صحافة أجنبية : أميركا ليست زعيمة حقوق الإنسان
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال تطبيق تلغرام
إضغط هنا للإشتراك
الأمم المتحدة واجهتها بحزمة من الإخفاقات
غوستافو كابديفيلا
خرجت واشنطن محملة بإخفاقات معنوية وأخلاقية ثقيلة في مجال احترام حقوق الإنسان من أول امتحان تخضع له في مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان. فقد أكد مدير الشبكة الأميركية لحقوق الإنسان أجامو بركة أنه إذا كان الوفد الأميركي قد سعى لادعاء أن بلاده تقود العالم في هذا المجال "فقد فشل في ذلك فشلا ذريعا".
تعرض الوفد الأميركي في مقر مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان في جنيف لأسئلة وتمحيص دقيقين من جانب العديد من الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان، وعددها 47 دولة، وأيضا من قبل الدول المشاركة بصفة مراقب.
وركزت الأسئلة الموجهة الى وفد الولايات المتحدة، في الجلسة التي عقدت في الخامس من نوفمبر الجاري، على الانتهاكات الحقوقية الخطيرة المرتكبة في الأراضي الخاضعة للسيطرة الأميركية، والخطط التي تتبعها واشنطن للقضاء على هذه الخروقات.
وكانت عقوبة الإعدام، التي تنفذ في أكثر من 35 ولاية أميركية، في صلب النقاشات التي أثارها الحضور، وأكثر ما دارت حوله تعابير القلق الموجهة للولايات المتحدة، بالإضافة الى معتقل غوانتانامو، والتمييز العنصري، والعنف ضد المهاجرين، والانتهاكات المرتكبة في مجال مكافحة الإرهاب، وتجاهل الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية في مجالات الصحة والإسكان والتعليم، والمماطلة في التصديق على المعاهدات الدولية المعنية بهذه القضايا.
عقوبة الإعدام
أجاب الوفد الأميركي، برئاسة وكيلة وزارة الخارجية إستير بريمر، على معظم الأسئلة الموجهة إليه، متحدثا عن مبررات تمنع الولايات المتحدة من الوفاء بالمعايير الدولية.
وعن عقوبة الإعدام، جادل المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأميركية هارولد كوه، قائلا: إن القانون الدولي لحقوق الإنسان لا يحظر عامة استخدام هذه العقوبة القصوى!
وأعرب ممثل بلجيكا عن الأسف لأن تكون عقوبة الإعدام لا تزال سارية المفعول في الولايات المتحدة على الصعيد الفيدرالي وعلى الأقل في 35 ولاية. وقال رئيس الدائرة القانونية في الاتحاد الأميركي للحريات المدنية جميل دكوار ان حكومة الرئيس باراك أوباما يمكنها إلغاء عقوبة الإعدام على الأقل في مجال اختصاصها الفيدرالي.
من جانبها، أوصت رئيسة بعثة أوروغواي، لورا دوبوي، الولايات المتحدة بسحب تحفظها على المادة السادسة من الاتفاقية الدولية الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية، التي تحظر فرض عقوبة الإعدام على مرتكبي الجرائم دون سن 18 سنة. في حين، قالت لورا مورفي، مديرة اتحاد الحريات المدنية الأميركية، إن العديد من الدول طالبت الولايات المتحدة أثناء جلسة مجلس حقوق الإنسان، بالنظر على الأقل في وقف تنفيذ أحكام الإعدام كخطوة نحو إلغائها.
معتقل غوانتانامو
وأفادت مورفي، التي تابعت مناقشات الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان جنبا إلى جنب مع مندوبي العديد من المنظمات غير الحكومية الأميركية، أن دولا مختلفة طالبت الحكومة الأميركية بإغلاق معتقل غوانتانامو. وشرحت أن المطالب المقدمة لواشنطن تضمنت طلب تحديد مسؤوليات كبار المسؤولين الأميركيين الذين أجازوا استخدام التعذيب.
وأكدت أن هناك مشاكل خطيرة في مجال حقوق الإنسان في الولايات المتحدة، وأن التعذيب يمارس في غوانتانامو وفي السجون الأميركية ذاتها، على الرغم من ان الرئيس أوباما قد تنكر للحجج القانونية التي تبرر ذلك.
هذا وكانت اسبانيا من ضمن الدول التي تساءلت عما إذا كانت حكومة الولايات المتحدة تتطلع لإغلاق معتقل غوانتانامو قريبا كما قال الرئيس أوباما. وأبدت اهتمامها أيضا بمصير نحو خمسين محتجزا في هذا السجن إلى أجل غير مسمى.
وأكد المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأميركية هارولد كوه، في رده على مخاوف اسبانيا، ان الرئيس أوباما ما زال ملتزما بإغلاق معتقل غوانتانامو. ومع ذلك، قال كوه إن هذه القضية "أصبحت أمرا معقدا للغاية" لأنها تتطلب تدخل مجلس النواب الأميركي.
خارج المعاهدات
وعن مماطلة الولايات المتحدة في التصديق على معاهدات حقوق الإنسان، عرض كوه نظرية أن بعض الدول قد صادقت على تلك المعاهدات وأدخلتها حيز التنفيذ، لكنها تفعل القليل للعمل بها وتطبيقها.
وأضاف ان الولايات المتحدة بدأت في المقابل تمتثل للمبادئ المنصوص عليها في هذه المعاهدات على الصعيد المحلي ثم على صعيد الولايات والدولة، "وأخيرا عندما يتم تطبيقها على المستوى الوطني، عندئذ تأتي مرحلة الانضمام للصكوك الدولية".
كما دافع المندوب الأميركي عن استخدام طائرات من دون طيار في عمليات التجسس والهجوم على أهداف إرهابية لا سيما في أفغانستان. وقال إن هذه المهام، التي تتسبب في سقوط ضحايا بين السكان المدنيين، إنما تهدف فقط إلى القضاء على قادة إرهابيين.
وأكد المستشار القانوني لوزارة الخارجية الأميركية أن مثل هذه العمليات تتماشى مع القانون الدولي.
وضع خاص
هذا وقد تعرض الوفد الأميركي لأسئلة أخرى عن حزمة من القضايا الحقوقية، ومنها اعتقال المهاجرين المكسيكيين وطريقة معاملتهم. وطالب وفد المكسيك واشنطن بوقف ممارسات التمييز العرقي والعنصري لدى تنفيذها قوانين الهجرة.
وأكد مدير الشبكة الأميركية لحقوق الإنسان أجامو بركة، معلقا على نتائج جلسة الاستعراض الدوري الشامل لمجلس حقوق الإنسان، وفيما يخص الولايات المتحدة بالتحديد، أن واشنطن فشلت في إقناع العالم بأن لديها سجلا حافلا في مجال حقوق الإنسان.
وشرح أن "ما سمعناه في جنيف كان دفاعا بليغا عن رؤية مثالية للولايات المتحدة... هذه الرؤية أوحت بأنها دولة تتمتع بوضع خاص يعفيها من الوفاء بقواعد ومعايير حقوق الإنسان المعترف بها دوليا".
* عن وكالة انتر برس سيرفس