جريدة الجرائد

السياسة الأمريكية عندما تفقد رشدها

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

ميرزا أمان

بعد مجيء باراك حسين أوباما إلى البيت الأبيض علق الكثيرون من محبي الولايات المتحدة وشعبها الآمال على استلامه للبيت الأبيض. فلقد عانت السياسة الأمريكية ولثماني سنوات متتالية من إخفاقات كبيرة كان لها الأثر السيئ البالغ على سمعة وهيبة ومكانة الولايات المتحدة، حتى أصبحت السياسة الأمريكية التي كانت محل الاحترام والتقدير نادرة من النوادر وأضحوكة يلطف الناس بها مجالسهم. فلقد اتخذ أعداء الولايات المتحدة من إخفاقات السياسة الأمريكية ذريعة لتبرير عدائهم واتخذها منافسو الولايات المتحدة سببا يدعم أفضليتهم عند المفاضلة مع الولايات المتحدة. وبذلك ضاعت منها الهيبة والتقدير والاحترام.
لذلك لما انتهت فترتا بوش الابن علق الأمريكان ومحبو الولايات المتحدة عموما الآمال على القادم الجديد وخاصة أنه جاء من الفئة التي عانت كثيرا من الاضطهاد وعرفت معنى الحرمان والإقصاء والتهميش وعاشت تبعياته. ولقد وفر القادم الجديد أرضية خصبة لمثل تلك الآمال من خلال تصريحاته وخطاباته التي انتقدت الكثير من القرارات والإجراءات التي اتخذتها الإدارة السابقة وخاصة فيما يتعلق بحقوق الإنسان والحروب التي تخوضها الولايات المتحدة والسياسة الاقتصادية والخوف من الثقافات والعقائد الأخرى وهو ما عُرِف بالفوبيا.
لكن ما إن أكمل القادم الجديد العام الأول من رئاسته حتى بدت صورة وضع السياسة الأمريكية على غير ما أمّل الأمريكان ومحبوهم، وذلك بفضل تولي مطبخها السياسي في الخارجية الأمريكية مجموعة من الحرس القديم ترأسها شخصية لا تجد حرجا في تغييب المبادئ والقيم الأمريكية إن هي تعارضت مع أجندتها ومصلحتها الشخصية، وما حادثة نيويورك عندما كانت تتسابق للمقعد التشريعي عن الولاية ببعيد.
في السابق كانت أهم المآخذ التي تؤخذ على السياسة الأمريكية هي الكيل بمكيالين والخضوع إلى برنامج اليمين المتطرف او ما عُرف بـ "النيوكونسيرفاتيف." ولكن في عهد الرئيس أوباما اتخذ وضع السياسة الأمريكية منحى فاق مرحلة الكيل بمكيالين بكثير لدرجة أصبحت الناس تترحم على تلك المرحلة بالرغم من ما هي عليه من ظلم وإجحاف.
لقد تحول الكيل بمكيالين إلى نفاق سياسي ترفضه كل أذن سوية ويسخر منه حتى أول سنه سياسة. الخارجية تُساند وتدعم تحويل الدولة الصهيوينة إلى دولة يهودية بالرغم من ما عانته المجتمعات البشرية، بما فيها المجتمع الأمريكي، من المتجارين باليهودية الذين لفظتهم المجتمعات الغربية واحتضنتهم الدولة الصهيونية. أؤلئك الذين وقف ضدهم مؤسسو الولايات المتحدة وطالب المشرعون الأمريكيون الأوائل بطردهم من المجتمع الأمريكي لشرورهم وآثامهم وعظم جرائمهم يساند الأمريكيون الجدد طلبهم بأن تأخذ عملية اختطافهم للدين اليهودي السمح طابع الشرعية الدولية. تشاهد ما يقوم به المتاجرين باليهودية داخل فلسطين المحتلة من إرهاب وجرائم يندى لها الجبين ومع ذلك تساند تحويل الكيان الصهيوني الى دولة يهودية، لتشد من أزر الإرهابيين الصهاينة وتقوي شوكتهم.
في المقابل تحارب السياسة الأمريكية ما أطلقت عليه بالمد الإسلامي وتقف ضد حصول أي حزب إسلامي على أغلبية في دوائر صنع القرار! وهنا وقبل كل شيء نؤكد رفضنا إلى وصول المتاجرين بالإسلام إلى سدة الحكم في الدول العربية، تماما كما نرفض وصول أي فريق متشدد وإرهابي الى سدة الحكم في أي بلد. وكلامنا هنا لا يعني تغييرا لموقفنا الثابت تجاه هذا الأمر. لكن، مع ما عليه المتطرفون المتاجرون بالإسلام من سوء وما يحدثونه من تدمير وإزهاق للأرواح البشرية إلا أنهم ليسوا أقل تدميرا من المتطرفين المتاجرين باليهودية. فكيف يستقيم هذا الأمر؟ نعم وكل الدعم لفئة من المتطرفين والإرهابيين ولا الموت لفئة أخرى من المتطرفين والإرهابيين!
يصل الرئيس الإيراني أحمدي نجاد الى بيروت بدعوة من الرئاسة اللبنانية ويخرج أقطاب الحكم في لبنان لاستقباله، بما في ذلك من لا يعتقد بجدوى الزيارة وحتى ذلك الذي بقي يعارضها الى آخر لحظة، ويرحبون به وتقام لأجله الولائم، وفي المقابل تطلق الخارجية الأمريكية تصريحاتها معتبرة أن تلك الزيارة انتهاكا لسيادة لبنان! الزيارة التي رحب بها لبنان تعتبر خرقا لسيادته والتدخل في القرار اللبناني لا يعتبر خرقا لسيادة لبنان!
أبعد هذا يحق للساسة الأمريكان أن يسألوا: لماذا يكرهوننا؟

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف