جريدة الجرائد

المؤشر الأهم

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

بثينة شعبان


في ملاحظات الرئيس أوباما حول تعزيز استخبارات وأمن الطيران، والذي جاء نتيجة ما سُمي محاولة غير مكتملة لتفجير طائرة ركاب أميركية في أعياد الميلاد، أشار الرئيس أوباما أكثر من مرة إلى أن "الاستخبارات الأميركية كانت على علم بأن عناصر ذات صلة بـ(القاعدة) في اليمن تنوي ضرب الولايات المتحدة وتجنيد العناصر لفعل ذلك، غير أن الاستخبارات لم تتابع وتضع أولويات الخيوط التي لديها والمتعلقة بتوجيه ضربة إلى الولايات المتحدة"، ويخوض الرئيس أوباما بعدها في أمور فنية تتعلق بتلقي المعلومة وتحليلها والتصرف وفق أولوياتها ووضع النقاط على الحروف، وملء الفراغات، والوصل بين المعلومات من جهات متعددة، ويبقى في كل ذلك أساس ملاحظات الرئيس أوباما وعلاجاته، الذي يستند على فرضيتين أساسيتين لم يتساءل عن أسبابهما أو عن مدى صحتهما؛ الفرضية الأولى هي أن هناك في مكان ما أناسا يكرهون الولايات المتحدة يجندون العناصر التي تكرهها، ويخططون لضرب أمنها، وهؤلاء يجب أن يضعهم في قائمة من يحظر عليهم الطيران، والفرضية الثانية هي أن العلاج لهؤلاء هو علاج استخباراتي في المطارات والموانئ والحدود، والبحث عن أجهزة أكثر تطورا، وتضييق الإجراءات على الملايين من المسافرين من رعايا 14 بلدا سوف يخضعون لتفتيش لا يخلو من المهانة في المطارات الأميركية.

الخطير في الأمر، أن الرئيس أوباما كرر عبارة الرئيس بوش: "نحن في حرب ضد (القاعدة)"، ولا أعلم ما إذا كان الرئيس أوباما قد لاحظ أن أسماء الدول قد ازدادت منذ سلفه بوش، حيث كان من المفترض أن الحرب على أفغانستان هي حرب على "القاعدة"، والحرب على العراق هي حرب على "القاعدة"، إلى أن اكتشفوا بعد ذلك أن "القاعدة" امتدت في السنوات الأخيرة إلى باكستان، وها هو الحديث عن "القاعدة" اليوم يمتد إلى الصومال واليمن ونيجيريا، وربما إلى دول أخرى في المستقبل، هل نجحت استراتيجية الحرب على الإرهاب التي أعلنها الرئيس بوش في التقليل من خطر الإرهاب أم زادت انتشاره؟ وإذا كانت قد زادت انتشاره كما هو واضح من عدد الدول التي تذكرها الولايات المتحدة اليوم في تصديها لـ"القاعدة"، فهل يعني هذا أن هناك أسبابا أخرى تحول دون نجاح هذه الاستراتيجية، أو أن هذه الاستراتيجية لم تلامس جوهر الموضوع ولم تقدم الدواء الشافي له؟

السؤال الذي يتوجب طرحه هو: لماذا يستهدف البعض الولايات المتحدة ويجندون آخرين، لا علاقة لهم ربما بالإرهاب، ضدها؟ إذا كان ازدهار الولايات المتحدة هو السبب، فهناك دول تتنافس لتكون الأولى في سرعة النمو الاقتصادي، فلماذا لا تشعر هذه الدول بأنها مستهدفة كما تشعر الولايات المتحدة بذلك؟

لا يوجد شيء في الدين الإسلامي يشجع على كره بلد ما أو شعب محدد؛ لأن الأساس في الدين الإسلامي هو "ولا تزر وازرة وزر أخرى"، ولذلك وفي حمأة جرائم الحرب الأميركية على العراق، لم يتعرض مدني أميركي لحادثة واحدة في العالم الإسلامي، لأن المسلمين يميزون بين الحاكم والمحكوم.

ففي الوقت الذي يعالج فيه الرئيس أوباما خطرا كان محتملا، لم يذكر كلمة عن جريمة حصلت وارتكبت في أعياد الميلاد بدم بارد، حيث قتلت إسرائيل 6 شبان فلسطينيين، 3 في نابلس و3 في غزة، بعضهم أمام زوجاتهم وأطفالهم وكانوا جميعا عزلا لا سلاح لديهم، كما لم يُدِن الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل في العام الماضي في غزة، كما لم يسمع بالناجية من الهولوكوست والمتظاهرين من الدول الغربية الذين قدموا للانتصار لشعب غزة السجين، وعادوا من دون أن يتمكنوا من الوصول إلى غزة.

لقد قال العرب منذ القدم إن "العدل أساس الملك" لأن العدل هو الذي يجلب الرضا، والرضا هو أساس الأمن والأمان، أما الشعور بالظلم والإهانة والاستهتار بالدماء والحياة والكرامة فلا بد أن يولد النقمة والغضب، أما الأسلوب السليم فيجب أن ينصب على إزالة الظلم الناجم عن الاحتلال والاستيطان والحرب.

كيف يكون شعور أي مسلم يرى 1.5 مليون مدني محاصرين من دون غذاء ودواء في سجن مهين اسمه غزة، يقصفون يوميا بالطائرات الأميركية الصنع، ويمنعون من الحياة الحرة الكريمة من قبل إسرائيل، وبدعم وتمويل وتسليح غربي، وحين يقع حكامها وضباطها في ورطة بسبب جرائمهم، يستخدم "الفيتو" الأميركي لحمايتهم أو يتم تغيير القوانين لحماية مجرمي الحرب.

ما يحصل اليوم هو استهتار واضح بحياة المسلمين ودمائهم بحيث إن أخبار كل الجرائم التي ترتكب بحقهم لا تلقى مساحة في الإعلام الغربي، ولا تصل إلى جمهوره، وبالتالي يجهل الغرب فعلا حقيقة ما يدور في الساحة العربية والإسلامية، لأن مصادره عن هذه الساحة إما تأتي من قبل من يرتكب الجرائم بحقها، وإما من قبل المتعاونين معهم بشكل أو بآخر.

في بداية القرن العشرين وحتى الخمسينات، كانت الولايات المتحدة تمثل أرض الحرية وحقوق الإنسان والديمقراطية والصحافة الحرة في ذهن العرب والمسلمين، هذه الصورة كانت نتيجة لموقف الرئيس الأميركي ويلسون الذي طالب بإنهاء الاستعمار عام 1918، ولموقف الرئيس أيزنهاور الذي وقف ضد العدوان الثلاثي (البريطاني - الفرنسي - الإسرائيلي) على مصر عام 1956، ولموقف الرئيس كينيدي الذي هتف في برلين ضد الجدار، فأين رؤساء أميركا الحاليون من هذه المواقف؟

وإذا كانت ملاحظات الرئيس أوباما تفترض وجود من يولد ناقما على الولايات المتحدة، فإن هذه الفرضية خاطئة، ولكن الجميع يعلم أن الولايات المتحدة قد استخدمت حق "الفيتو" أكثر من 36 مرة لدعم "إسرائيل" كي ترتكب جرائمها ضد المدنيين العرب في فلسطين وجنوب لبنان وغزة.

وسواء شاء البعض أم أبوا، فإن المسجد الأقصى هو ثاني القبلتين وثالث الحرمين، وأن المسلمين والمسيحيين كانوا يحجون إلى القدس قبل الاحتلال الإسرائيلي لها، وملايين القلوب المؤمنة منذ 40 عاما تهفو إلى القدس، وتتوق لتخليصها من احتلال عنصري مدمر، كما أن ملايين المسلمين يعلمون علم اليقين أن الدول التي تدق طبول الحرب على إيران، بحجة إمكانية امتلاك السلاح النووي، هي نفسها التي زودت "إسرائيل" بالسلاح النووي، وقدمت لها المعرفة والتجهيزات واليورانيوم، لتصبح دولة نووية غير موقِّعة على معاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية.

إن المفارقة في الموقف من "إسرائيل نووية"، مقارنة بإيران التي تطمح إلى امتلاك الطاقة السلمية، هي مفارقة في الموقف من المسلمين ومن غير المسلمين، والمظلومون جميعا يرون ويسمعون ويفهمون ولكنهم غير قادرين على إنصاف أنفسهم، ويتوقعون من الولايات المتحدة أن تطبق فعلا ما قاله الرئيس أوباما في ملاحظاته ذاتها في 7 يناير (كانون الثاني) 2010، وهي "أن الولايات المتحدة مع هؤلاء الذين يبحثون عن العدالة والتقدم"، إذا كانت الولايات المتحدة تقف مع الباحثين عن العدالة، فإن الشعب الفلسطيني يأتي في طليعة هؤلاء، وإن الوقوف مع هذا الشعب المظلوم قادر على اجتثاث جذور إحباط المسلمين وفقدانهم للأمل.

لقد أصاب تقرير بيكر، عندما ذكر أن جوهر القضايا هو قضية العدالة في فلسطين وإحقاق العدالة هناك، وهو أقل كلفة وأبلغ أثرا في محاربة النقمة والعنف والغضب والإحباط، فهل يمكن التفكير بشكل استراتيجي من أجل خلق أمل في النفوس المحبطة بأن القوة العظمى عادت إلى طريق دعم المطالبين بالعدل والحرية والكرامة الإنسانية.

دومينو العنف والإرهاب ينتقل من بلد إلى آخر، وعلاجه يجب ألا يكون استخباراتيا، بل استراتيجيا، يعتمد الأسس الأخلاقية في دعم حرية الإنسان وكرامته وحقه في العيش من دون احتلال، أو تمييز، أو قمع، أو إذلال، قد يكون هذا هو المؤشر الأهم لتحقيق الأمن والأمان ليس لشعب الولايات المتحدة فقط وإنما للعالم برمته.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
بيع الكلام
ايلافي -

تعمل هذه الكاتبة مستشارة سياسية لدى الرئيس السوري الذي ورث الرئاسة من والده الذي كان قداستولى على السلطة بانقلاب عسكري ثم جعل سوريا ملكا خاصا لعائلته واقربائه والمتعاونين معه.ومع النظام الاسدي العائلي والطائفي العسكري تحولت سوريا مزرعة للعائلة التي راحت تنهب الدولة والشعب بشكل منظم حتى اصبحت الطغمة الحاكمة تملك المليارات من المال المنهوب من قوت الشعب السوري الذي تحولت اكثريته الى فقراء لا يملكون ثمن اللقمة اليومية ومنعه النظام عبر اجهزته القمعية من ان يرفض اوضاعه التي اصبحت كالعبودية بل زج النظام كل من فتح فمه بكلمة احتجاج او طالب باصلاح الاوضاع السائدة التي اصبحت لا تطاق،والسجون السورية مملوءة بالوطنيين السوريين الذين يرفصون عبودية النظام ويطالبون بالحرية للشعب السوري المحروم من حقوقه البشرية الاساسية على يد اجهزة هذا النظام الذي تعمل لديه هذه الكاتبة التي تحكي عن (العدل اساس الملك) بلا احراج او خجل،فالعدل الذي تطالب به لابناء الصومال وباكستان وافغانستان وغيرهم تستثني منه ابناء بلدها الذين حرمهم اسيادها في النظام الحاكم من العدل والحرية والعيش الكريم.ان هذه الموظفةالبعثية تبيع الكلام ببراعة عن حقوق البشر ما عدا ابناء بلدهااالذين تدافع الكاتبة عن النظام الذي تعتقل شعبا بالكامل وجاعلا حياته سجنا وجوعا وقتلا ومعاناة مريرة طويلة.لهذا كلما قرأت مقالا لبائعي الكلام شعرت بالاختناق وتذكرت العبارة القائلة اذا لم تستح قل ما تشاء!

العدل اساس الملك ؟؟؟
shimal shexo -

اخترت هذا العنوان لتعليقي على اللتي استشهدت بها السيدة شعبان ولااعلم كيف تتجرأ الوزيرة على الكتابة في الصحف والجرائد وتتحدى الملايين من المقموعين. وهي تدافع عن العدل وتطلب العدالة من الاخرين ولا شيْ من العدل في بلد يحكمها المافيا المنظمة(سوريا) والوزيرة تبكي على غزة وهي دفعت حكومة الامارة الاسلامية في غزة الى الحرب الغير متكافئة لجعل الملف السوري في مقدمة الملف الفلسطيني في مفاوضات السلام مع اسرائيل .واين مقاييس العدل ومكاييلها في بلدك حيث اربعة ملايين كردي نصفهم مشرد والباقي تحت خط الفقر ومنهم نصف مليون جرد من حقوقه المدنية والاجتماعية وحق التملك. فيا سيدتي كيف توحدون وتحررون امة من محيطها الى خليجها بشعوب مقهورة مستضعفة (آسف نسيت الهدف الثالث الاشتراكية) ,اتركي اوباما وشأنه واعتني بوضعك الداخلي .وانتم آخر الناس مابعده ناس تتكلمون عن العدالة والديمقراطية واخواتها...شكرا ايلاف بحلتها الجديدة ارجو النشر وعدم الحذف

الحق يقال
SHAKER -

مقال السيدة بثينة ممتاز ولا يهم في أي مكان تعيش وماذا تعمل فلا يحق إلا الحق وهي تقوله بشجاعة لا ريب فيها ومن دون لف أو دوران.

تصحيحات طفيفة
نزار -

لست هنا في مجال التعليق على مقال السيدة شعبان المليء بالمغالطات والتناقضات وهي نسيت او تناست ان تضيف تحت اسمها انها جزء لا يتجزأ من النظام الحاكم في سوريا كي يفهم من لا يعرف هذه الحقيقة المواقف التي تقفها. ولكني سمحت لنفسي ان اصحح بعض الاخطاء التي ارتكبتها السيدة شعبان في مقالها هذا:1- المسجد الاقصى ليس ثاني القبلتين بل اولى القبلتين (ولكنها اليوم قبلة منسوخة).2- المسلمون لم يكونوا يحجون الى القدس قبل 1967 فحج المسلمين هو الى مكة فقط. اما من يرغب في ;شد الرحال الى المسجد الاقصى فبإمكانه القيام بذلك وهذا ما يسمى في الفقه الاسلامي زيارة ولا يجوز ان يطلق عليه اسم ; الحج ولا يمكنني هنا الا ان اتساءل بعد ان قرأت المقال ثانية: كيف اصبح النظام السوري بقدرة قادر اشد المدافعين عن حقوق شعبنا الفلسطيني وكلنا نذكر مواقف الرئيس حافظ الاسد في تل الزعتر وفي مخيمات فلسطينية اخرى ومواقفه من رئيسنا الراحل ياسر عرفات وكيف نعته وزير الدفاع السوري السابق بنعوت يخجل رجل السوق من التفوه بها ومواقف بشار الاسد من الرئيس ابو مازن وووو... القائمة طويلة والذاكرة ضعيفة وعلى الله المتَّكَل.