لبنان والسنغال

داود الشريان

حي "السفارات" أحد الأحياء الراقية في العاصمة السعودية الرياض، وهو أنشئ قبل أكثر من عقدين من الزمن. هذا الحي الأنيق يضم كل سفارات دول العالم، ويقطنه السفراء، ورجال السلك الديبلوماسي العاملون في السعودية. توزيع مقار السفارات في هذا الحي الجميل لم يراع فيه موقع الدول على الطبيعة. فترى دولة في شمال الأرض تجاور سفارتها دولة تقع في جنوب الكرة الأرضية. قبل أيام قررت مع أحد الأصدقاء قراءة مستقبل العلاقات بين الدول من خلال مقارنة موقعها في حي السفارات بموقعها على الكرة الأرضية.

دولة البحرين تجاور الكاميرون، وليست بعيدة عن كندا. الأولى تحدها من الغرب، والثانية من الجنوب. صحيح ان الانتقال من الكاميرون الى كندا مشوار شاق، لكن البحرين ستصبح أكثر استقراراً وراحة بال في موقعها المفترض. وتشاركها الكويت في هذا الفأل الحسن، حيث أصبحت الكويت بالقرب من باكستان، تاركة العراق وإيران، ذكريات الحروب والغزو. الأردن يعاني من حدوده مع اسرائيل والأراضي الفلسطينية، لكنه في حي السفارات ترك كل هذا، وجاور الفيليبين. نأى الأردن بنفسه عن أزمة الشرق الأوسط، لكنه سيتورط بالعمالة الفيلبينية، وربما وجد العامل الأردني من ينافسه في لقمة العيش. اليمن كان أكثر الدول سعادة في حي السفارات، فهو انتقل للعيش في الدول الاسكندينافية، وهاجر الى الشمال، فجاور النروج، والدنمارك، وفنلندا وترك القات، وعلى رغم ذلك سيبقى يواجه مشكلة تنظيم "القاعدة" الذي سيستثمر قرب اليمن من الدنمارك التي سمحت بنشر الرسوم المسيئة للرسول.

الصديق الذي يسير معي لبناني، وهو حرص على ان يرى أين تقع سفارة بلاده. كان يطمع بموقع شبيه بموقع اليمن، قلت له لا تأمل كثيراً، فمواقع السفارات في هذا الحي عجيبة، فليبيا، مثلاً، التي تعيش على ساحل البحر المتوسط، وتجاور دولاً عربية، أصبحت تجاور إيران في هذا الحي. أما العراق، الذي أصبحت حكومته متيمة بإيران أصبح جاراً لكينيا. وصلنا الى السفارة اللبنانية، وجدناها قرب السنغال. سألني صديقي: دخلك، شو هي مشاكل السنغال؟ قلت له أصبحت جارة للبنان. قبل أن يسألني السؤال الآخر قلت له: اطمئن، سورية ابتعدت عنكم، صارت تقع بين كوريا الشمالية وفرنسا.