مفارقة ومخاطر في الحالة العراقية
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
عبدالرزاق الصافي
عندما جرى الاعلان عن ترشيح السيد نوري المالكي ليكون رئيساً للوزراء في دورة ثانية، امدها اربع سنوات قادمة، باعتباره مرشحاً عن التحالف الوطني، الذي يضم الائتلافين الشيعيين، والذي اريد له ان يكون اكبر كتلة في البرلمان الجديد، والحيلولة بين الكتلة العراقية التي يترأسها اياد علاوي، والتي تضم غالبية الكتل الممثلة للمكون السني، وبين تجريب حظها في امكانية تأليف الحكومة الجديدة، تمنـّى الكثيرون ان يكون هذا الاعلان بداية لانتهاء الازمة التي استمرت عدة اشهر، وحالت دون تشكيل الحكومة الجديدة. غير ان الذي جرى بعد هذا الاعلان اجهض التمنيات، وبيـّن ان الكتل التي يتألف منها التحالف الوطني ليست مجمعة على الوقوف وراء المالكي في إصراره على تولـّي مهمة تشكيل الحكومة الجديدة وان الذين قاطعوا جلسة التحالف الوطني، التي سمـّت المالكي مرشحاً للتحالف الوطني ظلوا يواصلون المساعي للتحالف مع الكتلة العراقية وبعض الكتل الصغيرة في البرلمان والتحالف الكردستاني من اجل تكوين كتلة تنافس كتلة التحالف الوطني على مهمة تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة شخصية اخرى غير المالكي. ذلك ان للعراقية مرشحها وهو الدكتور اياد علاوي والمجلس الاعلى الاسلامي الذي يقوده السيد عمار الحكيم له مرشحه وهو السيد عادل عبد المهدي.
وبسبب من هذا التعقيد طلع علينا بعض القادة واعضاء في الكتل الفائزة ليقول ان الحكومة الجديدة لن ترى النور في هذا العام، وهناك من قال ان تشكيل الحكومة الجديدة يمكن ان يتأخر حتى شهر فبراير القادم ! ونقول ان هذا الموعد الجديد ليس مضموناً، إذا ما استمر قادة الكتل على تعنتهم وتمسكهم بمصالحهم الفئوية الضيقة، واستهتارهم بإرادة الرأي العام الواسع، التي تجسدت في المظاهرات والاعتصامات في العاصمة بغداد وفي المدن الاخرى، وضمت العديد من منظمات المجتمع المدني وقوى التيار الديمقراطي، وبلورت مطالبها، التي هي مطالب اوسع فئات الشعب :
- انهاء الجلسة المفتوحة للبرلمان (هذه الجلسة التي تعدُّ خرقاً واضحاً للدستور)
- التسريع بتشكيل حكومة وحدة وطنية فاعلة وقوية.
- إيقاف انتهاكات الدستور ( التي شارك فيها كل اعضاء البرلمان. لأننا لم نسمع اي اعتراض من اي عضو على القراربتعطيل البرلمان، الذي اتخذ من قبل قادة الكتل وبعضهم غير منتخبين من قبل الشعب وليسوا اعضاء في البرلمان ).
ان ابناء الشعب يتساءلون لماذا لا يقوم اعضاء البرلمان بممارسة دورهم الذي انتخبوا من اجله؟ وبأي حق يتسلمون ملايين الدولارات شهرياً، رواتب لهم ولحماياتهم، من دون ان يقوموا بأي عمل ؟ والاكثر استفزازاً من هذا لمشاعر ابناء الشعب ان نسبة كبيرة منهم تركت الوطن الذي يكتوي ابناؤه بجحيم الصيف في ظل انقطاع التيار الكهربائي نحو عشرين ساعة في اليوم، وغادرت الى لبنان والاردن وسوريا وغيرها من البلدان للتمتع بطيب الهواء والراحة التامة من دون اي عمل، إلا اذا اعتبرنا مساعي البعض منهم للحصول على دعم هذه الدولة اوتلك، وحملها على التدخل في الشأن العراقي عملاً مشروعاً، في نفس الوقت الذي يدينونه في تصريحاتهم المنافقة.
ولعل ما هو اخطر من كل هذا، هو ما يشكله هذا الاستهتار بمصالح الشعب والوطن من اخطار على وحدة الوطن جراء هذا الاضعاف المستمر لدور الدولة، ومساعدة القوى المعادية للديمقراطية والعملية السلمية ومصالح الشعب العراقي وطموحه لاستكمال السيادة الوطنية والقضاء على الفساد والارهاب والتخريب، وتوفير العمل للملايين من العاطلين والامن والخدمات الضرورية وفي مقدمتها الكهرباء والماء والسكن اللائق لينعم الشعب بخيراته الوفيرة وبحقه في العيش الكريم في دولة يسودها الدستوروالقانون واحترام ارادة الشعب.