جريدة الجرائد

استراتيجية‮ ‬ الشراكة في‮ ‬ويكليكس

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك



مهنا الحبيل

ما ذكرناه بالأمس من أن اكتشاف حقائق سلسلة جرائم الحرب للاحتلال المزدوج للعراق لها ثوابت معلومة تاريخية من قبل لا‮ ‬يجب أن تقلل ولا تخفف من حجم ما أعلن عنه وثائقياً‮ ‬بعد ما كان مشهوداً‮ ‬سياسياً،‮ ‬وهذا الزخم الكبير وارتداداته المفترضة التي‮ ‬ستتخذ سياقاً‮ ‬تاريخياً‮ ‬تدريجياً‮ ‬هو ما‮ ‬يدفع طرفي‮ ‬الاحتلال في‮ ‬واشنطن وطهران للتشكيك في‮ ‬ملفات ويكليكس والتحليلات التي‮ ‬قامت بها شبكة الجزيرة لجزء من عناوين هذه القضية،‮ ‬وليس بالطبع كلها فهي‮ ‬لاتزال حبلى بإبعاد خطيرة لمسؤولية جيش الاحتلال الأمريكي‮ ‬عنها وشركائه‮.‬

وإثارة قضية التوقيت لا تغير من هذه الحقائق حتى لو ثبت أن طرفاً‮ ‬أمريكياً‮ ‬ساهم في‮ ‬هذه التسريبات،‮ ‬مع أن هذا لم‮ ‬يثبت بعد،‮ ‬لذلك فإن التلاعب بهذه القضية تهدف بها طهران وواشنطن لامتصاص لحظة الصدمة الأولى ومضامينها الفكرية العميقة للرأي‮ ‬العام العربي‮ ‬والعالمي،‮ ‬ومن ثم تضخيم قضية التوقيت لإشغال الرأي‮ ‬العام عن ربط الحقائق اليقيني‮ ‬في‮ ‬قضية الشراكة ومستوى الجريمة الأكبر في‮ ‬التاريخ المعاصر،‮ ‬ودوافع إيران من التشكيك معروفة فهي‮ ‬مضطرة ولو وصل ذلك إلى الكذب الصريح لأن سقوط آخر دفاع عن هذه الشراكة‮ ‬يعني‮ ‬كثيراً‮ ‬لحرب الدعاية الضخمة التي‮ ‬قدمتها طهران،‮ ‬والأهم من ذلك حراكها المستمر في‮ ‬الداخل العربي‮ ‬عبر البعد الطائفي‮ ‬وتجسيره استراتجياً‮ ‬لهدم أي‮ ‬حالة للوحدة الوطنية كما هو في‮ ‬أفغانستان والخليج العربي‮ ‬ولبنان،‮ ‬وبالذات عبر تفجير النسيج الاجتماعي‮ ‬وهي‮ ‬العملية الأخطر والأكثر فتكاً‮ ‬في‮ ‬الدول المستهدفة‮. ‬أما الموقف الأمريكي‮ ‬فقد توزع على برنامجين؛ الأول استهداف الموقع وملاكه في‮ ‬هجوم منظم معنوي‮ ‬ومادي،‮ ‬وهذا الهجوم في‮ ‬الأصل‮ ‬يسعى لمواجهة البعد الخطير للتراكم القانوني‮ ‬والإعلامي‮ ‬لهذه الوثائق والإدانة اليقينية تاريخياً‮ ‬للاحتلال الأمريكي،‮ ‬أما البرنامج الثاني‮ ‬فهو‮ ‬يصدر من ذات المرجعية الأمريكية سواء من مصادر البنتاغون أو وفقاً‮ ‬للبرنامج المرصود سابقاً‮ ‬في‮ ‬توجيه الرأي‮ ‬العام لدى المخابرات الأمريكية،‮ ‬وهي‮ ‬إثارة التشكيك في‮ ‬الوثائق رغم مصدرها الأمريكي‮ ‬لإضعاف حالة التلقي‮ ‬وبلبلتها في‮ ‬الرأي‮ ‬العام‮.‬

مفصل مخابراتي‮ ‬مهم

يبقى هناك بعد مهم لقضية التسريب متوقع أن تسعى قوى استراتيجية في‮ ‬واشنطن له؛ وهي‮ ‬قضية لها خطورتها الكبيرة على مستقبل الخارطة العربية في‮ ‬إعادة تقويم واشنطن لسيناريو المنطقة وتهيئة الحالة الوطنية الأمريكية له،‮ ‬وتتلخص في‮ ‬تقديم هذه التسريبات وإن عبرت رغماً‮ ‬عن مرجعيات أمريكية كبرى إلا أنها وفي‮ ‬ختام المرحلة تأتي‮ ‬لكي‮ ‬يتقدم الموقف الأمريكي‮ ‬الجديد لكي‮ ‬يعلن أن هذه السياسة التي‮ ‬اعتمدها الرئيس بوش وفريقه انتهت إلى هذه الحصيلة،‮ ‬وهي‮ ‬ليست من مسؤولية العهد الجديد الذي‮ ‬يتجاوز شخص الرئيس أوباما إلى كادر أكبر لهذا العهد،‮ ‬ونتيجة لتلك المحصلة التي‮ ‬يقدمها هذا الفريق فهو‮ ‬يعرض تغول المساحة والنفوذ الإيراني‮ ‬في‮ ‬المنطقة العربية باعتبارها ناتجاً‮ ‬عن تلك المرحلة،‮ ‬وأن التعامل الواقعي‮ ‬في‮ ‬واشنطن‮ ‬يجب أن‮ ‬يعترف بهذه المساحة التي‮ ‬تتقدم فيها طهران ليس كاعتراف بمسؤولية واشنطن عنها فقط لكن للقول الصريح في‮ ‬أوساط الأمريكيين أن زحف الخيار الآخر الذي‮ ‬تمثله المقاومة الإسلامية الوطنية العراقي‮ ‬ورديفها السياسي‮ ‬الممثل بالمشروع الوطني‮ ‬العراقي‮ ‬الذي‮ ‬يقوده الشيخ الضاري‮ ‬وهيئة علماء المسلمين؛ تعني‮ ‬لخطة واشنطن الكبرى في‮ ‬استهداف قوة المشرق العربي‮ ‬وحديث وزير الأمن الإسرائيلي‮ ‬الأسبق عن بعدها الاستراتيجي‮ ‬في‮ ‬الخطة الأمنية التي‮ ‬توافقت تل أبيب عليها مع واشنطن هزيمة كبرى لهذا الحلف وقلب حقيقي‮ ‬لمستقبل النفوذ الاستعماري‮ ‬أمريكياً‮ ‬وإسرائيلياً

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف