مفاعلات إيران الطائفية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بينة الملحم
صحيح أنّني لم أشهد 1979م ، العام الذي يؤرخ فيه نجاح الثورة الإيرانية كتاريخ فاصل في مسار حركتها السياسية لكنّني بالتأكيد كأحد أبناء منطقة الخليج منذ أن وعينا وفتحنا عيوننا على الحياة ونحن نعرف أن الخليج زاخر بتنوعه المذهبي ... فما الجديد إذاً ، ومن هو المستفيد من زرع الطائفية داخل الدين الإسلامي وتأجيجها في المنطقة الآن ؟
وإذا سلّمنا بأنّه إذا أرادت دولة أن تهيمن على منطقة ما بدأت بفتح جروح الثنائيات ، فإنّ السيد أحمدي نجاد صاحب حفلة الخطابات الإعلامية الأبرز على الساحة والمشهد السياسي يعي جيداً ماذا كان يعني بتصريحه مؤخراً أنّ إيران ستكون هي الدولة الأكثر "نفوذاً" في العالم بعد الولايات المتحدة الأميركية.
النقطة الهلامية العمياء التي لايمكن رؤيتها وبالتالي محاصرتها والقبض عليها وفرض عقوبات على بلاده أعتقد هي المفاعل الحقيقي الذي يراهن عليه سيّد نجاد لا مفاعلاته النووية الحسّية وإن كانت الخطر المادي الذي يحدق بالسلام العالمي .
فخطر تخصيب الطائفية وتصديرها هو الرهان الحقيقي لإيران ، والذي يؤكد مبالغة بعض التحليلات التي اقتصرت على الاعتماد على الخلاف المذهبي للتقليل من أهمية الثورة الإيرانية، ولا أدري ما رأي تلك التحليلات في تأثير الثورة على العديد من الجماعات والحركات السياسية الإسلامية السنية التي برزت في السبعينيات الميلادية ؟!
تدرك إيران أن منطقة الخليج بكل ما تختزنه من ثروات، تؤثّر وتتأثر بشكل سريع ومباشر بكل ما يحيط بها من تحولات، فهي منطقة ذات تأثير في المنظومة العالمية نتيجة لسمات أكثرها مرتبط بكونها المصدر الأكثر إنتاجاً للطاقة في العالم، ونظراً لما تضمّه المنطقة من مخزون ثمين من المعادن الغالية من النفط إلى الغاز مروراً بخيرات تنعم بها المنطقة، وتعتاش عليها الشعوب. فضلاً عن الناحية التاريخية التي كانت ولا تزال متعددة الطوائف ومختلفة المذاهب .
"الطائفية" هي أمّ السموم ذلك أنها مرض سيّار يتنقّل من إقليمٍ إلى إقليم كالعاصفة، وفتح جرح العراق الطائفي كان بدايةً لعودة حالة الطائفية، حتى إن الطائفية اليوم في العراق أصبحت مفتاح الاتجاهات السياسية فالعراق اليوم وعبر كثير من مسؤوليه الذين يعلنون رفضهم لحكومة تأتي على مركبة الطائفية وتبعث من دولة مجاورة الأمر الذي جعلنا نصل إلى ما يمكنني تسميته ب"عولمة الطائفية" في عالم لم يتجاوز في أفكاره الانتماء الأيديولوجي وهذه صفة العالم الإسلامي مع كل أسف.
الطائفية المذهبية تتحول إلى سمّ يدخل إلى البيوت بصمت، وتنمو في الرؤوس بنفس الصمت ولكنها إذا نطقت فهي تنطق كفراً بكل مخالف لها ، ها نحن نشاهد الطائفية بكل سوادها، تَتَنقّل من لبنان إلى العراق قادمة من إيران نحو دول الخليج، ولعلّ النجاح الأمني الذي حقّقتْه دولة البحرين كان جبّاراً ولافتاً قطع من خلاله دابر الفتنة الضاغطة وعملت الدولة فوق ثقافة الشوارع والسلاح الأهلي الطائفي المقيت.
كل مصادر القلق الأهلي التي تعيشها بلدان مثل:العراق، ولبنان، واليمن حديثاً مع بزوغ الحوثية، مركزيتها الطائفية، وإذا قرأنا التاريخ السياسي للطائفية نجد أن الطوائف ذاتها تشكّلت بظروف سياسية، وأن الكثير من حالات الهيمنة العقائدية تبلورت في ظلّ إرادة سلطانية، أستشهد هنا بما فعله مؤسس الدولة الصفوية إسماعيل شاه الصفوي وهو التركيّ والسنيّ الأصل حين كان يلاحق أهل السنة للتخلي عن مذهبهم، واعتناق المذهب الشيعي. هذا نموذج واحد من عشرات النماذج التي يتداخل فيها المشروع السياسي بتغذية الطائفية..وهكذا تفعل إيران، حيث تقوم بتأليب الطوائف المغلوبة على أمرها أيديولوجياً لمقاومة السلطات في بعض البلدان تحت مخدّر الطائفية المذهبية..
ولئن نجحت الطائفية في إيران في تأجيج بعض الدول الضعيفة اقتصادياً وأمنياً مثل العراق ولبنان، فهذا مؤشر خطير يرفع درجة الاستعداد والمواجهة التي يجب أن تتبعها دول المنطقة قبل أن تتحوّل منطقة الخليج إلى بؤرة صراع بين الطوائف ، فمن المؤكد أن الخطوات الرئيسة لتعزيز حواجز بناء الطائفية تكمن في تعزيز الوطنية في نفوس جميع الطوائف في المنطقة .
رأى هنري كسينجر مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي الراحل "ريتشارد نيكسون" ووزير الخارجية الأمريكي الأسبق أن مشكلة العراق هي التي تؤثر في دول الخليج من حيث الانتشار المستطير للطائفية، كما جاء في مقالة له نشرت في فبراير الماضي في ال "واشنطن بوست" من( أن الطائفية الثائرة في العراق ستؤثر بشكل كبير على مناخات الطائفية في دول الخليج ) .
إذن نحن أمام حالة "عولمة" للطائفية، وإذا لم يتكاتف أهل كل وطن بين بعضهم البعض، ويعلو صوت الاعتدال والولاء بين مختلف شرائح المجتمع ومختلف طوائفه فستتحول الطائفية إلى خبز يومي كما نشاهده بكل أسف في لبنان.
آن أوان رفض الطائفية وسيلة للعيش، واستبدالها بالمواطنة المدنية والولاء الوطني الصادق، بهذه الروح نغلق أبوابنا في وجه كل أشباح الطائفية السوداء. وننعم في دفء التعايش والاحترام والاعتراف بحق الاختلاف.
التعليقات
مقال غير مفيد
د. عبد الله قمبر -تقول الكاتبة انها لم تشهد العام 1979..؟ يعني أنها تشي بشبابية الجسد، وإن كانت الروح لازالت متسمرة آلاف السنين في الماضي. المقال لا يقدم خدمة أصلاً لا للسلام، ولا للعدالة، ولا للتعايش، ولا لأي شئ ..قلنا مراراً أن الصناعات لا ايديولوجية لها. وأن العلم مجرد الانتماء.. وأن من سار على الدرب وصل.. ايران قوة عظمى في الجوار لا يصح التعاطي معها بمثل هذه الخفة. ولا يجوز اشعال المنطقة بالفتن الطائفية والاقتتال المذهبي خدمة لأعراض مرضى جرى تعبئتهم (مجاناً) من قبل مشايخ الصحوة الجدد.شئنا ام ابينا محكومين بالتعايش. ومحكومين بالجوار.. اليوم وبعد سنة والف عام.. حتى لو اشتعلت النيران لن يزول الايرانيون ولن نزول ان شاء الله.ايتها الكاتبة المحترمة.. حرري عقلك من اسر مشايخ الفضائيات .. لأنهم سيقدمونك أنت وأطفالك وقوداً لشهوة السلطة.بس..