هل بقي من جدوى للحوار حول سلاح "حزب الله" ؟
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
علي حماده
كان اعطاء طاولة الحوار عنوان "الحوار حول الاستراتيجية الدفاعية" نوعاً من التجميل الذي أريد منه عدم استفزاز "حزب الله" المعني الاساسي بالحوار، باعتبار انه ينفرد في لبنان بامتلاك سلاح هو موضع خلاف وطني عميق يصل الى حدود الانقسام السياسي العنيف وقد بلغ حد السيف، كما يقال، في 7 أيار 2008 و11 منه، تاريخ غزوات "حزب الله" لبيروت والجبل. ومع ان الكثيرين لم يروا في طاولة الحوار اكثر من مناسبة لسحب فتائل التوتر من الشارع ووضعها على طاولة تجلس اليها قيادات سياسية، فإن احدا من الطرفين الكبيرين حول الطاولة ما ساورته أوهام حول الحوار لكون الطرف المسلح يضع سلاحه في مرتبة المقدس، ويصنف الاعتراض اللبناني الاستقلالي اعتراضا اميركيا واسرائيليا ضد ما يسمى "المقاومة". من هنا كان مآل الحوار في ظل المعادلة التي سادت حتى اليوم مجرد نزهة فكرية اكاديمية يؤدي فيها الاطراف دورا مسرحيا لا أكثر ولا أقل!
في مطلق الاحوال وصلنا اليوم الى ساعة الحقيقة في العديد من القضايا، وذمة "حزب الله" مثقلة بالملفات وبالمساحات الرمادية التي توشك على التحول مساحات سوداء، لجهة انتقال ملف السلاح الذي يتحصن خلفه في سبيل فرض اجندته على اللبنانيين بالاكراه الى دائرة الضوء مرة جديدة. ولكن هذه المرة تبدو الامور مختلفة الى حد بعيد. فالسلاح الذي استخدم في الشارع في غزوات بيروت والجبل ومناطق اخرى، واستخدم بالتهديد في العملية السياسية الداخلية بلغ حدود استخدامه القصوى. فاللعب بالسلاح في الداخل مكلف أياً تكن موازين القوى على الارض. ولبنان ليس نزهة كما يتراءى لبعض صبية الكومبيوتر والغرف المغلقة السوداء عندما يرسمون "محاكاة" لغزوة مقبلة تأتي رداً على القرارالاتهامي. والتمييز بين قادة استقلاليين والجمهور العريض الواقف خلفهم في لبنان والخارج ليس مسألة بسيطة. كما أن وضع لبنان العربي والدولي إن وقع في يد انقلابيين مقامرين يكون أقرب الى وضع الدول المارقة. والأهم لا بل الأخطر في ذلك، أن العبء هذه المرة سيقع على البيئة الحاضنة للمقامرين. بمعنى آخر، وبكل وضوح، يواجه الطرف الانقلابي احتمالات أحلاها مر، تبدأ بالدخول من الباب العريض في لوائح الارهاب الدولية انطلاقاً من أوروبا. وللتذكير، كان رفيق الحريري نجح في تجنيب "حزب الله" دخول "جنة" لائحة التنظيمات الارهابية الاوروبية". والامر ينعكس مباشرة على البيئة الحاضنة بالرضى أم بالإكراه في دول أوروبا الغربية والشرقية السابقة، فضلا عن أن اخطار جمة ستتجمع في سماء الاغتراب في القارة السوداء!
من يدخل "جنة" لوائح الارهاب الدولية لا تكفيه صداقة دول مثل ايران وفنزويلا وسوريا، فهو يحتاج على سبيل المثال لا الحصر في اميركا اللاتينية الى تحييد حكومات مثلث البرازيل والباراغواي والاوروغواي ومعها الارجنتين وربما كولومبيا، لأن حركة المال السائل والتمويل المستتر تكون عرضة لملاحقات ومضايقات من كل الانواع.
هذا بالنسبة الى ما يثار عن المقامرة بقتل اللبنانيين في الداخل مرة ثانية. أما بالنسبة الى السلاح نفسه والحوار حوله، فثمة غالبية لبنانية ترى أن لا مقاومة في لبنان بل تنظيم مسلح يمثل جزءاً لا يتجزأ من الآلة العسكرية الأمنية للجمهورية الإسلامية في إيران. ومن هنا فإن الحوار يجب أن يكون حول طرق تسليم السلاح وحل البنية التنظيمية العسكرية والأمنية غير الشرعية، لا في وسائل إدامة السلاح تحت عناوين أخرى. دون ذلك الهدف يكون حواراً قائماً على التكاذب وعلى مسرحة الاشياء. وكلا التكاذب والمسرحة لا ينقذ لبنان من الكارثة الآتية.