جريدة الجرائد

المالكي والمظلة الإيرانية

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

الياس حرفوش


اذا كان رئيس القائمة "العراقية" اياد علاوي قد اعتقد ان فوزه بأكثرية مقاعد مجلس النواب يؤهله لرئاسة الحكومة في بغداد، فإن الاعتقاد نفسه خامر رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري، الذي ظن هو ايضاً ان فوزه بأكثرية مقاعد المجلس اللبناني يوفر له فرصة الحكم سعيداً في بيروت. غير ان "اختراع" حكومة الوحدة الوطنية في لبنان حرم الحريري من تلك الفرصة، وأنشأ سابقة في تاريخ الحكومات في العالم، اسمها "وزراء المعارضة". ومثله كان "اختراع" تفاهم الكتل العراقية على اكثرية تحصل عليها بعد الانتخابات، مدخلاً للالتفاف على صوت الناخب العراقي، وعلى الاكثرية التي منحها لعلاوي، بحيث بات طبيعياً ان يرجّح مثل هذا التفاهم مصلحة الكتل الشيعية الموالية لطهران، وهو ما نشهد نتائجه اليوم.

هكذا تكون زيارة نوري المالكي لطهران، وهي الاولى التي يقوم بها الى العاصمة الايرانية منذ انتخابات آذار (مارس) الماضي، تتويجاً لهذا التفاهم، كما هي تتويج للتفاهمات التي سبقتها بين ائتلاف "دولة القانون" والقوى النافذة في الاقليم، والتي تمتد من "حزب الله" في لبنان الى "الحرس الثوري" في ايران، مروراً بالصدريين في العراق، والتي يفترض ان توفر للمالكي فرصة العودة سعيداً الى رئاسة الحكومة، على رغم الانتقادات التي تعرضت وما تزال تتعرض لها ولايته السابقة.

لا تقل زيارة المالكي لطهران من حيث الأهمية عن زيارة محمود احمدي نجاد الى بيروت. في الحالتين كانت الرسالة واضحة للجهات المعنية، بهدف ابلاغها من هو صاحب الصوت الاعلى والقرار النافذ في الملفين الأكثر اهمية في المنطقة، اي الملف اللبناني والملف العراقي. في الحالتين ايضاً بتنا نعرف، وبعد التجربة، ان القوة المتحكمة بهذين الملفين، وهي القوة الايرانية، ممثّلة بمن ينفذون وصاياها على الارض، لا تقيم اي وزن لا للعملية الديموقراطية ولا لاعتبارات الوفاق الوطني. انها كما هو وصفها قوة. ولأنها هكذا فإن اعتبارات القوة وحدها هي التي توفر لها فرصة فرض مصالحها على الارض ... وهل يمكن ان يُنتظر من قوة لا تقيم وزناً للديموقراطية في بلدها ان تحرص عليها في بلاد الآخرين؟

هذا على الاقل ما خلص اليه اياد علاوي بعد الجهود التي بذلها خلال الاشهر الماضية لاقناع الدول المهتمة بالشأن العراقي، ومن بينها ايران، ان كتلته هي صاحبة الحق الدستوري في تشكيل الحكومة. فالاستنتاج الذي توصل اليه علاوي هو ان على ايران ان تبتعد عن التدخل في الشؤون العراقية، وان لا تفرض او تدعم طرفاً في العراق على حساب طرف آخر. ولو قدّر لسعد الحريري رئيس حكومة لبنان ان يقول رأياً صريحاً يعكس تجربته مع الحكم خلال الاشهر القليلة الماضية، وبعد مخاض تشكيل حكومته، لما قال كلاماً مختلفاً كثيراً عما قاله علاوي: ان تخرج ايران من اللعبة اللبنانية وتمتنع عن توفير الدعم والقوة المسلحة لأحد الاطراف على حساب القوى الاخرى. وهو ايضاً ما يمكن ان يقوله الرئيس الفلسطيني محمود عباس عندما يصل الحديث الى علاقاته الصعبة مع حركة "حماس".

من الصعب الحديث عن تقدم النفوذ الايراني في هذه الملفات من دون المرور بتراجع نفوذ القوى الاخرى، وهي قوى عربية الانتماء والهوى. تعلّم التجربة ان الطبيعة لا تحتمل الفراغ، وان التفكك اللبناني واستسلام الدولة الى قدرها كان لا بد ان يعوض عنهما الطرف الأقوى، الذي وجد الساحة سائبة فاستولى عليها. الامر نفسه يمكن ان يقال عن العراق. كان لا بد بعد سقوط نظام صدام وانهيار كل اشكال الدولة المتماسكة في العراق ان يأتي من يملأ هذا الفراغ. وها هي صور المالكي الآتية الينا من طهران تذكرنا بهوية الجهة القادرة على ذلك.

قد يقال: اين العرب؟ ولماذا لا يتولون هم هذه المهمة في بلدين هما في قلب مصالحهم وطموحاتهم؟ والسؤال محق ومشروع، لكن الاجابة عليه كئيبة وسوداوية بقدر كآبة احوال العرب.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف
أين الدور العربي؟
العمري -

اؤيد الكاتب الى قناعاته الى ان ايران أصبحت القوة الفاعله فى المنطقة العربيه بعد غياب الدور العربي للأسف والذى أخذ إتجاها أمريكيا بالبحث عن مصالحه الإستراتيجيه والمتمثله بالمحافظة على كرسي الرئاسة فقط دون أي أعتبارات لهموم الشعوب العربيه ، وزيادة النفوذ الايراني فى المنطقة العربيه بعد أن أخذ حزب الله الوجه العربي للسياسة الايرانيه .. وسلام ياأمم

زيارات
حسين -

قارن الكات زيارة المالكي الى ايران بالتوافق مع الصدريين لتشكيل اغلبية.... طيب وما زيارته الى كل من سوريا ومن ثم الاردن ومصر حاليا وتركيا بعدها .... لطلب الدعم والتأييد كما تفضل السيد الكاتب في مقاله ام ماذا... ثم لماذا عند زيارة اي مسؤول عراقي الى اي مكان لم يشوش عليها بل يتم التشويش فقط الى ايران... هل اصبحت ايران بعبع العرب .... وهل اختفى العرب من الساحة لتلعب ايران في العراق ولبنان كما يقول السيد الكاتب.... بوجود قوى اخرى في المنطقة لها تاثيرها وهي تركيا.... ايران الان اضعف من السابق واعلامنا يهولها ويعطيها دورا اكبر من حجمها ... كما ان عدم وجود موقف عربي واحد قوي وواضح يجعل قوى اخرى تبرز على الساحة... لان العرب التهوا بمشاكلهم الجانبيه وتدخلاتهم بل فرض سياسات معينة على اشقائهم وعدم تقديمهم الدعم الكامل لهم للانعتاق الى الحرية والديمقراطية تدفع باطراف اقليمية اخرى لتحين الفرص المناسبة لتقديم نفسها وفرض افكارها... الافضل بان نحلل اسباب ضعفنا وايجاد الوسائل لدعم قوتنا عندها سنرى الاخرين ضعفاء امامنا...

هروب من الواقع
علي الأعرجي -

شكوى السيد علاوي من دور إيران على الساحة العراقية تعبير عن عجر حقيقي تعاني منه قائمته العراقية في إجتذاب تحالفات تتيح للقائمة لعب الدور الرئيسي في تشكيل الحكومة القادمة. فبدلاًَ من أن يعترف السيد علاوي, الشيعي العلماني, و القائم على راس قائمة الكل يعرف أنها تمثل المكون السني في العراق, أن قائمته تعاني من عزلة بسبب عدم ثقة باقي الكتل السياسية بالتوجه السياسي المحتمل للقائمة, و أخص هنا التوجس الكردي من التحالف مع قائمة لا تعترف يما يعتقدونه حقاً لهم, لذا, فإن التحالف الكردستاني يجد نفسه أقرب إلى إئتلاف دولة القانون. على القائمة العراقية أن تنجح في تشكيل تحالف تسحب من خلاله البساط من تحت أقدام إئتلاف دولة القانون.