الأرشيف البريطاني: الرواية الأميركية الرسمية لاحتجاز الرهائن(14)
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك
لندن - رائد الخمار
تُظهر وثائق افرج عنها الارشيف الوطني البريطاني عن عام 1979 ان الحكومة البريطانية كانت تقود في الخفاء جهود كندا لاقناع الكومنولث واعضائه في منظمة المؤتمر الاسلامي للتوسط مع الامام الخميني للافراج عن الرهائن الاميركيين الذين احتجزوا في السفارة في طهران. وتُظهر برقية من "كارينغتون" الى السفارة البريطانية في دكا انه تم استدعاء المندوب السامي البنغالي في لندن لابلاغه تأييد الحكومة البريطانية جهود كندا في مجموعة الكومنولث والبيان الذي صدر عن سكرتيرة المنظمة.
جاء في البرقية، التي حملت الرقم 394 وتاريخ 29 نوفمبر، اننا نرى ضرورة تحريك الضغوط كافة على الحكومة الايرانية وتأييد الولايات المتحدة في جهودها للافراج عن الرهائن.
وتم حض بنغلادش، على العمل مع منظمة المؤتمر الاسلامي للتوسط والافراج عن المحتجزين الاميركيين من دون اي شروط على الاطلاق. كما ابلغ المندوب السامي انزعاج بريطانيا من التظاهرات ضد الولايات المتحدة في دكا, خصوصا انها المعتدى عليها في هذه الازمة.
وتمت مطالبة بنغلادش بضرورة توفير الحماية للسفارة الاميركية "الصديقة" في دكا وللرعايا البريطانيين فيها.
ورد المندوب السامي ان حكومته تعمل كل مافي وسعها، مع منظمة المؤتمر الاسلامي، في وسعها لتأمين الافراج عن الرهائن.
رفض الوساطات
وفي برقية من السفارة البريطانية في طهران حملت الرقم 794 وتاريخ 29 نوفمبر ابلغ السفير الخارجية نقلا عن السفير الهندي الذي زار الخارجية الايرانية "ان السلطات الايرانية متصلبة في موقفها وهي تزداد تمسكا بمطالبها ولا تقبل اي وساطات للافراج عن الرهائن قبل التفاوض في شأن تسليم الشاه والافراج عن الارصدة".
وناقش السفيران الهندي والبريطاني مسألة ما اذا كان الامين العام للامم المتحدة كورت فالدهايم يمكن ان يزور طهران في محاولة لحل الازمة قبل اصدار بيان عن مجلس الامن يدين الايرانيين واحتلال السفارة.
وجاء في البرقية، ان الهند بصفتها رائدة في مجموعة دول عدم الانحياز ترى ان "الملالي" في ايران لا يعرفون بعد التعاطي مع المجتمع الدولي ومن الافضل لنا ولهم التعاطي بسلاسة بعيدا عن صيغة الدول الكبرى والصغرى في شأن الازمة.
واشار السفير البريطاني الى ابلاغه السفير الهندي بان الحكومة الاميركية تواجه ضغوطا كبرى من مواطنيها لتعاطي بحسم مع الازمة وهي لا تتوقع من الدول الصديقة اقل من التأييد الكامل ضد السلطات الايرانية.
واشار الى انه من الافضل ان يجتمع العالم كتلة واحدة ضد التصرف الايراني بدلا من انقسامه بين دول الشمال والجنوب او الاغنياء والفقراء.
دور بريطاني أساسي
وبدا من المراسلات بين السفارات البريطانية والخارجية، ان الحكومة البريطانية، لعبت الدور الاساسي في حشد التأييد الدولي، خصوصا في الدول التي تدور في فلكها، للموقف الاميركي وعملت سفاراتها وكأنها المعنية الاولى بالازمة بدلا من السفارات الاميركية حتى ان سفارتها في السويد حاولت اقناع برلمانيين بدفع الحكومة السويدية التخلي عن الحياد العام واصدار بيان متشدد ضد الايرانيين.
وفي التاسع والعشرين من نوفمبر طلب وزير الخارجية الاميركي سايروس فانس من رئيس محكمة العدل الدولية ادانة التصرف الايراني غير المشروع
ومحاكمة المسؤولين عن الازمة، ووقف اي محاولة ايرانية لمحاكمة الدبلوماسيين وادانتهم امام محاكم ايرانية، خلافاً للقانون الدولي.
في المقابل رفض رئيس الوزراء المالطي دوم منتوف اصدار بيان ادانة للايرانيين "لأنني لا اتلقى اوامر من وزارة الخارجية الاميركية" كما قال.
في الوقت نفسه اتخذت مجموعة دول كتلة شرق اوروبا، الاعضاء في حلف وارسو، موقفاً متحفظاً كما هو الموقف السوفيتي، وقال السفير البريطاني في وارسو "ان هذه الدول تنسق مواقفها مع موسكو ولا تستطيع ادانة طهران صراحة، لانها لا تريد تقديم خدمة مجانية للاميركيين".
وتبين ان الرئيس السريلانكي اوفد وزير خارجيته الى طهران لمقابلة الامام الخميني وتهنئته بالثورة الاسلامية، ولمطالبته بالافراج عن الرهائن حفاظاً على سمعة المسلمين في العالم.
ويبدو ان المبادرة جاءت نتيجة الحاح من السفير الاميركي في سريلانكا، وان المبادرة شخصية، لا علاقة لها باي وساطة تقوم بها منظمة العالم الاسلامي او كتلة عدم الانحياز.
طرد بني صدر
وفي التاسع والعشرين من نوفمبر افاد السفير البريطاني في طهران ان انباء غير مؤكدة تحدثت عن طرد بني صدر من مناصبه ومسؤولياته، لكن احداً في الخارجية الايرانية لم يؤكد هذه الاشاعات.
وتضمنت الوثائق نص الشكوى التي قدمتها الولايات المتحدة ضد ايران امام محكمة العدل الدولية وفتوى عن "الحصانة" التي يتمتع بها "الموفدون" الى الدولة الاسلامية، وما يجب على الدولة المضيفة ان تعطيهم من "امان". كما تضمنت نص ما جرى خلال مؤتمر صحفي عقده وزير الخزانة الاميركي في الكويت بتاريخ 28 نوفمبر 1979، واعلن فيه ان حكومته لن تتخذ اي اجراء ضد الودائع الخليجية في مصارفها او ضد الاصول فيها كما فعلت مع ايران.
وتنقل "القبس"، من المعلومات الواردة في الدعوى، التي قُدمت في 29 نوفمبر 1979، نص الرواية الاميركية لاحتجاز الرهائن:
الهجوم على السفارة
"عند العاشرة والنصف صباحاً من يوم الرابع من نوفمبر 1979، واثناء تظاهرات شارك فيها حوالي 3 آلاف شخص في محيط السفارة في طهران، تعرض مجمع السفارة لهجوم شنه مئات من المتظاهرين. ويبدو ان الحراس الايرانيين المكلفين بحماية السفارة لم يبذلوا اي جهد لمنع اقتحام اسوار السفارة. ودخل المتظاهرون الى الباحة ومن ثم الى المبنى الرئيسي، عبر قطع جنازير الحماية وازاحة العوائق الحديد، ومن ثم انسلوا الى الداخل عبر الطابق الارضي بعد خلع النوافذ وكان الحراس من المارينز اول من اوقفهم المتظاهرون، بينما لجأ القنصل وعدد من الدبلوماسيين والعاملين والزوار الى الطابق الاول وأقفلوا الابواب. وبعد نحو ساعتين، وعلى الرغم من الاتصالات مع الامن الايراني ووزارة الخارجية، حاول المتظاهرون اشعال النار في المجمع عبر محاولة اشعال الباب الذي خلع لاحقاً وسقط جميع من لجأ الى الطابق الاول اسرى".
واشارت الشكوى الى ان اي رجل امن ايراني او اي رجل دين من قادة الميليشيات التي تعاملت مع السفارة لم يحضر لرد المتظاهرين، كما ان مكتب رئيس الحكومة ومكتب وزير الخارجية لم يجيبا على توسلات القائم بالاعمال الذي كان في تلك الساعة في مقر الخارجية الايرانية. كما ان الحكومة لم تتخذ اي اجراء لوقف الاعتداء على السفارة الاميركية ولا لإعادة الممتلكات التي نُهبت منها.
الأسرى الأميركيون
وتحدثت عن كيفية استعراض "الاسرى الاميركيين وهم مكفوفو العيون يرفعون ايديهم في الهواء امام الحشود خارج السفارة.
وتابعت الشكوى ان مئات آلاف الايرانيين تظاهروا امام السفارة المحاصرة في الثاني والعشرين من نوفمبر برعاية من الحكومة التي كان رجالها يشرفون على تنظيم المتظاهرين وينسقون الهتافات.
وحتى الآن لا يزال محتجزوا الرهائن يرفضون الافراج عنهم او السماح بزيارتهم لاي بعثة صحية او دولية ولم يُفرج سوى عن 13 شخصاً بين 18و20 نوفمبر ولا يزال حوالي 50 اميركياً في الاحتجاز.
واتهم المحتجزون الرهائن بانهم جواسيس وسيُحاكمون على جرائمهم اذا لم يتم الاستجابة الى مطالبهم.
مخالفة القانون الدولي
حتى الآن لا تزال الحكومة الايرانية ترفض التدخل لحل الازمة والافراج عن الدبلوماسيين الاميركيين كما رفضت التحدث مع اي موفد اميركي الى طهران او اي دبلوماسي اميركي في مقر الامم المتحدة.
ولم يُسمح للقائم بالاعمال الاميركي بروس لانغن بدخول سفارة بلاده والتحدث الى زملائه الدبلوماسيين.
وسردت الشكوى البنود التي خالفت بها ايران القانون الدولي وطالبت بالتدخل الفوري للافراج عن الرهائن ومن ثم منع نقلهم الى خارج السفارة كي لا يتعرضوا للاذية.
وبقيت ازمة الرهائن معلقة فترة 444 يوماً ليُفرج عنهم في العشرين من يناير 1981 في عهد الرئيس رونالد ريغان وبعد محاولة انقاذ فاشلة امر بها الرئيس كارتر وانتهت بكارثة، للقوة التي حاولت خطف الرهائن من السفارة، بعد احداث في صحراء طبس.