جريدة الجرائد

محمدحسنين هيكل.. ومنهج المفتش كرومبو في البحث عن قاتل عبدالناصر

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

صلاح عيسى

قبل أيام من الذكرى الأربعين لرحيل عبدالناصرrlm;،rlm;التي تحل يوم الثلاثاء المقبل،rlm;تجدد الجدل حول ظروف وفاته، وهل كانت طبيعية أم أنها تمت بفعل فاعل؟ بمناسبة الإشارة التي وردت في حلقة الأسبوع قبل الماضيrlm;، من برنامج رحلة حياة الذي يقدمه منذ سنوات الأستاذ محمد حسنين هيكلrlm;.rlm;
وكان هيكل يستعرض في هذه الحلقةrlm;، الخطط والسيناريوهات التي وضعها أكثر من جهاز للمخابرات لاغتيال عبدالناصرrlm;، كان من بينها الخطط التي وضعتها المخابرات الأمريكية والإسرائيلية والإنجليزية والفرنسية والإيرانية، حين تطرق إلى ما أسماه الشائعة التي تنسب للرئيس الراحل أنور السادات دورا في اغتيال عبدالناصر، قائلاrlm;: إنها تتعلق بواقعة كان بنفسه شاهدا عليهاrlm;، جرت في جناح عبدالناصر بفندق هيلتون النيل بالقاهرة، قبل ثلاثة أيام من رحيله عن الدنياrlm;.rlm;
وكان الرئيس عبدالناصر يقيم خلال الأسبوع الأخير من حياته بالفندق، ليشترك في مناقشات مؤتمر القمة العربية الطارئ، الذي كان قد دعي إليه، للبحث عن وسيلة لوقف الاشتباكات الدموية التي كانت تجري آنذاك بين الجيش الأردني وفصائل المقاومة الفلسطينية، ويلتقي بين الجلسات مع عدد من الملوك والرؤساء العرب، في جناحه أو أجنحتهم بالفندق، لتقريب وجهات النظر، كان من بينها اجتماع ضمه مع الزعيم الفلسطيني ياسر عرفات، عقد في جناح عبدالناصر، جرت بينهما خلاله مناقشة حادة، حاول خلالها عبدالناصر أن يسيطر على انفعاله وهو يقول لـ أبوعمار:rlm;
إما ننزل الآن إلى قاعة المؤتمر ونفض الموضوع أو نتكلم كلام جد ونتفق.rlm;
عند هذا الحد،rlm;تدخل أنور السادات الذي كان يتابع المناقشة هو ومحمد حسنين هيكل، ليقول مخاطبا عبدالناصر:rlm;يا ريس إنت محتاج فنجان قهوة. أنا ح أعمله لك بإيدي.rlm;
وبالفعل دخل أنور السادات إلى المطبخ الملحق بالجناح وأخرج المسؤول عنه،rlm;وعاد بعد قليل ليضع فنجان القهوة أمام عبدالناصر الذي شربهrlm;.rlm;
وليست هذه أول مرة تذاع فيها واقعة تشكك في أن ظروف وفاة عبدالناصر كانت غير طبيعية،rlm;بل إن هذه الشكوك قد أثيرت في أعقاب الوفاة بساعات، وكان الذي أثارها هو حسن التهامي، أحد الضباط الأحرار،rlm;وكان يعمل آنذاك مديرا للقصر الجمهوري بالقبة، إذ طالب في الاجتماع الذي عقده أركان الحكم بعد الوفاة مباشرة، لبحث ترتيبات الجنازة وإجراءات نقل السلطة،rlm;بتشريح الجثة للتأكد من سبب الوفاةrlm;، لكن الأطباء الذين كانوا يشرفون على علاج عبدالناصر، والذين كانوا حول سريره قبل أن يلفظ أنفاسه، أكدوا أن الوفاة طبيعية،rlm;وأنه لا داعي إلى هذا الإجراء، وفيما بعد اتهم حسن التهامي أفراد المجموعة التي كانت تسمى بمراكز القوى والتي تضم شعراوي جمعة،rlm;وسامي شرف، والفريق محمد فوزي وغيرهم، باعتبارهم عملاء للمخابرات السوفيتية،rlm;تعاونوا معها في تسميم عبدالناصر لكي يتولوا السلطة بعده،rlm;ويحولوا مصر إلى جمهورية ديمقراطية شيوعية تدور في الفلك السوفيتي.rlm;
وفي هذا السياق نفسه، جاءت قصة الدكتور علي العطفي الذي كان عميدا لمعهد التربية الرياضيةrlm;، وقبض عليه بتهمة التجسس لإسرائيل، وحكم عليه بالسجن لمدة 25 سنة مع الأشغال الشاقةrlm;، وأشاع عن نفسه في أوساط المسجونين الذين كان يمضي معهم مدة العقوبة،rlm;أنه كان أحد أفراد الفريق الطبي المعالج للرئيس عبدالناصر، بصفته إخصائيا في العلاج الطبيعي،rlm;وانه كان يدلك جسده بزيوت وأدهنة مشبعة بسم بطيءrlm;، لا يترك أي مضاعفات سريعةrlm;، ويؤدي إلى الموت بعد وقت طويل،rlm;ثم اتضح أنه لم يكن في يوم من الأيام ضمن الفريق المعالج لعبدالناصر، الذي كان يتلقى العلاج الطبيعي على يد إخصائيين من جهاز التأهيل المهني التابع للقوات المسلحة.rlm;
وجاء تصريح الدكتورة هدى عبدالناصر، في برنامج تلفزيوني أذيع منذ حوالي عامين،rlm;ليكون أrlm;ول اتهام مباشر يصدر عن أحد أفراد أسرة عبدالناصر، ينسب إلي الرئيس السادات تهمة الضلوع في قتل عبدالناصر،rlm;وهو اتهام لم تقدم دrlm;.هدى أية تفاصيل أو أدلة تثبته، سواء فيما أذاعته، أو أثناء نظر الدعوى القضائية التي أقامتها ضدها رقية السادات، الابنة الكبرى للرئيس السادات، تطالبها بإثبات الواقعة،rlm;أو تكذيبها أو دفع التعويض المدني عن الإساءة إلى السادات وأسرته، فرفضت أن تكذبها وتمسكت بصحتها واختارت أن تدفع التعويض.rlm;
ما يلفت النظر هو أن هذه الشائعات لم تنتشر إلا بعد وفاة عبدالناصر والسادات بسنوات، ومع أن عبدالناصر قد مات، وهو في سن صغيرة نسبيا،rlm;إذ لم يكن قد أكمل بعد عامه الثاني والخمسينrlm;، وفاجأت وفاته العالم كله،rlm;الذي لم يكن يعلم شيئا عن مرضه، بسبب التعتيم الكامل الذي أحيطت به أنباء حالته الصحيةrlm;، إلا أن الأسبوع التالي للوفاة شهد إزاحة الستار عن تاريخه المرضي، فقد أصيب بمرض السكر في أعقاب تفكيك الوحدة المصرية السورية عام 1961، وثقلت وطأته عليه خلال السنوات الست التالية بسبب الأزمات المتلاحقة الداخلية والعربية والدوليةrlm;.rlm;
وبعد هزيمة 1967، وصلت مضاعفات السكر إلى شرايين الساقrlm;، ثم بدأت تزحف في اتجاه شرايين القلب،rlm;ولم تكن الأبحاث الطبية قد توصلت بعد إلى إمكان استبدال الشرايين التالفة بغيرها كما يحدث هذه الأيام، وفي صيف عام 1969، أصيب بجلطة في شرايين القلبrlm;، في أعقاب سماعه لخبر نجاح الإسرائيليين في إنزال قوات محمولة في جزيرة الزعفرانة بالبحر الأحمر،rlm;وقامت بالاستيلاء على أحد أجهزة الرادار،rlm;ونصحه الأطباء بالراحة التامة، والبعد عن الانفعال، وتقليل ساعات عمله إلى الحد الأدنى،rlm;لكن لم يكن يستطيع إلا أن يواصل الجهد لاستكمال بناء القوات المسلحة لتكون قادرة على تحقيق النصرrlm;.rlm;
وبإزاحة الستار عن هذه الحقائقrlm;، أيقن الجميع أن وفاة عبدالناصر كانت النهاية الطبيعية والمنطقية لتطور حالته الصحيةrlm;، ولم تساور الشكوك أحد - خصوصا المنتمين إلى الحلقة الضيقة المحيطة به - في أن الوفاة طبيعية،rlm;إذ كانوا جميعا بمن فيهم الأستاذ هيكل يعرفون حقيقة الحالة الطبية لهrlm;، لكن هذه الشكوك بدأت تساور بعضهم، بعد أن حسم الصراع على السلطة بين ورثة عبدالناصر لصالح أنور السادات، ليستخدمها في تطبيق سياسات مناقضة لسياسات عبدالناصرrlm;، وكان الذين انهزموا في المعركة هم أول الذين تلبستهم تلك الشكوك،rlm;ثم تبعهم بعض الذين وقفوا مع السادات وساعدوه على حسم معركة السلطة لصالحهrlm;.rlm;
وكان الاتجاه في البداية هو اتهام أجهزة المخابرات العالمية التي كانت تناوئ عبدالناصر وتسعى لتهيئة الأوضاع للانقلاب على سياساتهrlm;، بل حتى التي تقف معه وتسانده، منها المخابرات السوفيتية،rlm;التي اتهمها الرئيس الصيني الراحل ماوتسي تونج بالتخطيط لقتل عبدالناصر، وقال لوفد من مجلس الأمة المصري كان يزور الصين بعد شهور من رحيل عبدالناصرrlm;: كيف تتركونه يموت هكذا بسرعة وهو في سن النضج؟ إن الذي قتله هم السوفيتrlm;.rlm;
ثم اتجهت أصابع الاتهام إلى شخصيات محليةrlm;، واختار كل شخص أن يوجه الاتهام إلى خصمهrlm;، فاتهم حسن التهامي مراكز القوىrlm;، الذي كان يعتقد أنه أحق منهم بما كانوا يشغلونه من مواقع إلى جوار عبدالناصرrlm;.rlm;
واتهم حسين الشافعي،rlm;الذي كان يرى أنه أحق بخلافة عبدالناصرrlm;، السادات الذي فاز بالمنصب دونهrlm;، ولم يتذكر محمد حسنين هيكل واقعة فنجان القهوة الذي صنعه السادات وقدمه لعبدالناصرrlm;، إلا بعد ثلاثين سنة من خلافه الشهير مع الساداتrlm;.rlm;
أما المؤكد أولا فهوrlm;: أن هذه المرويات كلها لا تستند إلى أي منهج من مناهج البحث التاريخيrlm;، لكنها تطبق منهجrlm;: ابحث عن المستفيد، الذي يتبعه أبطال الروايات البوليسية من المفتش بوارو إلى المفتش كرومبو.rlm;
أما المؤكد ثانيا فهو أن عبدالناصر مات ميتة طبيعية، وأن الأمر ليس في حاجة إلى مزيد من البحث أو الوثائق،rlm;إلا إذا كان الهدف هو هرش مخ القراء والمواطنينrlm;.rlm;

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف