جريدة الجرائد

حديث عطري للصحافة الكويتية ... «الخبر الأول» في بيروت

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

بيروت

اقتحم الحديث الذي أدلى به رئيس الوزراء السوري محمد ناجي عطري لـ "الراي" والذي نُشر امس، المشهد السياسي اللبناني الذي يزدحم بملفات "صاخبة"، اضيف اليها بند "قديم جديد" عنوانه العلاقات اللبنانية - السورية.
واحتلّ حديث عطري، ولا سيما وصْفه قوى الرابع عشر من مارس بانها "هيكل كرتوني" صدارة الاهتمام في بيروت، اذ "سبق" العناوين "الأكثر سخونة" مثل المحكمة الدولية التي تنظر في جريمة اغتيال رئيس الحكومة رفيق الحريري و"متفرعاتها" ولا سيما ما يُعرف بموضوع "الشهود الزور"، والحِراك العربي والاقليمي والدولي المتصل بالوضع اللبناني وسبل احتواء مفاعيل القرار الظني المرتقب صدوره عن المحكمة.
وغداة تحوُّل "المواقف اللبنانية" لعطري الخبر "رقم واحد" في بيروت الذي تصدّر نشرات الأخبار التلفزيونية والإذاعية على اختلافها (من 8 و14 مارس و"ما بينهما") ومانشيتات الصحف والذي أفردت له المواقع الالكترونية المتعددة حيزاً مهماً، تدحرجت "كرة ثلج" الردود "المنسّقة" وعلى أعلى المستويات من فريق "14 مارس" على اختلاف أطيافه، فيما طرح إعلام هذا الفريق أسئلة عن "ابعاد الحملة التي شنّها رئيس الوزراء السوري وانعكاساتها على مسار تطبيع العلاقات اللبنانية - السورية"، ناقلاً عن مصادر مطلعة "ان كلام عطري ستكون له تداعيات، خصوصاً وان هناك مخاوف جدية من ان تكبر كرة المشكل في ظل اجواء لا تدعو الى التفاؤل".
وجاء الردّ الأبرز في دلالاته على عطري من "تيار المستقبل" الذي يقوده رئيس الحكومة سعد الحريري، فيما لفت تخصيص إعلام "المستقبل" (تلفزيون وإذاعة) مساحة واسعة من نشراته لردود "خاصة" على عطري، اضافة الى الردود الأخرى.
وقال "تيار المستقبل" في بيان له: "نقلت صحيفة "الراي" الكويتية عن رئيس الوزراء السوري محمد ناجي العطري وصفه لحركة 14 مارس بأنها هيكل كرتوني. ان تيار المستقبل يأسف ان يصدر عن رئيس وزراء دولة شقيقة مثل هذا الكلام غير المناسب بحق حركة سياسية شعبية يعتبر "تيار المستقبل" نفسه جزءاً لا يتجزأ منها، خصوصاً وانه يشكل تدخلاً في شؤون لبنان الداخلية".
وذكّر رئيس الهيئة التنفيذية في "القوات اللبنانية" سمير جعجع رئيس الوزراء السوري بأن "مَن وصفها بالهياكل الكرتونية هي التي اسقطت نظام الوصاية السورية في لبنان عام 2005 على رأسه وأدّت الى خروجه من لبنان".
وقال جعجع في تصريح له: "يبدو ان العطري لم يتنبه فعلا الى ما قاله، وتاليا ليس في مصلحته أبدا ان تكون 14 مارس هياكل كرتونية، وإذا كانت كذلك فعلاً فكيف سيكون حال نظام الوصاية الذي أسقطته؟"، مضيفاً: "اما حديثه عن العلاقات الثنائية من دولة الى دولة، فكل ما شاهدناه في الاشهر الثمانية الاخيرة رغم الجهود التي بذلها رئيس الجمهورية العماد ميشال سليمان ورئيس الحكومة سعد الحريري يبيّن عكس ذلك، واجتماعات سورية معهما يبدو انها اجتماعات شاي وتسلية، فيما الاجتماعات الجدية للأخوان السوريين تعقد مع جماعاتهم في لبنان ومع فرقاء لبنانيين آخرين، إذ يمضون ساعات وساعات معهم، والكلام الجدي يكون خلال هذه الاجتماعات وليس خلال الاجتماعات الرسمية. من هنا نرى ان حلفاءهم يعودون من دمشق، كما حصل اخيراً في المؤتمر الصحافي الشهير للواء المتقاعد جميل السيد، ويدلون بالمواقف الحقيقية".
وعن قول عطري ان "همّ سورية هو أمن لبنان وصحة العلاقة بين الدولتين"، قال رئيس الهيئة التنفيذية لـ "القوات": "نرى ان خطوات بسيطة مطروحة منذ أعوام هي في متناول القيادة السورية، لكن يا للأسف لا تتم، مثل موضوع المعتقلين والمفقودين في السجون السورية، والمعسكرات الفلسطينية خارج المخيمات والتي يبقى قرارها في يد الاخوان في سورية، الى ما هنالك من ملفات. فآسف لتصريح العطري واتمنى ان يكون أدق في وصفه للامور".
ووضع الحملة السورية على قوى 14 مارس في سياق "الحملة على الرئيس سعد الحريري"، مؤكدا ان "مذكرات التوقيف السورية ماتت قبل ان تولد، والذين طاولتهم سيردّون عليها في القانون".
وفي السياق نفسه، برز ردّ وزير العمل بطرس حرب على عطري، من القصر الحكومي، بعد لقائه الرئيس الحريري امس اذ اكد "أن لبنان مصمم على قيام علاقات ممتازة ومتساوية وندية مع سورية، فيها من الاحترام المتبادل للسيادة والاستقلال ولحرية الشعوب في تقرير مصيرها، فلا نتدخل بشؤون بعضنا البعض الداخلية، وفيها التصميم على أن تكون هذه العلاقات جدية". وقال: "نحن نبذل كل الجهود في هذا الاتجاه، وأعتقد أن ما قام به الرئيس الحريري وما قامت به الحكومة وما قام به الرئيس ميشال سليمان هو في الحقيقة خطوات متقدمة جدا لتسهيل وتعبيد الطريق لهذه العلاقات اللبنانية-السورية كما نرغب أن تكون".
اضاف حرب: "لكن أن ما يستدعي الاستغراب أن لبنان يخطو خطوات إلى الأمام ولا يجد سورية تخطو الخطوات ذاتها، بل يرى مواقف تكون مشجعة في بعض الأحيان وصادمة في أحيان أخرى. وفي رأيي أن كلام رئيس الوزراء السوري لصحيفة "الراي" الكويتية لا يخدم التوجه اللبناني الذي يجب أن يلاقيه توجه سوري في تحسين العلاقات اللبنانية - السورية وإعادة بنائها على أسس سليمة من أجل عدم العودة إلى ما كانا عليه في الماضي والشكوى والممارسات السيئة التي كانت تحصل".
وأكد وزير التربية والتعليم العالي حسن منيمنة (من فريق رئيس الحكومة) "ان الرئيس سعد الحريري لم يوفر جهدا لتفعيل العمل الحكومي"، ان تصريح رئيس الوزراء السوري" يزعزع الثقة بين الدولتين ويؤثر سلبا في مسار بناء العلاقات الجديدة".
وشدد منيمنة في حديث الى إذاعة "الشرق" (تابعة لـ "المستقبل")على ان قوى 14 مارس والرئيس الحريري يريدان اصدق العلاقات وافضلها مع سورية على اسس ثابتة"، متسائلا "عما إذا كان تصريح الرئيس عطري يخدم فعلياً تطوير العلاقات اللبنانية السورية".
ورأى "ان بناء العلاقات بين دولتين وطرفين يبدأ بترسيخ عناصر الثقة"، وقال "لكن مثل هذه التصاريح (لعطري) تحمل على زعزعة كل ثقة اساساً وتقول اننا عائدون الى الوضع الذي كان سائدا قبل العام 2005 بنفس السياسات والسلوكيات، وهذا ما لا نتمناه".
واستغرب النائب عقاب صقر (من تكتل الحريري) "الكلام المؤسف والمعيب" الذي أدلى به رئيس الوزراء السوري، مشيراً إلى أنه "كلام يخالف أدنى أدبيات التخاطب السياسي والاعتبارات الديبلوماسية التي يفترض أن تحكم خطاب رئيس حكومة سورية تجاه قوى سياسية أساسية وفئة كبيرة من اللبنانيين".
ورأى صقر في حديث لموقع "nowlebanon.com" الالكتروني أنّ "هذا الكلام جزء لا يتجزأ من عملية التقويض الممنهج للانطلاقة الجديدة للعلاقة اللبنانية السورية"، وأضاف: "إنّ مثل هذا التصريح يجعلنا نتفهم بعض التسريبات الإعلامية وبعض الكلام اللامسؤول والعشوائي الذي يطلقه بعض المسؤولين اللبنانيين الذين يلتقون ربما في سورية فئة سياسية مثل السيد عطري".
وإذ وضع كلام عطري "برسم القيادة السورية والرأي العام السوري واللبناني للوقوف على أسباب تردي العلاقات تاريخياً بين البلدين بفعل مثل هذه التصريحات اللامسؤولة"، سأل: "كيف يقنعنا عطري بأنه يترجم حرص الرئيس بشار الأسد على الوقوف على مسافة واحدة من جميع اللبنانيين واحترام كل فرد لبناني حسبما أكد في تصريحه لـ "الراي"، في حين أنه هاجم في التصريح نفسه جزءاً كبيراً من الشعب اللبناني".
وختم: "إن حديث السيد عطري عما اعتبره "قوى كرتونية" ما هو إلا لغة خشبية نأمل أن يغادرها لما فيه مصلحة سورية ولبنان معاً".
وفي ردّه على كلام رئيس الوزراء السوري، اعتبر منسق الأمانة العامة لقوى "14 مارس" النائب السابق فارس سعيد "أن لبنان أقوى من أي بلد آخر في المنطقة"، وقال: "هذا الكلام مردود لأصحابه لأنه لا يؤسس لأي علاقات طبيعية بيننا وبين السوريين، ولا يليق برئيس حكومة سورية أن يصف مليونا ونصف المليون لبناني بأنهم "قصاقص ورق" ورجال كرتون".
وطالب سعيْد رئيس الوزراء السوري "بالتراجع الفوري عن هذا الوصف وهذا الكلام باتجاه الشعب اللبناني من أجل استقامة العلاقات بين البلدين "، كما طلب "أن يتم ايضاح الموضوع مع السفير السوري في بيروت، وبين القيادة اللبنانية والقيادة السورية".
وشدد "على (الرغبة في) قيام علاقات طبيعية مع سورية، في حين أنها تصر على العكس، تارة من خلال إصدار مذكرات توقيف بحق شخصيات لبنانية، وطورا بوصف مليون ونصف لبناني بأنهم "رجال كرتون"، رافضا الموضوع رفضا باتاً. واذ أوضح "أن المشكلة ليست في مذكرات التوقيف بل في استمرارا التعاطي السوري مع لبنان وكأن هناك جيوشا سورية موجودة في بلدنا وقادرة على أن تحكمه وأن تستخدم أدبيات ولغة أو صفات كانت تنتمي إلى مرحلة انتهت"، أشار إلى "أن سورية حتى هذه اللحظة لم تهضم ولم تبتلع ما حصل في 14 مارس 2005، إذ تعتبر أن هناك امكانا للعودة السياسية أو العسكرية إلى لبنان أو إلى التحكم به عن بعد بينما المطلوب من عطري ومن كل الفريق السوري الرسمي قراءة جيدة بعد زيارة الرئيس الايراني محمود أحمدي نجاد للبنان"، موضحا "أن أحمدي نجاد أتى ليقول لسورية ولكل النظام العربي: "أنتم تأتون بالمرتبة الخلفية بعد تثبيت نفوذي أنا في لبنان".
ولفت إلى "أن أحمدي نجاد ضم لفظياً لبنان إلى محور الممانعة في المنطقة وهو يعتبر نفسه قائد هذه الممانعة وهذه الجبهة التي تضم لبنان وسورية، وهو من يمتلك السلاح في لبنان ويخاطب الخارج من الأرض اللبنانية، وبالتالي يصبح النفوذ السوري في لبنان كرتونيا أمام النفوذ الايراني"، وأضاف: "عندما تصف سورية 14 مارس ونصف الشعب اللبناني بأنه كرتوني عليها أن تدرك أن نفوذها بعد زيارة أحمدي نجاد أصحب كرتونيا وعليها أن تعيد القراءة الحقيقية، هي وكل النظام العربي بما يجب أن تقوم به الدول العربية من أجل تحديث الموقف ومواجهة هذه الهيمنة الفارسية التي تضع يدها على العالم العربي والعالم الاسلامي بدل التلهي بأوصاف أصبحت تنتمي إلى مرحلة انتهت".
ورأى "أن سورية لم تدرك حتى هذه اللحظة أن نفوذها أصبح بعد زيارة الرئيس الايراني كرتونيا وأن مليوناً ونصف المليون لبناني ليسوا قصاقص ورق ولا رجال كرتون بل هؤلاء رجال فولاذيون وحّدوا لبنان مسلمين ومسيحيين وقادوا أكبر وأهم انتفاضة في تاريخ المنطقة العصرية"، مشددا على "أن هؤلاء هم رجال وطنيون وليسوا رجال كرتون".
وذكّر بأنه "بعد انتخابات 2009 بادرت قوى "14 مارس" إلى تشجيع رئيس الحكومة سعد الحريري لفتح صفحة جديدة مع سورية على قاعدة العلاقات بين الدولة اللبنانية والدولة السورية"، معتبرا "أن المرحلة السابقة لهذه الصفحة كانت مرحلة سوء تفاهم حقيقي بدأ منذ لحظة الاستقلال في الـ43 مع السوريين وتفاقم أكثر وأكثر مع استشهاد رئيس الحكومة السابق رفيق الحريري في 14 فبراير 2005"، ومؤكداً "أن الجميع يعترفون بأن هذه العلاقات بين 14 فبراير2005 وما بعد انتخابات 2009 كانت تمر بمرحلة مشدودة من المواجهة الصريحة بين "14 مارس" وبين السوريين"، وأضاف: "لولا تشجيعنا نحن الفريق المسيحي للرئيس الحريري لفتح صفحة جديدة مع دمشق لما كان استطاع أن يتجاوز الحواجز النفسية التي كانت قائمة في مواجهة السوريين، ولما كان استطاع أن يبادر باتجاه زيارة دمشق".
وختم سعيْد أنه "رغم كل هذه الخطوات المدروسة، المحسوبة والواقعية من فريق "14 مارس" بكامل أعضائه، استمرت سورية بالتعامل مع لبنان وكأنه بلد مصطنع اخترعه الانتداب أو الاستعمار في لحظة من الزمن، وهي اليوم من خلال كلام عطري تواصل تعاطيها معه وكأنه بلد كرتوني أي أنه عابر وليس ثابتا".
واعتبر رئيس "حركة التغيير" ايلي محفوض "ان رئيس الوزراء السوري تطاول على اللبنانيين وسمح لنفسه بمخاطبتهم في الاسلوب والشكل اللذين اعتاد النظام السوري ان يخاطب بهما شعبه"، مؤكدا انه "كان الاجدى به مراجعة حساباته قليلا ولجم لسانه عن التلفظ بعبارات مهينة في حق الشعب اللبناني".
وادرج محفوض كلام العطري "في سياق متماد من سلسلة طويلة اعتمدها السوريون واعتادوا عليها في تعاطيهم مع لبنان"، وقال: "الهياكل الكرتونية هي تلك التي تركت وطنها وشعبها وحالفت وناصرت شعوبا غريبة اجنبية، تماما كما هم رجال سورية في لبنان، وأعتبر ان اهانتك لـ 14 مارس هي اهانة لشعب لبناني وليس لحزب او تيار سياسي".

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف