعر الملايين و يدل ذلك على عدم الأطلاع على حقائق الأمور بشكل موضوعي. يا حبذا لو ان الكتاب يستشيروا أهل العلم قبل مسك أقلامهم في الكتابة المقال يركز على مسألة سفك الدماء و كأن فيه استغراب كبير اليس هناك مصطلح الدماء الزكية في الجهاد يرجى من الكتاب بأن يكونوا منصفين و عادلين في كتاباتهم.

يوجد مغالطات
شاكر -

في المقال مع الأحترام لكاتبه بعض الأدعاءات في غير مكانها و ربما تكون مستفزه لمشاعر الملايين و يدل ذلك على عدم الأطلاع على حقائق الأمور بشكل موضوعي. يا حبذا لو ان الكتاب يستشيروا أهل العلم قبل مسك أقلامهم في الكتابة المقال يركز على مسألة سفك الدماء و كأن فيه استغراب كبير اليس هناك مصطلح الدماء الزكية في الجهاد يرجى من الكتاب بأن يكونوا منصفين و عادلين في كتاباتهم.