جريدة الجرائد

سياسة فرنسية عرجاء

قراؤنا من مستخدمي تويتر
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك

داود الشريان


رئيس "تكتل التغيير والإصلاح" النيابي ميشال عون يصل باريس زائراً بعد أن عاش فيها لسنوات لاجئاً. زيارة عون خير مثال على أن فرنسا وفية لنهجها. الفرنسيون أساتذة النفاق السياسي في العالم. أفضل من يمارس انتهازية السياسة وتناقضاتها. عاش الجنرال عون سنوات في باريس كمعارض لسورية ولكل ما تمثله في لبنان والمنطقة. وهو يصل اليوم بصفته حليفاً لدمشق و"حزب الله" وعدواً للمحكمة الدولية التي تدافع عنها فرنسا. كيف يجمع الفرنسيون بين موقفهم من المحكمة الدولية ومحاباة خصومها؟ انها صورة فرنسا التقليدية في السياسة.

ومن يتابع السياسة الفرنسية لن يستغرب. ربما وجد في زيارة الجنرال عون، والحفاوة به، دليلاً جديداً الى إخلاص فرنسا لنهجها العريق في النفاق السياسي. فرنسا تشبه الجنرال عون وهو يشبهها. الفرنسيون مبدعون في ممارسة الشيء ونقيضه. للتوّ كان وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنير في بيروت، وهو أطلق تصريحات لا يقولها حتى قائد القوات اللبنانية سمير جعجع، فضلاً عن رئيس الحكومة سعد الحريري.

سمعنا الكثير عن فكرة هذه الزيارة وترتيباتها وأهدافها. قيل أن قصر الإليزيه سأل خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز قبل زيارته الى دمشق، وسمع الفرنسيون من الرياض الرد السعودي التقليدي الذي لا يحب الخوض في التفاصل. قيل أن الفرنسيين استمزجوا رأي الرئيس اللبناني ميشال سليمان، فضلاً عن تلقي باريس توصيات سورية وقطرية، ولكن على رغم التفاهمات فإن الزيارة ليست بظاهرها. لها هدف مختلف. باريس لا تغازل موقف عون السياسي فحسب، بل تضع عيناً في الجنة وأخرى في النار. تبحث عن مغازلة المسيحيين من خلاله. هي استقبلت، قبل أشهر، البطريرك نصرالله صفير، بكل ما يمثله من صلابة في الموقف، وفي المقابل تستقبل الجنرال عون. تحاول أن تجمع نخب المسيحيين وعامتهم. تتصرف بمسؤولية الدولة الراعية. تباً لهذه الرعاية الحمقاء. أو، على رأي المصريين، "كان زمان وجبر".

الأكيد أن المشكلة ليست في فرنسا. هي عند بعض قيادات المسيحيين اللبنانيين. بعضهم يساعد فرنسا على ممارسة دورها المفضوح. يمنحها فرصة استغلال ذكريات التاريخ. يجب أن يدرك المسيحيون اللبنانيون أن السياسة في لبنان تجاوزت الطائف والطوائف. لم يعد في لبنان اليوم مسيحي ومسلم. هناك أحرار ووطنيون. وإذا كانت فرنسا تقف مع المسيحي في الماضي القديم، فإنها اليوم تستخدمه لتمرير مصالحها. يجب لجم هذا الطمع الفج.

التعليقات

جميع التعليقات المنشورة تعبر عن رأي كتّابها ولا تعبر بالضرورة عن رأي إيلاف