«حرب الكترونية» مستعرة بين حزبي المالكي والحكيم
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
بغداد - حيدر الحاج
تدور منذ أيام حرب من نوع خاص بين أكبر فصيلين شيعيين في العراق، كانت تجمعهما في السابق جملة من المشتركات في مقدمها العلاقة الاستراتيجية، والمبادئ الأيديولوجية، فضلا عن التاريخ والجهاد المشترك، ضد ما يسميانه بـ"الطاغوت الأكبر" في اشارة الى نظام الرئيس السابق صدام حسين الذي أعدم وطارد الكثيرين من أتباع هذين الحزبين الدينيين.
رحى هذه الحرب تدور بترابية متصاعدة منذ فترة بين "حزب الدعوة الآسلامية" بزعامة رئيس الوزراء المنتهية ولايته نوري المالكي، وحليفه السابق الذي تحول الى الغريم اللدود "المجلس الأعلى الاسلامي" بزعامة عمار الحكيم، في كواليس الأنترنت، وتحديدا في أروقة المواقع الالكترونية التي يشاع بان من يديرها ويشرف عليها كوادر وشخصيات سياسية مقربة من الحزبين اللذين تجمع بينهما كلمة "الاسلامي" كقاسم مشترك في تسميتهما.
سبب هذه "الحرب" بين حلفاء الأمس، الذين باتوا خصوم اليوم، وفقا لمراقبين وصحافيين، يكمن في "خبر نشرته اخيرا "وكالة براثا للانباء"، وهي موقع الكتروني يديره مقربون من قيادي بارز في "المجلس الأعلى"، تحدثت فيه عن انتشار ملصقات وبوسترات تمجد بشخص المالكي في بعض مناطق بغداد وشوارعها الرئيسية.
الموقع الالكتروني المقرب من حزب الحكيم، ذكر في الخبر الذي ظل منشورا على صفحته الرئيسية لأيام، أن "هذه الملصقات التي حملت من المغالات الشيء الكثير، كونها شبهت المالكي بالامام علي بن أبي طالب"، مؤكدا أن هذ الملصقات التي كانت بحجم كبير غطت قلب بغداد، وحملت صورا شخصية لرئيس الوزراء المنتهية ولايته.
وتزعم الوكالة التي تشن بين فترة وأخرى حملة انتقادات على الكثير من الساسة العراقيين وتمارس أساليب "التسقيط السياسي" للخصوم، بأن مكاتب "حزب الدعوة" وكوادرها، هي من نشرت هذه الملصقات ترويجا لزعيمها، لكن قياديين في حزب المالكي ردوا على هذه المزاعم بالنفي القاطع وأكدوا ان لا علم لهم بالجهات التي تقف وراء نشر هذه اليافطات.
اللافتات الدعائية التي قال عنها معارضو المالكي بأن الهدف من نشرها "تبييض صفحة رئيس الوزراء" تم لصقها على جدران ساحة التحرير الكائنة في منطقة الباب الشرقي القريبة من المنطقة الخضراء حيث مقر رئيس الحكومة وعدد من وزارات ومؤسسات الدولة العراقية والبعثات الديبلوماسية الأجنبية.
هذه الملصقات حملت عبارات وشعارات يعتبرها الفصيل المعارض للمالكي، بأنها مؤيدة له وتنطوي على "المغالاة" في تمجيد شخص رئيس الحكومة، كما ينظر لها من قبل آخرين بأنها من أساليب "تبجيل وتعظيم الشخوص" التي انتهجها أعوان النظام الديكتاتوري السابق تجاه قائدهم.
وذيلت الملصقات الدعائية التي حملت أيضا، كفتي ميزان وهو الشعار الأنتخابي لائتلاف المالكي النيابي الى جانب صورة شخصية لزعيم "ائتلاف دولة القانون" والعلم العراقي، بعبارة "حي على خير العمل المالكي هو الامل... اللهم أنصر من نصره وأخذل من خذله"، وهي ما يعتبره البعض تحريفا لما أوصى بها الرسول محمد (صلى الله عليه وسلم) للخليفة الرابع علي بن أبي طالب في خطبته الشهيرة التي ألقاها في يوم "الغدير" الذي يعتبره المسلمون الشيعة، عيدا مقدسا لهم.
كما تضمنت تلك الملصقات، ما قيل انها "إنجازات حكومة المالكي الوطنية" في مجالات مختلفة، من بينها الوحدة الوطنية الشاملة، انسحاب القوات الأجنبية، المشاريع الخدمية العملاقة، الحد من النشاطات الارهابية والأجرامية، بناء القدرات الفنية واللوجستية للقوات المسلحة، وتطوير العلاقات مع بلدان الجوار، والقادم خير انشاء الله تعالى.
ما كتب على الملصقات الدعائية وصف بـ"الانجازات المزعومة وتسبب في رفض واستنكار واستهجان شعبي واسع، كما أن الامر اعتبر من علائم عودة العراق الى حقبة الصنمية وقائد الضرورة والديكتاتورية"، في اشارة الى حقبة نظام صدام، وفقا للموقع الالكتروني.
هذا الهجوم ومحاولات "التسقيط السياسي" دفع موقعا الكترونيا آخر يسمى بـ"شبكة عراق القانون"، يقال بأن مقربين من المالكي يشرفون عليه في شكل مباشر، للرد على ما وصفها بـ"الاكاذيب الرخيصة التي يراد منها تشتيت ذهن محبي وأنصار السيد المالكي، لغرض إبعادهم عن رجل شهد له القاصي والداني بالشجاعة والوطنية".
الموقع المدافع عن المالكي، اتهم في شكل صريح "براثا"، بالوقوف وراء الترويج لهذا الخبر، حيث ذكرت ادارة الشبكة في بيان نشر لها على صفحتها الرسمية، "بات الآمر أكثر وضوحا وبانت في شكل صارخ ألاعيبهم الصبيانية، فبعد ما كانوا معروفين بتلفيق الأخبار الكاذبة باتوا الآن يصنعون الخبر بأيديهم لينشروه لاحقا".
وأكدت الشبكة في بيانها ان "المسرحية الهزيلة زادتنا يقينا بمدى صغر وضحالة تفكير مروجي هذه الأخبار". كما أن حزب المالكي كان صرح في وقت سابق، بان "أيادي خفيّة هي التي كانت تقف وراء نشر هذه الصور والملصقات".
وكان مصدر في رئاسة الوزراء، قال ان المالكي امر شخصيا بإزالة كل صوره واللافتات التي تحمل عبارات مؤيدة له، لكن ذلك لم يمنع من تفاقم حدة التجاذبات الاعلامية، والتي يرجعها البعض الى الخلافات المستحكمة التي بدأت تتجذر بين الحليفين السابقين.
"الحرب الالكترونية" تأتي في وقت تشهد فيه البلاد أزمة سياسية كبيرة بين الكتل الأربع الفائزة، حيث تزايدت هذه الهوة بين الفرقاء السياسيين بعد اختيار المالكي مرشحا لمنصب رئاسة الوزرار للمرحلة المقبلة عن "التحالف الوطني"، وهو ما آثار حفيظة "المجلس الأعلى" الذي يعتبر "عراب" التحالف الشيعي.