جريدة الجرائد

أوباما بعد سنة من دخوله البيت الأبيض..

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

خير الله خير الله

مضت سنة على دخول الرئيس باراك اوباما البيت الأبيض ومباشرة ممارسة مهماته. كانت تلك السنة كافية ليتأكد الرئيس الأميركي من ان الكلام الجميل والحديث عن سياسة اميركية جديدة، تأخذ في الأعتبار ضرورة الحوار مع الآخر من اجل الوصول الى عالم اكثر عدلا شيء، فيما الواقع شيء آخر. بدأ الرئيس الأميركي يصطدم بالواقع. بدأ يكتشف ان عليه ان يتغير في حال كان يريد بالفعل تغيير العالم...
تلقى باراك اوباما في اقل من سنة سلسلة من الصدمات. اكتشف اخيرا ان الأجهزة الأمنية الأميركية تمتلك قدرات كبيرة من الناحية التكنولوجية، ولكن تنقصها المعلومات المباشرة والقدرة على تحليل هذه المعلومات فضلا عن التنسيق في ما بينها. انها بالفعل كارثة كبيرة ان يتمكن شاب نيجيري جندته "القاعدة" في لندن او غيرها كما زار اليمن اخيرا حيث التقى ارهابيين، هم في حرب مع السلطة المركزية في صنعاء، من ركوب طائرة في رحلة عادية الى مدينة اميركية. اكثر من ذلك، استطاع هذا الشاب الذي وشى به والده الى الأميركيين شاكيا من افكاره المتطرفة وتصرفاته الغريبة، ان يستقل الطائرة من مطار اوروبي حاملا كمية من المتفجرات كان يمكن ان تفجر الطائرة بركابها وافراد طاقمها.
بكلام اوضح، وجد اوباما ان اداء الأجهزة الأمنية الأميركية لم يتغير منذ الحادي عشر من ايلول 2001. لا يزال الأداء ضعيفا على الرغم من كل الأموال التي صرفت من اجل تحصين الولايات المتحدة في وجه الأرهاب. كل ما تغير هو عذابات المسافرين في المطارات الأميركية والأوروبية. هؤلاء يدفعون حقا ثمن الحرب الأميركية على الأرهاب. بعد ثماني سنوات على كارثة الحادي عشر من ايلول، يجد باراك اوباما ان كل الجهود التي بذلتها الولايات المتحدة من اجل كسب هذه الحرب ذهبت هباء. شاب في الثالثة والعشرين من العمر كان يمكنه ان يفجر طائرة ركاب في رحلة من امستردام الى ديترويت على الرغم من توافر كل المعلومات اللازمة في شأن توجهاته ومدى خطورته. كان الأميركيون يمتلكون كل الأسباب لمنعه من الصعود الى الطائرة. لكنهم لم يفعلوا شيئا. بقية القصة صارت معروفة.
ما يمكن وصفه بعمل ارهابي ضخم اجهضته الصدفة، اكد لأوباما ان عليه الإنطلاق من نقطة الصفر. عليه بكل بساطة ان يخوض حربا خاصة به اذا كان يريد الإنتصار على الإرهاب. كل ما فعلته ادارة بوش الأبن منذ الحادي عشر من ايلول 2001 ساهم في تعزيز الإرهاب وتمكينه من ايجاد مواطئ قدم جديدة له في مناطق مختلفة من العالم. لم تستطع الولايات المتحدة الإنتهاء من "القاعدة" او "طالبان" في افغانستان وباكستان. يتبين كل يوم ان باكستان معضلة حقيقية وان افغانستان خارجة عن سيطرة الأميركيين وحلفائهم في حلف شمال الأطلسي. صار العالم اكثر خطورة مما كان عليه قبل الحادي عشر من ايلول 2001. كان الخطأ القاتل الذي ارتكبه بوش الإبن الذهاب الى العراق قبل الإنتهاء من افغانستان والسعي الى معالجة الوضع في باكستان. لا يمكن في اي شكل فصل باكستان عن افغانستان. كان طبيعيا التركيز على هذين البلدين في لحظة انهيار البرجين في نيويورك في ذلك اليوم المشؤوم. على اوباما ان يدفع غاليا ثمن القرار الذي اتخذه بوش الابن والقاضي بالذهاب الى العراق. لم تعد "القاعدة" في باكستان وافغانستان. صارت في العراق ايضا. صارت في اندونيسيا وهي تعزز مواقعها في الصومال مع مرور الأيام.
من حق ادارة اوباما الآن ان تشكو من وجود "القاعدة" في اليمن. هذا ليس سرا عسكريا، خصوصا ان "القاعدة" وجهت ضربة قوية الى المدمرة الأميركية "كول" في ميناء عدن في تشرين الأول ـ اكتوبر من العام 2000 بناء على اوامر خطية واضحة وجهها اسامة بن لادن الى مجموعة تابعة له. ولكن من حق اي عربي يقف في وجه الإرهاب ويسعى بالفعل الى محاربته ان يتساءل ما الذي ساعد "القاعدة" على الإنتشار في اليمن؟ هل مشكلة "القاعدة" في اليمن يمكن فصلها عن مشاكل اخرى يعاني منها هذا البلد المهم ذو الموقع الإستراتيجي الحساس؟
لا شك في ان ادارة اوباما في وضع لا تحسد عليه، ذلك انه كلما مرّ يوم يتبين كم تركة بوش الابن ثقيلة. ما يتبين ايضا ان المشكلة لا تكمن فقط في تركة بوش الإبن وحدها والحربين اللتين انهكتا الجيش الأميركي وحدتا من قدراته على التدخل في انحاء مختلفة من العالم. المشكلة تكمن خصوصا في غياب القدرة لدى الأجهزة الأمنية الأميركية على فهم ما يدور في العالم. ربما اليمن احدث مثال على ذلك...
عندما يتعلق الأمر باليمن،لا يمكن في اي شكل التركيز على "القاعدة" وحدها."القاعدة" مشكلة حقيقية لأسباب كثيرة. ولكن ما الذي مكَن "القاعدة" من ان يكون لها وجود قوي في هذا البلد؟ اليست حرب صعدة المستمرة منذ ما يزيد على خمس سنوات جزءاً من المشكلة التي ساعدت "القاعدة" في النمو والإنتشار بعدما كان وجودها محدودا؟ اليست الأزمة الإقتصادية التي تفاقمت في السنوات الأخيرة عاملاً مساعداً يخدم "القاعدة" التي تستفيد من البؤس والجهل قبل اي شيء آخر؟ هناك حاجة الى متابعة الحرب على الإرهاب. لكن ادارة اوباما ستكون في مأزق كبير اذا لم تجر مراجعة للسياسات الأميركية، خصوصا تلك التي اتبعت منذ 2001. الحرب على الإرهاب تحتاج الى ذكاء انساني اولاً والى افق واسع ثانياً واخيراً. الحرب على الإرهاب لا تخاض بأجهزة امنية لا تنسيق في ما بينها، اجهزة لا تدرك ان من السهل تحول اليمن الى صومال آخر او افغانستان اخرى في غياب المقاربة الشاملة لمشكلة اسمها وجود "القاعدة" في اليمن.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
القاعدة وورقة التوت
احمد البعداني -

أن المتابع لتواجد القاعدة ونشاطها في اليمن يتأكد بما لا تخطئه العين المجردة إن الظهور الأعلامي والمسرحي هو من إنتاج السلطة وجميعنا في اليمن نعرف أن هذا التنظيم البليد ما هو إلا عبارة عن طابور من المخبرين المسجلين على قوائم مرتبات الأجهزة العسكرية والأمنية ويتم توجيههم من قبل النظام للإستمرار في سياسية الإبتزاز على المستوي الإقليمي والدولي التي جبل عليها إلى جانب زملائهم الذين تفرخهم ما يطلف عليها جامعة الإيمان ولا ندري منذ متى إحتاج الإيمان لمدرسة أو جامعة إلا في اليمن.وتأكيدا لذلك هل يتذكر أحدنا أن قام هذا التنظيم بتوجية أية ضربة للنطام او لأعوانه منذ ميلاده وحتى اللحظة ولا يفوتنا أن نشير أن الأسرة الألمانية تعيسة الحظ مختطفة من فبل زبانية النظام منذ 6 أشهر.بدأت خيوط المسرحية تظهر للعلن وبات النطام في وضع النعامة وجاء تقرير مجلة النيوزويك في عددها الأخير المنتهي يوم 19 يناير 2010 ليزيح ورقة التوت الأخيرة.