هل يخيب العراقيون ظننا؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
مشاري الذايدي
خشبة خلاص، هي دعوة الملك عبد الله بن عبد العزيز للعراقيين إلى "الحوار" والخروج من الشلل الذي أصاب العراق بسبب عجز الأطراف السياسية عن تشكيل حكومة بعد مرور ثمانية أشهر على إجراء الانتخابات النيابية.
خشبة خلاص ربما تكون الأخيرة قبل أن يغرق العراق لوقت طويل، ولا نقول نهائيا، في بحر الظلمات.
كثير من القوى السياسية العراقية رحب بالدعوة، لكن يجب على الأحزاب والتيارات السياسية العراقية التي لا تكن ودا للسعودية، أن تلبي هذه الدعوة، على الأقل من باب التجريب وطرق هذا الباب الذي لم يطرق من قبل.
لنتحدث بلغة عملية أكثر منها أخلاقية، لمن يشككون في هذه الدعوة "الحارة" من قائد المملكة العربية السعودية، لقد جربتم الحل الإيراني، ولم يصل بكم إلى نتيجة، رغم كل الحضور الإيراني "الغزير" في العراق، والاختراق العميق لجسد السلطة والمجتمع المحلي، خصوصا في الأوساط الشيعية، ورغم نشاطات الحرس الثوري عبر فصيله الشهير "فيلق القدس" كما فضحت وثائق "ويكيليكس"، ومع ذلك فها هي ثمانية أشهر لم تترجم كل هذه الاستثمارات الإيرانية السياسية والأمنية إلى أن يشكل نوري المالكي، حليف إيران، حكومة ترضى عنها كل الأطراف العراقية، حتى الشيعية منها، مثل المجلس الإسلامي بقيادة الحكيم.
أميركا التي أسقطت نظام البعث الصدامي وجلبت جيوشها وجنودها، وهي عمليا الوصية الدولية على العراق، أيضا لم تفلح بسوق الأحزاب العراقية في الاتفاق على حكومة، رغم كل "المرونة" التي أبدتها تجاه إيران والتقاء المصالح "المؤقت" مع إيران حول شخص نوري المالكي.
بقي أن يجرب العراقيون أخيرا طاولة الزعيم الكردي مسعود بارزاني المستديرة في أربيل، وهي الطاولة التي لم يتبين بعد نوع الطعام الموضوع عليها، وهل يناسب أذواق كل المدعوين إلى وليمة أربيل.
إذن، ومن باب عملي بحت، لم يكن من المنطقي والعقلاني أن يبادر حزب المالكي إلى التشكيك في المبادرة السعودية، ورفضها حتى قبل أن يتبين فيها وجه النهار! حتى ولو كان المالكي ومن معه من حزب الدعوة أو بعض الأصوات الصدرية يضمرون الرفض للمبادرة السعودية - إما بأمر من إيران أو بسبب تراكمات الكراهية - فقد كان من الحصافة أن يجعلوا المبادرة تمتحن على الأرض، وتجرب فعاليتها، ثم إذا أخفقت ولم تصل بالعراقيين إلى حل، يكون عبء الإخفاق على المبادرة لا أن يكونوا هم سبب إفشالها قبل أن تبحر سفينة الدعوة السعودية في مياه المفاوضات العراقية.. إنه تصرف أقرب للنزق.
للسعودية - كبلد - رصيد معنوي ضخم لم يستنزف في العراق، فما انتقده بعض الساسة العراقيون من تأخر السعوديين عن التدخل في العراق - وربما هو انتقاد محق - لعله يكون ورقة قوة خفية وغير مقصودة، لكن الخير يأتي أحيانا فيما لا نخططه.
رصيد الدولة السعودية نقي ونظيف في العراق، هي لم تتدخل في الأحزاب والسياسة، ولم تصنع مثل إيران التي زجت بفرق الحرس الثوري إلى الأرض العراقية، ولم تدر هذا الحزب أو القيادي السياسي أو ذاك، كما أشارت بجلاء وثائق "ويكيليكس"، وكما يعرف حجم هذا التدخل الفج واليومي والشامل كل العراقيين.
تساهم السعودية، أخيرا، في الشأن العراقي، وهي تملك ورقة بيضاء لم تلوث بإرث السنوات الماضية بعد سقوط نظام صدام حسين.
سيقول البعض: وماذا عن الانتحاريين والإرهابيين السعوديين الذين انضموا إلى تنظيم القاعدة بقيادة الزرقاوي في العراق؟
هذا سؤال مستحق، ولكن الجواب عنه سهل ويسير، فالسعودية "الدولة" عانت الأمرين من هؤلاء الشبان ومن هذه المنظمة. فكما كان الزرقاوي يستهدف السلطة الناشئة في العراق ويفجر في بغداد ويقتل جنود الجيش العراقي وقوى الأمن، فهو كذلك كان يكفر الدولة السعودية بذات الحماس، وقد سمى بعض فصائله وسراياه العاملة في العراق باسم "عبد العزيز المقرن" أحد قادة "القاعدة" في السعودية، الذي نفذ عمليات إرهابية وحشية في الرياض وقتل فيها على يد الأمن السعودي.
لست أظن أن أحدا في العالم، خصوصا الأجهزة الأمنية، ينكر فاعلية الدور السعودي الأمني في إنهاك تنظيم القاعدة وملاحقته، وآخر ذلك اعتراف أميركا وقبلها فرنسا بمحورية الدور السعودي في إحباط مخطط "القاعدة" الخطير لاستهداف الأراضي الأميركية وبعض الدول الأوروبية عبر عملية "الطرود المفخخة".
حجة باهتة إذن أن تدان الدولة السعودية بما هي تحاربه أصلا!
بقي أن يقال: وماذا عن طاولة الحوار المستديرة التي يعقدها الآن العراقيون في أربيل بدعوة الزعيم الكردي مسعود بارزاني؟
ولست أظن أن في ذلك ما يزعج السعودية، على العكس من ذلك، فقد قال وزير الخارجية السعودي الأمير سعود الفيصل في مؤتمره الصحافي الذي شرح فيه نداء الملك عبد الله للعراقيين، إن "السعودية تثمن مبادرة رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني لإدارة حوار بين الفرقاء السياسيين في العراق".
ميزة الدعوة السعودية أنها ليست مثقلة بالشروط والطلبات والطموحات و"المشاريع" الخاصة. عكس إيران ذات الأحلام التاريخية والحالية في العراق.
هل يعني ما سبق أن السعودية تمارس دور "الأم تيريزا" فقط في العراق؟
من الخفة أن نقول بذلك، ففي النهاية الدعوة هي عمل سياسي بامتياز، ولكنه عمل سياسي واضح المغزى.. ببساطة: ماذا تريد السعودية من العراق؟
والجواب أنها تريده عراقا آمنا مستقرا موحدا، لا تريده عراقا فوضويا مرتعا لـ"القاعدة" والحروب الأهلية بين الشيعة والسنة والأكراد، ليس فقط بسبب قبح الفوضى والحروب الأهلية، وهي قبيحة فعلا، بل لأن السعودية أيضا تملك حدودا هائلة مع العراق، العراق واليمن هما أكبر جارين للسعودية من حيث طول الحدود، فكيف تحتمل السعودية بلدا فوضويا يعج بالحروب الأهلية والطائفية على حدودها؟!
هذا هو المغزى العملي من الدعوة السعودية، الذي هو في الوقت نفسه مطلب أخلاقي أيضا، حيث لا يوجد إنسان سوي أو دولة مستقرة محبذة للسلام إلا وتسعى إلى إشاعة هذا المناخ الاستقراري في الإقليم كله، فكيف بالجار اللصيق؟!
المبادرة السعودية ليست منطلقة فقط من السعودية، هناك الجامعة العربية، السعودية هي الحاضن والمقر و"الخيمة" التي تقي العراقيين المتحاورين حر الأطماع ورياح الفتن، برعاية الجامعة العربية. وعليه، فهي مبادرة عربية بحضن سعودي. وكما قال وزير الخارجية السعودي في مؤتمره: "المبادرة تحترم إرادة الشعب العراقي، والمملكة ليس لديها أي تحفظ على تولي أي شخصية رئاسة الحكومة العراقية، كما أن المبادرة تستند إلى قرارات القمة العربية".
أخيرا، كل محب للعراق المستقر والآمن يتمنى أن ينجح العراقيون أنفسهم في الوصول إلى طريق السلامة من خلال مؤتمر أربيل، فليست القصة لدى السعودية سباق مبادرات أو حرصا فارغا على الحصول على إشادة هنا أو هناك، بقدر الحرص على "جوهر" الموضوع، وجوهر الموضوع هو السلام والأمن في العراق.
لكن إن لم ينجح مؤتمر أربيل ولم ترض مائدته المستديرة أذواق أرباب السياسة، فهناك مؤتمر الرياض، وهو ليس بعيد المنال. وإن أصر بعض الساسة العراقيون، من الآن، على محاربة المؤتمر، فقط لأنه تم دون إذن إيران، فعندها تكون السعودية ألقت عن كاهلها وزر ترك العراق دون مساعدة، ولا ملامة حينها على السعودية ولا على الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي أشعل شمعة في الظلام بدل أن يكتفي بذم هذا الظلام.
هل يخيب القادة العراقيون ظننا السيئ هذه المرة، ويتفقون على كلمة سواء؟!
التعليقات
دعوة متأخرة جدا
ريبين رسول -استاذي العزيز مشاري الذايدي، انا اقرأ بأستمرار اغلب ما تنشره في الصحف العربية وفي بعض المواقع، للأسف ان الدعوة جاءت متأخرة، وما قدمته هنا من قرأءة لظروف الدعوة اراها غير متزنة اطلاقا. اولا ان السعودية كانت ولاتزال لاعبا اساسيا في الحراك السياسي في العراق وكان حاضرا على الدوام من خلال بعض الوجوه لتنفيذ سياساته على الارض العراقية ومعاداة ارادة غالبية الشعب العراقي وهم المكون الشيعي. لم ولن تكون ابدا من مصلحة السعودية معاداة المالكي او اي من القيادات الشيعية العراقية بحجة نيل الدعم من ايران. اذن على السعودية ان لاتحاول حل نزاعها مع ايران وسوريا على حساب العراق كما هو الان على حساب لبنان. رفض الدعوة جاء من منطلق ان السعودية لم تكن محايدة في يوم من الايام وليست محايدة لحدالان، اذن كيف لدولة هي طرف في ادامة النزاع ان يحاول ايجاد حلول لهذا النزاع/ الا يحق للقيادات الشيعية ان تشك في نوايا السعودية التي لم تكن مخفية يوما عن العراقيين. المهم اذا كانت السعودية جاهزة لتغير موقفها من الشيعة، فربما ان الاوان لبدء فصل جديد من فصول هذا النزاع الطائفي بين ايران والسعودية، ولكن ليس على حساب العراق او لبنان.
...
لور -;رصيد الدولة السعودية نقي ونظيف في العراق;!!!! من اين جئت بهذا، وماذا عن البهائم الانتحارية القادمة بفتاوى شيوخكم... ماذا عن المليارات التي نزلت في حساب القائمة العراقية وماذا عن الدعم المجاني اللامحدود ـباعتراف علاوي ـ من اعلامكم وفضائياتكم. فيما عدا الانفار المستفيدة من اموالكم فمعظم العراقيين لا يجدون فرقا بين خبث الدور الايراني والدور العربي... انتم طرف منحاز وغير محايد وبالتأكيد لن يعجبكم جوار غني وديمقراطي حر، بل تريدون استقرارا يحققه نظام قمعي تقليدي مثل انظمتكم، فما الذي يؤهلكم للعب دور الوسيط؟؟
هل تريدوها حربا؟؟؟
عراقي مهجر -يغرق العراق ببحر من الظلمات او يقبل بصدقة الملك عبدالله !!!!,مساومه من كاتب اراد ان يبجل ملكه!! ,ندرك نوايا الملك من هذه المبادره وفي هذا الوقت بالذات,ورفضناها!!! فلماذا هذا الاصرار منكم على تجريدنا من حقنا بالرفض, اليست هي دعوه؟؟ ام انها اعلان حرب!!! نراكم تريدوها حربا لماذا؟؟؟
موقف ضعيف
إدريس الشافي -للأسف إذا كان الموقف السعودي في الدعوة إلى الحوار على شكل مضمون مقال مشاري الذايذي، فإن الدعوة للأسف صارت أشبه بالاستجداء للقبول بالحضور، خصوصا لحزب الدعوة والتحالف الكردي. المقال يتسول منهم الحضور. إذا جرى اجتماع للأطراف العراقية بموقف سعودي ضعيف على غرار ما تضمنه هذا المقال، فإن الاجتماع سيكون محكوما عليه بالفشل الذريع، أو بالقبول التام والشامل لشروط حزب الدعوة في تأليف الحكومة، هذه الشروط التي ليست سوى شروطا إيرانية.. يوما بعد يوم يتأكد بأن العراق تحول إلى ولاية إيرانية. الله يخلف على العرب.
بعد فوات الاوان
ابن الرافدين -لو فرضنا ان الجميع لبى هذة الدعوة وجاء الجميع هل يقبل صاحب الدعوة ان المالكي يكون رئيس الوزراء حيث موقف السعودية كان سلبيا تجاة المالكي اللعب في الوقت الضائع انتم من ضيع العراق وانتم سوف تفقدون لبنان كل هذا بسياسة لعبت على الوتر الطائفي الحل في العراق انشاء اللة .
No culture of democr
Rizgar -The irony here is that a country which has never seen an election, does not allow for a Shia presence, and does not have, or recognize, any ethnic minorities is trying to fix the problems of a new democracy with a Shia majority and a sizeable Kurdish........
قليلا من العقلانية
عراقي وبس -الكاتب لم يترك صفة من صفات الملائكة لم يصبغ بها هذه المبادرة . اخي الكريم انت تتكلم عن تجربة 7 سنين كانت لدولتك المباركة يد في دماء العراقيين ابتداء بفتاوي شيوخكم كبيرهم وصغيرهم وهي موثقة وبالدعم المالي المفتوح وبسخاء منقطع النظير لدعم الارهابيين وبسيل الانتحاريين وبتنسيق على اعلى مستوى بين الدول الاقليمية غير ايران والتي هي حكاية قذرة اخرى. فاي حيادية تتكلم عنها واية براءة تدعيها ثم كما قال احد الاخوة المعلقين اليست كلماتك في بداية مقالتك هي نوع من الابتزاز اما ان تقبلوا الدعوة او نبشركم بأهوال وحروب اليست هذه نفس تصريحات القائمة العراقية اما ان نكون في منصب رئيس الوزراء او نبشركم بحرب طائفية . اخي الكريم انتم لا حيادية لكم بل لاتوجد سياسة تنتهجونها بل كا ماهنالك هي الطائفية التي تحرك سياستكم وليست مصالحكم. تحياتي