عاشوراء بين المنامة وطهران
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عبدالله الذوادي
عندنا في البحرين عاشوراء طرأت عليه تجديدات بفضل الشباب الواعي، فلم يعد قراءة في الحسينيات والمآتم منذ دخول شهر محرم حتى العاشر منه يوم ذكرى استشهاد الإمام الحسين (ع)، وتبلغ احتفالية ذكرى عاشوراء يوم العاشر من محرم حيث مواكب العزاء تجوب شوارع المنامة والمحرق وبعض القرى، وفي المساء من العاشر من محرم كان يشهد ساحل سنابس، قبل الاعتداء على عذريته، بعض الفعاليات التي يحضرها معظم أبناء البحرين، وتستمر شعائر عاشوراء حتى نهاية شهر صفر. في يوم عاشوراء تهيئ الحكومة كل المساعدات الطبية والأمنية أثناء المواكب، وتُوَزَّعُ الأطعمة على كثيرين من أهل البحرين إلى درجة أن عدداً كبيراً من الأسر لا تطهو الطعام طيلة العشرة الأوائل من شهر محرم، حيث تقوم المآتم بتوزيع الأكل، كما أن بعض الأسر توزع الأطعمة الناضجة في ثواب سيد شباب الجنة الإمام الحسين بن علي عليهما السلام. الآن تغير نمط العزاء وأدخلت عليه تحسينات كثيرة، كفعاليات التبرع بالدم التي بدأها صندوق النعيم الخيري بقيادة السيد حميد آل نوح في التسعينيات ووفرت وزارة الصحة الأطباء والممرضين والأسَرّة والأجهزة الطبية اللازمة وسيارات الإسعاف، وبعد ذلك تعددت فعاليات التبرع بالدم في عاشوراء واقتدى بها كثير من المآتم والحسينيات واستمرت وزارة الصحة في دعم هذا المشروع الإنساني الذي يوفر الدماء للمحتاجين من المرضى لمختلف فصائل الدم التي تتطلبها العمليات الجراحية في مختلف مستشفيات البحرين، وكانت هذه الفعالية إنسانية بمعنى الكلمة، ومن الفعاليات الحسينية الجميلة المرسم الحسيني الذي تتجلى فيه مواهب الفنانين صغاراً وكباراً وتجسد الصور والرسوم كثير من فعاليات معركة كربلاء وما أصاب أهل بيت الإمام الحسين من ضرر وقتل في تلك المعركة، كما تقام فعاليات مسرحية وتمثيلية تجسد قدسية تلك الذكرى الأليمة. أما دور الجهات الحكومية في فعاليات عاشوراء عندنا فهي كثيرة تشارك فيها أكثر من وزارة كوزارة الصحة التي توفر الكوادر الطبية طيلة ليالي العشرة الأوائل من شهر محرم وحتى يوم العاشر منه لرعاية المعزين وإسعافهم في حالة تعرضهم لحالات الإغماء أو الأمراض المفاجئة، وتستنفر وزارة الصحة كافة مستشفياتها ومراكزها الصحية خلال عاشوراء، كما أن وزارة الداخلية تقوم بتنظيم حركة المرور والحفاظ على الأمن أثناء سير مواكب العزاء. وقد استن جلالة الملك حمد بن عيسى آل خليفة سنة حميدة منذ توليه سدة الحكم، وهي توزيع المعونات الغذائية على كافة المآتم والحسينيات مثل الرز والذبائح وتقوم المحافظات في المنامة والمحرق وبعض القرى بدور كبير في الحفاظ على شعائر عاشوراء بالتعاون مع لجنة المآتم المسؤولة عن تنظيم احتفالية ذكرى عاشوراء، هكذا هي ذكرى عاشوراء في البحرين وفي المنامة على وجه الخصوص، تنسيق وتعاون بين الجهات الحكومية والمسؤولين عن المآتم والحسينيات ما يؤكد حرية ممارسة الشعائر الدينية لكافة أطياف المجتمع البحريني، لا معارك ولا صدامات ولا عوائق. هناك في شوارع طهران يختلف الوضع خاصة هذا العام، إذ تركت تداعيات انتخابات الرئيس أحمدي نجاد آثارها على ذكرى عاشوراء، فبدلاً من مراكز التبرع بالدم، مثل ما هو حاصل عندنا، أُريقت دماء بعض المواطنين الإيرانيين في الشوارع من قبل قوات الأمن في يوم عاشوراء وطورد كثيرون واعتقل الأكثر وهُدِّدَ أقطاب المعارضة ومؤيدو المرحوم آية الله حسين منتظري بالإعدامات والمطاردة، وفر بعض المعارضين من طهران إلى جهات مجهولة لتفادي البطش بهم، هكذا تتناقض الصور بين شوارعنا وشوارعهم. هناك تقمع التظاهرات، ويهدد المحتجون بالإعدام والاختفاء دون أن يعلم ذووهم مصيرهم، وعندنا عندما يحدث أي شغب ويقبض على المتسببين ويحاكمون تأتي المكارم الملكية من قبل مليك رحيم، فيأمر بالإفراج عنهم وإطلاق سراحهم، وتتكرر صور الرحمة والعفو هنا، وتستمر صور القتل والإعدامات هناك، ترى هل تُغَيِّر تناقض الصور بين ما يجري في شوارع المنامة وشوارع طهران بعض المفاهيم لدى البعض الذين يصرون على معاداة وطنهم البحرين التي تكفل لهم العزة والكرامة وحرية الممارسات الدينية والفكرية؟ هل يراجع الأخوة الذين يعيشون في الخارج مواقفهم ويعودوا إلى وطنهم ليشاركوا في النهضة المباركة في وطنهم الأول والأخير مملكة البحرين، وسيجدون صاحب القلب الكبير بوسلمان يحتضنهم ويخصهم بكرمه وعفوه كما فعل مع زملائهم الذين سبقوهم في العودة إلى وطنهم والذين ليس لهم إلا وطنهم مملكة البحرين؟ إن الأمل معقود في أن يرعوي أولئك الأخوة، فالوطن بحاجة إليهم وإلى جهودهم في المساهمة في بناء الحياة الديموقراطية والفكرية والعمرانية وهدى الله الجميع إلى كل ما يحبه ويرضاه إنه سميع مجيب. ؟ آخر الكلام.. ''ولا يحيق المكرُ السيئ إلا بأهله'' صدق الله العظيم.