الخليج في مفاوضات القطبين.. ما الجديد؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
مهنا الحبيل
لم يقف المشهد السياسي في الخليج العربي عند تصريح مهم لمؤشرات وضع العلاقات الإيرانية الأمريكية في المنطقة وبالذات مستقبل المفاوضات المعلقة وانعكاساتها على مستقبل الخليج، خاصة أن هذا التصريح حديث مما يُدلل على أن التواصل الأمريكي الإيراني لا يزالْ دافئاً في بعض الملفات وهو ما نشر عن الشيخ خالد بن أحمد آل خليفة وزير الخارجية البحريني وتطرق له الزميل عبدالخالق عبد الله في صحيفة العرب القطرية حين أعرب الوزير لبعض الإعلاميين في حوار المنامة الأخير الذي كانَ قريباً من أحداث التاسع من محرَّم عن احتجَّاجه واندهاشه من وجود جلسات مفاوضات سرية عُقِدت بين واشنطن وطهران على هامش المؤتمر في غياب كامل عن الحضور الخليجي ودونَ أي إخطار أو إحاطة لدول مجلس التعاون الخليجي. وإضافة إلى ما يؤكده هذا الموقف عن الدور المزدوج الذي تمارسه واشنطن على الخليج وهو ما ذكرناه مراراً وأن ما تطالبه بهم من تصعيد موسمي أو تهدئة إجرائية إنما يأتي في سياق مصالح واشنطن التي ستتعرض بالضرورة إلى تقاسم النفوذ في المنطقة، وبالتالي انعكاسات ذلك على أمن الخليج ببصمة أمريكية إيرانية مزدوجة، وهذا ما يستدعي الدخول من جديد لاستعراض هذه العلاقة والملفات المشتركة لنتعرف على خريطة تقاطعات المصالح بين القطبين وتأثيراتها على الخليج العربي مؤكدين على أن فلسفة المصالح هيَ التي تحكم الدول لا ضجيج الصراع الإعلامي. لكنني هذه المرة سأبدأ باستعراض الموقف من تباينات التقييم للعلاقة مع إيران وخلافنا مع بعض المثقفين العرب في هذا السياق من أنصار واشنطن أو محازبي طهران، وذلك لما نستشعره من ضرورة تجلية الموقف من هذا الجدل خاصةً في أوساط التيار الإسلامي والقومي وعموم الرأي العام العربي وما هي القاعدةٍ المهمة في تناول الملف الأمريكي الإيراني توافقاً مصلحياً أو صراعاً مستندين على أنّ هذه العلاقة هي المدخل لفهم أكثر العوامل تأثيراً على مستقبل منطقة الخليج العربي وأمنها القومي، وهي التي ابتداءً صنعت التقاطع الذي أسقط العراق وأفغانستان تحت الاحتلال وألهبت الحالة الطائفية في المنطقة وانتهاءً بتأثيرات هذا الاستقطاب الطائفي والسياسي والعسكري للحركة الحوثية في اليمن. إنَّ هذا الموقف الإسلامي العروبي الذي ننطلق منه يقفُ بينَ رؤيتين إعلاميتين يطرحهما فرقاء الخطاب العربي المرتبط بهذه القضية. الأولى: الانجرار وراء الموقف الأمريكي وحلقة من المدار العربي الرسمي المؤيِّد له بالمطلق بما فيه التقاطع معَ خطاب الكيان الصهيوني وإن كانَ ذلكَ يُسوَّقُ في الأوساط العربية لهدف استهلاكي وتبقى هناك إستراتيجية إدارة خاصة لواشنطن معَ طهران، هذا الموقف يتلخَّص باعتبار الأميركيين حليفاً مشروعاً ضد إيران بحسب موجات التصعيد الإعلامي ومقتضيات الصراع أو الصفقة والخطير في هذا السياق استخدام الخطاب المذهبي لخدمة هذه الرؤية. أمّا الرؤية الثانية التي يتبناها المنحازون للمشروع الإيراني وهُم صنفان الأول موظَّفْ كلياً في مدارها لأسبابٍ طائفية أو مصلحية أو أيدلوجية تحملْ عُمقاً تاريخياً من الخلاف مع الفكر الإسلامي السني وبعض جغرافيته وبالتالي الوقوف في مواجهته وإن كانت هذه الشخصيات أو المؤسسات في الأصل ليست ذات توجه ديني بل سياسي، أما الصنف الثاني من أنصار إيران فهم المتأولون كردة فعل على الموقف العربي الرسمي المنحاز ضد المقاومة والمتحالف كلياً مع واشنطن وهوَ يضمُّ شخصيات فكرية إسلامية وقومية محل احترام وتقدير وتتفق معَ المحور الإسلامي المستقل في قضايا أخرى وهو ما يستوجب عدم افتعال المعارك والصراعات الفكرية معَ هذا الفريق الثاني واتساع صدر محور التيار الإسلامي العروبي المستقل لهذا الاختلاف حتى ولو كانَ لا يتسعْ صدره لـ طرح الفكرة المخالفة له، وغداً بإذن الله نعرض للرؤية المستقلة عن القطبين.