الفقراء الجدد
يمكنكم الآن متابعة آخر الأخبار مجاناً من خلال حسابنا على تويتر
إضغط هنا للإشتراك
جهاد الخازن
الأزمة المالية العالمية بلغت حداً أن عميل بورصة شوهد في حديقة الحيوان وهو يسرق الفستق من القرود.
ما سبق "تنويع" على نكتة قديمة، فالأزمة أطلقت طرفاً تكاد تكون يومية عن الفقراء الجدد في البلدان الثرية، أو الذين كانوا يحرقون المال وكأنه لا يوجد غد ثم جاءهم الغد.
جلس أميركي في "بار" وهو يبكي، وسُئل ماذا يبكيه فقال إنه قبل ثلاثة أسابيع مات أبوه وترك له مليون دولار، وقبل اسبوعين ماتت أمه وتركت له نصف مليون دولار، وقبل أسبوع ماتت خالته وتركت له 100 ألف دولار. هذا الأسبوع لا شيء، مع انه يكاد ينتهي.
الغريب في موضوع الأزمة المالية العالمية ان الكل يخسر، وبما أنني طالب أدب عربي ومهنتي الصحافة، فإنني لا أستطيع أن أستوعب كيف يخسر الجميع ولا يربح أحد. أين ذهبت ترليونات الدولارات؟ في ذلك الثقب الأسود في الفضاء؟ الزملاء في قسم الاقتصاد في جريدتنا "الحياة" حاولوا أن يشرحوا لي الموضوع، إلاّ أنني لم أفهم، ما يجعلني أتهم أميركا وإسرائيل فهما "شماعة" دائمة.
أغرب من ذلك أن الفلوس اختفت، تلاشت، غابت، قضت، وبقيت لنا الضرائب. ويقال إن أمرين أكيدين في هذه الحياة الدنيا هما الموت والضرائب. على الأقل الموت لا يزداد سوءاً سنة بعد سنة.
كم عدد البنوك التي أفلست؟ الأرقام بالمئات. كم عدد الشركات؟ الأرقام هنا تتحدث عن مئات الألوف. وهكذا فرجل أخذ تاكسي الى محكمة التفليسة التي تنظر في إعلانه الإفلاس، وعندما وصل الى المحكمة قال للسائق: لماذا لا تدخل معي وتنضم الى طابور الدائنين الذين رفعوا القضية عليّ.
وقرأت على هامش الأزمة:
- محطات التلفزيون في أفريقيا أصبحت تعرض دعايات تقول: "تبنّ طفلاً أميركياً".
- الممثلة أنجلينا جولي قررت أن تتبنى طفلاً أميركياً المرة المقبلة.
- أعضاء الكونغرس (المرتشون القابعون في جيب لوبي إسرائيل) أعلنوا تنزيلات على الرشوة المطلوبة لشرائهم.
- شركة النفط البريطانية بي بي BP صرفت 25 نائباً وشيخاً أميركياً من العمل (هذه إشارة الى المشترعين الأميركيين الذين تبين أنهم يعملون "لوبي" لمصلحة شركة النفط).
- قُتِلت راقصة بعد أن أمطرها المتفرجون بقطع العملة المعدنية (بدل أن يدسوا أوراق العملة من فئة العشرين دولاراً في ثوبها).
- وجد عضو في طائفة المورمون التي تبيح تعدد الزوجات وله زوجة واحدة.
- ممثلات هوليوود صرفن الخادمات والمربيات من العمل وتعلمن حفظ أسماء أطفالهن.
- عندما يعيد البنك اليك "الشيك" وعليه عبارة "رصيد غير كافٍ" فالمقصود رصيد البنك لا رصيدك أنت.
- كازينو "جزيرة الكنز" في لاس فيغاس أصبح تحت إدارة قراصنة من الصومال.
- عندما يسافر بيل وهيلاري كلينتون أصبحا ينامان في غرفة فندق واحدة.
- بيل لم تبق له أي عشيقة.
- الفرنسيون تركوا عشيقاتهم وعادوا الى ممارسة الجنس مع زوجاتهم.
- اعتقل 14 أميركياً وهم يحاولون التسلل عبر حدود أريزونا طلباً للهجرة الى المكسيك.
- عميل البورصة في "وول ستريت" لم يعد يذوق اللحم إلا إذا عضّ لسانه.
- الأقباط عادوا من كندا الى مصر، والهنود والبنغلادشيون من بريطانيا الى بلادهم، والجزائريون من فرنسا.
- باكستان أسست صندوقاً خيرياً لمساعدة المناطق المنكوبة في الولايات الأميركية الجنوبية.
شرّ البلية ما يضحك، ونستطيع أن نضحك على الأزمة المالية العالمية لأننا (القارئ وأنا) وحدنا لم نخسر شيئاً، إذ لم يكن هناك شيء نخسره، فربما زدنا الى "طوبيات" الكتاب المقدس: طوبى للذين لا يملكون شيئاً لأنهم لن يخسروه.
الأغنية قالت "خسارة، خسارة فراقك يا جارة" ولعل عميل بورصة يغني الآن "خسارة، خسارة فراقك يا بارة" فالأزمة لم تترك في جيبه "بارة"، لذلك أكمل قائلاً "عينيّ بتبكي عليك بمرارة...".