من متابعة المفاوضات الى متابعة المقاومة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
عصام نعمان
في مباريات كرة القدم، يُعطى الفريقان المتنافسان ldquo;وقت بدل ضائعrdquo; عند إصابة أحد اللاعبين . بعض لاعبي فريق السلطة الفلسطينية أصيب في نهاية ldquo;مباراةrdquo; المفاوضات المباشرة فأعطاهم الحَكَم الأمريكي، ثمانية أيام بدل وقت ضائع ليطببوا إصابتهم لدى لجنة المتابعة العربية .
هل إصابات الفريق بالغة؟ مشاهدو المباراة ومتابعوها جزموا بأن إصابات الفريق بالغة وأن لاعبيه لن يستطيعوا بعدها متابعة اللعب .
لا يشاطر لاعبو فريق السلطة الناس رأيهم . هم يعرفون قدراتهم وقد تعودوا على مثل هذه الإصابات منذ ldquo;مبارياتrdquo; أوسلو عام 1993 التي تجاوزوها بسرعة وتابعوا اللعب بهمة ونشاط لافتين .
ربما تشاطر لجنة المتابعة فريق السلطة رأيه وقد لا تتأخر في الإعلان عن أهلية لاعبيه لمعاودة اللعب .
لماذا قرر فريق السلطة، اذاً، مراجعة اللجنة؟
كي يأخذ لاعبو الفريق منها فتوى صحية حاسمة يشعر بها ومعها أنصاره بأنهم ما زالوا مؤهلين وقادرين على اللعب .
الحقيقة أن فريق السلطة قادر على اللعب . لكنه غير قادر على الفوز . هو يعرف ذلك ولجنة المتابعة تعرف أيضاً . لكن، ما العمل؟ ليس لدى السلطة فريق آخر غيره يجيد اللعب مثله . ثم، ليس لدى لاعبي الفريق المحترفين لعبة أخرى يزاولونها غير المفاوضات، فلماذا تقطع اللجنة ldquo;رزقهمrdquo;؟
آسف لهذه السخرية في توصيف ldquo;مباراةrdquo; المفاوضات . لكن الطير يرقص مذبوحاً من الألم .
لعل الجانب الأكثر مدعاة للسخرية والألم معاً في هذه المباراة الخديعةُ التي تستبطنها على جميع المستويات وتنطلي على السلطة، أو هي تتظاهر بأنها تنطلي عليها .
الكل يعرف، أولاً، أن بنيامين نتنياهو غير ملتزم بحل ldquo;دولتين لشعبينrdquo;، وأن قبوله اللفظي به كان مجرد خديعة لتسويغ شرط الاعتراف بيهودية دولة ldquo;إسرائيلrdquo; لاحقاً .
الكل يعرف، ثانياً، أن الولايات المتحدة ldquo;لا تستطيع ولا تنوي فرض حل للنزاع على الطرفينrdquo; كما أعلن باراك أوباما، ورددت من بعده هيلاري كلينتون خلال الاحتفال في واشنطن ببدء المفاوضات . بذلك تكون ldquo;رعايةrdquo; أمريكا للمفاوضات مجرد خديعة لترغيب الفلسطينيين والعرب ldquo;المعتدلينrdquo; بولوجها .
يعرف، ثالثاً، أن ما سمّي تجميد البناء الاستيطاني خلال الأشهر العشرة الأخيرة، لم يكن سوى خدعة اعلامية لاطلاق المفاوضات مع السلطة الفلسطينية . فقد كشفت جريدة ldquo;هاآرتسrdquo; (28/9/2010) كما الناشط في حركة ldquo;السلام الآنrdquo; اليسارية درور اتكس أن السلطات ldquo;الإسرائيليةrdquo; عمدت في النصف الثاني من العام الماضي بالتنسيق مع المستوطنين الى رفع عدد الوحدات السكنية الجديدة التي تمّ الشروع في بنائها الى 1204 وحدات، قياساً ب 669 وحدة خلال النصف الأول من العام ذاته، أي بزيادة 90 في المئة مقارنةً مع النصف الاول . ldquo;وإذا أضفنا لهذه الوحدات السكنية 600 وحدة سكنية أعلنت حكومة نتنياهو الشروع في بنائها في موازاة إعلانها التجميد، يتبين لنا مدى الخدعة ldquo;الإسرائيليةrdquo; وراء إعلان التجميدrdquo; .
حتى لو افترضنا أن فريق السلطة الفلسطينية وأعضاء لجنة المتابعة العربية كانوا مخدوعين، فقد جاء خطاب وزير الخارجية ldquo;الإسرائيليrdquo; أفيغدور ليبرمان من على منبر الجمعية العامة للأمم المتحدة ليكشف بلا مواربة عن موقف ldquo;إسرائيلrdquo; الحقيقي من المفاوضات والسلام مع الفلسطينيين . فقد دعا الى حل ldquo;على مرحلتين للصراع لأن التوصل إلى اتفاق بين الطرفين يتطلب عقوداً، معتبراً أنه يجب أولاً معالجة الخلاف مع ايران، وعارضاً خطته التي تسعى الى التخلص من أكبر عدد من عرب ldquo;إسرائيلrdquo; بتبادل أراضٍ مأهولة!
الأنكى من ذلك أن نتنياهو حاول التنصل من قنبلة ليبرمان السياسية بالقول إن وزير خارجيته لم ينسّق معه، مع الحرص على عدم تضمين بيانه أي تنكّر لمضمون خطاب ليبرمان!
ماذا ينتظر فريق السلطة من لجنة المتابعة العربية بعد كل هذه الواقعات وافتضاح التمثيليات؟ هل ما زال يؤمّل خيراً بمفاوضات تقوم، جهاراً نهاراً، على الخديعة والكذب الصريح؟ هل يريد من لجنة المتابعة أن تشاطره متابعة المفاوضات على أساس الخديعة المتمادية؟ هذا عن الفلسطينيين والعرب المخدوعين أو المصرّين على خداع أنفسهم . ماذا عن الفلسطينيين والعرب غير المخدوعين؟
لعله آن أوان القطع مع منطق ما يسمى ldquo;العملية السياسيةrdquo; والمفاوضات والمراهنة على دعم دول غربية وقائدتها الولايات المتحدة الأمريكية . لقد جرى تجريب هذه السياسة الخرقاء أكثر من ثلاثين سنة، فما جنى الفلسطينيون والعرب جرّاءها إلاّ الغش والخداع والحروب والاحتلالات والتشريد والإفقار واختلال الأوزان وانعدام الاعتبار .
فلسطينياً، يقتضي فتح صفحة جديدة في كتاب ldquo;فتحrdquo; تعود معها كما كانت في مطلعها حركة تحرير وطني فلسطيني، وتسريع المصالحة الوطنية الفلسطينية وبالتالي الوحدة العضوية بين فصائل المقاومة الناهضة فعلاً بمهامها الكفاحية، وتثوير منظمة التحرير بما هي الكيان الوطني للشعب الفلسطيني والإطار الواسع والفاعل لحركات المقاومة، المدنية والميدانية، في جهادها الموصول لتحرير الوطن والإنسان الفلسطيني في سياق كفاح الأمة من أجل نهضتها وحريتها ووحدتها وبناء دولتها المدنية الديمقراطية الاتحادية .
عربياً، يقتضي الخروج من إسار النظام العربي الرسمي المترهل بممارسة العمل الوطني الديمقراطي الاجتماعي، والدفاع عن مصالح السواد الأعظم من شعبنا وحقه في الخبز والعمل والصحة والعلم والحرية والعدالة والتنمية، بإقامة مؤسسات وجبهات وحركات العمل الشعبي والدفاع عن الحريات الأساسية وحكم القانون وحقوق الإنسان .
آن اوان القول والفعل معاً .