جريدة الجرائد

أوباما وأساطير الانتخابات النصيفة للكونغرس الأميركي

قرائنا من مستخدمي تلغرام
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك

مأمون كيوان

ستجري في أوائل هذا الشهر عملية إعادة انتخاب 435 مقعداً في مجلس النواب و37 مقعداً في مجلس الشيوخ. وتعد انتخابات التجديد النصفي طقساً ديموقراطياً أميركياً خاصاً إذ إن معظم الديموقراطيات تختار مشرعيها وقياداتها التنفيذية في الوقت نفسه، وقد أدت الى ولادة مقولات سياسية عديدة حول دلالاتها ونتائجها. إلا أن عدداً من هذه المقولات المنتشرة، هي مجرد خمس أساطير إن لم تكن خرافات.
وقد دحضت الصحافة الأميركية تلك الأساطير الخمس على النحو الآتي:
1 الانتخابات النصفية تسمح بتوقّع نتائج الانتخابات الرئاسية المستقبلية: تتحدد هذه الانتخابات الى حد كبير بعوامل قصيرة الأجل، بما في ذلك شعبية الرئيس والوضع الاقتصادي. ونتيجة لذلك، فإنها نادراً ما تشير الى اتجاهات طويلة الأمد، ولا قيمة لها في توقع نتائج الانتخابات الرئاسية أو التشريعية اللاحقة. والرؤساء الذين لحقت بهم خسائر كبيرة في الانتخابات النصفية، كهاري ترومان في العام 1946 ورونالد ريغان في العام 1982 وبيل كلينتون في العام 1994، أعيد انتخابهم بسهولة بعد ذلك بعامين. لذا، حتى لو حقق الجمهوريون مكاسب كبيرة في العام 2010 كما هو متوقع على نطاق واسع، فإن الأمر لن يقول لنا شيئاً عما سيحدث في العام 2012. وعلى الرغم من الخسارة الفادحة التي لحقت بالجمهوريين قبل عامين، يبدو أنهم مرتاحون إزاء آفاق العودة بقوة في العام 2010.
2 الفوز لن يحالف أصحاب المناصب: نسمع هذه المقولة، كلما تزامنت انتخابات التجديد النصفي مع انتشار واسع لاستياء الناخبين. ولكن الواقع، أنه حتى عندما لا يبدو الناخبون سعداء، يتم انتخاب الغالبية العظمى من شاغلي المناصب في كلا الحزبين. وعلى الرغم من استطلاعات الرأي التي تظهر انخفاضاً في التأييد الشعبي هذا العام، فلم يخسر سوى عدد قليل من شاغلي المناصب مقاعدهم في الانتخابات التمهيدية. وفي حين يتوقع أن تكبّد الجولة الثانية خسائر أكبر من المقاعد، ليس من المتوقع أن يخرج أكثر من 10 في المئة من أعضاء البرلمان.
وغالباً ما ينتمي الأعضاء الذين يخسرون مقاعدهم في الانتخابات النصفية، الى حزب الرئيس، ففي العام 1994، خلال عهد بيل كلينتون الرئاسي، لم يخسر سوى أصحاب المقاعد الديموقراطية فيما خسر الجمهوريون في العام 2006 خلال ولاية جورج بوش الثانية. أما هذا العام، فمن المرجح ان يكون معظم "الضحايا" من الديموقراطيين.
3 - رسالة الرئيس تلعب دوراً بارزاً: ليس لرسالة الرئيس الأميركي من تأثير يذكر على انتخابات التجديد النصفي. واذا كان الناخبون غير راضين عن رئيسهم واقتصاد بلادهم. فسيعجز حتى اصحاب الكاريزما السياسية كالرئيس الأسبق رونالد ريغان عن منع تكبد حزبه خسائر. وينطبق الأمر نفسه على مستشاري الرئاسة، اذ بدا كارل روف عبقرياً في العام 2002 لأن تأييداً عاماً وقوياً رافق الرئيس بوش في أعقاب هجمات 11 ايلول 2001، غير ان عبقريته زالت بعد ذلك بأربع سنوات، يوم لم يعد الناخب الأميركي راضياً عن رئيسه وحربه على العراق.
وقد تتأثر بعض المقاعد الفردية برسالة الرئيس. وفي عام كهذا، يشكل الفارق بين خسارة الديموقراطيين 35 مقعداً، أو خسارتهم 40، الفارق ما بين رئاسة نانسي بيلوسي أو الجمهوري جون بوهنر للبرلمان، بالرغم من ذلك، لا يرجح ان يتمكن الرئيس باراك أوباما من تغيير الكثير خلال الأشهر القليلة المقبلة، فالصورة تكاد تكون قد اكتملت.
4 - الاقتصاد هو العامل الأهم: ليست هذه المقولة، صحيحة دائماً، انخفاض الاقتصاد يشوه عموماً صورة حزب الرئيس. ويسهم في خسارة هذا الحزب في انتخابات التجديد النصفي. لكن ضعف الاقتصاد لا يعني تلقائياً كارثة انتخابية، وخاصة اذا كان الناخبون منشغلين بمشاكل أخرى مثل الحروب أو الفضائح.
وهذا العام، قد يلعب الاقتصاد دوراً بارزاً في الانتخابات النصفية، فنتيجة الانهيار الاقتصادي، وأموال الانقاذ المالي التي أغنت المصارف والمؤسسات الكبرى، اضافة الى التعافي البطيء والبطالة المرتفعة، يبدو ان العامل الاقتصادي عاد الى الواجهة مجدداً.
ويذكر، ان اصحاب الثروات من الأميركيين يضخون مبالغ مالية طائلة في الانتخابات النيابية الحالية كما لم يسبق لهم ان فعلوا اية انتخابات سابقة، وفي حين يحظى الحزب الجمهوري بحصة الأسد، يحشد الديموقراطيون بدورهم الملايين، مجسّدين واقع أن الحزبين ليسا إلا أدوات سياسية في يد الأرستقراطية المالية.
مهّد لهذه الموجة من التبذير قرار المحكمة العليا الأميركية الصادر في كانون الثاني الماضي في قضية "يونايتد" والذي قلب تقليداً دام 80 عاماً. فقد أجاز للنقابات والجمعيات التبرّع بمبالغ غير محدودة لدعم المرشحين.
وآلت هذه التشريعات لظهور فجائي لبعض المنظمات ذات الأسماء الرنّانة والمضلّلة، كـ"صندوق مستقبل أميركا"، و"أميركيون لأجل ضمان العمل"، والمموّلة من قبل أثرياء ورجال أعمال. وتكمن مهمة هذه المنظمات بشن هجمات دعائية واسعة على منافسي مرشحيهم المفضلين. ووجد تقرير نشرته صحيفة "واشنطن بوست" أن مصروف هذه المنظمات بلغ في العام 2010 خمسة أضعاف ما كان قد صُرف في الانتخابات الفصلية في العام 2006. وكانت شركتان تابعتان للجمهوريين قد صرف كل منهما، 18 مليون دولار في الحملة الدعائية الحالية.
5 الانتخابات النصفية تمنح سلطة الإدارة: قد تشكل نتائج التصويت في جميع أنحاء البلاد رسالة موحدة تحمل حكماً شعبياً على الحزب الحاكم، من المرجح أن يكون سلبياً. لكن الحزب الفائز، يسعى غالباً الى استخدام هذه النتائج وتصويرها موافقة شعبية على أهدافه السياسية.
وإذا فاز الجمهوريون في تشرين الثاني المقبل، فلا شك أنهم سيحاجون بأن في ذلك، ما يفوضهم بمتابعة أجندتهم الخاصة، والعمل ضد أجندة الرئيس. لكن قرارات كهذه قد تعود سلباً على الحزب الفائز، هو ما حدث في العام 1994 يوم ربح الجمهوريون مقاعد الكونغرس بقيادة نيوت غينغريتش وتصرفوا كما لو لم يكن للرئيس أي أهمية، وكأنهم المسؤولون عن الحكومة ومشاريعها، ما أعطى الرئيس كلينتون فرصة لتصوير الجمهوريين على أنهم متعجرفون ومتطرفون، ما ساهم في انتخابه لولاية ثانية في العام 1996.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف