جريدة الجرائد

أهل كايرو ليسوا أهل القاهرة

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

صافي ناز كاظم

خرجوا من قاهرة المعز لدين الله والتحقوا بـ "كايرو" السياحة والصفقات واللعب في الطبائع والتلاعب بالقوانين وتزييف القيم وتغيير الملامح تحقيقا للمصالح الفاسدة: هذا هو تلخيص صفة "أهل كايرو"، الذين هم ليسوا "أهل القاهرة"، في المسلسل الذي لاحقته بعد انقضاء شهر رمضان الفضيل، تأليف الشاب النابغة بلال فضل وإخراج نابغة شاب آخر اسمه محمد علي وبطولة خالد الصاوي ورانيا يوسف وكندة علوش وكارولين خليل وزكي فطين عبد الوهاب، (ابن ليلى مراد)، ومجموعة بديعة من الممثلين المعروفين وغير المعروفين.

يشد هذا المسلسل، بغايته النبيلة، الانتباه لتكامله وتوازنه وإحكامه الفني عبر العناية بكل أطرافه الرئيسية والفرعية والتي تبدو هامشية؛ إنه عمل فني يحقق ما يمكن إيجازه بقول: تم كما يجب أن يكون.

في مزج ذكي ولطيف بين الدعابة والجدية والمزاح والغضب والبشاشة والحزن، وهي سمات مصرية أصيلة يحرص عليها المصريون، تضافرت جهود المؤلف والمخرج لبيان نتائج تحقيق حثيث، هدفه كشف دوائر قتلة الوطن المستترين وفضح جرائمهم بأذرعها الأخطبوطية المتحالفة للإفساد والتخريب وضرب مصالح البلاد والعباد المرتجاة بإلحاح، تحقيق تفصيلي دؤوب، لا يترك شاردة ملهمة ولا واردة مفحمة، أخذ مجاله في حيز ضيق محصور ومحاصر لا يخرج عن الفندق الفخيم 7 نجوم وشركات ومكاتب ومنتجعات مترفين، من رجال أعمال ووزراء وصحافيي الفضائح وكتاب الضلال والتضليل ونساء متسلقات، اختلطت في غرفهم وحدائقهم وأحواض سباحتهم شهوات المال والجنس والسلطة والتسلط باتفاقيات تبادل المنافع برعاية مبادئ الأبالسة والشياطين. تحت غطاء ما قد يبدو أنه بحث عن قاتل لسيدة مجتمع شهيرة صباح حفل عرسها الصاخب في الفندق 7 نجوم، والذي تم افشاله بتدبير من زوجة غيور لرجل أعمال كان على علاقة بالعروس، كانت الحيلة الدرامية الموفقة للسعيٍ نحو الهدف الأكبر والأهم ألا وهو: تسليط الضوء والانتباه على قتلة الوطن المستترين.

لم يخترع المؤلف بلال فضل تفصيلة واحدة يكذبها الواقع حتى يتهم بأنه يلبس نظارة سوداء؛ فالواقع شهد دوي مقتل سوزان تميم وتوابعه، ومن قبلها المغنية ذكرى، وحوادث أخرى كثيرة لامست فنانات وراقصات شهيرات لعبن الخطر مع رجال لهم شأنهم في مدارات الثروات وفي تأثرهم وتأثيراتهم في حراك السلطة الحكومية والإعلامية.

إن الدخان السام، المتصاعد من أخبار الفساد والمفسدين، الذي ظل "أهل القاهرة" يستنشقونه كان لا بد أن تتحرر منه الصدور وتشفى عبر عمل فني لا يكتمه ولا يداري سوءاته، عسى أن يسترد البدن القاهري صحته، وعسى أن يدرك "أهل كايرو" أنهم مرصودون موصومون وإن نالوا إخلاء سبيلهم على كر السنوات.



التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف