جريدة الجرائد

العربي المقهور!

قراؤنا من مستخدمي إنستجرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على إنستجرام
إضغط هنا للإشتراك

يوسف الكويليت

يتحدثون ويرسمون خططهم ويعدون شعوبهم لما بعد الحداثة، لأن الآفاق لا تسد، ولا يحكم التقدم أفراد وأجيال إذا كان العقل لا يقف أو ينحدر، بينما تتحدث أمم وأفراد وجماعات عن ما بعد الأمية العالمية والثقافية والسياسية عندما كرست نفسها وصية على العلم، وهي لا تعرف المعادلات الحسابية الأولى، ووصية على الإنسان وهي لا تدرك أنه عقل وروح، ومشروع تقدم أو تخلف..

عالمنا مملوء بالجهل يمر بحالة غيبوبة طويلة، لأن كل سنتيمتر معبأ بقلة الإدراك والتماشي مع روح العصر، وبالتالي كسبنا مناعة ضد التقدم، المهمة التي تتصارع عليها العقول في اختزال القرن بعقد من السنين، حتى صار للساعة واليوم والشهر قيمة تحصيل بحساب الزمن.

نشاهد العالم يقفز للفضاء يسخره لنشاطات علمية وإعلامية وأمنية استخباراتية، ودراسة مسارات الكواكب ومراقبة حركة الأرض، وجميع ما يتحرك في قلبها، ومن خلال أزارير الحواسيب يحلل ويطور ما يعتقد أنه صراع العقول في كسب المعرفة.

ندخل الأسواق المركزية ومبيعات الحواسيب وتقنياتها، ومعارض السيارات وأجهزة الهاتف محمولها وثابتها ولا نجد أكثر من مستهلك، حتى فاقت محطات الفضاء العربية بلداناً آسيوية وأوروبية، ولكن محتواها شاعر المليون وصراع القبائل والطوائف أي أنها ما زالت تنتمي لحروب داحس والغبراء.

قارنوا بين طالب ياباني، أو كوري، أو أوروبي، وأمريكي بطلبتنا العرب، ليس الذكاء المعيار الفاصل، ولكن قيمة الزمن والتطلع إلى حجز كرسي بشركة كبرى، أو مركز تحليل وتطبيقات علمية، أو إضافة ناتج جديد يدخل السوق العالمي يبقى هم الطالب الأول، بينما طالبنا مهموم بعلة التحول الاجتماعي. عندما يرى نفسه بعد التخرج مجرد رقم صغير في دفتر حسابات المتقاعدين، ثم ادخلوا في عالم أستاذ الجامعة والطبيب والمهندس، وكل من تعب في سنوات الدراسة، وقارنوه بغيره ممن يحصلون على امتيازات الحرية والوظيفة والتقدير المعنوي، بمعنى أن الإحباط لا يأتي من اختلاف ثقافتين ومجتمعين تحكمهما أنظمة وقوانين تفصل بينها أزمنة طويلة، بل الفاصل هو في مَن قرر أن يكون حراً بحقوق قانونية، لا تميزه عن صاحب السلطة إذا كان الحكم للحق وفق القوانين، بينما في وطننا العربي، يستطيع مدير إدارة إعلان فصلك من عملك، وشرطي متآمر بسجنك، وقاض بإطلاق حكم لا يخضع للمعايير الشرعية، أو القوانين الوضعية، لمجرد مخالفة رأي أو مناطحة إدارة فاسدة أو عالم يخالف نواميس الحياة.

ليس الموضوع رأياً فلسفياً وطرحاً نظرياً، وإنما كيف نصل إلى تشريح ذواتنا، وسلوكنا الاجتماعي والسياسي، وكيف نصل إلى الحلقة التي تربط الإنسان بأدائه لا بنواياه المجهولة، وكيف نتخلص من تناقضاتنا بخطط لعام وخمسة وعشرة وفي تطبيق عملي لا نظري على الورق، وحتى نصل إلى الجملة المفيدة بحياتنا، علينا أن نجتهد من أجل قرار يخرجنا مما نحن فيه.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف