نجاد في الحديقة
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
احمد عياش
عندما يطل الرئيس الايراني محمود احمدي نجاد بعد ايام من الحديقة التي اقامتها بلاده على مرتفع مارون الراس التي تشرف على مناطق واسعة من الجليل بفلسطين، ستكون لحظة مشحونة بالمعاني الاقليمية التي تعني الكثير لنظام الحكم في طهران. وهي تبرر لهذا النظام المبالغ الضخمة التي انفقها ولا يزال على "حزب الله" الذي يمثل درة التاج في مشروعه الخارجي على رغم الصعوبات الهائلة التي يواجهها شعب ايران تحت وطأة العقوبات القاسية التي فرضها المجتمع الدولي على النظام بسبب المشروع النووي للاخير. ستقول الصورة التي سيحرص الرئيس نجاد على ان تلتقط له في الحديقة مشرفاً على فلسطين التاريخية انه استطاع ما لم يستطعه زعيم عربي او اسلامي في الوقوف على تخوم الارض التي حوّلتها اسرائيل رمزاً لانكسار الامتين العربية والاسلامية وذلك بفضل الحزب الذي ابصر النور بكنف الجمهورية الاسلامية منذ نشأتها على يد مؤسسها الامام الخميني وشب وترعرع واكتمل نموه برعاية خليفته الامام خامنئي.
لكن صورة نجاد في الحديقة الجنوبية وقبلها صورة الامين العام للحزب السيد حسن نصرالله الذي ظهر فيها غارساً "الشجرة الرقم مليون" امام منزله في حارة حريك وفق مشروع مؤسسة "جهاد البناء" على غرار النموذج الايراني لهذه المؤسسة، لا تعني ان صاحبي الصورتين ينتميان الى ما يشبه حزب الخضر الذي ذاع صيته في اوروبا بعد انطلاق موجة الدفاع عن البيئة في العصر الحديث، فبين اشجار حديقة مارون الراس وخلف اشجار "جهاد البناء" تتكدس ترسانة من عشرات الوف الصواريخ ومخازن أسلحة لا احصاء معلناً لمحتوياتها، وهي كفيلة حسبما صرّح احد نواب كتلة "حزب الله" لوكالة "إرنا" الايرانية للانباء لمناسبة زيارة الرئيس الايراني للبنان بأن تلحق الاذى باسرائيل اذا ما شنت الاخيرة الحرب ولو أدت الى حرق لبنان وسوريا معاً. بهذا المعنى، لا أحد يضمن ان تستمر الحديقة والاشجار في داخلها وخارجها على اخضرارها اذا ما نشبت النيران مجدداً لتحرق الاخضر واليابس كما فعلت قبل 4 اعوام.
ما بعد الصورة سيبقى هو الاهم. وللمقارنة، فإن صورة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد يهبطان من الطائرة الملكية السعودية في مطار رفيق الحريري الدولي قبل اسابيع لا تزال تنتج مظلة أمان عربية فوق هذا البلد الذي يسبح معاكساً لتيار القلق الكبير من التداعيات المرتقبة للقرار الظني الذي سيصدر عن المحكمة الدولية بشأن المتهمين بقتل من يحمل المطار اسمه. كما ان صورة امير قطر بعد صورة المطار يجول في اسواق بنت جبيل التي أعادت إعمارها اموال الامارة، وذلك على بعد مئات الامتار فقط من مارون الراس بعثت برسالة اطمئنان الى ان المال الخليجي فعل فعله في مواجهة الدمار الذي الحقته اسرائيل ليس ببنت جبيل فحسب بل بمعظم لبنان في حرب تموز 2006. والسؤال المطروح اليوم: أي معان ستتركها صورة الرئيس نجاد وتعني لبنان وليس ايران؟
الرجاء هو ان تأتي الصورة الثالثة مكملة للصورتين السابقتين. فلبنان الذي حظي من العرب أمناً ومالاً يتطلع الى ايران ان تكمل ما بدأه العرب في بلد عربي الهوية والانتماء واللسان. وستكشف الاسابيع المقبلة ما اذا كان نجاد قد اختار الصورة العربية نموذجاً، أم انه يعتمد في أحسن الاحوال صورة المسؤولين الذين يتفقدون وحدات بلادهم العاملة في اطار "اليونيفيل" التي كلفها قرار مجلس الامن الدولي الرقم 1701 أمن الجنوب بعد حرب تموز. وفي الحالة الثانية، يحرص نجاد على تفقّد قوات "حزب الله" الذي لا يقيم وزناً للقرار وتالياً للمحكمة ولا لأي امر يجعل لبنان ضمن المساحة الخضراء التي تمثل الارادات اللبنانية والعربية والدولية معاً.