إشكاليات الجوار العربي
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
محمد خلفان الصوافي
مناقشات "منتدى الاتحاد" الخامس، أكدت أنه كلما تطرق الحديث إلى دول الجوار وعلاقاتها مع العرب تكون العلاقات مع إيران هي الأكثر إشكالاً، وبالتالي يكون من الطبيعي أن تختلف الآراء تجاهها. كثير من العراقيل أمام تفعيل العلاقات الإيرانية العربية تكون إيران سبباً فيها، رغم أنها الجار الأهم لجملة أسباب؛ أنها في بحثها عن عمقها الاستراتيجي، تفضل الأسلوب غير المباشر في التعامل مع العرب وتركز على البعد الطائفي، وتحاول فتح ثغرات لها في الداخل العربي كما يحدث في لبنان واليمن والعراق، أو التحالف مع حركات دينية توافقها أيديولوجياً مثل "حماس" الفلسطينية. هذا غير المزاعم التاريخية، واحتلالها للأراضي العربية بالقوة. وهذا عكس دولة مثل تركيا أو إسرائيل، وإن كانت الأخيرة ليست جاراً بقدر ما هي عدو يحتل أراضي عربية.
طبيعة العلاقات العربية-الإيرانية هي أحد المحددات الأساسية في استقرار المنطقة، وإن آفاق تطويرها متعلقة بوجود رغبة حقيقية لدى إيران، إذ نجدها ترفض التحاور مع العرب، لأسباب متعلقة بالشخصية الإيرانية في نظرتها للشخصية العربية. وهي بوضعها الحالي بحاجة إلى التقارب مع العرب، ولإجراء حوارات معهم مثلما تفعل مع الشرق والغرب ومع كافة المذاهب السياسية، لكنها لا تفعل ذلك مع جوارها القريب. العوائق لا يمكن إزالتها من دون الحوار الذي سيؤدي إلى "تفاهم سياسي" بين الجيرة، إذا ما كان حواراً إيجابياً ومتكافئاً. القصد أنه، عندما يأتي الحديث عن الجوار العربي تكون إيران هي الشغل الشاغل. ويختلف الأمر عندما يتحول الحديث إلى تركيا، فرغم الانبهار بما حققته الأخيرة، فإن البعض يرى فيها مصدر قلق مستقبلي لا يقل عن إيران؛ فهي لاقت إعجاباً نتيجة لقدرتها على تحقيق معدلات تنموية كبيرة. وقد أثار الإعجاب أسلوبها الناجح في الوصول إلى مركز القوى "الصاعدة إقليمياً"، وكونها حققت ما عجزت عنه الدول الكبرى، واستطاعت أن تلعب دوراً في تهدئة ملفات ساخنة سياسياً. أما فيما يخص مواقف أردوجان الداعمة للقضايا العربية، فهي لا تتعدى كونها "لعبة سياسية" هدفها تقديم "قربان إقليمي" لدخول المنطقة.
أما إفريقيا فكان نصيبها من المناقشات أقرب إلى الدعاية، ليتم الالتفات إليها بعد أن تجاهلها العرب، رغم التنافس الدولي عليها.
وقد أشارت مداخلات "منتدى الاتحاد"، إلى أن التغيرات الاستراتيجية في منطقة الشرق الأوسط خلقت للدول العربية دوراً جديداً إذ أصبحت أراضيها ساحة لتنافس دول الجوار، خاصة إيران وتركيا وإسرائيل، ولكل منها أسلوبه وغايته، وإلى أن الاهتمام بقضايا العرب هو مجرد وسيلة لتعظيم حجم المكاسب السياسية والاقتصادية، وبخاصة تركيا التي نشطت سياحياً بعد موقفها من "حصار غزة". الدول العربية لم تكن سوى أدوات يستخدمها الكل، وكل حسب حاجته، إسرائيل تحتاجها لتبريد المنطقة ضد إيران، وتركيا للنفوذ إلى المنطقة، وإيران تستخدمها في صراعها مع إسرائيل.
النقطة الأخرى التي كانت واضحة هي أن نقاشات المثقفين لم تختلف عن نقاشات الساسة العرب؛ حيث اختلفوا فيمن هو جدير بأن نتبعه: إيران أم تركيا؟ وكأننا قبلنا دورنا الجديد، فلم يكن واضحاً أن هناك اتفاقاً عربياً على تفعيل دور العرب إقليمياً كغيرهم.